مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1053

(112)
جلسة 24 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن على غربي، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعون أرقام 980، 1399، 1505 لسنة 42 قضائية - عليا

تأديب - المحاكمة التأديبية - تسبيب الأحكام التأديبية - حكمة ذلك - أثر عدم التسبيب.
المادة 43 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
تسبيب الأحكام يعتبر شرطاً من شروط صحتها، ولذا فإنه يجب أن يصدر الحكم مشتملاً على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، وكذلك فإن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم - وتسبيب الأحكام يعنى بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بنت عليها المحكمة حكمها - والحكمة التي اقتضت تسبيب الأحكام واضحة وهى حمل القاضي على العناية بحكمه وتوخى العدالة في قضائه كما أنها تحمل على اقتناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من النفوس منزلة الاحترام، وفوق كل هذا فإنها لازمة لتمكين محكمة الطعن من إجراء الرقابة على الحكم - تحقيقاً لهذه الأمور فإن الأحكام التأديبية يجب أن تكون الأسباب فيها مكتوبة على النحو الذي يوضح وضوحاً نافياً للجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية التي بنت عليها عقيدتها سواء بالإدانة أو بالبراءة وتحقيقاً لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهم وما انتهت إليه بشأن كل منها سواء بالرفض أو القبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام القضائي لمحاكم مجلس الدولة وضماناً لأداء هذه المحاكم التأديبية لرسالتها في تحقيق العدالة التأديبية ولضمان حسن سير المرافق العامة والاحترام الكامل للحقوق العامة للعاملين المتقدمين لتلك المحاكم وعلى رأسها حق الدفاع عن براءتهم مما نسب إليهم - يعد قصوراً في تسبيب الأحكام القول بأن المخالفة المنسوبة للمتهم ثابتة من التحقيقات أو أقوال الشهود أو اعتراف المتهم إذا لم يورد الحكم مضمون ما ورد بالتحقيقات من أدلة على ارتكاب المخالفة وأن يناقش المبررات وأوجه الدفاع التي ساقها المتهم تبريراً لأقواله، إذ يعتبر الحكم عندئذ صادراً مشوياً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يؤثر فيه ويؤدى إلى بطلانه - تطبيق.


إجراءات الطعن

أولاً: الطعن رقم 980 لسنة 42 ق.ع
بتاريخ 30/ 12/ 1996 (السبت) أودع الأستاذ/ ....... المحامى نائباً عن الأستاذ/....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن/ (أ)، تقرير هذا الطعن، في حكم المحكمة التأديبية بطنطا (الدائرة الأولى) الصادر في الدعوى رقم 600 لسنة 21 ق. بجلسة 23/ 11/ 1995 والمتضمن مجازاته بخصم شهرين من أجره.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمة الطاعن والفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
ثانياً: الطعن رقم 1399 لسنة 42 ق.ع
بتاريخ 20/ 1/ 1996 أودع الأستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن/ (ب)، تقرير الطعن الراهن في ذات حكم المحكمة التأديبية بطنطا متقدم الذكر، والمتضمن مجازاة هذا الطاعن بخصم شهرين من أجره.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاًًًًً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وببراءته مما نسب إليه.
ثالثاً: الطعن رقم 1505 لسنة 42 ق. ع
بتاريخ 26/ 1/ 1996 (الأربعاء) أودع الأستار/........ المحامى نائباً عن الأستاذ/ ...... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن/ (ج)، تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة، في حكم المحكمة التأديبية بطنطا متقدم الذكر والمتضمن مجازاته بخصم شهرين من أجره.
وطلب هذا الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه وببراءته مما نسب إليه.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعون الثلاثة ارتأت فيه الحكم بقبول الطعون شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن/ (ب) والطاعن (ج) مما نسب إليهما، وبمجازاة الطاعن/ (أ) بجزاء الإنذار وما يترتب على ذلك من آثار.
وتم نظر الطعون الثلاثة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدم كل من الطاعنين بجلسة 28/ 9/ 1996 مذكرة بذات الطلبات الواردة بتقرير طعنه، وقد قررت دائرة فحص الطعون بهذه الجلسة ضم الطعون الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد.
وبجلسة 23/ 10/ 1996 قدمت النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعون الثلاثة موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه، وعدم إحالة الطعون إلى دائرة الموضوع.
