مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني ( من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 1723

(175)
جلسة 2 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا -نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ فاروق علي عبد القادر، ومحمد إبراهيم قشطة، ومحمد الشيخ علي أبو زيد، وعبد الرحمن سعد محمود عثمان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3247 و3269 لسنة 37 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى- سلطة المحكمة في اعتبار الدعوى كأن لم تكن.
المادة (99) من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992.
للمحكمة سلطة جوازية في اعتبار الدعوى كأن لم تكن - لا إلزام على المحكمة بذلك في حالة عدم تنفيذ المدعي لما أمرته المحكمة بعد انقضاء مدة الوقف - تطبيق.
(ب) دعوى - سقوط الخصومة لعدم السير فيها بفعل المدعي وانقضاء سنة من أخر إجراء صحيح.
المادتان 134 و136من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
الحكم بسقوط الخصومة لعدم السير فيها بفعل المدعي وانقضاء سنة من تاريخ أخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي يتوقف على طلب المدعى عليه سواء في صورة طلب يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو في صورة دفع إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء السنة - ليس للمحكمة أن تقضي بسقوط الخصومة من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام - تطبيق.
(جـ) نفقات دراسية - ردها - استحقاق الفوائد بواقع 4% (فوائد) (كليات عسكرية ) - الكلية الحربية.
إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار ولم يبادر المدين بسداده بما أجبر الدائن على اللجوء إلى القضاء للمطالبة بهذا الدين فإن الدائن يستحق في هذه الحالة تعويضاً قدره المشرع بنسبة 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية من قيمة الدين سنوياً اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى دون حاجة لإلزام الدائن بإثبات حدوث ضرر أصابه نتيجة لتأخر المدين في سداد المبلغ المطالب به - الأحكام الواردة في القانون المدني بهذه الشأن تسري في نطاق العقود الإدارية - أساس ذلك: أن هذه الأحكام تعتبر من الأصول العامة في الالتزامات - تطبيق.


إجراءات الطعن

أولاً: الطعن رقم 3247 لسنة 37 ق
في يوم الاثنين الموافق 8/ 7/ 1991 أودعت الأستاذة/....... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد / وزير الدفاع بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 3247 لسنة 37 ق ضد السيدين: 1 - ........ 2 - .......... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة12/ 5/ 1991 في الدعوى رقم 7379 لسنة 38 ق المقامة من وزير الدفاع بصفته ضد المطعون ضدهما والذي قضى بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 2830 جنية وإلزامهما المصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات - وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً. وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا للطاعن بصفته المبلغ المقضي به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بتاريخ 18/7/1991.
ثانياً: الطعن رقم 3279 لسنة 37 ق
في يوم الأربعاء الموافق 10/ 7/ 1991 أودع الأستاذ/......... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن السيدين 1 - ........ 2 - ...... بالتوكيل الخاص رقم 5980 لسنة 1991 توثيق الإسماعيلية - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 3269 لسنة 37 ضد السيد/ وزير الدفاع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12/ 5/ 1991 في الدعوى رقم 7379 لسنة 37 ق المقامة من السيد/ وزير الدفاع ضد الطاعنين والذي قضى بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 2830 جنية وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعنين الحكم بقبول الطعن شكلاً بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً: أولاً: بصفة أصلية سقوط الخصومة،
ثانياً: بصفة احتياطية رفض الدعوى وإلزام الإدارة المصروفات .
وقد أعلن تقرير الطعن إلى هيئة قضايا الدولة في 16/ 7/ 1991.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وإلزام كل طرف بمصروفات طعنه.
