مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995 - صـ 2025

(206)
جلسة 24 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن 914 لسنة 40 القضائية

( أ ) دعوى - دعوى المخاصمة - أسبابها - الخطأ المهني الجسيم - معناه المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المواد من 494 إلى 500 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
دعوى المخاصمة هي دعوى من نوع خاص حدد المشرع إجراءاتها وحالاتها - من هذه الحالات الخطأ المهني الجسيم - يقصد به ذلك الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب ويكون ارتكابه نتيجة غلط فادح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي - ينتج هذا الخطأ بسبب الإهمال المفرط وهو خطأ فاحش مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون - لا يعتبر خطأ مهيناً جسيماً فهم رجل القضاء للقانون على نحو معين ولو خالف فيه إجماع الشراح وكذلك تقدير القاضي لواقعة معينة أو إساءة الاستنتاج أو الخطأ في استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أو قصور الأسباب - المحاكم العليا هي القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء المبادئ والقواعد بلا معقب عليها في ذلك الأمر الذي لا يسوغ معه نسبة الخطأ المهني الجسيم إليها إلا أن يكون الخطأ بيناً غير مستور ينبئ في وضوح عن ذاته - تطبيق.
(ب) حدود سلطة المحكمة في الفصل في دعوى المخاصمة.
المحكمة التي تفصل في دعوى المخاصمة ليست محكمة طعن بالنسبة للحكم الصادر في الخصومة الأصلية ولا تملك التعقيب عليه من حيث الواقع والقانون إلا بالقدر المتعلق بأوجه المخاصمة لبيان ما إذا كان ثمة خطأ مهني جسيم صدر عن القاضي المختصم - القول بغير ذلك يجعل دعوى المخاصمة طريقاً للطعن على الأحكام دون سند من القانون - تطبيق.
(ج) دائرة فحص الطعون - طبيعة ما يصدر عنها.
دائرة فحص الطعون هي محكمة ذات تشكيل خاص وولاية قضائية خاصة تختلف عن دوائر المحكمة الإدارية العليا الموضوعية - ما يصدر عن دائرة فحص الطعون من رفض الطعن بالإجماع هو حكم قضائي يحوز حجية الأمر المقضي - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 5/ 2/ 1994 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير مخاصمة قيد برقم 914 لسنة 40 عليا ضد الأستاذ المستشار/........ رئيس الدائرة الأولى لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا طالباً في ختامه الحكم أولاً بجواز قبول دعوى المخاصمة ثانياً وفي الموضوع ببطلان الحكم الصادر بجلسة 17/ 1/ 1994 في الطعن رقم 3947 لسنة 37 ق عليا من الدائرة الأولى لفحص الطعون ثالثاً تعويضه بمبلغ إجمالي مقداره 10.000 جنيه (7000 جنيه تعويض مادي، 3000 جنيه تعويض أدبي) وإلزام المستشار المخاصم بالمصروفات رابعاً الحكم في الطعن رقم 3947 لسنة 37 ق عليا مع حفظ سائر حقوق المدعي.
وأعلن تقرير المخاصمة قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم أصلياً باستبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الكفالة واحتياطياً بعدم قبول دعوى المخاصمة وبتغريم المخاصم مبلغ ألف جنيه وبمصادرة الكفالة.
وعرضت الدعوى على المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظرها جلسة 30/ 4/ 1994 وتدوول نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 29/ 4/ 1995 قررت المحكمة بعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن طالب المخاصمة سبق أن أقام الدعوى رقم 977 لسنة 7 ق أمام محكمة الفضاء الإداري بالمنصورة طالباً الحكم أولاً: بإلغاء القرار 699 الصادر بتاريخ 12/ 12/ 1984 بوقف صرف مرتبه وما يترتب على ذلك من أثار. وثانياً: بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء القرار المطعون فيه بمبلغ مائة ألف جنيه مع إلزام الجامعة المصروفات وبجلسة 19/ 6/ 1991 حكمت المحكمة أولاً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها بشقيها وإلزام المدعي المصروفات ثانياً: فيما يتعلق بدعوى التزوير الفرعية بسقوط حق الدعوى في الادعاء بالتزوير وتغريمه خمسة وعشرين جنيهاً, وقد طعن طالب المخاصمة على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بالطعن رقم 3947 لسنة 37 ق عليا حيث طلب الطاعن أولاً: بقبول الطعن شكلاً ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وفى الموضوع برد وبطلان القرار الإداري موضوع الطعن في الدعوى الأصلية بإيقاف صرف مرتب الطاعن وملحقاته وتحديد جلسة لنظر الدعوى الأصلية ثالثاً: الحكم أصلياً بانعدام القرار المطعون فيه واحتياطياً بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار. رابعاً: الحكم أصلياً بتعويض مادي 101400 (مائة وواحد ألف وأربعمائة جنيه) وبتعويض أدبي 67600 جنيه (سبعة وستون ألفاً وستمائة جنيه) عن عناصر الضرر المادية والأدبية واحتياطياً بضم استمارات صرف مرتبات ومكافآت المستحقات المالية التي تقاضاها زملاء الطاعن من الأساتذة بقسم الكيمياء وبعلوم المنصورة والمدونة أسماؤهم بالقرار التنفيذي رقم 527 في 25/ 6/ 1984. خامساً: إلزام جامعه المنصورة بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن الدعوى الأصلية ودعوى التزوير الفرعية عن الدرجتين. سادساً: يحتفظ الطاعن بحقه المشروع في زيادة قيمة التعويض الإجمالي في حالة تأخر الحكم والوفاء بقيمة التعويض عن أكتوبر 1992 دون حاجة إلى تعديل الطلبات. سابعاً: إبلاغ النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم قانوناً بشأن دعوى التزوير الفرعية تطبيق المواد (105 مكرر، 120، 121) عقوبات ضد المستشارين........, ......, ....... لإصدارهم الحكم المطعون فيه بتغيرهم الحقائق الثابتة بالأوراق والمستندات بملف الدعوى إضراراً بمصالح الطاعن المشروعة ولصالح حقوق المدعى عليهم بالتزوير من تطبيق المادة 120 عقوبات ضد كل من المستشار........ لقيامه بالوساطة لدى المحكمة التي أصدرت الحكم، .......، .......، ........ لقيامهم بالطلب والتوصية ثامناً: اتخاذ ما يلزم قانوناً لمساءلة المستشارين الذين أصدروا الحكم المطعون فيه تأديبياً.. تاسعاً: احتفاظ الطاعن بسائر حقوقه أياً كانت.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 20/ 11/ 1993 وبعد أن تدوول نظر الطعن أمامها على النحو المبين بمحضر الجلسات قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 17/ 1/ 1994 وفيها حكمت المحكمة بإجماع الآراء ورفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات وأمرت بمصادرة الكفالة تأسيساً على أن الحكم المطعون عليه مطابق صحيح حكم القانون وأن الطعن عليه لا يستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن دعوى المخاصمة الراهنة تقوم على أسباب حاصلها أن السيد المستشار المختصم استعمل حيلة غير مشروعة لتسبيب الحكم هي الإيحاء على غير الحقيقة بأن الطالب انقطع إدارياً عن عمله وكتمانه الأدلة القانونية الدالة بذاتها على أن جهة الإدارة هي التي تسببت في حرمانه من مزاولة عمله كأستاذ وتعمده كتمان المعلومات الأساسية الثابتة بالمستندات الرسمية بأن الإدارة أوقفت مرتبه وحرمته من كافة المكافآت المقررة لامتناعه عن تنفيذ جدوله الدراسي لعام 83/ 1984 رغم عدم صحة ذلك وإخفائه الثابت بالمستندات التي تؤكد عدم تطبيق صحيح حكم المادة 117 من قانون تنظيم الجامعات التي استند إليها القرار المطعون فيه وكتمانه إخلال رئيس جامعة المنصورة بقواعد التأديب المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات وامتناع جهة الإدارة عن تقديم المستندات القاطعة في الدعوى الأصلية ودعوى التزوير الفرعية وكتمان الثابت بمذكرة إعلان شواهد تزوير القرار المطعون فيه ومذكرة الدفاع ومستندات جهة الإدارة والخطأ في التكييف الصحيح لطلباته وأن دعواه دعوى تسوية وليست دعوى إلغاء وأضاف الطالب أنه مصمم على سلوك سبيل الادعاء بالتزوير على الحكم الصادر بالطعن رقم 3947/ 37 ق عليا حيث جاء به بعض وقائع على خلاف الحقيقة والواقع على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير المخاصمة هذا فضلاً عن أن المستشار المختصم رفض الطعن بمقولة أن الحكم مطابق لصحيح حكم القانون في حين أن الثابت أن الطالب تعهد بتنفيذ جدوله الدراسي عن عام 84/ 1985 فور مساواته مع جداول زملائه وفي سائر الحقوق والواجبات ولا محل للتمسك بقاعدة الأجر مقابل العمل بحجة انقطاعه عن العمل وحرمانه من مرتبه وملحقاته ثم إنهاء خدمته بعد ثبوت براءته من واقعة عدم تنفيذ الجدول الدراسي عن عامي 83/ 84، 84/ 1985 هذا وقد وقع المستشار المختصم في خطأ مهني جسيم إذ أقام قضاءه على ادعاءات للجامعة متناقضة ومتهاترة ولم يطلع على المستندات الرسمية التي تقطع بأن نية الإدارة قد اتجهت إلى عقابه بدون إتباع الإجراءات القانونية المقررة.