وبجلسة 27/ 11/ 1996 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعون إلى المحكمة وحددت لنظرها جلسة 28/ 12/ 1996.
وتم تداول الطعون الثلاثة أمام المحكمة على النحو الوارد بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين رقمي 980، 1399 لسنة 42 ق قد أقيما خلال الستين يوماً التالية لصدور الحكم المطعون فيه، كما أنه وإن كان الطعن رقم 1505 لسنة 42 ق. ع قد أقيم في اليوم الحادي والستين لصدور الحكم المطعون فيه إلا أنه نظراً لأن محل هذا الطاعن حسبما هو ثابت بالأوراق يقع بمحافظة كفر الشيخ التي تبعد عن هذه المحكمة بأكثر من مائة كيلو متر، وبالتالى يستحق ميعاد مسافة، إعمالاً لنص المادة/ 16 من قانون المرافعات، بما تكون معه الطعون الثلاثة جميعها مقامة بمراعاة المواعيد القانونية المقررة، وقد استوفت سائر أوضاعها الشكلية الأخرى فمن ثم تكون مقبولة شكلاً في مواجهة النيابة الإدارية وحدها باعتبار أن لها وحدها الصفة في الطعون المقامة عن الأحكام التأديبية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 4/ 1993 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 600 لسنة 21 ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا، وذلك بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على تقرير اتهام ضد:
1 - (ب) (طاعن) مراجع حسابات بمنطقة الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ
بالدرجة الثالثة
2 - (جـ) (طاعن) محاسب أول بمديرية الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ
بالدرجة الأولى
3 - ....... مدير مركز التسويق التابع لمنطقة الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ
بالدرجة الرابعة
4 - (أ) (طاعن) مدير منطقة الإصلاح الزراعي سابقاً، وحالياً مدير إدارة التعاون
بالدرجة الأولى
لأنهم في عام 90/ 1991 بمنطقة الإصلاح الزراعي بمديرية الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفوا القواعد والتعليمات المالية وارتكبوا إهمالاً جسيماً من شأنه المساس بمصالح الدولة وذلك بأن:
المحال الأول (طاعن (ب)): 1 - اتخذ إجراءات صرف قيمة نقل ومشال بدون وجه حق بناء على المستندات التي تلاعب في بعضها التي بدون توقيعات والبالغ جملتها 424.710 جنيهاً.
2 - تقاعس عن اتخاذ إجراءات تصفية الشيكات المنصرفة بمركز التسويق خلال عام الفحص أولا بأول وعلى النحو المبين بالأوراق.
3 - تقاعس عن تصفية عهد المركز أسبوعياً ولم يتابع الشراء والبيع لوكيل أو رئيس الحسابات.
4 - لم يتخذ الإجراءات الواجبة حيال عرض كشوف التسويات الخاصة بالشيكات المنصرفة للمركز على وكيل الحسابات ورئيس الحسابات واعتمادها على النحو الموضح بالأوراق.
المحال الثاني (طاعن (ج)): 1 - قصر في الإشراف ومتابعة أعمال المحال الأول بمركز التسويق الأمر الذي ترتب عليه عدم اكتشاف التجاوزات والمخالفات التي ارتكبت بمعرفة المحالين الأول والثالث.
2 - تقاعس عن تكليف وكيل الحسابات لمتابعة الأعمال المالية بالمركز عام الفحص في المدة من 1/ 8/ 90 وحتى 2/ 3/ 1991 على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
3 - لم يقم باعتماد كشوف تسوية الشيكات المنصرفة للمركز عام الفحص.
4 - قصر في تشكيل لجان جرد مفاجئ للتأكد من سلامة العمل بمركز التسويق على النحو المبين بالأوراق.
المحال الثالث: 1 - بالاشتراك مع المحال الأول قام بالتلاعب في إيصالات النقل والمشال وزيادة القيمة في بعضها وتقديم بعضها بدون توقيعات من المسئولين بالمراجعة على النحو الموضح بالأوراق مما أدى إلى صرف مبلغ 424.710 جنيهاً دون وجه حق.
المحال الرابع (طاعن (أ)): 1 - أهمل في الرقابة والإشراف على العاملين بمركز التسويق على النحو الموضح بالأوراق.
2 - تقاعس عن تشكيل لجان الجرد المفاجئ على مركز التسويق.