وقد نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في الطعن رقم 3269 لسنة 37 ق طلبت فيه الحكم برفض الطعن تأسيساً على أنه من المستقر عليه أن القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن طبقاً لحكم المادة (99) من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة كما وأن القضاء بسقوط الخصومة للمادة (134) من قانون المرافعات لا يتعلق بالنظام العام وإنما يتعين أن يتمسك به من شرع لمصلحته ومن ثم فإنه بالنظر إلى أن الإدارة تستحق قيمة نفقات دراسة الطاعن الأول طبقاً للقانون رقم 92 لسنة 1975 وقدم الحاضر عن المطعون ضدهما في الطعن رقم 3247 لسنة 37 والطاعنان في الطعن رقم 3269 لسنة 37 ق مذكرة أورد بها أن القانون رقم 23 لسنة 1992 المعدل لبعض أحكام قانون المرافعات قد أوجب القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم ينفذ المدعي ما أمرت به وكأن سبباً في وقف الدعوى وبالنسبة للقضاء بسقوط الخصومة فإن الثابت من الحكم المطعون عليه ومحاضر الجلسات المدعى عليهما لم يبديا دفاعاً موضوعياً بعد تجديد الدعوى من الوقف ومن ثم فإنه كان يتعين القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو لسقوط الخصومة كما تضمنت المذكرة أنه من باب الاحتياط يكون الحكم المطعون عليه وقد قضى بإلزامهما بنفقات الدراسة نظراً لأن الطاعن الأول أخل بالتزامه في الاستمرار في الدراسة مخالفاً للقانون نظراً لأن ما نسب إليه من إخلال كان بسبب مرض وقدم حافظة مستندات تحتوي على شهادة طبية - وبجلسة 16/ 2/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون ضم الطعن رقم 3269 لسنة 37 ق إلى الطعن رقم 2347 لسنة 37 ق للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً ثم قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة ) لنظرهما بجلسة 29/ 3/ 1994 وأحيل الطعنان إلى المحكمة وتدوولا بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو ثابت بالأوراق تخلص في أن السيد/ وزير الدفاع بصفته أقام الدعوى رقم 7379 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بإيداع عريضتها قلم كتاب تلك المحكمة في 26/ 9/ 1984 طالباً الحكم بإلزام السيدين: 1 - .......... 2 -.......... متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2830 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد تأسيساً على أن المدعى عليه الأول قد التحق بالكلية الحربية بتاريخ 5/ 8/ 1982 بعد أن وقع على تعهد أقر فيه بالتزامه بالاستمرار في الدراسة بالكلية وخدمة القوات المسلحة عقب تخرجه وفي حالة إخلاله بهذا الالتزام يكون ملزماً بسداد نفقات الدراسة كما وقع المدعى عليه الثاني على هذا التعهد - وبجلسة 26/ 10/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر لعدم تنفيذ الإدارة لقرارات المحكمة بإعلان المدعى عليهما وبموجب صحيفة معلنة في 23/ 8/ 1990 عجلت الإدارة الدعوى حيث تدوولت بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها بجلسة 12/ 5/ 1991 وحكمت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 2830 جنيه والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات وأقامت قضاءها على أن الثابت بالأوراق أن المدعى عليه الأول التحق بالكلية الحربية في 5/ 8/ 1982 بعد أن وقع المدعى عليه الثاني على تعهد بسداد النفقات التي تحملتها الدولة خلال فترة الدراسة وذلك في حالة استقالته أو تجاوزه مرات الرسوب أو فصله بسبب غير متعلق بعدم اللياقة الطبية وأنه نظراً لأن المدعى عليه الأول قد تغيب عن الدراسة فقد قرر مجلس الكلية الحربية فصله منها تأديبياً وبالتالي فإنه يكون ملزماً مع ولي أمره (المدعى عليه الثاني) بسداد النفقات التي تحملتها الدولة خلال فترة التحاق المدعى عليه الأول بالكلية بما فيها مدة الغياب والتي تبلغ 2830 جنيه وبالنسبة لطلب إلزام المدعى عليهما بالفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به فقد قضت المحكمة برفضه تأسيساً على أن مناط انطباق حكم المادة (226) من القانون المدني أن يكون محل الالتزام الأصلي مبلغاً من النقود وهو ما لا يتحقق في المنازعة المماثلة بحسبان أن الالتزام الأصلي هو القيام بعمل معين.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 3269 لسنة 37 ق مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه تأسيساً على ما يلي:
(1) خالف الحكم المطعون عليه حكم المادة (99) من قانون المرافعات حيث كان يتعين القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن نظراً لأن الإدارة جددت دعواها دون أن تنفذ قرارات المحكمة والتي كانت سبباً في القضاء بوقف الدعوى.
(2) خالف الحكم المطعون عليه حكم المادة (134) من قانون المرافعات حيث كان يتعين القضاء بسقوط الخصومة نظراً لانقضاء مدة تجاوز السنة من تاريخ الحكم بوقف الدعوى حتى تاريخ تعجيلها.
(3) أن الثابت بمحضر إجراءات مجلس الكلية الحربية رقم 82 لسنة 1984 أن الطاعن الأول قد قرر أنه تغيب عن الكلية لعدم رغبته في الانتظام بالدراسة بها وهذا الإقرار قد صدر منه أثناء إصابته بمرض الاكتئاب النفسي وبالتالي فإنه لا يعول عليه طبقاً لحكم المادتين 103، 104 من قانون الإثبات بما كان يتعين معه على المحكمة المطعون على حكمها أن تقضي برفض الدعوى تأسيساً على أن فصل المدعى عليه قد صدر بناءً على عدم اللياقة الطبية ويستطرد الطاعنان بتقرير الطعن إلى أن بالنظر إلى عدم مسئوليتهما فإنهما يطلبان وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 3247 لسنة 37 ق مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من تطبيق حكم المادة (226) من القانون المدني على المنازعة الإدارية القائمة على المطالبة بمبلغ من النقود معلوم المقدار وقت المطالبة.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 3269 لسنة 37 ق فإن المادة (99) من قانون المرافعات كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أن (تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة - ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز ستة أشهر وذلك بعد سماع أقوال المدعى عليه وإذا أنقضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعي ما أمرت به المحكمة جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن) بما مفاده أن للمحكمة سلطة جوازية في الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن حيث يجوز لها أن تقضي باعتبار الدعوى التي سبق القضاء بوقفها، كأن لم تكن أو أن تقضي في الدعوى بحالتها وبالتالي فلا إلزام عليها بأن تقضي باعتبار تلك الدعوى كأن لم تكن في حالة عدم تنفيذ المدعي لما أمرته المحكمة بعد انقضاء مدة الوقف ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستخدم السلطة الجوازية المقررة لها بالمادة (99) المشار إليها وبالتالي يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير قائم على سند من القانون جديراً بالرفض دون ما وجه لما يثيره الطاعنان بمذكرتهما المقدمة أمام دائرة فحص الطعون في تطبيق حكم المادة (99) بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على المنازعة الماثلة ذلك لأن الحكم المطعون عليه قد صدر قبل العمل بالقانون 23 لسنة 1992 والذي لا يسري بأثر رجعي وإنما يطبق بأثر فوري مباشر.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه الطعن والمتعلق بمخالفة الحكم المطعون عليه لحكم المادة 134 من قانون المرافعات والتي تنص على أن "لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متي انقضت سنة من أخر إجراء صحيح في إجراءات التقاضي" ووفقاً لنص المادة 136 من القانون المشار إليه يقدم طلب الحكم بسقوط الخصومة إلى المحكمة المقام أمامها الدعوى المطلوب إسقاط الخصومة فيها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى.
ويجوز التمسك بسقوط الخصومة في صورة دفع إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء سنة....
ومن حيث إن مفاد هاتين المادتين أن الحكم بسقوط الخصومة لعدم السير فيها بفعل المدعي وانقضاء مدة سنة من تاريخ أخر إجراء صحيح من إجراءات إنما يتوقف على طلب المدعى عليه سواء في صورة طلب يقدم إلى المحكمة المقام أمامها الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو في صورة دفع يدفع به المدعى عليه الدعوى إذ ما عجل المدعي دعواه بعد انقضاء المدة المقررة ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بسقوط الخصومة مع توافر أسبابه - من تلقاء نفسها بحسبان ذلك غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأن الثابت بمحاضر جلسات الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه - أنها قد نظرت بعد تعجيلها بجلسة 14/ 10/ 1990 وفيها حضر محام عن المدعى عليهما طلب أجلاً حيث قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 30/ 12/ 1990 وبتلك الجلسة حضر محام وأودع توكيلاً خاصاً وطلب أجلاً ثم تدوولت الدعوى بجلسات 24/ 2/ 1991، 31/ 3/ 1991 إلا أن المدعى عليهما لم يحضرا ولم يقدما مذكرات حيث قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 12/ 5/ 1991 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين إلا أن المدعى عليهما لم يقدما مذكرات ومن ثم لم يطلبا أو يدفعا بسقوط الخصومة أمام المحكمة المطعون على الحكم الصادر فيها بما لا يجوز معه لها أن تقضي بسقوط الخصومة حتى مع أسباب الحكم بالسقوط وبالتالي يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير مستند إلى أساس من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثالث من أوجه الطعن والمتعلق بالسبب الذي بني عليه قرار فصل الطاعن الأول من الكلية - فإنه لما كان الثابت بالأوراق أن مجلس الكلية الحربية قد قرر بجلسته المعقودة في 24/ 11/ 1983 الموافقة على فصل الطاعن الأول في الكلية تأديباً لما نسب إليه من تكرار ارتكابه لجريمة الغياب من الكلية وأن وزير الدفاع قد صدق على قرار مجلس الكلية بتاريخ 22/ 1/ 1984 ولم يطعن على هذا القرار خلال المواعيد القانونية المقررة وبالتالي أصبح حصيناً من السحب والإلغاء هذا فضلاً عن أن الأوراق قد أجدبت عما يفيد أن الطاعن كان مريضاً بالاكتئاب النفسي بحسبان أن المستند المقدم من الطاعنين لا يعدو أن يكون شهادة طبية صادرة من طبيب خاص وغير ثابت لها تاريخ رسمي وبالتالي يكون هذا الوجه من أوجه الطعن عارياً من الدليل وغير مستند إلى أصول ثابتة ومن حيث إنه لما سبق وكان الحكم المطعون عليه وقد استند إلى ما هو ثابت بالأوراق من إخلال الطاعن الأول بالتزامه بالاستمرار في الدراسة بالكلية ومن ثم فإنه يلزم مع ولي أمره (الطاعن الثاني) الذي وقع على التعهد الصادر من الطاعن الأول بالالتزام برد النفقات التي تحملتها الدولة خلال فترة التحاقه بالكلية في حالة إخلاله بما التزم به في الاستمرار بالدراسة بالكلية وخدمة القوات المسلحة عقب التخرج - وذلك للقضاء بإلزام الطاعنين بأن يؤديا للطاعن بصفته قيمة تلك النفقات فإنه يكون مطابقاً للقانون ويصبح الطعن عليه بلا أساس له من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الطاعنين وقد خسرا طعنهما فإنهما يلزمان بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 3247 لسنة 32 ق والذي يقوم على مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون ومخالفة أحكام المحكمة الإدارية العليا التي استقرت على تطبيق حكم المادة (226) من القانون المدني على المنازعات الإدارية القائمة على المطالبة بمبلغ من النقود معلوم المقدار ومستحق الأداء وتأخر المدين في الوفاء به فإن المادة (226) من القانون المدني تنص على أنه (إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية...) كما تنص المادة (228) في هذا القانون على أنه (لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضرراً لحقه في هذا التأخير).
ومن حيث إن مؤدى هذين النصين أنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار ولم يبادر المدين بسداده بما أجبر الدائن على اللجوء إلى القضاء للمطالبة بهذا الدين فأن الدائن يستحق في هذه الحالة تعويضاً قدره المشرع بنسبة 4% في المسائل المدنية 5% في المسائل التجارية من قيمة الدين سنوياً اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى وذلك دون ما حاجة لإلزام الدائن بإثبات حدوث ضرراً أصابه نتيجة لتأخير المدين في سداد المبلغ المطالب به - وغني عن البيان أن تلك الأحكام وإن وردت بالقانون المدني إلا أن قضاء هذه المحكمة مستقر على سريانها في نطاق العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الحكم المطعون عليه وقد قضى بإلزام المطعون ضدهما بالمبلغ المطالب به بعريضة الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها - استند إلى إخلال المطعون ضده الأول بالالتزام الأصيل الملقى على عاتقة وذلك بالاستمرار في الدراسة بالكلية وخدمة الإدارة بما يتعين معه إلزامه مع ضامنه المطعون ضده الثاني بسداد ما تحملته الدولة من نفقات الدراسة فيما إن استحقاق الفوائد التأخيرية يستند إلى المطالبة بالتعويض عن عدم الوفاء بالالتزام البديل وهو سداد نفقات الدراسة وهذه النفقات التي حددت وأصبحت مستحقة الأداء بمجرد تحقق واقعة إخلال المطعون ضده الأول بالتزامه الأصيل وبالتالي فإن المطالبة بتلك الفوائد بحسبانها تعويضاً إنما تستند إلى واقعة التأخير في سداد المبالغ التي أصبحت معلومة المقدار الأمر الذي أجبر الطاعن بصفته إلى اللجوء إلى القضاء وهو يختلف عن الواقعة المنشئة للحق في استرداد نفقات الدراسة وهذه الواقعة هي الإخلال بالالتزام الأصلي وبالتالي فلا وجه للقول بأن رد نفقات الدراسة واستحقاق الفوائد القانونية عليها هما تعويضان عن واقعة واحدة (حكم الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة معدلاً بالقانون 136 لسنة 1984 الصادر بجلسة 6/ 1/ 1994 في الطعن رقم 1264 لسنة 35 ق) ومن ثم فإن القضاء بإلزام المطعون ضدهما بسداد قيمة نفقات دراسة المطعون ضده الأول لا يحول دون القضاء بالفوائد التأخيرية المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني وإذ ذهب الحكم المطعون عليه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح القانون بما يستوجب القضاء بإلغاء هذا الحكم فيما قضي به في رفض طلب الطاعن إلزام المطعون ضدهما بسداد الفوائد التأخيرية عن المبلغ المطالب به بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وألزمتهما بسداد تلك الفوائد.
ومن حيث إن المطعون ضدهما وقد خسرا الطعن فأنهما يلزمان بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من القانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطعن رقم 3269 لسنة 37 ق شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 3247 لسنة 37 ق شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 2830 جنيه (ألفان وثمانمائة وثلاثين جنيهاً) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26/ 9/ 1984 وحتى تمام السداد وألزمتهما المصروفات.