وأخيراً أضاف الطاعن بأنه لما كان تصرف المستشار المختصم قد ترتب عليه أن حاقت به أضرار مادية وأدبية جسيمة الأمر الذي يستوجب تعويضه عنها بما يتفق مع مكانته العلمية والأدبية باعتباره أستاذاً جامعياً منذ 24/ 3/ 1980.
ومن حيث إن المادة 494 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية:
1 - إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة في عملها غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم وتنص المادة 495 على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة يوقعه الطالب أو من يوكله في ذلك توكيلاً خاصاً وعلى الطالب عند التقرير أن يودع مائتي جنيه على سبيل الكفالة.
وبينت المواد 496، 497، 498، 499، 500 من ذات القانون إجراءات دعوى المخاصمة ونظرها والآثار المترتبة على الحكم بجواز قبولها أو الحكم بعدم قبولها أو برفضها.
ومن حيث إن دعوى المخالصة هي دعوى من نوع خاص أفرد لها المشرع أحكاماً خاصة وإجراءات معينة تسري جميعها على أعضاء ومستشاري محاكم مجلس الدولة نظراً لعدم تضمن قانون مجلس الدولة أحكاماً تنظم دعوى مخاصمة أعضاء مجلس الدولة على نهج ما جاء بقانون المرافعات وإعمالاً للمادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة التي تقضي بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي وهو لم يصدر بعد فمن ثم تكون النصوص المنظمة لدعوى المخاصمة في قانون المرافعات هي الواجبة التطبيق في شأن مخاصمة أعضاء مجلس الدولة.
و من حيث إنه تصح مخاصمة القاضي في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 494 المشار إليها وأولها إذا وقع في عمله خطأ مهني جسيم وقد استقر الفقه والقضاء الإداري والمدني وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا في تفسير معنى الخطأ المهني الجسيم هو الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب فهو في سلم الخطأ أعلى درجاته ويكون ارتكابه نتيجة غلط فادح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو بسبب إهماله إهمالاً مفرطاً يعبر عن خطأ فاحش مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون ولذلك لا يعتبر خطأ مهنياً جسيماً فهم رجل القضاء للقانون على نحو معين ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا تقديره لواقعة معينة أو إساءة الاستنتاج كما لا يدخل في نطاق الخطأ المهني الجسيم الخطأ في استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أو قصور الأسباب وعليه يخرج من دائرة هذا الخطأ كل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء ويضاف إلى ذلك أنه فيما يتعلق بالمحاكم العليا في دائرة اختصاصها فإنها القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء المبادئ والقواعد بما لا معقب عليها في ذلك الأمر الذي لا يسوغ معه نسبة الخطأ المهني الجسيم إليها إلا أن يكون هذا الخطأ بيناً غير مستور ينبئ في وضوح عن ذاته إذ الأصل فيما تستظهره المحكمة العليا من حكم القانون أن يكون هو صحيح الرأي في هذا الحكم بما لا معقب عليها بحسبانها تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي والخطأ في هذه الحالة إن لم يكن بيناً في ذاته كاشفاً عن أمره لا يكون سبباً في تحريك دعوى المخاصمة.