3 - استحدث تجارة الأعلاف بالمركز بدون الحصول على موافقة الجمعية المشتركة.
4 - قام بنقل تليفون المركز إلى سكنه على النحو الموضح بالأوراق.
وقد تم نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قدم الطاعنون دفاعهم وثلاث حوافظ مستندات.
وبجلسة 26/ 11/ 1995 صدر الحكم المطعون فيه بمجازاة المحالين بخصم شهرين من أجر كل منهم وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بمجازاة/ (ب) استناداً إلى القول بأنه تبين من التحقيقات ثبوت المخالفات المنسوبة إليه، والتي أجملها الحكم المطعون فيه، وذلك بشهادة/....... المفتش الإدارى وعضو لجنة الفحص، فضلاً عن اعتراف المحال بها ولم يقدم دليلاً على دحضها.
كما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بمجازاة/ (ج) استناداً إلى القول بثبوت جميع المخالفات المنسوبة له (والتي رددها إجمالاً الحكم المطعون فيه) بما ورد بأقوال ذات الشاهد المذكور.....، وأنه لم يثبت بالأوراق تحرير خطوط سير للجرد المفاجئ.
وكذلك أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بمجازاة/ (أ) استناداً إلى القول بأنه تبين من التحقيقات ثبوت المخالفات المنسوبة إليه جميعها في حقه باعترافه بارتكاب المخالفات الثلاثة الأولى وبما ورد بتقرير لجنة الفحص وبما شهد به.....و....، وردد الحكم المطعون فيه إجمالاً ذات المخالفات الواردة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 980 لسنة 42 ق المقام من/ (أ) صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون إذ أنه استمد الدليل على إدانته من غير أصول ثابتة بالأوراق، فضلاً عن أنه لم يورد الأدلة الواقعية والحجج التي أستند إليها، ذلك أن الطاعن يشغل وظيفة مدير منطقة الإصلاح الزراعي وهى تتبع المجموعة النوعية لوظائف الزراعة في حين أن الأعمال الحسابية والمخزنية منوطة بعاملين ينتمون إلى مجموعة التمويل والمحاسبة، وهى التي تختص بتشكيل لجان الجرد المفاجئ على مركز التسويق وتخرج عن اختصاص وظيفة الطاعن وهو ما يؤكده بطاقة وصف وظيفته، وبالإضافة إلى ذلك فإن الرقابة على التعاونيات أيا كانت الجمعية الكائنة بالمحافظة سواء متعددة الأغراض أو نوعية، ينعقد الاختصاص بها للمركز الرئيسي للجهة المختصة فضلاً عن جهاز المراجعة واعتماد الحسابات إذ تشكل الجمعيات المركزية متعددة الأغراض بالمحافظة تحت إشراف الإتحاد الزراعي المركزي، كما أنه يشرف على المركز طبقاً للأوامر الإدارية الصادرة من الطاعن لجنة مشكلة من المهندس ..... مفتش التصنيع، و...... مدير مركز التسويق، و....... مراجع حسابات المركز، وتتولى هذه اللجنة الإشراف المالي والفني على عملية الشراء والبيع ومراجعة أعمال المركز شهرياً وتقوم باعتماد الأعمال التي تخص المركز، وعليه فإن هذه اللجنة ومن بعدها جهاز المراجعة واعتماد الحسابات المشتركة، هما المسئولان عن مباشرة الاختصاصات الواردة حصراً بالأمر الإدارى الصادر برقم 27 بتاريخ 28/ 7/ 1990 وأيضاً الأمر رقم 45 في 29/ 6/ 1991 بتشكيل لجنة الجرد اعتباراً من 30/ 6/ 1991.
