مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صــ1363

(142)
جلسة 15 من يوليو سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: فاروق على عبد القادر, وعلى فكرى حسن صالح, ود. حمدي محمد أمين الوكيل, ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2929 لسنة 40 قضائية عليا

دعوى - حكم في الدعوى - حجية الأحكام - مناطها.
المادة رقم 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968
إن حجية الأمر المقضي لا تقوم إلا عند اتحاد الخصوم والمحل والسبب - تلك الحجية لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بالأسباب إلا إذا ارتبطت بالمنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث لا يقوم المنطوق بدونها - ويجب أن يكون الحكم السابق قطعياً قد فصل في موضوع النزاع - أثر ذلك: أن المسألة التي لم تنظرها المحكمة فعلاً ولم تكن محل مناقشة بين الخصوم ولم تستقر حقيقتها بينهم استقراراً جامعاً مانعاً لا يمكن أن تكون موضوعاً لحكم حائز لقوة الأمر المقضي به - نتيجة ذلك:أنه لا يجوز الدفع في شأنها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/6/1994 - أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 2929 لسنة 40 ق وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات في الدعوى رقم 617 لسنة 41 ق بجلسة 24/4/1994 الذي قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 3442.677 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 6/9/1987 وإلزامهما المصروفات وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوعه انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفع للطاعن بصفته مبلغ 3442.667 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 6/9/1987 وحتى تمام السداد والمصروفات وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 7/8/1996 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 5/11/1996 وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 24/4/1994 وكان الطعن قد أقيم في 12/6/1994 فإنه يكون مقام خلال الميعاد المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 72 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقاً للثابت بالأوراق في أنه بتاريخ 6/9/1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 6170 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري للحكم له بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا له بصفته مبلغ 3442.677 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات وأوضح أنه سبق أن أقام الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق أمام ذات المحكمة للحكم له بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغ 2375.440 جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/3/1974 والمصروفات وذلك لإخلال المطعون ضده الأول بالتزامه بالعمل بالجهة التي أوفدته في بعثة دراسية وأن الحكم صدر في تلك الدعوى بجلسة 5/2/1984 بإلزام الطعون ضدهما متضامنين بأداء المبلغ المطلوب وقدره (2375.440 جنيه) والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وأوضح الطاعن أنه كان قد خصم من تكاليف البعثة مبلغ 3442.677 جنيه بما يعادل المدة التي قضاها المطعون ضده في العمل لدى الجهة الموفدة بعد عودته من البعثة وأنه يطالب في الدعوى رقم 6170/41 ق بهذا المبلغ وفوائده القانونية والمصرفات وبجلسة 24/4/1994 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها على أساس أن الحجية تلحق الأسباب المرتبطة بالمنطوق وأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق أشار في أسبابه إلى قيام الإدارة بخصم مبلغ يعادل المدة التي قضاها المطعون ضده الأولى في الخدمة بعد عودته من البعثة وأن الإدارة لم تجادل في ذلك وأن اتحاد المحل والخصوم والسبب في الدعويين يقتضى الحكم بعدم جواز نظر الدعوى رقم 6170 لسنة 41 ق لسابقة الفصل فيها عملاً بنص المادة 101 من قانون الإثبات وأن خطأ الإدارة في حساب النفقات وتحديد قيمتها لا يسوغ إعادة المطالبة بها قضائياً مرة أخرى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الإدارة خصمت مبلغ يعادل مدة الخدمة التي قضاها المطعون ضده الأول بعد عودته من البعثة اعتقاداً منها بأنها لا تستحقه وأن المطعون ضدهما والإدارة لم يناقشا هذا الخصم حتى تلحقه الحجية ويمتنع على الإدارة المطالبة به وأن الحجية لا يلحق إلا بالأسباب المرتبطة بالمنطوق وأن الخصم الذي أشير إليه في أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق لم يرتبط بالمنطوق وأن ذلك يقتضى التسليم بعدم وحدة المحل في تلك الدعوى والدعوى رقم 6170 لسنة 41 ق.
ومن حيث إنه لما كانت المادة (101) من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من حقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً) وكان المستفاد من هذا النص أن حجية الأمر المقضي لا تقوم إلا عند اتحاد الخصوم والمحل والسبب وأن تلك الحجية لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بالأسباب إلا إذا ارتبطت بالمنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث لا يقوم المنطوق بدونها وكان من مقتضى هذا النص أيضاً أن يكون الحكم السابق قطعياً بأن يكون قد فصل في موضوع النزاع وعلى ذلك فان المسألة التي لم تنظرها المحكمة فعلاً ولم تكن محل مناقشة بين الخصوم ولم تستقر حقيقتها بينهم استقراراً جامعاً مانعاً لا يمكن أن تكون موضوعاً لحكم حائز لقوة الأمر المقضي به ولا يجوز الدفع في شأنها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على واقعة النزاع فإنه وإن كان الخصوم والسبب قد اتحدا في الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق والدعوى رقم 6170 لسنة 41 ق إلا إنهما يختلفان في المحل إذ أن الطاعن قصر مطالبته في الدعوى الأولى على جزء من نفقات البعثة في حين يطالب في الدعوى الثانية بالجزء الذي خصمته الإدارة خطأ من تلك النفقات على ظن إنها لا تستحقه ولما كانت المحكمة في الدعوى الأولى لم تفصل في مدى استحقاق الطاعن للجزء المخصوم ومدى التزام المطعون ضدهما بأدائه وكان الطرفان لم يتناولا هذا الجزء بالمناقشة فإن إشارة المحكمة إليه في أسباب حكمها دون قضاء فيه لا تحول دون المطالبة به بدعوى مستقلة طالما أن حقيقته لم تستقر بين الطرفين بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق وبالتالي فانه لا يكون هناك وجه للقول بأن حجية الحكم الصادر في تلك الدعوى تحول دون المطالبة بمقتضى الدعوى رقم 6170 لسنة 41 ق بالمبلغ الذي خصم من نفقات البعثة دون وجه حق ولا يكون هناك محل للقول بعدم جواز نظر الدعوى الأخيرة لسابقة الفصل في موضوعها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 482 لسنة 28 ق وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فانه يكون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه فإنه لا يكون هناك وجه لإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول أوفد في 15/1/1960 إلى الاتحاد السوفيتي في بعثة تابعة لوزارة التعليم العالي وسافر إلى مقر البعثة في 13/4/1960 وحصل على الدرجة العلمية الموفد لأجلها في 21/1/1966 وعاد إلى الوطن في 18/2/1966 وتسلم عمله بالمعهد العالي للبترول بشبين الكوم، ثم انقطع عن عمله دون عذر مقبول في 27/1/1970 مما أدى إلى صدور قرار بإنهاء خدمته للانقطاع في 27/5/1970 وذلك اعتباراً من تاريخ انقطاعه وكان قد وقع تعهدا بخدمة الجهة الموفدة لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها بالبعثة وبحد أقصى سبع سنوات وإلا التزم برد نفقات البعثة وكان المطعون ضده الثاني قد ضمنه في هذا التعهد وكانت المادة 31 من قانون البعثات رقم 112 لسنة 1959 تلزم عضو البعثة بخدمة الجهة الموفدة ذات المدد التي نص عليها التعهد الموقع من المطعون ضده الأول وكانت المادة 33 من ذات القانون تجيز مطالبة المبعوث بنفقات البعثة إذا اخل بهذا الالتزام فان المطعون ضدهما يلتزمان متضامنين بأداء الباقي من نفقات البعثة وقدره (3442.177 جنيه) ولا يغير من ذلك قضاء المطعون ضده الأول المدة من 18/2/1966 حتى 27/1/1970 في خدمة الجهة الموفدة لأن ذلك لا يبرر خصم المبلغ سالف الذكر من نفقات البعثة كما أنه لا يستقيم بحال مع شروط تعهده ولا مع الطابع الخاص الذي تتسم به هذه الشروط من حيث اتصالها بالمعهد العالي للبترول بطريق عام وتيسيره بغية خدمة أغراضه وسد احتياجاته من ذوى التخصصات العلمية، كما لا يستقيم مع قواعد المسئولية العقدية التي يرتبها تعهده والتي لا يدرؤها سوى التنفيذ العيني بالخدمة لمدة سبع سنوات كاملة أو استحالة التنفيذ لسبب اجتبى لا دخل لإرادته فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالفوائد القانونية فانه لما كانت المادة 226 من القانون المدني تنص على أنه (إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية.......) وكانت المادة 228 من ذات القانون تنص على أنه (لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أم اتفاقية أن يثبت الدائن ضرر ألحقه من هذا التأخير) وكان المشرع قد قرر في هاتين المادتين استحقاق الدائن تعويضاً قدره 4% في المسائل المدنية إذا اجبره المدين على اللجوء إلى القضاء للمطالبة بدين محله مبلغ من النقود محدد المقدار وحال الأداء ولم يبادر إلى سداده وقت الطلب وذلك دون حاجة لإلزام الدائن بإثبات الضرر الذي لحقه من جراء التأخير في الوفاء وكان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على تطبيق تلك القواعد على المنازعات الإدارية التي يكون محلها مبلغ من النقود محدد المقدار ومستحق الأداء وكان المطعون ضدهما يلتزمان بالتضامن بأداء الجزء الباقي من نفقات بعثة المطعون ضده الأول وكان هذا الجزء محدد المقدار ومستحق الأداء وقت إقامة الدعوى فان ذلك يقتضى الحكم للمطعون ضده بالفوائد القانونية عن هذا الجزء اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية به والحاصلة في 6/9/1987.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 3442.677 جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 6/9/1987 وحتى تمام السداد والمصروفات.