مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني ( من7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 2109

(218)
جلسة 8 من يوليه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن 1695 لسنة 40 القضائية

( أ ) مجلس الدولة - اختصاصه - طبيعة قواعد توزيع الاختصاص بين الدوائر.
توزيع الاختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإداري ودوائر المحكمة الإدارية العليا من المسائل التنظيمية التي لا تصلح سبباً للطعن على الحكم الصادر في الدعوى - لا يجوز اعتبار ذلك من أسباب بطلان الحكم - تطبيق.
(ب) دعوى - الأدلة المقدمة فيها - دور المحكمة في الرد على الأدلة وتقديرها يكفي أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكفلت بالرد عليها - يكفي أيضاً لسلامة الحكم أن يكون مقاماً على أسباب تستقيم معه - لا يلزم أن تتعقب المحكمة حجج الخصوم في جميع مناحي أقوالهم وتنفيذها تفصيلاً الواحدة تلو الأخرى - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 24/ 3/ 1994 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الأستاذ/...... المحامي وكيلاً عن الطاعن/....... سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - بجلسة 9/ 11/ 1993 في الطعن رقم 1186 لسنة 38 ق. عليا والمقام من/....... ضد وزير الداخلية. والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم الصادر في الطعن رقم 1186 لسنة 38 ق.ع بجلسة 9/ 11/ 1993 وما يترتب على ذلك من آثار وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى رتبة اللواء اعتباراً من 2/ 8/ 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات مع تحويلها إلى دائرة أخرى غير التي أصدرت الحكم وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى قبول دعوى البطلان الأصلية وإحالة الطعن إلى الدائرة الثانية عليا للاختصاص وقد تحدد لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا -
الدائرة الثانية - جلسة 11/ 3/ 1995 وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 27/ 5/ 1995 قررت المحكمة النطق بالحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إنه عن موضوع هذه المنازعة فيخلص ذلك في أنه وبتاريخ 27/ 1/ 1991.
وبموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - أقام المدعي/......... الدعوى رقم 2788 لسنة 45 ق ضد وزير الداخلية طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية رقم 754 لسنة 1990 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة لواء وإحالته للمعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وذلك استناداً إلى أنه تخرج من كلية الشرطة في مايو سنة 1966 والتحق بخدمة هيئة الشرطة واستمر بها إلى أن رقى إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتباراً من 2/ 8/ 1990 ونص على القرار المطعون فيه مخالفة للقانون فاقداً لركن السبب متسماً بسوء إساءة استعمال السلطة.
وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى وبجلسة 10/ 3/ 1992 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً من المدعي أقام الطعن رقم 1186 لسنة 38 ق أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم المطعون فيه ونعى على هذا الحكم مخالفة لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله فضلاً عن القصور في الأسباب التي بني عليها.
وبجلسة 9/ 11/ 1993 حكمت المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات وذلك استناداً إلى أن للجهة الإدارية سلطة تقديرية في استمرار الطاعن في الخدمة في رتبة لواء طالما لم يثبت انحراف جهة الإدارة أو إساءة استعمالها لسلطتها.
وقد أقام الطاعن الطعن الماثل نعى فيه على الحكم المطعون فيه بالبطلان وذلك لوقوع الحكم في مخالفة إجرائية جسيمة وإخلال بحق الطاعن مما يفقده صفة الأحكام وذلك للأسباب الآتية:-
1) انعدام ولاية الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لإصدارها للحكم المطعون فيه خروجاً على قواعد توزيع الاختصاص بين دوائر المحكمة الإدارية لأن الطاعن يطعن في قرار تخطيه في الترقية إلى رتبة لواء عامل مما تختص معه دائرة الترقيات بمحكمة القضاء الإداري وليست دائرة الجزاءات وبالتالي فإن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية وهي المختصة بمنازعات الإصلاح الزراعي وتأديب العاملين المدنيين تكون غير مختصة بنظر الطعن المشار إليه وينعقد الاختصاص للدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا والمختصة بالمنازعات المتعلقة بشئون الموظفين العموميين بشأن تعيينهم وترقيتهم وإنهاء خدمتهم وقد أشار الطاعن إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 509 لسنة 33 ق عليا بجلسة 19/ 3/ 1989.
2) إخلال الحكم المطعون فيه بحق من الحقوق الجوهرية للطاعن وهو حقه في الدفاع عن نفسه بما يفقد الحكم صفة الأحكام حيث لم ترد المحكمة على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن أو على أوجه دفاعه بشأنها ولم تشر إليها بطريق مباشر أو غير مباشر أو ما يفيد أن المحكمة قد ناظرتها واطلعت عليها وأصدرت حق الطاعن في الدفاع مما يصيب الحكم بعيب جوهري يفقده صفة الأحكام.
ويطلب الطاعن الحكم بالطلبات الموضحة سلفاً.
ومن حيث إن الطاعن يستند في طعنه ببطلان الحكم المشار إليه إلى أنه صدر عن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية في حين يتعين صدوره من الدائرة الثانية بهذه المحكمة مما يخلف قواعد الاختصاص المعمول بها في هذا الشأن باعتبار أن الطعن قد أغفل على طلبه إلغاء قرار تخطيه في الترقية إلى رتبة لواء بالشرطة كما أن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن في الاطلاع على بعض المستندات المقدمة منه كما أنها لم تشر إليها في أسباب حكمها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأحكام الصادرة منها بحسبان أنها تصدر من أعلى محكمة طعن في القضاء الإداري لا يجوز أن يعقب عليها ولا أن يقبل طعن فيها إلا إذا شاب الحكم عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية وأنه إذا أجيز استثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة (147) من قانون المرافعات يجب أن يوقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار العدالة يفقد فيها الحكم وظيفته وأنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من - المحكمة الإدارية العليا إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام التنفيذية كأن يصدر الحكم عن مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الدعوى وأن يقترن الحكم بعيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام وهو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم ونظراً لأن الطاعن ينسب إلى الحكم المطعون فيه صدوره من دائرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا غير مختصة كما أن المحكمة قد أخلت بحقه في الدفاع عن نفسه على النحو المشار إليه سلفاً فإن الثابت من الأوراق ومن صحيفة الدعوى رقم 2788 لسنة 45 ق والمقامة من الطاعن وهي الدعوى محل الطعن أن الطاعن قد طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 754 لسنة 1990 الصادر من وزير الداخلية فيما تضمنه من ترقيته لرتبة لواء وإحالته للمعاش ومن ثم فإن دعوى الطاعن تتحدد في هذا النطاق وتعتبر طعناً في قرار إحالته للمعاش واستمراره بالخدمة بعد ترقيته لرتبة اللواء ومن ثم فإن الدائرة المختصة بمحكمة القضاء الإداري هي دائرة الجزاءات كما أن الدائرة المختصة بنظر الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري هي الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا باعتبار أن اختصاص هذه الدائرة طبقاً لقواعد توزيع العمل بين دوائر المحكمة الإدارية العليا يشمل الاختصاص بنظر الطعون في قرارات الإحالة للمعاش بغير الطريق التأديبي ومن ثم فإن الحكم الصادر عن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1186 لسنة 38 ق عليا وهو الحكم محل الطعن الماثل يكون قد صدر من دائرة مختصة طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص المعمول بها بين دوائر المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن توزيع الاختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإداري أو بين دوائر المحكمة الإدارية العليا من المسائل التنظيمية التي لا تصلح سبباً للطعن على الحكم الصادر في الدعوى ومن ثم لا يجوز اعتبار ذلك من أسباب بطلان الحكم أما استناد الطاعن إلى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بجلسة 19 من مارس سنة 1989 في الطعن رقم 509 لسنة 33 ق عليا والمنشور في مجموعة المكتب الفني بمجلس الدولة الجزء الثاني 1 لسنة 34 ق عليا صفحة 756 فإن الثابت من الاطلاع على أصل هذا الحكم أن هناك خطأ في تلخيص هذا الحكم وأن ما جاء بالمبدأ المنشور في مجموعة المكتب الفني المشار إليها يخالف تماماً ما جاء بأسبابه هذا الحكم.
ومن ثم يتعين الالتفات إليه فضلاً عن كونه يخالف ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة على النحو المشار إليه سلفاً.
ومن حيث إنه مما يتعلق بالسبب الثاني الذي يستند إليه الطاعن للطعن على الحكم المشار إليه بالبطلان وهو الإخلال بحقه في الدفاع عن نفسه وعدم اطلاع المحكمة الإدارية العليا على حافظة المستندات المقدمة إليها أو الإشارة إليها في حكمها المطعون فيه فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يكفي أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكلفت بالرد عليها كما ينفي أيضاً لسلامة الحكم أن يكون مقاماً على أسباب تستقيم معه ولا يلزم أن ينعقب حجج الخصوم في جميع منافي أقوالهم استقلالاً ثم يفيدها تفصيلاً الواحدة تلو الأخرى وإذا كان الحكم المطعون فيه قد استعرض وقائع النزاع وأسانيد الطاعن على الوجه المبين بعريضة الطعن واستعرض ما عقبت به جهة الإدارة على الطعن وقام بتطبيق النصوص المتعلقة بالنزاع على الوقائع المطروحة أمام المحكمة وخلص إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا يكون هناك ثمة قصور في التسبب يؤدي إلى بطلان الحكم.
ومن حيث إنه لا ينال عن ذلك استناد الطاعن إلى ما جاء بحكم المحكمة الإدارية بجلسة 30 يناير سنة 1988 في الطعن رقم 2647 لسنة 33 ق عليا والمنشور بمجموعة أحكام المكتب الفني الجزء الأول لسنة 44 ق عليا ص 792 ذلك لأنه يتعين تيسير الحكم في إطار المنازعة التي صدر فيها هذا الحكم ولا يتعدى آثر ذلك خارج هذا النطاق والثابت من الاطلاع على أسباب الحكم المشار إليه أنه صدر في الطعن في حكم تأديبي انتهى إلى معاقبة الطاعن بالفصل من الخدمة لاتهامه باختلاس ما في عهدته دون أن يرد على ما جاء بدفاع الطاعن المذكور أو يبين أدلة ثبوت هذه المخالفة المسندة إليه فإن ذلك وبحق يشكل إخلالاً جسيماً بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه كما انتهت لذلك المحكمة الإدارية العليا وقضت بإلغاء الحكم التأديبي المطعون فيه ولا شك أن الأمر يختلف عن مجال الحكم محل هذا الطعن ومن ثم يتعين الالتزام بتفسير هذا الحكم في داخل إطار المنازعة التي صدر فيها وبالتالي لا يجوز الاستناد إلى ذلك الطعن على الحكم المطعون فيه بالبطلان.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن ما أثاره الطاعن لطلب الحكم المطعون فيه بالبطلان لا أساس له من القانون أو الواقع ولا تصلح بذاتها لتأسيس دعوى البطلان الأصلية مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.


[(1)] أشار الحكم إلى وجود خطأ في تلخيص الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 19/ 3/ 1989 في الطعن رقم 509 لسنة 33 ق المنشور بالسنة 34 الجزء الثاني صفحة 756.