مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1275

(133)
جلسة 5 من يوليو سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن علي غربي وأبو بكر محمد رضوان وغبريال جاد عبد الملاك وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 329 لسنة 35 قضائية عليا

تأديب - المحاكمة التأديبية - انقضاء الدعوى التأديبية بوفاة المتهم
المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية
ما جرى النص عليه بقانون الإجراءات الجنائية من انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم، إنما يمثل أحد المبادئ العامة للنظام العقابي سواء فى المجال التأديبي أو الجنائي والتي لا تجيز المساءلة فى المجال العقابي إلا فى مواجهة شخص المتهم الأمر الذي يفترض بالضرورة حياة هذا الشخص حتى تستقر مسئوليته الجنائية أو التأديبية بحكم بات فى مواجهته، فإذا توفى المتهم قبل أن تصل المنازعة إلى غايتها النهائية فإنه يتعين عدم الاستمرار فى إجراءات المساءلة أياً كانت مرحلة التقاضي التي وصلت إليها وذلك بالقضاء بانقضاء الدعوى التأديبية قبله - لا مجال فى هذا الشأن للمغايرة بين ما إذا كان الطعن فى الحكم من النيابة الإدارية أم كان الطعن من الموظف وحدثت الوفاة أثناء نظر الطعن إذ يتعين الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية فى الحالتين - القول بأنه فى حالة ما إذا كان الحكم فى الدعوى التأديبية بالإدانة ثم طعن الموظف فى الحكم طالباً الحكم ببراءته ثم توفى أثناء نظر الطعن فإن من حق ورثته ومن مصلحتهم من الناحية الأدبية أن يحصلوا على حكم بتبرئة ساحة مورثهم لا وجه له لما يمكن أن يؤدى إليه من نتائج شاذة لأن الاستمرار فى نظر الطعن بعد وفاة الطاعن هو قول باستمرار توجيه الاتهام لمتهم توفى، كما أن المحكمة الإدارية العليا قد لا تتصدى بعد استئناف الورثة السير فى الطعن لموضوع الدعوى فهل تعيد الدعوى التأديبية إلى المحكمة المختصة لإعادة محاكمة شخص انتقل إلى رحمة الله، الأمر الذي يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية بوفاة المتهم سواء كان ذلك أثناء نظر الدعوى أو بعد صدور الحكم فيها وأثناء مرحلة الطعن - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء 8/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/ ...... المحامى الوكيل عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 329 لسنة 35 ق فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 11/ 12/ 1988 فى الدعوى رقم 272 لسنة 15 ق والقاضي بمجازاة الطاعن بخفض وظيفته إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة فى تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءته مما أسند إليه.
وأعلن الطعن إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 26/ 12/ 1990 وتأجل نظر الطعن عدة جلسات لضم الأوراق والتحقيقات وملف التركة الأصلي للمرحوم/ ....... المتعلق بما نسب للطاعن، وبجلسة 13/ 4/ 1994 قدم الأستاذ/ ...... المحامى حافظة مستندات اشتملت على إعلام شرعي بوفاة المرحوم/ ...... وطلب أجلاً لتصحيح شكل الطعن وبصحيفة معلنة للنيابة الإدارية فى 7/ 6/ 1994 طلب كل من: 1 - السيدة/ ...... 2- د ......3- د........ 4 - ......... 5 - السيدة/ ........ بصفتهم ورثة الطاعن المرحوم/ ........ الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الطعن وبجلسة 25/ 12/ 1996 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة ونظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 1/ 2/ 1997 وبجلسة 29/ 3/ 1997 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 5/ 7/ 1997 وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 272/ 15 ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط مشتملة على تقرير اتهام ضد :..... مدير ضرائب قسم ثان أسيوط - الدرجة الأولى لأنه خلال عامي 82، 1983 خرج على مقتضى واجبه الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بأمانة بأن:
(1) اختلس كتاب البنك الأهلي المصري بأسيوط المؤرخ 28/ 10/ 1982 المرسل إلى مأمورية ضرائب ثان أسيوط موضحاً به مفردات الأموال السائلة المودعة فى حساب المرحوم ....... وذلك حتى لا يقع ذلك الخطاب فى يد المأمور والمراجع المختص عند محاسبة أصحاب التركة المذكورة ضريبياً وحتى يعتمد فى محاسبتها على محضر جرد التركة المحرر بمعرفة ........ المعاون الأول بنيابة أسيوط الكلية للأحوال الشخصية والمغاير للحقيقة الأمر الذي ترتب عليه فوات تحصيل مبلغ 41465.713 جنيهاً من هذه التركة.
