مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1179

(123)
جلسة 1 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح، وإدوارد غالب سيفين، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4060 لسنة 39 قضائية. عليا

توجيه وتنظيم أعمال البناء - أعمال البناء المخالفة - تقسيم - الترخيص المخالف للقانون - حقيقته.
المواد 4، 15، 16، 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983.
قسم المشرع الأعمال المخالفة إلى أعمال يتعين إزالتها أو تصحيحها وأعمال يمكن التجاوز عما شابها من مخالفات إذا ما قدرت جهة الإدارة أن هذه المخالفة لم تبلغ حداً من الجسامة بحيث تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية - استثناء من ذلك اعتبر المشرع أن بعض المخالفات لها من الخطورة ما يؤثر على الجوانب المشار إليها وغيرها من اعتبارات الصالح العام فحظر على جهة الإدارة التجاوز عن هذه المخالفات والتي حصرها في (1) عدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء أو قانون الطيران المدني (2) عدم الالتزام بتوفير أماكن لإيواء السيارات - مؤدى ذلك - أن يلتزم ذو الشأن عند إقامتهم لمبان أو أعمال بقيود الارتفاع المقررة وخطوط التنظيم وتوفير أماكن لإيواء السيارات وإلا تعرضوا لصدور قرارات إدارية بالإزالة أو التصحيح دون ممارسة أية سلطة تقديرية في هذا الشأن - أثر ذلك - أن جهة الإدارة تلتزم من باب أولى عند صرف تراخيص بهذه الأعمال بمراعاة هذه القيود وإلا كان الترخيص الصادر عنها مخالفاً للقانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة الانعدام بحيث لا يتحصن بفوات المواعيد المقررة للسحب أو الإلغاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 11/ 8/ 1993 أودع الأستاذ/ ...... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4060 لسنة 39 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 29/ 7/ 1993 في الدعوى رقم 1422 لسنة 45 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار حي شرق الإسكندرية رقم 84 لسنة 1990 فيما تضمنه من غلق المخزن الكائن أسفل العقار رقم 48 شارع المحمدية وناصية شارع الكلزه بفكتوريا قسم الرمل المملوك للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصاريف والأتعاب.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الصادر بغلق المخزن موضوع النزاع، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/ 3/ 1996 وبجلسة 20/ 5/ 1996 وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 17/ 6/ 1996 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - لنظره بجلسة 11/ 8/ 1996 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 23/ 3/ 1997 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 1/ 1991 أقام الطاعن الدعوى رقم 1422 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار حي شرق الإسكندرية رقم 84 لسنة 1990 فيما تضمنه من غلق المخزن الكائن أسفل العقار رقم 48 شارع المحمدية ناصية شارع الكلزه بفكتوريا قسم الرمل المملوك له وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، وبتعويض مؤقت مقداره مائة ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء هذه القرار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعى شارحاً دعواه أنه حصل من الإدارة العامة الهندسية بحي شرق الإسكندرية على ترخيص البناء رقم 201 لسنة 1987 بإقامة بناء مكون من بدروم جراج وجزء من الدور الأرضي مسجد على شارع المحمدية بعرض 60 متراً وشارع الكلزه بعرض ستة أمتار بناحية فكتوريا ثم رأى أن الجراح لا تتوافر فيه الشروط والمواصفات العامة القانونية فتقدم للإدارة لتعديل البدروم من جراج إلى محلات وبعد الفحص وافقت الإدارة على التعديل وأثبتت ذلك على الترخيص في 3/ 6/ 1987 قبل الشروع في البناء إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم 84 لسنة 1990 بغلق المخزن وتنفيذه بواسطة الشرطة، وذلك بدعوى أن تعديل الجراح الكائن أسفل العمارة إلى محلات جاء مخالفاً لقرار محافظ الإسكندرية رقم 17 لسنة 1987 وقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وأنه يطعن على هذا القرار للأسباب الآتية:
1 - أن التعديل الثابت على ترخيص البناء صحيح قانوناً ومحصن وأن القرار المطعون فيه صدر بعد ما يزيد على ثلاث سنوات من هذا التعديل.
2 - أنه لم يخالف قرار محافظ الإسكندرية رقم 17 لسنة 1987 الذي عمل به في 11/ 4/ 1987 في حين أن ترخيص البناء رقم 201 لسنة 1987 صدر بناء على الطلب المقدم منه بتاريخ 23/ 3/ 1987 كما أن القانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديله لم يتضمنا أى نص بإلزام طالبي تراخيص البناء بإنشاء جراجات أسفل العقارات.
3 - أن ترخيص البناء صدر في ظل العمل بقرار محافظ الإسكندرية رقم 106 لسنة 1982 وقد تضمنت المادة الثالثة من القرار رقم 17 لسنة 1987 الإعفاء في حالات معينة منها حالته من الألتزام بإنشاء جراج أسفل العمارات.
4 - إن قرار غلق المحل باطل وغير مشروع وفيه إهدار للحقوق القانونية المكتسبة مما يستوجب المطالبة بالتعويض عن كافة الأضرار المادية والمعنوية.
وبجلسة 29/ 7/ 1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدته على أن حقيقة طلبات المدعى وفقاً لطلبه المؤرخ 22/ 3/ 1992 والذي تنازل فيه عن طلب التعويض اقتصر علي طلب إلغاء القرار المطعون فيه - هي الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس حي شرق الإسكندرية فيما تضمنه من عدم الاعتداد بتعديل رخصة البناء رقم 201 لسنة 1987 الصادرة عن العقار الكائن بشارع المحمدية رقم 49 ناصية شارع الكلزه بفكتوريا بالإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار أخصها الترخيص بفتح المحلات الكائنة ببدروم هذا العقار وإلزام الإدارة المصروفات، وأنه في ضوء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وقراري محافظ الإسكندرية رقم 159 لسنة 1982 و17 لسنة 1987 فإن الألتزام بتوفير أماكن لإيواء السيارات التزام أوجبه القانون على عاتق طالب الترخيص بإقامة عمارات سكنية، وقد حظر المشرع التجاوز عن المخالفات المتعلقة بهذا الألتزام الذي خاطب به كل من طالبي ترخيص البناء والجهة الإدارية المختصة المنوط بها إصدار هذه التراخيص ومقتضى ذلك أنه إذا ما أصدرت تلك الجهة ترخيصاً أو تعديلاً لهذا الألتزام فإن قرارها في ذلك يكون مشوباً بمخالفة القانون مخالفة جسيمة تنحدر إلى درجة الانعدام ومن ثم لا تلحقه أية حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء.
واستطردت المحكمة أنه لما كان المدعى قد حصل على الترخيص رقم 201 لسنة 1987 لبناء دور بدروم جراج وجزء من الأرضي مسجد، وبتاريخ 3/ 6/ 1987 تم تعديل الترخيص ليصير البدروم من جراج إلى مخزن وجزء مسجد من الدور الأرضي وتقدم المدعى إلى مديرية التموين والتجارة الداخلية للترخيص بالمحل الكائن ببدروم العقار كمصنع فقامت المديرية بمخاطبة إدارة الرخص الصحية لإفادتها عن حقيقة ترخيص البناء وما إذا كان البدروم مرخصاً به كجراح أو محلات فأحيل الموضوع إلى إدارة الشئون القانونية بالحي التي أعدت مذكرة وخلصت فيها إلى أنه يتعين الألتزام بالترخيص الصادر برقم 201 لسنة 1987 ببناء بدروم جراج وجزء من الأرضي مسجد وعدم الاعتداد بالتعديل الصادر ببدروم مخازن لمخالفة ذلك القرار رقم 17 لسنة 1987 وعلى أثر ذلك صدر القرار رقم 84 لسنة 1990 - المطعون فيه - بعدم الاعتداد بهذا التعديل وغلق جميع أبواب المحلات أسفل العقار المشار إليه، ومن ثم يكون هذا القرار إذ صدر استناداً لما تقدم صدر موافقاً لأحكام القانون قائماً على سببه المبرر له ويضحى الطعن عليه بلا أساس جديراً بالرفض.
