مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1097

(116)
جلسة 27 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: فاروق على عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3284 لسنة 37 قضائية عليا

إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرف - إثبات المحرر العرفي - حكمه.
أن عقد البيع بطبيعته من العقود الرضائية التي تتم بمجرد تبادل طرفيه التعبير عن إرادتين متطابقتين - اشتراط المشرع التسجيل لنقل الملكية العقارية لا يخرج العقود العقارية من دائرة العقود الرضائية - أثر ذلك: أن العقود العرفية التي يكون محلها أراضى زراعية ترتب آثارها فيلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشترى - المشرع في قوانين الإصلاح الزراعي المتعاقبة قد اشترط للإعتداد بالتصرفات الواردة على الأراضي الزراعية أن تكون ثابتة التاريخ قبل العمل بأحكامها خروجاً على أحكام القانون المدني تمنع انتقال ملكية العقارات سواء فيما بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير إلا بالتسجيل وذلك لحكمة ظاهرة إذ قدر أن ثبوت التاريخ يكفى لضمان قيام التصرف وجديته على وجه ينفى مظنة التحايل على أحكام قوانين الإصلاح الزراعي - المشرع قصد في الوقت ذاته مراعاة الاعتبارات العلمية بالتيسير على المتعاملين في الأراضي الزراعية وغالبيتهم من أهل الريف الذين لا يقبلون على التسجيل اكتفاء بوضع اليد على الأرض المشتراه واستغلالها كما لو كانوا ملاكاً لها سواءً بسواء - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 7/ 1991 أودع الأستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 3284 لسنة 37 ق وذلك طعناً على القرار الصادر من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 16/ 6/ 1991 في الاعتراض رقم 70 لسنة 1989 الذي قضى برفض الاعتراض موضوعاً، وقد طلب الطاعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار والاعتداد بعقدي البيع المؤرخين 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 المتضمنين بيع 6 قيراط و3 فدان وعدم الاعتداد بإجراءات الاستيلاء على مسطح الأطيان ومنع تعرض الإصلاح الزراعي للطاعن في تلك الأطيان، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فيه انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء الاستيلاء على مسطح النزاع الموضحة لحدوده ومعالمه بتقرير الخبير قبل الخاضع (....) وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بالأوراق وبجلسة 6/ 3/ 1996 قررت إحالته للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 28/ 5/ 1991 وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر بجلسة 16/ 6/ 1991 وكان الطعن قد أقيم في 10/ 7/ 1991 فإنه يكون مقام خلال الميعاد المحدد في المادة (13 مكرر) من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 للطعن في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي أمام المحكمة الإدارية العليا، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقاً للثابت بالأوراق في أنه بتاريخ 19/ 2/ 1989 أقام الطاعن الاعتراض رقم 70 لسنة 1989 وذلك للحكم له بالاعتداد بعقدي البيع المؤرخين 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 عن مساحة 6 قيراط و3 فدان وعدم الاعتداد بإجراءات الاستيلاء عليها واستند في ذلك إلى أنه أشترى تلك المساحة من (.....) بعقدين عرفيين مؤرخين في 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 وأن تلك المساحة تقع بحوض (على منصور) قسم أول زمام (منشأة كساب) مركز اهناسية المدينة بمحافظة بني سويف وأنه حصل على حكم بصحة ونفاذ عقدي البيع بعد أن سجل عريضة دعوى الصحة والنفاذ وذلك ضد ورثتها (....) و(.....) نظراً لوفاة البائعة، وأنه استلم الأرض وأجرها للمزارعين من تاريخ الشراء وفقاً لصور عقود الإيجار المودعة بملف الاعتراض والمسجلة بالجمعية الزراعية بمنشأة كساب، وأوضح أن الإصلاح الزراعي استولى على مساحة 13 سهم و11 قيراط و2 فدان من المساحة المباعة له بزعم أنها مملوكة بالميراث
لـ (....) أحد ورثة البائعة (....) الذي ورث منها 16 فدان وأكد أن شرائه لمساحة 6 ط و3 فدان من (........) قبل وفاتها يخرجها من نطاق الأراضي التي تؤول بالميراث إلى الخاضع (.......) ويخرجها من نطاق الاستيلاء وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وبجلسة 15/ 5/ 1989 - قررت اللجنة إحالة الاعتراض إلى مكتب خبراء وزارة العدل ببني سويف لأداء المأمورية المحددة بالقرار، وقد ورد تقرير الخبير منتهياً في نتيجته النهائية إلى ما يلي:
1 - أن المساحة الواردة بعريضة الاعتراض وقدرها 6 قيراط و3 فدان تقع بالقطعة رقم 12 بحوض على منصور رقم (3) بزمام منشأة كساب مركز اهناسيا محافظة بني سويف وذلك بالحدود والمعالم المبينة بالتقرير.
2 - أن الإصلاح الزراعي استولى على مساحة قدرها 13 سهم و11 قيراط و2 فدان من المساحة الواردة بعريضة الاعتراض وذلك قبل الخاضع ..... تطبيقاً للقانون رقم 50 سنة 1969 وذلك بمحضر الاستيلاء الابتدائي المؤرخ 3/ 10/ 1988.
3 - أنه لم يسبق للمعترض أو غيره إقامة أى اعتراضات عن ذات المساحة.
4 - أن أرض النزاع أطيان زراعية مربوط عليها ضريبة أطيان قدرها 23.600 جنيهاً.
5 - أن أطيان النزاع في وضع يد المعترض منذ تاريخ الشراء في سنة 1971 وحتى تاريخ الاستيلاء في 3/ 10/ 1988 وأنه وضع اليد عليها على وجه هادئ وظاهر ومستمر بنية التملك مدة تزيد على خمسة عشر عاماً.
6 - أن المعترض أجر الأرض لمستأجرين بموجب عقود إيجار زراعية مسجلة بالجمعية الزراعية وأن تلك العقود مرفقة بالتقرير.
7 - أن أطيان النزاع كانت مملوكة أصلاً لـ ..... الخاضعة للقانون رقم 127 لسنة 1961 وأنها تدخل ضمن الأطيان التي احتفظت بها.
8 - أن ...... باعت الأطيان إلى المعترض بعقدي بيع عرفيين مؤرخين في 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 وأن المعترض حصل على حكم بصحتهما ونفاذهما في القضية رقم 138 لسنة 1975 مدني كلى بني سويف.
9 - أن الخاضع ...... أدرج التصرف الصادر من مورثته ..... للمعترض بإقراره المقدم للإصلاح الزراعي وذلك بمساحة 6 قيراط و2 فدان.
1 - إيصالين بسداد أموال لمصلحة الأموال المقررة مؤرخين 25/ 5/ 72 و11/ 11/ 1987.
2 - صورة من عقد بيع عرفي مؤرخ 17/ 3/ 1971 مؤشر عليه بالنظر في القضية رقم 138 لسنة 75 مدني كلى بني سويف في 21/ 12/ 1975 وصادر من ...... إلى الطاعن بمساحة 6 قيراط و2 فدان.
3 - صورة من عقد بيع عرفي مؤرخ 10/ 7/ 1971 مؤشر عليها بالنظر في القضية رقم 138 لسنة 75 مدني كلى بني سويف في 21/ 12/ 1975 - وصادر من ....... إلى الطاعن بمساحة فدان.
4 - صورة عقد إيجار أطيان زراعية بمساحة 8 قيراط وفدان بزمام منشأة كساب مبرم في 12/ 3/ 1977.
5 - صورة عقد إيجار أطيان زراعية محرر في 1/ 11/ 1971 ومؤشر عليه بالتسجيل بالجمعية الزراعية في 14/ 3/ 1972 ومبرم بين الطاعن وآخر بمساحة 2 سهم و8 قيراط و1 فدان بحوض على منصور قسم أول.
6 - عقد إيجار أطيان زراعية محرر في أكتوبر لسنة 1974 بين الطاعن وآخر بمساحة 14 قيراط بحوض على منصور قسم أول ومؤشر عليه بالتسجيل بالجمعية برقم 451 في 17/ 3/ 76.
7 - صورة من صحيفة الدعوى رقم 138 لسنة 1975 مدني كلى بني سويف المقامة من الطاعن بصحة ونفاذ عقدي البيع سالفى الذكر والمقدم عنها طلب الشهر رقم 5 في 4/ 1/ 1975.
8 - صورة من الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقدي البيع في مواجهة ورثة ........ وهما ........ و....... والمسجل برقم 300 في 8/ 2/ 1989.
9 - كتاب الجمعية الزراعية بمنشأة كساب المؤرخ 14/ 3/ 1989 بأن الطاعن أبرم عقود الإيجار سالفة الذكر وأن تلك العقود أودعت في الجمعية بتاريخ 17/ 3/ 1972 و14/ 3/ 1972.
10- كشف مستخرج من مصلحة الضرائب العقارية في 25/ 12/ 1989 بأن الضرائب المقررة على حوض على منصور قسم أول بمنشأة كساب مركز اهناسيا مقدارها 26.600 جنيهاً عن الفدان الواحد اعتباراً من 1989.
11- صورة عقد إيجار صادر من الطاعن في 1/ 11/ 1971 ومسجل بالجمعية برقم 293 في 17/ 3/ 1972 عن مساحة 7 قيراط وفدان.
12 - صورة عقد إيجار صادر من الطاعن في أكتوبر سنة 1971 ومسجل بالجمعية برقم 295 في 14/ 3/ 1973 بمساحة 14 قيراط.
13 - صورة من إعلان وراثة صادر من محكمة بني سويف الجزئية للأحوال الشخصية بجلسة 25/ 2/ 1974 تفيد وفاة ....... في 9/ 12/ 1973 وانحصار إرثها في ولدى عمها....... و.......
وبجلسة 16/ 6/ 1991 قررت اللجنة رفض الاعتراض موضوعاً استناداً إلى أن (.....) تصرفت أرض النزاع حال حياتها للطاعن وتوفيت في 9/ 12/ 1973 واعتبرت أرض النزاع تركة لورثتها ومنهم (........) الخاضع للقانون رقم 50 لسنة 1969 وتم الاستيلاء على مساحة 3 سهم و11 قيراط و2 فدان من المساحة المباعة من المورثة قبل هذا الوارث الخاضع للقانون لعدم ثبوت تاريخ أى من العقدين الصادرين من المورثة خلال سنة من تاريخ وفاتها طبقاً لأحكام المادة السابعة من القانون رقم 5 لسنة 1969 المنظمة للتصرف للغير في الملكية الطارئة وأن أدلة ثبوت التاريخ التي قدمها الطاعن لاحقة على انتهاء سنة الوفاة التي تمت في 9/ 12/ 1973 إذ أن إعلان عريضة دعوى الصحة والنفاذ تم في 27/ 2/ 1975 والحكم صدر فيها في 31/ 5/ 1975 وأكدت اللجنة أنها لا تطمئن إلى خطاب الجمعية التعاونية الزراعية الذي أشار إلى إيداع ثلاثة عقود إيجار في 14/ 3/ 1972 و17/ 3/ 1972 لأن هذا الخطاب غير معتمد من الإدارة الزراعية المشرفة على الجمعية الأمر الذي يقتضى التسليم بأن عقدي البيع لم يثبت لهما تاريخ قبل 8/ 12/ 1974 تاريخ انتهاء سنة من تاريخ وفاة البائعة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب التالية:
أولاً: أن القرار لم يناقش تملك الطاعن لأرض النزاع بالتقادم بوضعه اليد عليها وحيازتها حيازة هادئة مستقرة بنية التملك لمدة خمسة عشر عاماً وفقاً لما ثبت بتقرير الخبير.
ثانياً: أن عقدي البيع الصادرين من ...... للطاعن أصبح تاريخهما ثابتاً اعتباراً من تاريخ وفاتها في 29/ 12/ 1973 عملاً بنص المادة (15) من قانون الإثبات.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه استند إلى عدم اطمئنان اللجنة لخطاب الجمعية التعاونية الزراعية الذي أشار إلى إيداع ثلاثة عقود إيجار في 14/ 3/ 1972 و17/ 3/ 72 ورتب على ذلك عدم ثبوت عقدي البيع دون أن يبين سبب عدم الاطمئنان إلى خطاب الجمعية.
رابعاً: أن اللجنة أغفلت مستندات الطاعن المؤيدة لصحة خطاب الجمعية فلم تتناول إيصالات سداد الأموال الأميرية وعقود الإيجار المسجلة بالجمعية.
خامساً: أن تاريخي عقدي البيع الصادرين للطاعن ثبتاً بإيداع عقود الإيجار بالجمعية في 14/ 3/ 1972 و17/ 3/ 1972 قبل وفاة البائعة في 9/ 12/ 1973 - الأمر الذي يقتضى إخراج أرض النزاع من تركتها فلا تنتقل للوارثين ولا تخضع للاستيلاء.