(2) زور شهادة الإفراج عن تركة المرحوم ........ بما يفيد سدادها لضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحقين على التركة بالكامل خلاف الحقيقة ووضع توقيعين نسبهما زوراً للمأمور والمراجع المختصين وقام بكتابة بيانات الشهادة واستخراجها دون أن يتقدم أصحاب الشأن بطلب لاستخراجها ودون أن يكون مختصاً بذلك الأمر الذي ترتب عليه عدم سداد ضريبة التركات المستحقة على تلك التركة.
وبذلك يكون المذكور قد ارتكب المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها بالمواد 76، 77، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 11/ 12/ 1988 أصدرت المحكمة التأديبية بأسيوط الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة للمخالفة الأولى فالثابت أن المحال تسلم كتاب البنك الأهلي المرسل للمأمورية بتاريخ 28/ 10/ 82 من واقع اعترافه بالتحقيقات وأقوال/...... رئيس السكرتارية الذي قرر أن هذا الكتاب تم توريده للمأمورية برقم 15427 فى 31/ 10/ 1982 وأن المحال هو الذي تسلمه ولما كان الثابت أن المحال قد وقع على التقدير بالنموذج 8 تركات متجاهلاً ما تضمنه الكتاب المشار إليه من الودائع الدولارية والذي تسلمه بتاريخ سابق على تاريخ توقيعه على النموذج "8" الحاصل فى 27/ 1/ 1983 مما يدل على أن المحال أخفى هذا الكتاب عن المأمور والمراجع لتتم محاسبتها على المبلغ الوارد بالنموذج "8" وهو 83432 جنيهاً بدلاً من المحاسبة طبقاً لكتاب البنك بمبلغ 175670 جنيهاً مما كان سبباً فى فوات تحصيل مبلغ 41465.713 جنيهاً وبالتالى تكون هذه المخالفة الأولى ثابتة فى حقه وبالنسبة للمخالفة الثانية فإن الثابت من أصل شهادة الإفراج محل المخالفة المودع بفرع البنك الأهلي بأسيوط أنها صدرت عن مأمورية الضرائب بحصر أموال تزيد عما ورد بالنموذج "8" الذي وقعه المحال فى 27/ 1/ 1983 أى بعد تاريخ تسلمه كتاب البنك الأهلي المتضمن الودائع الحقيقية وقد أقر المحال فى التحقيق بأنه وقع على هذه الشهادة معتمداً توقيع كل من المأمور والمراجع اللذين أنكرا أنهما وقعا على الشهادة المذكورة وبالتالى تكون هذه المخالفة ثابتة قبله.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى أن الدعوى قد سقطت بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفات ولا سند للقول بأنها تشكل جريمة جنائية إذ لم يثبت أن الطاعن قد ارتكب جريمة تزوير فى محرر رسمي كما أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع حيث أغفل طلب الطاعن ضم دفتر الوارد عن يومي 5/ 10/ 83 و16/ 10/ 1983 إذ تقدم وكيل ورثة المرحوم/ ....... فى 5/ 10/ 83 بطلب لتقسيط باقي مبلغ الضريبة بعد أن سددوا 30000 جنيه وورد فى 16/ 10/ 83 كتاب النيابة الحسبية بأنه سوف لا يتم الإفراج عن أموال التركة إلا بعد إخطار مأمورية الضرائب كذلك أغفل الحكم طلب الطاعن ضم ملف التركة الأصلي والذي يحتوى على كثير من الأوراق التي تبين الحقيقة فيما