مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني ( من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 2041

(208)
جلسة 25 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، وعبد القادر النشار، وعادل محمود فرغلي، والسيد محمد السيد الطحان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2561 لسنة 35 القضائية

استيراد - تحديد سعر السلعة لمعرفة مقدار الرسوم الجمركية - حدود سلطة الجمارك في استبعاد أسعار الفواتير. (رسوم جمركية)
الكتاب الدوري الصادر من رئيس مصلحة الجمارك برقم 4 لسنة 1984.
يعتد في تحديد قيمة السلعة بالقيمة الموضحة بالفواتير الأصلية المقدمة من المستوردين والمفتوح على أساسها الاعتمادات المستندية متى كانت هذه الفواتير صادرة من المنتج الأصلي - لا يتقيد الجمرك بما ورد بهذه الفواتير في حالتين:-
الأولى: - وجود منشور أسعار للصنف الوارد بقيمة مغايرة.
الثانية: - وجود مستند سعري من نفس المنتج لذات السلعة بسعر مختلف.
في غير هاتين الحالتين يجب على الجمرك المختص قبول السعر الوارد في الفاتورة كأساس لتقدير الرسوم الجمركية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 24/ 5/ 1989 أودع الأستاذ /........... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2561 لسنة 35 ق عليا في الحكم الصادر بجلسة 28/ 3/ 1989 من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في الدعوى رقم 669 لسنة 42 قضائية والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الصادر من مصلحة الجمارك بتقدير سعر الوحدة بمبلغ 24.7 دولار أمريكي عن الرسالة مشمول البيان الجمركي رقم 1889 ق ج في 25/ 6/ 1987 وما يترتب على ذلك من آثار وبطلان إجراءات الحجز الموقع تحت يد الغير، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 4/ 7/ 1994 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت بجلسة 20/ 2/ 1995 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتنظرها بجلسة 2/ 4/ 1995 وقد تم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 11/ 1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 669 لسنة 42 قضائية طالباً الحكم في ختامها بإلغاء قرار مصلحة الجمارك بتقدير سعر الوحدة الواردة بالبيان الجمركي رقم 1889 ق ج في 25/ 6/ 1987 بمبلغ 7، 24 دولار وبطلان إجراءات الحجز الموقع تحت يد الغير مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك تأسيساً على أن الطاعن بصفته صاحب شركة "مصر للتجارة والاستثمار" استورد محركات 1/ 3 حصان موديل jz7/24r من الصين وقدم عنها البيان الجمركي رقم 1889/ 1987 ق ج بتاريخ 25/ 6/ 1987 وسدد عنها الرسوم الجمركية المقررة بموجب القسيمة رقم 46955 في 27/ 6/ 1987 جمرك السويس، وذلك على أساس سعر الوحدة 30، 14 دولار وبعد الإفراج عن الرسالة سالفة البيان وبيعها أخطرته الإدارة العامة بجمارك السويس بخطابها الرقيم 12362 المؤرخ 28/ 9/ 1987 أن مراقبة التعريفات قررت تطبيق سعر القوائم المعلنة من 1/ 7/ 1976 على الصنف الوارد بسعر الوحدة 24.7 دولار فاعترض على ذلك بخطابه المؤرخ 10/ 10/ 1987 إلا أن الإدارة القانونية بالجمارك سارعت إلى توقيع الحجز التنفيذي تحت يد البنك العربي المحدود وفاء لمبلغ 44645 جنيهاً فروقاً للرسوم الجمركية، الأمر الذي لا يستند إلى الواقع أو القانون حيث إن الفاتورة المقدمة عن السلعة المستوردة مشمول البيان الجمركي المشار إليه مصدق عليها من التمثيل الدبلوماسي المصري ببكين بعد تصديق المجلس الصيني لترويج التجارة الدولية عليها، الأمر الذي كان يتعين معه على إدارة جمارك السويس التقيد بتلك الفاتورة واحتساب الرسوم الجمركية على أساس الأسعار المقدرة لها في الفاتورة المعتمدة، وقد سبق للطاعن أن استورد ذات الصنف من الموتورات واعتمد الجمرك القيمة الواردة في فاتورة الشراء على 14.30 - دولاراً للوحدة.
وبجلسة 28 مارس 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين القاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن الكتاب الدوري رقم 4 لسنة 1984 الصادر من رئيس مصلحة الجمارك ينص على أن تقبل القيمة الموضحة بالفواتير الأصلية المقدمة من المستورد والمفتوح على أساسها الاعتمادات المستندية إذا كانت هذه الفواتير صادرة من المنتج الأصلي وغير صادرة من مصدر أو مركز تسويق على أن تكون موثقة من القنصلية المصرية في بلد المنتج، إلا أنه يجوز للجمارك عدم التقيد بما ورد بهذه الفواتير في الحالتين الآتيتين: -
أ - وجود منشور أسعار لمثل هذا الصنف الوارد من نفس المصدر وبقيمة مخالفة.
ب - وجود مستند لنفس السلعة من نفس المنتج أو من نفس بلد الإنتاج بنفس المواصفات للسلعة الواردة وبقيمة مخالفة، فإذا كان الموتور الكهربائي مشمول الرسالة محل الدعوى هو موتور قدره 1/ 3 حصان موديل "JZ" مستوردة من الصين، وكان هذا الصنف من ذات المصدر وارد بقائمة الأسعار المعلنة من مصلحة الجمارك، فلا تثريب عليها إن هي طرحت الأسعار الواردة بالفاتورة وأخذت بالأسعار الواردة بقائمة الأسعار المعلنة منها، ذلك أن القانون رقم 66 لسنة 1963 خول مصلحة الجمارك سلطة تقديرية في طرح الفواتير المقدمة من المستورد والمتعلقة بالبضاعة المستوردة والاعتداد بما يكون تحت يدها من مستندات ثابتة تطمئن إليها في أسعار الوحدات المستوردة وتحديد الرسوم المستحقة عليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية: -
أولاً: أن مفهوم الكتاب الدوري رقم 4 لسنة 1984 هو اعتماد الفواتير التي لا يتطرق إليها الشك في تقدير السلعة، والثابت أن الفاتورة التي تضمنت أسعار السلعة المستورة صادرة من شركة صينية حكومية ومصدق عليها من المجلس الصيني للتجارة الدولية، ومن التمثيل الدبلوماسي المصري في بكين وهي جهات لا يتطرق إليها الشك.
ثانياً: إن الاكتفاء بذكر الصنف في شأن تحديد السعر يعد خطأ في فهم الواقع يؤدي حتماً إلى خطأ في تطبيق القانون، فليس الصنف وحده هو كل مقومات تحديد السعر، بل يدخل دائماً في تقدير السعر المواصفات الأخرى للسلعة كالموديل، والوزن واسم المنتج وخصائص التشغيل، وغير ذلك من عناصر جوهرية تختلف من سلعة إلى أخرى.
ثالثاً: أغفلت المحكمة ما أشار إليه الطاعن من سبق استيراده لرسالة موتورات 1/ 3 حصان بنفس المواصفات وكانت مثار خلاف سابق في التقدير إلا أن هيئة التحكيم أصدرت قرارها مؤيدة وجهة نظر الطاعن والأخذ بالسعر الوارد بالفاتورة وقدره 14.30 دولاراً، الأمر الذي كان ينفي الأخذ به في هذه الحالة، مما يجعل الحكم موضوعاً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعن في الدعوى مثار هذا الطعن - تنحصر في إلغاء قرار مصلحة الجمارك بتقدير سعر الوحدة من الرسالة المشار إليها بمبلغ 24.70 دولاراً مع ما يترتب على ذلك من أثار أهمها بطلان الحجز الموقع تحت يد البنك العربي المحدود وفاء لفروق الرسوم الجمركية التي قررتها مصلحة الجمارك على الرسالة.
ومن حيث إن مصلحة الجمارك قد استندت في إصدارها للقرار المطعون فيه بتطبيق السعر الوارد بالقوائم المعلنة اعتباراً من 1/ 1/ 1987 على رسالة المحركات التي استوردها الطاعن، والمتضمنة تحديد الرسوم الجمركية على الواحد بمبلغ 24.7 دولاراً إلى الكتاب الدوري الصادر من رئيس مصلحة الجمارك رقم 4 لسنة 1984 في شأن تنظيم تصعيد موضوعات التثمين إلى المستويات الأعلى والذي يقضي في البند (1) منه على أنه.. "تقبل القيمة الموضحة بالفواتير الأصلية المقدمة من المستوردين والمفتوح على أساسها الاعتمادات المستندية إذا كانت هذه الفواتير صادرة من المنتج الأصلي وغير صادرة من مصدراً آخر أو من مركز تسويق على أن تكون موثقة من القنصلية المصرية في بلد المنتج، وللجمرك الحق في عدم التقيد بما ورد بهذه الفواتير في الحالتين الآتيتين.
أ - وجود منشور أسعار لمثل هذا الصنف الوارد من نفس المصدر وبقيمة مخالفة.
وجود مستند سعري لنفس السلعة لذات السلعة من نفس المنتج أو نفس بلد الإنتاج بنفس المواصفات وبأسعار مخالفة.
ومقتضى نصوص الكتاب الدوري الذي استند إليه جمرك السويس في طرح القيمة الواردة في الفاتورة، أن مناط أعمال الجمرك لحقه المخول له في عدم التقيد بالفواتير التي يقدمها المستورد، هو وجود مستندات سعرية أخرى بقيمة مخالفة يمكن الاعتماد عليها على نحو يثير الشك في صحة الفاتورة المعتمدة والمقدمة من المستورد والتي اعتبرها الكتاب الدوري المشار إليه هي القاعدة العامة الأصلية في قبول الأسعار الواردة بها هذه المستندات السعرية حصرها الكتاب الدوري المذكور في حالتين أولهما: ورود الصنف ذاته في منشور الأسعار الذي تتولى مصلحة الجمارك إعلانه دورياً من ذات المصدر وبقيمة مخالفة أو جود مستند سعري أخر يمكن الاعتماد عليه من نفس الشركة المنتجة وبلد الإنتاج، وبذات المواصفات بقيمة مخالفة للفاتورة، فإذا تخلف في حق السلعة المستوردة أي من الحالتين، وجب على الجمرك المختص أن يقبل السعر الوارد في الفاتورة كأساس لتقدير الرسوم الجمركية.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن السلعة التي استوردها الطاعن هي محركات من إنتاج الصين قدرها 1/ 3 حصان موديل
Jz7/24r " "split phase induction motors, 220V, 60HZ, 4943p," 250W.RpM made in wrhV
وهي بهذه المثابة تختلف عن الصنف الوارد في قائمة الأسعار المعلنة من الجمارك في 1/ 1/ 1987 تجن اسم (JZ) سواء في التسمية أو المواصفات الخاصة بقدرة المحرك أو وزنه أو خصائص التشغيل المتعلقة به، إذ الثابت من الفاتورة المعتمدة أن السعر الوارد بها قيمة محرك يزن 6 كجم مفتوح الأوجه بينما الصنف الوارد بقائمة الأسعار المعلنة من مصلحة الجمارك متعلقة بمحرك كهربائي وزنه 15 كجم (مقفل - تبريد داخلي) من شركة أخرى تختلف عن الشركة المنتجة للمحرك المستورد الأمر الذي يؤدي حتماً إلى اختلاف الصنف الوارد في قائمة الأسعار عن الصنف الخاص بالسلعة الواردة في الفاتورة، فإذا كانت الفاتورة المقدمة من المستورد قد توفرت فيها شروط الاطمئنان إلى ما ورد بها من بيانات وهي صدورها من المنتج الأصلي في بلد المنشأ واعتمادها من القنصلية المصرية في بكين وهي بلد الصنع فقد أضحى من المتعين على مصلحة الجمارك قبول السعر الوارد في الفاتورة واعتمادها بعد أن تخلف في حق هذه السلعة الحالة التي تخول المصلحة طرح السعر الوارد بها لعدم انطباق الصنف الخاص بالمحرك الذي تتضمنه مع الصنف الوارد بقائمة الأسعار المعلنة من مصلحة الجمارك أول يناير سنة 1987، الأمر الذي لا مناص معه أمام الجهة الإدارية من اعتماد السعر المقرر في الفاتورة الموقعة من القنصلية المصرية ببكين للمحركات الواردة بها وقيمته 30، 14 دولاراً للوحدة الواحدة، يؤكد ذلك ويظاهره، أن جمارك السويس سبق لها أن اعترضت على رسالة أخرى من ذات الصنف قام الطاعن باستيرادها وقررت هيئة التحكيم قبول الاعتراض واعتماد الفاتورة دون قائمة الأسعار، وأصدرت قراراً باعتماد الأسعار الواردة بالفاتورة المقدمة من الطاعن واستندت في قرارها إلى الأصناف الواردة بالفاتورة المقدمة أحدهما تحت موديلات JZ"" وقد تلاحظ أن موديلات أل JZ متعددة في مواصفاتها وبالتالي يجب استبعادها استناداً إلى اختلاف الموديلين واختلاف المنتج في الحالتين.." وبناء عليه أخطرته مصلحة الجمارك - على ما تبين من حافظة المستندات المرفقة بالدعوى - بقبول قرار هيئة التحكيم فيما تتضمنه من اعتماد الفاتورة المقدمة بسعر المحرك 14.30 دولاراً، مما يجعل قرار مصلحة الجمارك بالإصرار في هذه الحالة بالذات - على التمسك بالسعر الوارد بقائمة الأسعار المعلنة فيها رغم اختلاف الصنف الوارد بها عن الصنف الوارد بالفاتورة واعترافها بذلك في حالة مماثلة في شأن الطاعن نفسه - قائماً على غير أساس سليم من الفاتورة خليقاً بالإلغاء، وتكون المحكمة - إذ سايرت الجهة الإدارية في مخالفة هذا النهج قد أوردت حكمها موارد الطعن فيه، وأضحى خليقاً بالإلغاء الأمر الذي يتعين معه - والحال هذه - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه - وبإلغاء القرار المطعون مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إبطال أثر الحجز التنفيذي الذي قامت الجهة الإدارية بتوقيعه تحت يد البنك العربي المحدود لصالح الوفاء بما أسمته فروق الرسوم الجمركية.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وقد أصابها الخسر في الطعن الماثل فقد تعين إلزامها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.