مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 2085

(214)
جلسة 2 من يوليه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 654 لسنة 38 القضائية

دعوى - دفوع -الدفع بعدم دستورية نص في قانون - أثره على الدعوى المنظورة.
المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 في شأن مباشرة الحقوق السياسية إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أن الدفع جدي وجب عليها تأجيل نظر الدعوى وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا - لا يجوز للمحكمة أن تحكم بعدم الاختصاص بعد أن رأت جدية الدفع بعدم الدستورية وحددت ميعاداً لرفع الدعوى بذلك وقدم المدعي شهادة رسمية صادرة من قلم جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد قيامه برفع الدعوى - يجب على المحكمة أن تؤجل نظر الدعوى حتى يتم الفصل في الدعوى التي أقيمت أمام المحكمة الدستورية العليا - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 19/ 2/ 1992 أودع الأستاذ/.... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 26/ 12/ 1991 في الدعوى رقم 1213 لسنة 45 ق، الذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - في ختام تقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم باختصاص محكمة القضاء الإداري وبإلغاء القرار المطعون فيه بالطلب الأصلي والاحتياطي الموضحين بصحيفة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للقضاء فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وعينت جلسة 21/ 11/ 1994 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره وقررت بجلسة 6/ 3/ 1995 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 16/ 4/ 1995 التي نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت النطق بالحكم بجلسة 2/ 7/ 1995 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1213/ 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 22/ 12/ 1990 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب التي تمت بتاريخ 6/ 12/ 1990 بدائرة مركز شرطة أبو المطامير وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شارحاً دعواه أن القرار المطعون فيه صدر بناء على إجراءات مخالفة للقانون والواقع سواء من حيث التشكيل الخاطئ للجان الفرعية وطرد مندوبي المرشحين من اللجان، وإتمام عملية الفرز بالمخالفة للقانون، ثبوت تلاعب وعبث وتزوير ببعض صناديق الاقتراع وعدم توقيع محاضر الفرز من رؤساء اللجان الفرعية، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 في شأن مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقرار بقانون رقم 202 لسنة 1990.
وبجلسة 26/ 12/ 1991 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يعتبر إعمالاً لحكم المادتين 68، 172 من الدستور - صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية، إلا أنه متى قضى الدستور والقانون بإسناد الاختصاص بنظر بعض هذه المنازعات لجهة أخرى فإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التصدي لهذا الاختصاص، ولما كانت المادة 93 من الدستور نصت على أن مجلس الشعب يختص بالفصل في صحة عضوية أعضائه وأن محكمة النقض تختص بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس يعد إحالتها إليها من رئيسة، ومن ثم فإن الطعن على أية مرحلة من مراحل عملية الانتخاب ذاتها تكون من اختصاص مجلس الشعب وحده.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة استندت في قضائها بعدم الاختصاص إلى تكييف غير صحيح لحقيقة موضوع الدعوى واعتبرته طعناً في صحة العضوية مما يختص به مجلس الشعب وحده، وذلك أن الطعن أنصب على القرارات الإدارية التي أصدرها رئيس اللجنة العامة للانتخاب بوقف العملية الانتخابية وعدم إجراء فرز الصناديق السبعة عشر مما ترتب عليه حرمان الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وهي قرارات إدارية يختص بالنظر في الطعن فيها مجلس الدولة.
ومن ناحية أخرى فإن المحكمة رغم التصريح للطاعن برفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في الدفع الذي أبداه بجلسة 27/ 12/ 1991 بعدم دستورية الفقرات 2، 4، 5 من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية بما ينبئ عن اقتناع المحكمة بمدى تأثير هذا الدفع على الدعوى المرفوعة أمامها، وأن الطاعن قام فعلاً برفع الدعوى الدستورية رقم 22 لسنة 13 ق إلا إن المحكمة عادت وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وهو ما يعتبر منها مصادرة حق الطاعن في إثارة هذا الدفع أمام المحكمة الدستورية العليا وبالتالي الحصول على حكم منها إذا ما انتهت المحكمة إلى سلامة الدفع، وكان يجب على محكمة القضاء الإداري أن تنتظر حكم المحكمة الدستورية العليا حتى تتجمع لديها كافة عناصر الفصل في الدعوى.
ومن حيث إن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: أ "إذا ترائى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية. "ب" إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة يوم الخميس الموافق 27/ 12/ 1990 في الدعوى رقم 1213/ 45 ق - التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - يبين أن الحاضر عن المدعي (الطاعن) دفع بعدم دستورية الفقرات 2، 4، 5 من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته لمخالفتها للمادة 88 من الدستور، وإن المحكمة قررت التأجيل لجلسة 21/ 3/ 1991 لرفع الدعوى بعدم دستورية المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 أمام المحكمة الدستورية العليا، وبالجلسة المشار إليها حضر محامي المدعي وقدم شهادة من قسم الجدول بالمحكمة الدستورية العليا تفيد أنه تم قيد الدعوى رقم 22 لسنة 13 ق دستورية بتاريخ 6/ 3/ 1991 المقامة من.......... (المدعي) بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرات 2، 4، 5 من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومن ثم قررت محكمة القضاء الإداري تأجيل الدعوى إلى جلسة 27/ 6/ 1991، وجلسة 31/ 10/ 1991 وفيها قررت النطق بالحكم بجلسة 26/ 12/ 1991 حيث صدر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا فإنه وقد رأت المحكمة جدية الدفع الذي أبداه المدعي بعدم دستورية بعض فقرات من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 ومن ثم حددت له ميعاداً لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وقدم المدعي فعلاً شهادة رسمية صادرة من قلم جدول المحكمة المشار إليها تفيد قيامة فعلاً برفع الدعوى رقم 22/ 13 دستورية فإنه كان واجباً على محكمة القضاء الإداري أن لا تفصل في الدعوى وتحكم بعد اختصاصها، بل تظل تؤجلها حتى يتم الفصل في الدعوى الدستورية التي أقامها المدعي بناء على ما ارتأته المحكمة من جدية الدفع بعدم الدستورية لبعض فقرات المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وإن تصدي المحكمة للفصل في الدعوى - رغم أن ثمة مسألة أولية مثارة أمامها ويتعين الفصل فيها مقدماً بواسطة محكمة أخرى مختصة - أمر غير جائز قانوناً، ويغدو الحكم المطعون فيه غير صائب قانوناً ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لكي تفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى. بعد أن يتم حسم أمر الدعوى الدستورية المقامة من المدعي برقم 22 لسنة 13 ق دستورية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات.


[(1)] راجع الطعن رقم 206 لسنة 40 ق بجلسة 16/ 7/ 1995.