ومن حيث إنه وقبل التعرض لأوجه المخاصمة في الدعوى الماثلة يتعين التأكد على أن هذه المحكمة بما لها من اختصاص في نظر تلك الدعوى لا تشكل ولا تعتبر بأي حال من الأحوال محكمة طعن بالنسبة للحكم الصادر في الخصومة الأصلية المتصلة بالمخاصمة فلا تملك التعقيب عليه من حيث الواقع أو القانون إلا في الحدود وبالقدر الذي يتعلق بأوجه المخاصمة لبيان ما إذا كان ثمة خطأ مهني جسيم صدر عن القاضي المختصم والقول بغير ذلك يؤدى إلى أن تصبح دعوى المخاصمة طريقاً للطعن على الأحكام بغير حق ولا سند في القانون.
ومن حيث إن المشرع قد نظم تشكيل واختصاص دائرة فحص الطعون فأورده في المادة 46 من القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة اختصاص هذه الدائرة بنظر الطعن الذي يقدم للمحكمة الإدارية العليا بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن وإذ رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا أما لأن الطعن مرجع القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره إذ أصدرت قراراً بإحالته إليها، أما إذا رأت - بإجماع الآراء - أنه غير مقبول شكلاً أو باطلاً أو غير جدير بالعرض على المحكمة حكمت برفضه ويكتفي بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان صادراً بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
ومن حيث إن المشرع قد نص بالمادة الرابعة من قانون مجلس الدولة أن تشكل دائرة فحص الطعون من ثلاثة مستشارين وهو ما يتضح معه أن تشكيل هذه الدائرة واختصاصاتها إنها محكمة ذات تشكيل خاص وولاية قضائية خاصة مميزة تختلف عن تشكيل وولاية المحكمة الإدارية العليا بدوائرها الموضوعية وقد وصف المشرع صراحة ما يصدر عن دائرة فحص الطعون من رفض الطعن بالإجماع بأنه حكم ومن ثم فإن هذا الرفض يكون حكماً قضائياً صادراً من دائرة فحص الطعون بتشكيلها الخاص وعلى ذلك فمتى كانت دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى قد قضت بجلسة 17/ 1/ 1994 في الطعن رقم 3947/ 37 ق عليا المقام من طالب المخاصمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 19/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 977/ 7 ق بإجماع الآراء برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات وأمرت بمصادرة الكفالة وأشارت المحكمة في إيجاز بمحضر الجلسة إلى أن الحكم المطعون عليه مطابق لصحيح حكم القانون وأن الطعن عليه لا يستند إلى أساس سليم من القانون وعلى ذلك فإن قضاءها يكون قد قام على ذات الأسباب التي ابتنى عليها الحكم المطعون فيه في كافة أشطاره بما فيه سقوط حق المدعي في إقامة دعوى التزوير الفرعية ويكون بهذه المثابة قد حاز في هذا الخصوص حجية الأمر المقضي فيه بما يمتنع معه على طالب المخاصمة بمناسبة دعوى المخاصمة الراهنة أن يجادل في تلك الحجية باعتبار أن الحكم أصبح عنواناً للصحة وحائزاً لقرينة السلامة التي لا يمكن إثبات عكسها كما أن الحكم يعتبر صادراً من جميع أعضاء الدائرة المذكورة وليس من المستشار المختصم وحده حتى يمكن قصر أسباب المخاصمة عليه وحده دون سواه من أعضائها - إن كان هناك وجه لذلك - الأمر الذي ينتفي معه بالضرورة نسبة أي خطأ أو تقصير يسيراً كان أو جسيماً في جانب المستشار المختصم بالنسبة للحكم المشار إليه هذا فضلاً عن أن الأسباب التي أقام عليها طالب المخاصمة دعوى المخاصمة والمشار إليها آنفاً فإنها تتعلق جميعها بتأويل القانون وتطبيقه وتهدف إلى إعادة مناقشة ما قام عليه قضاء الحكم آنف الذكر إذ ليس فيها ما يصلح سنداً لمخاصمة السيد الأستاذ المستشار المختصم أو يبرر على أي وجه نسبة غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم لسيادته مما تنشط له دعوى المخاصمة وتستقيم في ظله مبرراتها وبالتالي تكون دعوى المخاصمة غير قائمة على سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بعدم جواز قبول المخاصمة وتغريم المخاصم مبلغ 1000 جنيه ألف جنيه عملاً بنص المادة 419 من قانون المرافعات مع مصادر الكفالة وإلزامه المصروفات والتي تنص على أنه إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لهما وجه"

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز قبول المخاصمة وتغريم المخاصم مبلغ 1000 جنيه ومصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات.