مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 2019

(205)
جلسة 24 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد مجدي محمد خليل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمد عبد الحميد مسعود، نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن869 لسنة 38 القضائية

نيابة إدارية - أعضاؤها - تأديب - الجهة المختصة بالتماس إعادة النظر في الحكم الصادر من مجلس التأديب - عدم اختصاص المجلس الأعلى للنيابة الإدارية المادتان 241 و243 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
التماس إعادة النظر في الحكم الصادر من مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية يجب تقديمه إلى مجلس التأديب المختص - أساس ذلك: أن ما يصدر من مجلس التأديب تكون له صفة الأحكام القضائية ويجوز الطعن فيها بطريق التماس إعادة النظر طبقاً للقواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات - المجلس الأعلى للنيابة الإدارية لا يختص بنظر الالتماس المقدم ضد حكم صادر من مجلس التأديب - القرار الصادر من المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بشأن هذا الالتماس يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص مما يجعله جديراً بالإلغاء - تطبيق.

إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 4/ 3/ 1992 أودع الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/......... الوكيل العام بالنيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 869 لسنة 38 ق عليا طالباً في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء قرار المجلس الأعلى للنيابة الإدارية الصادر بجلسته المنعقدة في 29/ 12/ 1991 فيما تضمنه من رفض التماس الطاعن إعادة النظر في قرار مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية في القضية رقم 2 لسنة 1984 بجلسته المنعقدة في 14/ 4/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إسناد الفصل في هذا الالتماس إلى مجلس التأديب المختص وإلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم جواز نظر الالتماس.
ونظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - بجلسة 4/ 2/ 1995 وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده حافظة مستندات ومذكرة دفاع كما قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 29/ 4/ 1995 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن لجلسة 20/ 5/ 1995 لتغيير تشكيل الهيئة وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن في أن الطاعن سبق أن أحيل في مطلع سنة 1985 إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن وبجلسة 14/ 4/ 1985 أصدر مجلس التأديب المذكور قراراً بمجازاته بعقوبة اللوم وقرن تلك العقوبة بالتوصية بنقله إلى الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة ولمجانبة قرار مجلس التأديب المشار إليه للحق ومخالفته للقانون طعن فيه الطاعن أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1449 لسنة 32 ق عليا وبجلسة 9/ 5/ 1987 قضت المحكمة في ذلك الطعن بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً على أساس أن قرار مجلس التأديب قام على أسباب سائغة وكافية تبرره وإنه لا تثريب أن يتضمن القرار توصية بالنقل إلى الجهاز الإداري للدولة فهو ليس عقد وإنما مجرد اقتراح تطوع به مجلس التأديب لم يصادف قبولاً لدى النيابة الإدارية استبقت الطاعن فيها وقامت بترقيته إلى وظيفة وكيل عام.
وبتاريخ 25/ 11/ 1991 قدم الطاعن إلى السيد رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته رئيساً لمجلس تأديب أعضاء هذه النيابة طعناً بالتماس إعادة النظر في قرار مجلس التأديب المشار إليه باعتبار أنه قد استقر في الفقه والقضاء أن قرارات ذلك المجلس هي بمثابة أحكام قضائية يجري عليها ما يجري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فإن الاختصاص بنظر التماس إعادة النظر في قرار مجلس التأديب ينعقد لهذا المجلس وحده إلا أنه بتاريخ 6/ 1/ 1992 أخطر الأمين العام للمجلس الأعلى للنيابة الإدارية الطاعن بأن التماس المشار إليه قد عرض على المجلس الأعلى للنيابة الإدارية الذي قرر بجلسته المعقودة في 29/ 12/ 1991 رفضه.
ويقوم الطعن على أسباب تحمل في أن قرار المجلس الأعلى للنيابة الإدارية المشار إليه قد صدر بالمخالفة للقانون مشوباً بعدم الاختصاص مفتقداً لركن السبب ذلك أنه كان حرياً بالمجلس الأعلى للنيابة الإدارية أن يسلم بقيام موجب للطعن في القرار بذلك الطريق الخاص من طرق الطعن وأن يترك لمجلس التأديب الفصل فيما قدم إليه من التماس ولا يتجاوز المجلس الأعلى اختصاصه بالفصل في ذلك الالتماس على أساس غير سليم تخفف فيه من تحصيل الوقائع على نحو سليم كاف وتخلى عن البصر بالأساس الذي أقام عليه الطاعن التماسه وعن تمكينه من إيضاح ما عساه يكون فات على ذلك المجلس العلم به من أسباب التماسه وقيام موجبه من الحالات المنصوص عليها في المادة 241 مرافعات لذلك جاء القرار المطعون فيه محمولاً على غير سبب صحيح فضلاً عن اعتلاله بعدم الاختصاص الجسيم وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المنوه عنها آنفاً.
ومن حيث إن الطعن الماثل ينصب على القرار الصادر من المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلسته المنعقدة في 29/ 12/ 1991 برفض التماس إعادة النظر المقدم من الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية ملتمساً إلغاء عقوبة اللوم الموقعة عليه في القضية رقم 2 لسنة 1984 ولما كان الأمر كذلك وكان المتفق عليه أن العقوبات التأديبية التي توقع على أعضاء النيابة الإدارية من مجلس التأديب الذي يصدر أحكامه في هذا الشأن تطبيقاً لأحكام المادتين 49، 40 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بتنظيم النيابة الإدارية والتي مفادها أن المشرع أسبغ الطبيعة القضائية على أعمال مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية المشكل من عناصر قضائية على الوجه المبين بالمادة 40 من القانون المشار إليه وتبعاً لذلك فإن ما يصدر من مجلس التأديب له صفة الأحكام القضائية يجوز الطعن فيها سواء بطرق الطعن العادية أو غير العادية وهي التماس إعادة النظر ويرفع التماس إعادة النظر إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المقدم عنه الالتماس إذا توافر سبب من الأسباب التي أوردها قانون المرافعات على سبيل الحصر في المادة 241 منه كما يرفع الالتماس طبقاً للمادة 243 مرافعات أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم ولما كان الماثل بالأوراق أن الطاعن أقام التماسه بإعادة النظر في الحكم الصادر ضده من مجلس التأديب بعقوبة اللوم في القضية رقم 2 لسنة 1984 إلا أن هذا الالتماس لم يعرض على مجلس التأديب المختص بنظره بل تصدى له - بدون سند من القانون - المجلس الأعلى للنيابة الإدارية حيث أصدر القرار المطعون فيه برفضه الأمر الذي يصم قراره بعيب عدم الاختصاص ويجعله جدير بالإلغاء.
وإذ كان الثابت أن الطاعن يهدف من إقامة هذا الطعن أمام هذه المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه وإحالة التماس إعادة النظر المقدم منه إلى مجلس التأديب لأعضاء النيابة الإدارية باعتباره الجهة المختصة قانوناً بنظر التماس إعادة النظر في الحكم الصادر منه وهو ما يتفق مع صائب حكم القانون والتكييف السليم لطلبات الطعن الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء القرار الصادر من المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلسته المنعقدة في 29/ 12/ 1991 (المطعون فيه) وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إحالة التماس إعادة النظر محل القرار المطعون فيه إلى الجهة المختصة بنظره وهو مجلس تأديب أعضاء النيابة الإدارية.

فهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار المجلس الأعلى للنيابة الإدارية الصادر في 29/ 12/ 1991 المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب.