مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1269

(132)
جلسة 24 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد السلام مخلص وعلى فكرى حسن صالح ود. حمدي محمد أمين الوكيل ومحمد إبراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 750 لسنة 38 قضائية - عليا

تأديب - المسئولية التأديبية للعامل - مناطها.
المسئولية التأديبية تقوم بتوافر ركنين أولهما: مادي يتحقق بارتكاب المخالفة وذلك بالخروج على مقتضى واجبات الوظيفة أو ارتكاب فعل محظور وثانيهما: معنوي يتمثل فى صدور الفعل المكون للمخالفة عن إرادة آثمة إيجاباً أو سلباً - الإرادة الآثمة فى مجال التأديب لا تعنى العمد بل يكفى لتوافرها الاتجاه إلى عدم مراعاة الدقة والحرص أى مجرد الخطأ ولو وقع بغير عمد فإذا لم توجد تلك الإرادة الآثمة أصلاً فإن الركن المعنوي للمسئولية التأديبية ينعدم
- أثر ذلك: أنه لا يكون هناك محل للمساءلة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 2/ 1992 أودع/ ....... المحامى نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 750 لسنة 38 ق وذلك طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية فى الطعن رقم 394 لسنة 31 ق بجلسة 28/12/1991 الذي قضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع ببطلان تحميل الطاعن بمبلغ 102 جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب إلغاء القرار رقم 324 المؤرخ 22/ 3/ 1989 والقرار رقم 667 المؤرخ 25/ 6/ 1989 اللذين تضمنا مجازاة الطاعن بالإبعاد والخصم مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بصفته على الوجه الوارد بالأوراق، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً فى موضوعه انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 324 لسنة 89 بإبعاد الطاعن عن أعمال العهد وإلغاء القرار رقم 667 لسنة 89 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/ 11/ 1995 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 30/ 1/ 1996 وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 28/ 12/ 1991 وكان الطعن قد أقيم 24/ 2/ 1992 فإنه يكون مقام خلال الميعاد المحدد بنص المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وإذا استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقاً للثابت بالأوراق فى أنه بتاريخ 22/ 5/ 1989، أقام الطاعن رقم 394 لسنة 31 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية للحكم له بإلغاء القرار رقم 324 المؤرخ 22/ 3/ 1989 بإبعاده عن أعمال العهد.
وأوضح الطاعن أنه أعلن بهذا القرار فى 3/ 5/ 1989 وأن القرار نسب إليه بيع زيت الذرة بأزيد من السعر المحدد خلال فترة المراجعة الحسابية المنتهية فى 31/ 3/ 1988 وأضاف أن هذا القرار أدى إلى حرمانه من مبلغ 485 جنيه مكافأة أرباح بيع وتوزيع ومبلغ 210 جنيه تصفية أرباح (38 يوم) ومبلغ 100 جنيه أرباح سنوية كما أدى إلى تحميله بمبلغ 102 جنيه وأن القرار لم يستند إلى سبب مشروع، وأثناء المرافعة أضاف الطاعن إلى طلباته طلب إلغاء القرار رقم 667 المؤرخ 25/ 6/ 1989 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وبجلسة 28/ 12/ 1991 - قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع ببطلان تحميل الطاعن بمبلغ 102 جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وأوضحت المحكمة إلى الطاعن يطلب إلغاء القرار رقم 324 المؤرخ 22/ 3/ 1989 بإبعاده عن أعمال العهد، وإلغاء القرار رقم 667 المؤرخ 25/ 6/ 1979 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه. وبطلان تحميله بمبلغ 102 جنيه وتعويضه عما أصابه من ضرر بقيمة المكافآت والأرباح التي حرم منها.
وفيما يتعلق بقرار الجزاء رقم 667 لسنة 1979 فإن المحكمة رفضت طلب إلغائه على أساس أن الطاعن كان يعمل رئيساً لفرع الشركة المطعون ضدها بدمنهور وأنه باع زيت الذرة بسعر 1.900 جنيه للزجاجة مع أن سعرها الرسمي 1.850 جنيه وعند اكتشاف ذلك رد فروق الأسعار إلى التجار الذين أشتروا الزيت، وأنه برر مسلكه فى التحقيق بعدم معرفته السعر الرسمي، وأن الطاعن أخطر بالسعر الرسمي بالنشرة رقم 38 المؤرخة 7/ 11/ 1987 والذي سرى اعتباراً من التاريخ سالف الذكر، وأن الطاعن يكون بذلك قد خالف الواجبات المنوطة به، وأن لائحة الجزاءات بالشركة المطعون ضدها الصادرة بالقرار رقم 790 فى 31/ 7/ 1988 يعاقب فى المادة (94) بخصم شهر من راتب من يرتكب خطأ فى أسعار البيع زيادة أو نقصاً، وأن ذلك يقتضى رفض طلب إلغاء قرار الجزاء لقيامه على أسباب تبرره، وفيما يتعلق بقرار إبعاده عن أعمال العهد والأعمال المالية رقم 324 لسنة 1989 فإن المحكمة أوضحت اختصاصها به لارتباطه بقرار الجزاء ورفضت طلب إلغائه لقيامه على السب المبرر له والذي يتمثل فى ارتكاب الطاعن مخالفة البيع بأزيد من السعر الرسمي التي عوقب عنها بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وفيما يتعلق بطلب الطاعن إلغاء تحميله بمبلغ 102 جنيه فإن المحكمة قضت ببطلان هذا التحميل لأن الشركة لم يصبها ضرر من جراء مخالفة الطاعن لقيامه برد المبالغ التي تقاضاها زيادة عن الأسعار من التجار، وفيما يتعلق بطلب تعويضه بقيمة المكافآت والأرباح التي حرم منها فإن الحكم رفض هذا الطلب لثبوت الخطأ فى جانب الطاعن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الخطأ المنسوب للطاعن لم يكن متعمداً وأن التحقيقات أثبتت حسن نيته وأنه باع بسعر 190 قرشاً للزجاجة بعد أن سأل إدارة الحسابات بالشركة وبعد أن أفادته تلك الإدارة بالبيع بهذا السعر وأنه ورد السعر الذي باع به كاملاً للحسابات ولم يستول عليه لنفسه، وأن إبعاد الطاعن عن أعمال العهد والأعمال المالية يعد ازدواجا فى الجزاء ومجازاة له عن واقعة واحدة مرتين.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلق بحسن نية الطاعن فى ارتكاب خطأ البيع بأزيد من السعر الرسمي وأن خطأه فى هذا الصدد لم يكن متعمداً فإنه لما كانت المسئولية التأديبية تقوم بتوافر ركنين أولهما مادي يتحقق بارتكاب المخالفة وذلك بالخروج على مقتضى واجبات الوظيفة أو ارتكاب فعل محظور وثانيهما معنوي يتمثل فى صدور الفعل المكون للمخالفة عن إرادة آثمة إيجاباً أو سلباً وكانت الإرادة الآثمة فى مجال التأديب لا تعنى العمد بل يكفى لتوافرها الاتجاه إلى عدم مراعاة الدقة والحرص أى مجرد الخطأ ولو وقع بغير عمد فإذا لم توجد تلك الإرادة الآثمة أصلاً فإن الركن المعنوي للمسئولية التأديبية ينعدم وبالتالى لا يكون هناك محل للمساءلة التأديبية.
ولما كان الثابت بالأوراق والفواتير المودعة ملف الطعن والتحقيق الذي أجرته الشركة مع الطاعن أنه باع بالفعل زيت الذرة بقيمة تزيد على السعر المقرر بالنشرة رقم 38 المؤرخة 7/ 11/ 1987 وقدره 185 قرشاً للزجاجة إذ باعها بسعر 190 قرشاً الذي كان معمولاً به قبل صدور تلك النشرة وكان الثابت أنه قيد السعر الذي باع به بفواتير الشركة وورده إلى الجهة المختصة بها، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إخطاره بالسعر الجديد أو بالنشرة سالفة الذكر وأنه رد الزيادة فى السعر للمشترين مما تم توريده للشركة بموجب كشوف موقعة منهم فإنه لا يكون هناك محل للقول بأنه ارتكب الخطأ المنسوب إليه عن إرادة آثمة وبالتالى فإنه لا يكون هناك محل لمساءلته تأديبياً وتوقيع جزاء عليه بموجب القرار المطعون فيه رقم 667 المؤرخ 2/ 6/ 1989 ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثاني من أوجه الطعن المتعلق بازدواج الجزاء فإنه وإن كان للشركة المطعون ضدها أن تقرر عدم صلاحية العامل للعمل المنوط به وكان لها الحق في توزيع العمل بين عمالها على الوجه الذي تراه ملائماً لمصلحة العمل إلا أنه وقد قام منع الطاعن عن العمل بالعهد على مسئوليته عن البيع بأزيد من السعر المقرر وكان قد ثبت عدم مسئوليته عن ذلك على الوجه السالف ذكره فإن القرار المطعون فيه رقم 324 - المؤرخ 22/ 3/ 1989 الذي قضى بإبعاد الطاعن عن أعمال العهدة يكون غير قائم على سبب يبرره الأمر الذي يستوجب الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون من المتعين القضاء بإلغائه فيما تضمنه من رفض طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما رقمي 324 لسنة 89، 667 لسنة 1989 وإلغاء هذين القرارين مع ما يترتب على ذلك من آثار.