كما نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه قوله أن المخالفات المنسوبة إليه ثابتة في حقه من التحقيقات باعترافه، إذ أن الطاعن تقدم إلى المحكمة التأديبية قبل الجلسة المحددة في 1/ 9/ 1993 بإقرار معترضاً على ما قامت به النيابة الإدارية وضمنه أنها قد قلبت الحقائق رأساً على عقب، وأضاف أنه بشأن التقاعس عن تشكيل لجان الجرد المفاجئ فإن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أسندت هذه المهمة للشئون المالية بالمنطقة دون مدير المنطقة، وبخصوص استحداث تجارة الأعلاف بالمركز دون الحصول على الموافقة من الجمعية المشتركة فهو أداء للواجب وليس إهمالاً وكان الهدف منه الصالح العام ويتفق مع ما تقوم به وحدات الإصلاح الزراعي، أما بخصوص التليفون فإنه يوجد كتاب ممهور بتوقيع مدير عام الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ أغفله الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1339 لسنة 42 ق. ع المقام من/ (ب) صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بما يلي:
أولاً: الخطأ فيما انتهى إليه استناداً إلى شهادة/ ........ إذ أنه بالرجوع إلى شهادة المذكور بشأن المخالفة المتعلقة بالشيكات فإنه قرر أن الطاعن كان يقوم باستخراج الشيكات بناء على تأشيرة رؤسائه، ومن ثم فلا مسئولية على الطاعن في ذلك باعتباره كان ينفذ تعليمات رؤسائه، كما أنه أخلى مسئوليته في هذا الشأن بتقديم مذكرات لرؤسائه بعدم مسئوليته عن استخراج الشيكات قبل تصفية الشيكات السابقة عليها.
وبخصوص المخالفة الخاصة بقيمة النقل والمشال فإن وظيفة الطاعن مراجعة تلك المستندات وأن عملية الصرف كانت تتم بناء على موافقة المسئولين واعتمادهم للمستندات.
وبشأن المخالفتين الثالثة والرابعة فإن الشاهد المذكور قد أخلى مسئولية الطاعن عن هاتين المخالفتين حيث أورى بشأنها أن الطاعن قدم مذكرات بهذا الخصوص لـ ....... رئيس الحسابات وبالتالى يكون الأخير هو المسئول.
ثانياً: قصور في التسبيب إذ خلا الحكم المطعون فيه تماماً من الأسباب التي بني عليها قضاءه مخالفاً بذلك نص المادة/ 176 مرافعات.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1505 لسنة 42 ق. ع المقام من/ (ج) أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بالعيوب التالية:
أولاً: خطأ في التسبيب إذ لم يناقش الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن ولم يمحص دفوعه ولم يرد عليها، إذ أن الطاعن قدم حافظة مستندات أمام المحكمة التأديبية طويت على المستندات الدالة على براءته ومنها قيامه بتكليف/ ...... وكيل الحسابات بالإشراف والمراجعة الكامل على أعمال مركز التسويق بالإضافة إلى إشرافه على أعمال مراجع الحسابات المختص وهو/ ......، ومسئول عن أعماله بنسبة 10% من مراجعة التسويات وجرد مفاجئ وذلك بقرار المنطقة رقم 1 لسنة 1990، كما قامت المديرية بتخصيص أحد المحاسبين الأوائل بالأمر الإدارى رقم 49 بتاريخ 8/ 7/ 1991، والأمر السابق عليه الصادر بتاريخ 10/ 1/ 1990 للمرور والجرد المفاجئ ومتابعة أعمال العاملين في المشاريع التي يدخل ضمنها مركز التسويق التعاوني.
وفضلاً عما تقدم فإن الطاعن هو الذي قام بالإبلاغ عن العجوزات والمخزنية في فترة التسويق كما أنه قام بتشكيل لجنة مهمتها الإشراف الفعلي والتنفيذي بما في ذلك المراجعة المالية على مركز التسويق وذلك بالأمر الإدارى الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1991 والأمر الإدارى الصادر في 1/ 7/ 1991.
ثانياً: أخذ الحكم المطعون فيه بما ورد بتقرير الاتهام ومذكرة النيابة الإدارية وذلك دون أن يتعرض لدفاع الطاعن الوارد بمذكرته ولم يناقشه كما لم يتعرض للمستندات المقدمة منه.
ثالثاً: أغفل الحكم المطعون فيه أقوال من سمعت شهادتهم بالتحقيقات والتي تضمنت براءة الطاعن مما نسب إليه ومنهم الشاهد/ ....... وكيل حسابات المنطقة والمحاسب/ ......... وبعد وكلاء المراجعة والحسابات الآخرين.