ويقوم الطعن الماثل على أن الحكم المطعون فيه شابه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على النحو التالي:
أولاً: أن الحكم قد خالف القانون ذلك أن الإدارة وافقت بتاريخ 3/ 6/ 1987 على تعديل الرخصة من جراج إلى مخزن وذلك طبقاً للمادة الثالثة من قرار محافظ الإسكندرية رقم 17 لسنة 1987 والتي تنص على أن: - تضاف الوحدات أو الجراجات التي لم يرخص بها كجراح ويتعذر الترخيص بها كجراح لأسباب فنية تقدرها وتقرها الجهة الإدارية المختصة بإصدار التراخيص إلى المساحات المخصصة لعمل الجراح والمشار إليها في المادتين الأولى والثانية وذلك بالنسبة للتراخيص التي صدرت اعتباراً من صدور قرار المحافظ رقم 159 لسنة 1982.
وأن المحل ملك الطاعن تحققت في شأنه الشروط الثلاثة السابقة.
1 - لم يرخص به كجراح.
2 - أن ترخيص العقار في ظل القرار رقم 159 لسنة 1982.
3 - أن التعديل تم بموافقة الجهة الإدارية المختصة.
ثانياً: أن الحكم متناقض في أسبابه حيث أقر بحق الجهة الإدارية في إصدار القرارات التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ثم سلب منها هذا الحق عندما تقدر لأسباب فنية - وفقاً للسلطة المخولة لها - تعديل الترخيص بتحويل الجراح إلى محل.
ثالثاً: أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون عندما أعتبر القرار الصادر بتعديل الترخيص رقم 201 لسنة 1987 معدوماً وذلك بالمخالفة لمفهوم القرار المعدوم الذي استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا والمتمثل في حالات غصب السلطة أو الاختصاص أو الغش أو التدليس من صاحب الشأن وهو ما لم يتوافر في الحالة المعروضة ومن ثم فإنه ما كان يجوز لجهة الإدارة المساس بقرار التعديل المذكور بعد مضى المدة القانونية وتحصن القرار.
رابعاً: أن الحكم أخطأ في تأويل القانون عندما اعتبر مخالفة الألتزام بتوفير أماكن لإيواء السيارات مخالفة جسيمة في حين أن هذه المخالفة ليس فيها مساس بالصحة العامة أو الأمن العام.
ومن حيث إن المادة 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ..."
ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها بالفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية..
وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أن "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.."
وتنص المادة 16 على أن "يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه. قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها وذلك خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليه بالمادة السابقة - ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأى اللجنة المنصوص عليها في الفقرة السابقة التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية.
وفى جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات.
وللمحافظ المختص أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى.
وتنص المادة 17 على أن "على ذوى الشأن أن يبادروا إلى تنفيذ القرار الصادر بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة، وذلك خلال المدة المناسبة التي تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ويخطر بذلك ذوو الشأن بكتاب موصى عليه.
فإذا امتنعوا عن التنفيذ أو انقضت المدة دون إتمامه، قامت الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بذلك بنفسها أو بواسطة من تعهد إليه ويتحمل المخالف جميع النفقات وتحصل منه بطريق الحجز الإدارى ....."
ثم نظم القانون المذكور في الباب الثالث منه (المواد من 21 إلى 27) الأحكام المتعلقة بالعقوبات الجنائية المقررة على مخالفة أحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
ويبين من العرض المتقدم لبعض أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء أن القانون المذكور بعد أن حظر إنشاء مبان أو أقامة الأعمال المحددة بالمادة 4 منه إلا بعد الحصول علي ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بعد أن تتحقق هذه الجهة من أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له، نظم - فضلاً عن العقوبات الجنائية المقررة عند مخالفة هذا الحظر - بعض الصلاحيات التي ناط بالجهة الإدارية مباشرتها إزاء المخالفين بموجب قرارات إدارية تصدرها بوقف الأعمال المخالفة وإزالتها أو تصحيحها وغني عن البيان أنه وإن جاز إصدار قرارات إدارية بالإزالة أو التصحيح للأعمال المخالفة في أي وقت سواء عند تنفيذ هذه الأعمال أو بعد الانتهاء من التنفيذ، فإن إصدار قرار بوقف الأعمال لا يتصور إلا إذا كانت هذه الأعمال في مرحلة الشروع في التنفيذ أو أثنائه.
ومن ناحية أخري فإن المشرع قسم الأعمال المخالفة إلى أعمال يتعين إزالتها أو تصحيحها وأعمال يمكن التجاوز عما شابها من مخالفات إذا ما قدرت جهة الإدارة أن هذه المخالفة لم تبلغ حداً من الجسامة بحيث تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية واستثناء من ذلك اعتبر المشرع أن بعض المخالفات لها من الخطورة ما يؤثر في الجوانب المشار إليها وغيرها ومن اعتبارات الصالح العام فحظر علي جهة الإدارة التجاوز عن هذه المخالفات والتي حصرها فيما يلي
1 - عدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء أو قانون الطيران المدني.
2 - عدم الالتزام بخطوط التنظيم.
3 - عدم الالتزام بتوفير أماكن لإيواء السيارات.
ومن حيث إنه ترتيبياً على ما تقدم إذ يلتزم ذوو الشأن عند إقامتهم لمبان أو أعمال بقيود الارتفاع المقررة وخطوط التنظيم وتوفير أماكن لإيواء السيارات وإلا تعرضوا لصدور قرارات إدارية بالإزالة والتصحيح دون ممارسة أية سلطة تقديرية في هذا الشأن، فإن جهة الإدارة تلتزم من باب أولي عند صرف تراخيص بهذه الأعمال بمراعاة هذه القيود وإلا كان الترخيص الصادر عنها مخالفاً للقانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة الانعدام بحيث لا يتحصن بفوات المواعيد المقررة للسحب أو الإلغاء وذلك في ضوء ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن القرارات الإدارية التي تلحقها الحصانة بفوات المواعيد فتعصمها من السحب أو الإلغاء هي تلك القرارات التي يشوب صدورها عيب من العيوب المقررة في القانون للقرار الإداري سواء في الاختصاص أو المحل أو السبب وأن أساس تحديد ميعاد لا يجوز بعده المساس بالقرار الإداري غير المشروع هو الموازنة بين مقتضيات سيادة مبدأ المشروعية الذي يستوجب القضاء علي كل قرار مخالف للقانون وإهدار كل أثر له مهما طال عليه الوقت، وبين مقتضيات الصالح العام وحسن سير وانتظام المرافق العامة التي تستوجب استقرار المراكز القانونية والحقوق الذاتية التي استقرت لأصحابها وعدم تعرض هذه المراكز للزعزعة وعدم الاطمئنان لفترة طويلة ولو كانت مخالفة للقانون أما إذا كانت الجهة الإدارية قد تعمدت مخالفة القانون، وبلغت المخالفة من الجسامة حداً بلغ الخروج عن أسسه ومبادئه الرئيسية المتصلة بالنظام العام مما ينبئ عن أنها لم تستهدف وجه الحق والصالح العام وإنما قصدت الاعتداء عليه والانقضاض على النظام العام الذي حدده المشرع في النظام القانوني الذي صدر القرار الإدارى الفردي في إطاره وتطبيقاً له والذي جعله جوهراً لمبدأ المشروعية وغاية عليا له وإقامة بارزاً وظاهراً لحماية الصالح العام للمواطنين وأن الاعتداء يكون موجهاً - إذا وقعت المخالفة للأحكام المتصلة بالنظام العام إلى كلا الاعتبارين الشرعية والصالح العام الأعلى للمواطنين في هذا المجال القانوني وينهار من ثم الأساس القانوني لحماية هذه القرارات ... ومن ثم لا يكتسب القرار أية حصانة فلا حصانة لقرار إداري يعتدي على النظام العام أو المقومات الأساسية للمجتمع، أو يغتصب الحقوق العليا للجماعة أو يقوم على الغش أو الخطأ الإدارى الفاحش والجسيم، تعصمه من السحب أو الإلغاء.