ومن حيث إن الهيئة المطعون ضدها قد ردت على الطعن بأن ..... وفقت أوضاعها داخل الأسرة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بالتصرف بالبيع في مساحة 500 فدان لزوجها (.....) وأن تلك المساحة تضمنت 22 قيراط و10 فدان بحوض على منصور قسم أول، وأن ذلك كان مانعاً لها من التصرف للطاعن في مساحة تقع بذات الحوض دون توكيل من الزوج المذكور، كما أن زوجها مات قبلها وورثت عنه مساحة 12 قيراط و12 فدان تقدمت عنها بطلب في 12/ 8/ 1973 للتصرف فيها باعتبارها ملكية طارئة خلال سنة من تاريخ وفاة الزوج، وأضافت الهيئة أن عريضة الدعوى رقم 138 لسنة 1975 والحكم الصادر فيها بجلسة 31/ 5/ 1975 بصحة ونفاذ عقدي البيع اللذين يستند إليهما الطاعن لا يثبتان له أى حق على أرض النزاع لكونهما تاليين لتاريخ وفاة (.....) في 9/ 12/ 1973، وقررت أنها تجحد الصور الفوتوغرافية لعقدي البيع، وأنها لا تعتد بعقود الإيجار المسجلة بالجمعية الزراعية لعدم ثبوت انتظام سجلاتها، وأن ورود التصرف في إقرار مورث البائعة لا يقتضى الاعتداد به، وأن عدم تصرف هذا المورث في أرض النزاع خلال سنة من وفاة البائعة يخول الهيئة الاستيلاء عليه دون اعتداد بعقود البيع الصادرة من مورثته.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن الإصلاح الزراعي لم يتبع أى من إجراءات النشر واللصق المنصوص عليها بالمادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952، وكانت الأوراق قد خلت من دليل يفيد علم الطاعن بقرار الاستيلاء في تاريخ سابق على إقامته الاعتراض رقم 70 لسنة 1989 فإن الاعتراض يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه لما كانت أرض النزاع قد بيعت للطاعن من ......... مورثة الخاضع ....... المتوفاة في 9/ 12/ 1973 بعقدين عرفيين مؤرخين 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 - وكان الإصلاح الزراعي قد استولى على تلك الأرض لدى الخاضع المذكور في 3/ 10/ 1988 باعتبارها ملكية طارئة لم يتم التصرف فيها خلال سنة من تاريخ الوفاة وفقا لنص المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 التي تجيز للخاضع الذي تؤول إليه ملكية طارئة بسبب الميراث التصرف في الأرض الزائدة عن الحد الأقصى بتصرفات ثابتة التاريخ من تاريخ أيلولة الزيادة إليه وإلا خضعت الزيادة للاستيلاء، وكانت أحكام هذه المحكمة مستقرة على أن عقد البيع بطبيعته من العقود الرضائية التي تتم بمجرد تبادل طرفيه التعبير عن إرادتين متطابقتين وأن اشتراط المشرع التسجيل لنقل الملكية العقارية لا يخرج العقود العقارية من دائرة العقود الرضائية ومن ثم فإن العقود العرفية التي يكون محلها أراضى زراعية ترتب آثارها فيلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشترى.
وأن المشرع في قوانين الإصلاح الزراعي المتعاقبة قد اشترط للاعتداد بالتصرفات الواردة على الأراضي الزراعية أن تكون ثابتة التاريخ قبل العمل بأحكامها - خروجاً على أحكام القانون المدني التي تمنع انتقال ملكية العقارات سواء فيما بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير إلا بالتسجيل وذلك لحكمة ظاهرة إذ قدر أن ثبوت التاريخ يكفى لضمان قيام التصرف وجديته على وجه ينفى مظنة التحايل على أحكام قوانين الإصلاح الزراعي وقصد في الوقت ذاته مراعاة الاعتبارات العملية بالتيسير على المتعاملين في الأراضي الزراعية وغالبيتهم من أهل الريف الذين لا يقبلون على التسجيل اكتفاء بوضع اليد على الأرض المشتراه واستغلالها كما لو كانوا ملاكاً لها سواء بسواء، ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأن الثابت بتقرير الخبير المودع ملف الطعن أن الأرض محل النزاع كانت مملوكة لـ (.....) وأنها باعت تلك الأرض للطاعن بعقدين مؤرخين في 17/ 3/ 1971 و10/ 7/ 1971 وأنها توفت في 9/ 12/ 1973 وكانت المحكمة مطمئنة إلى صحة صدور العقدين من المورثة وفقاً لما جاء بتقرير الخبير وكانت المحكمة مطمئنة إلى صحة صدور العقدين من المورثة وفقاً لما جاء بتقرير الخبير وكانت المادة (145) من القانون المدني تنص على أن (ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام) وبذلك فإن العقدين المبرمين بين مورثة الخاضع والطاعن ملزماً للخاضع باعتباره خلفاً عاماً لها بحسبان أن هذين العقدين لا يتعارضان