نسب إلى الطاعن من إخفائه خطاب البنك الأهلي وأن الملف المرسل إلى النيابة الإدارية والمحكمة التأديبية سلخ منه بعض المرفقات حتى لا تتضح الحقيقة هذا بالإضافة إلى الفساد فى الاستدلال لأن الاسم المدون بالبند رقم 15427 فى 31/ 10/ 82 هو المرحوم ..... فى حين أن خطاب البنك المؤرخ 28/ 10/ 1982 خاص بتركة المرحوم/ ...... ولأن أقوال رئيس السكرتارية لا تصلح دليلاً إذ أن التوقيع أمام البند "15427" فرمة لا يمكن تمييزها أمام الاعتراف المنسوب للطاعن باستلامه كتاب البنك الأهلي فقد تمسك الطاعن فى مراحل التحقيق والدعوى بضرورة ضم الملف الأصلي للتركة لبيان حقيقة ما تسلمه من واقع الأوراق وأما شهادة الإفراج فهي صحيحة لأنها صدرت عن أحد عناصر التركة فقط وهو المال السائل لدى البنك الأهلي.
ومن حيث إن هذه المحكمة (دائرة توحيد المبادئ) قد قضت فى حكمها الصادر بجلسة 6/ 2/ 97 فى الطعن رقم 1499/ 37 ق بأن ما نصت عليه المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم... " إنما يمثل أحد المبادئ العامة للنظام العقابي سواء فى المجال التأديبي أو الجنائي والتي لا تجيز المساءلة فى المجال العقابي إلا فى مواجهة شخص المتهم الأمر الذي يفترض بالضرورة حياة هذا الشخص حتى تستقر مسئوليته الجنائية أو التأديبية بحكم بات فى مواجهته فإذا ما توفى المتهم قبل أن تصل المنازعة إلى غايتها النهائية فإنه يتعين عدم الاستمرار فى إجراءات المساءلة أياً كانت مرحلة التقاضي التي وصلت إليها وذلك بالقضاء بانقضاء الدعوى التأديبية قبله ولا مجال فى هذا الشأن للمغايرة بين ما إذا كان الطعن فى الحكم من النيابة الإدارية أم كان الطعن من الموظف وحدثت الوفاة أثناء نظر الطعن إذ يتعين الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية فى الحالتين والقول بأنه فى حالة ما إذا كان الحكم فى الدعوى التأديبية بالإدانة ثم طعن الموظف فى الحكم طالباً الحكم ببراءته ثم توفى أثناء نظر الطعن بتبرئة ساحة مورثهم لا وجه لذلك لما يمكن أن يؤدى إليه من نتائج شاذة لأن الاستمرار فى نظر الطعن بعد وفاة الطاعن هو قول باستمرار توجيه الاتهام لمتهم توفى كما أن المحكمة الإدارية العليا قد لا تتصدى بعد استئناف الورثة السير فى الطعن لموضوع الدعوى فهل تعيد الدعوى التأديبية إلى المحكمة المختصة لإعادة محاكمة شخص انتقل إلى رحمة الله الأمر الذي يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية بوفاة المتهم سواء كان ذلك أثناء نظر الدعوى أو بعد صدور الحكم فيها وأثناء مرحلة الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الإعلام الشرعي المرفق بالحافظة المقدمة بجلسة 13/ 4/ 1994 أن مورث الطاعنين قد توفى إلى رحمة الله فى 26/ 1/ 1994 أثناء نظر الطعن ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى التأديبية قبله لوفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى التأديبية لوفاة مورث الطاعنين.