ومن حيث إنه بتطبيق المبدأ المتقدم على وقائع الطعن الماثل فإنه إذا كانت المادة 47 من قرار وزير الإسكان رقم 237 لسنة 1977 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه والتي يسرى حكمها على النزاع المعروض تنص على أن "يلتزم طالبوا البناء بتوفير أماكن مخصصة لإيواء السيارات يتناسب عددها والمساحة اللازمة لها مع الغرض من المبنى المطلوب الترخيص بإقامته، ويحدد ذلك وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من المحافظ المختص..."
وتنفيذاً للحكم المتقدم أصدر محافظ الإسكندرية قراره رقم 159 لسنة 1982 ثم قراره رقم 17 لسنة 1987 في شأن تخصيص أماكن لإيواء السيارات في المباني المراد الترخيص بإقامتها في نطاق محافظة الإسكندرية، وقد نصت المادة الأولى من القرار 17 لسنة 1987 على أن يلتزم طالبوا الترخيص ببناء العمارات السكنية التي يرخص بإنشائها بأحياء المحافظة .... التي يزيد عدد أدوارها عن أربعة أدوار علوية أو تشتمل على ثمانية وحدات سكنية بما في ذلك الوحدات التي ينتظر تعليتها، أن ينشى بها جراجاً يشمل مسطح الدور الأرضي بأكمله أو البدروم.
ومن حيث إن القرار رقم 17 لسنة 1987 المشار إليه قد عمل به اعتباراً من 11/ 4/ 1987 حسبما أشار الطاعن في عريضة دعواه ومن ثم فإن أحكامه تسرى على ترخيص البناء رقم 201 لسنة 1987 والذي تم صرفه للطاعن لبناء العقار محل النزاع في 16/ 4/ 1987، ذلك أن العبرة في تحديد الأحكام القانونية التي تطبق على الترخيص هي بالأحكام السارية عند صرف الترخيص وليس في تاريخ تقديم طلب الترخيص بحيث إذا ما اختلفت هذه الأحكام عند صرف الترخيص عن الأحكام المطبقة عند تقديم طلب الترخيص كان المعول عليه في إصدار الترخيص هو بالأحكام الجديدة وبناء على ذلك فإن صدور الترخيص رقم 201 لسنة 1987 متضمناً تخصيص بدروم العقار المزمع بناؤه كجراح بالإضافة إلى جزء من الأراضي مسجدا فإن الترخيص المذكور يكون قد جاء متفقاً وأحكام القانون والقرارات المنفذة له ومن ثم ما كان يجوز تعديله في 3/ 6/ 1987 خلال فترة أقل من شهرين من تاريخ صدوره بتحويل البدروم إلى مخزن لمخالفة هذا التعديل لأحكام القانون والقرارات المنفذة له دون وجود أي سبب قانونى أو مانع فني يبرر هذا التعديل، إذا أن ما ورد بتقرير الطعن من وجود أسباب فنية تبرر هذا التعديل جاء قولاً مرسلاً دون أن يرد بالأوراق ما يعززه أو يشير إليه.
ومن حيث إن القرار الصادر بتعديل الترخيص محل البحث وإن صدر من الجهة المختصة قانوناً إلا أنه شابه عيب مخالفة القانون حين أهدر الألتزام بتوفير أماكن لإيواء السيارات بالعقار المرخص به دون وجود أى سبب فني يبرر هذا التعديل وهذه المخالفة حسبما سلف البيان - من المخالفات الجسيمة التي تنحدر بالقرار الإدارى إلى مرتبة الانعدام بحيث لا تلحقه حصانة ويجوز سحبه وإلغاؤه في أى وقت ومن ثم يكون القرار الإدارى الصادر بعدم الاعتداد بهذا التعديل موافقاً لحكم القانون وإن صدر بعد ما يزيد على عامين ونصف من صدور قرار التعديل ويكون الحكم المطعون عليه إذا انتهى إلى هذه النتيجة فيما يتعلق بقرار عدم الاعتداد بالتعديل الوارد على الترخيص رقم 201 لسنة 1987 قد جاء سليماً من حيث الواقع والقانون ويكون الطعن عليه على غير أساس متعيناً رفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.