ومن حيث إن المقرر قانوناً أن تسبيب الأحكام يعتبر شرطاً من شروط صحتها ولذا فإنه يجب أن يصدر الحكم مشتملاً على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، وكذلك أيضاً فإن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم، ولذلك فقد أوجبت المادة 43 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بأن "تصدر الأحكام مسببة" وتسبيب الأحكام يعنى بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بنت عليها المحكمة حكمها، والحكمة التي اقتضت تسبيب الأحكام واضحة وهى حمل القاضي على العناية بحكمة لتوخى العدالة في قضائه كما أنها تحمل على اقتناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من النفوس منزلة الاحترام، وفوق كل هذا فإنها لازمة لتمكين محكمة الطعن من إجراء الرقابة على الحكم، وتحقيقاً لهذه الأمور فإن الأحكام التأديبية يجب أن تكون الأسباب فيها مكتوبة على النحو الذي يوضح وضوحاً نافياً للجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية التي بنت عليها عقيدتها سواء بالإدانة أو البراءة وتحقيقاً لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهم وما انتهت إليه بشأن كل منها سواء بالرفض أو القبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام القضائي لمحاكم مجلس الدولة وضماناً لأداء هذه المحاكم التأديبية لرسالتها في تحقيق العدالة التأديبية ولضمان حسن سير المرافق العامة والاحترام الكامل للحقوق العامة للعاملين المقدمين لتلك المحاكم وعلى رأسها حق الدفاع عن براءتهم مما نسب إليهم، وعلى هذا فإنه يعد قصور في تسبيب الأحكام القول بأن المخالفة المنسوبة للمتهم ثابتة من التحقيقات أو أقوال الشهود أو اعتراف المتهم وذلك إذا لم يورد الحكم مضمون ما ورد بالتحقيقات من أدلة على ارتكاب المخالفة أو ما ورد بأقوال الشهود في هذا الشأن ومضمون أقوال المتهم الذي اعتبرها اعترافاً بالمخالفة وأن يناقش المبررات وأوجه الدفاع التي ساقها المتهم تبريراً لأقواله، إذ يعتبر الحكم عندئذ صادراً مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يؤثر فيه ويؤدى إلى بطلانه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه جرى على القول بأنه ثبت من التحقيقات ومن أقوال الشاهد/ ...... وبما ورد بتقرير التفتيش وأحياناً يضيف إليها ومن اعتراف المتهم، ثم يذكر ذات وصف المخالفات الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام وذلك دون أن يورد الأدلة الواقعية والحجج القانونية على ارتكاب الطاعنين لهذه المخالفات ودون أن يورد مضمون الأقوال أو الاعتراف المنسوب للمحال وأوجه الدفاع التي تمسك بها وساقها لتبرير أقواله، وجدير بالذكر إن هناك فرقاً بين المخالفة المنسوبة للطاعنين الواردة بتقرير الاتهام بما يعتبر أنه الوصف القانوني لها وبين أدلة ثبوت تلك المخالفات، وعلى هذا فلا يعد دليلاً على ثبوت تلك المخالفة القول بأنه ثبت أن المحال "ثم تذكر المخالفة المنسوبة إليه بتقرير الاتهام" كما هو الحال في الحالة المعروضة، وبالإضافة إلى ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه أوجه الدفاع التي ساقها المحالون بالتحقيقات وأيضاً مذكرات دفاعهم المقدمة إلى المحكمة التأديبية ولم يعن الحكم المطعون فيه أوجه الدفاع التي ساقها المحالون بالتحقيقات وأيضاً مذكرات دفاعهم المقدمة إلى المحكمة التأديبية ولم يعن الحكم المطعون بالرد على أى منها، بل إن الثابت أن الطاعنين قدموا أمام المحكمة التأديبية ثلاث حوافظ مستندات تضمنت المستندات السابق الإشارة إليها عند التعرض لمبنى الطعون وذلك لنفى المخالفات المنسوبة إليهم وتبرءا تهم والتي أشارت الطعون إلى بعضها، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفل تماماً حتى مجرد الإشارة إلى تلك الحوافظ رغم أنه ثابت تقديمها بمحاضر الجلسات، وبالتالى لم يتناولها بالرد أو الإشارة مما يعد الحكم المطعون فيه قد لحقه بالإضافة إلى عيب القصور في التسبيب، عيب الإخلال بحق الدفاع ومن ثم فإن هذين الأمرين يؤثران في الحكم المطعون فيه ويؤديان إلى بطلانه، ويفقد بذلك أحد مقومات الأحكام الأساسية، الأمر الذي يستوجب القضاء بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الطعون يغنى عن التعرض لطلب وقف التنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون الثلاثة شكلاً في مواجهة النيابة الإدارية وحدها وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.