مع قواعد الميراث ولا يوجد نص في القانون يحول دون انصراف أثرهما إلى المذكور وأن طبيعة التعامل وظروف الحال لا تحول دون ذلك ويكون الخاضع باعتباره خلفاً عاماً للبائعة ملزماً بترتيب كافة الآثار الناشئة عن العقدين الصادرين منها للطاعن ومن بين تلك الآثار تسليم الأرض المبيعة واتخاذ إجراءات نقل ملكيتها بحيث إذا امتنع عن الوفاء بهذا الألتزام جاز للطاعن المشترى إجباره قضائياً على ذلك عن طريق دعوى صحة التعاقد فيحصل على حكم يعتبر سنداً لإتمام إجراءات التسجيل ونقل الملكية طبقاً لقانون الشهر العقاري، وبالتالى فلا يجوز الاحتجاج بأن عدم قيام الطاعن بتسجيل العقدين الصادرين له من مورثة الخاضع حال حياتها من شأنه نقل ملكية الأرض إلى الخاضع كخلف عام واعتباره مالكاً لها ملكية طارئة طبقا لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي وبالتالى إلزامه بالتصرف فيها خلال مدة محددة بمقولة تجاوز الحد الأقصى للملكية - إذ لا وجه لذلك لأن من حق الطاعن كمشترى على ما سلف إيضاحه مطالبة البائعة وخلفها العام بعد وفاتها بترتيب آثار العقد العرفي ومنها نقل ملكية الأرض المتنازع عليها، وبالتالى لا يجوز للخاضع ....... باعتباره وارثاً للبائعة وخلفاً عاماً لها بعد وفاتها - أن يتصرف بالبيع في تلك الأرض على خلاف التزامه القانوني بإتمام إجراءات نقل ملكيتها إلى المشترى الطاعن الذي منحه القانون حماية تحول دون إخلال هذا الخلف بالالتزامات المفروضة عليه وبالتالى يكون إلزام الخاضع المذكور باعتباره خلفاً عاماً بالتصرف للطاعن في الأرض محل النزاع باعتبارها ملكية طارئة إلزاماً بما لا يلزم.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم - فإن الأرض محل النزاع لا تدخل في مفهوم الملكية الطارئة المنصوص عليها بالمادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 التي تنص على أنه (إذا زادت بعد العمل بهذا القانون ملكية الفرد عن خمسين فداناً بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد ..... وجب تقديم إقرار للهيئة العامة للإصلاح الزراعي - عن الملكية بعد حدوث الزيادة ... - ويجوز للفرد ... التصرف في القدر الزائد - بتصرفات ثابتة التاريخ خلال سنة من تاريخ حدوث الزيادة وإلا كان للحكومة أن تستولي .... على مقدار الزيادة اعتباراً من تاريخ انقضاء تلك السنة) وبالتالى لا يجوز للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاستيلاء على أرض النزاع قبل الخاضع (.....) باعتبارها ملكية طارئة.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما ساقته الهيئة المطعون ضدها في معرض ردها على الطعن ذلك لأن تصرف البائعة في خمسين فداناً إلى زوجها توفيقاً لأوضاع الأسرة ودخول أرض النزاع في تلك المساحة إنما يعنى عدم أيلولة أرض النزاع لمورث البائعة وعدم وجود مبرر للاستيلاء عليها بحجة عدم تصرفه فيها خلال عام من تاريخ وفاتها، ولأن تصرف البائعة في أرض النزاع للطاعن دون توكيل بعد أن تصرفت فيها لزوجها بفرض صحته أمر لا شأن للهيئة به، ولأن وفاة زوجها قبلها وأيلولة مساحة قدرها 12 قيراط و12 فدان من تركته إليها وتقدمها بطلب في 12/ 8/ 73 للتصرف في تلك المساحة باعتبارها ملكية طارئة لا يبرر الاستيلاء على أرض النزاع، ولأن عدم صحة قرار الاستيلاء لا يرجع إلى ثبوت تاريخ العقدين الصادرين للطاعن بموجب عريضة دعوى الصحة والنفاذ والحكم الصادر فيها أو بموجب عقود الإيجار الصادرة من الطاعن والمسجلة بالجمعية التعاونية الزراعية وإنما يرجع إلى خروج الأرض أصلاً من نطاق الاستيلاء لالتزام الوارث بنقل ملكيتها إلى الطاعن باعتباره خلفاً عاماً للبائعة الأمر الذي يحول بذاته دون الاستيلاء عليها بحجة عدم التصرف فيها خلال سنة من تاريخ وفاة المورثة ولأن إدراج تصرف المورثة في إقرار الوارث إنما يعنى قبوله له وعدم إنكاره والتزامه به وهو أمر يملكه طالما أن المشرع أجاز له التصرف في الأرض للغير خلال عام من تاريخ الوفاة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء قرار الاستيلاء على أرض النزاع، وإذ ذهب القرار المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفع الاستيلاء على مساحة 13 سهم و11 قيراط و2 فدان المبينة حدودها ومعالمها بتقرير الخبير وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.