مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 2187

(227)
جلسة 12 من أغسطس سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 118 لسنة 38 القضائية

إدارات قانونية - ندب - تثبيت العضو بالوظيفة التي ندب إليها - تكييفه.
تثبيت الموظف بإحدى وظائف الإدارة القانونية هو في حقيقته نقل للوظيفة وليس ندباً - أساس ذلك: أن التثبيت بالوظيفة معناه دوام شغلها بينما الندب يقوم على فكرة شغل الوظيفة بصفة مؤقتة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 12/ 11/ 1991 أودع الأستاذ/......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 118 لسنة 38 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 25/ 7/ 1994 في الدعوى رقم 240 لسنة 41 ق القاضي بقبول تدخل/...... خصماً منضماً للإدارة وبقبول الدعوى شكلا ًورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه - وللأسباب الواردة فيه - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 646 بتاريخ 4/ 6/ 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى التخصصية (مجموعة القانون) مع وضعه في الأقدمية المقررة له في القرار الطعين قبل كلاً من السيدين/........ و...... مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم والخصم المتدخل/........ المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً للمطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق المودعة ملف الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 646 لسنة 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة محقق أول بالدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 10/ 1/ 1994 وقررت بجلسة 9/ 5/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 28/ 5/ 1994 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 1/ 7/ 1995 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 25/ 7/ 1991 وقدم الطاعن طلب الإعفاء رقم 387 لسنة 37 ق. ع بتاريخ 8/ 9/ 1991 ويتصدر قرار الإعفاء من رسوم الطعن بتاريخ 15/ 10/ 1991 وتم إيداع تقرير الطعن بتاريخ 12/ 11/ 1991 وذلك خلال المواعيد القانونية المقررة. فمن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الماثلة تخلص حسبما يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن ومن الحكم المطعون فيه في أنه بتاريخ 13/ 10/ 1986 أقام السيد/........ الدعوى رقم 240 لسنة 41 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 646 الصادر في 4/ 6/ 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى بالمجموعة النوعية لوظائف القانون وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شارحاً دعواه أن القرار المطعون فيه تضمن ترقية من هم أحدث منه إذ رقى من ترجع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 31/ 12/ 1977 على الرغم من أن أقدميته في الدرجة الثانية ترجع إلى 1/ 11/ 1972 وأن الجهة الإدارة أرجعت ذلك إلى عدم توافر الشروط الواردة بكتاب الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 17 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 20/ 10/ 1985 والذي يقضي بضرورة قضاء مدة كلية قدرها أربعة عشر عاماً من تاريخ الاشتغال بالعمل القانوني وأضاف المدعي أنه حصل على ليسانس الحقوق عام 1971 وندب للعمل محققاً بالشئون القانونية كما صدر القرار رقم 2076 في 30/ 8/ 1975 بتثبيته في هذه الوظيفة وبذلك يكون قد أصبح شاغلاً وظيفة عضو قانوني اعتباراً من تاريخ ندبه في 20/ 11/ 1971 ومستوفياً لشروط الترقية ومستكملاً المدد الكلية والبينية طبقاً لأحكام الكتاب الدوري آنف الذكر.
وأثناء تداول الدعوى بالجلسات تدخل السيد/........... المحقق الأول بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية وقدم صحيفة تدخله منضماً إلى جانب جهة الإدارة ناعياً على المدعي عدم أحقيته في الترقية لأنه حصل على ليسانس الحقوق عام 1971 وكل المرقين بالقرار المذكور يسبقون المدعي في تاريخ الحصول على المؤهل فضلاً عن أن المدعي ظل منتدباً بالوظيفة عضو قانوني حتى تم تسكينه على وظيفة محقق ثان عام 1983 وأن القرار الصادر بندبه أو بتثبيت ندبه عام 1975 لا يعتبر نقلاً من وظيفته الأصلية كمدرس إلى الإدارة القانونية وإنما النقل تم بمناسبة التسكين وبالتالي لا يتوافر في حقه شروط الترقية وطلب الخصم المنضم رفض الدعوى.
وبجلسة 25/ 7/ 1991 قضت المحكمة المذكورة بقبول تدخل/......... خصماً منضماً للإدارة وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على ما ثبت لديها من أوراق الدعوى من أن المدعي نقل من مجموعة وظائف التعليم إلى مجموعة وظائف القانون بالقرار رقم 1029 في 20/ 8/ 1983 واعتباراً من تاريخ هذا النقل يعتد بالمدد البينية المشترطة لترقيته إلى الدرجة الأعلى - ذلك أن أقدميته في الدرجة الثانية الفنية اعتباراً من 1/ 11/ 1972 كانت على أساس المؤهل المتوسط الحاصل عليه المدعي قبل حصوله على الليسانس ولم يعين بالمؤهل الأعلى وإنما ندب للعمل عضواً قانونياً ثم ثبت ندبه بالقرار رقم 1076 في 30/ 8/ 1975 وأنه مع كل ذلك لم ينقل إلى مجموعة وظائف القانون إلا اعتباراً من 2/ 8/ 1983 وبالتالي لا عبرة بتاريخ ندبه ولا تثبيت ندبه وإنما العبرة بتاريخ نقله من مجموعة وظائف التعليم إلى مجموعة وظائف القانون حيث يتعين عليه قضاء مدة بينيه قدرها ست سنوات على الأقل من تاريخ نقله، وأنه لما كان المدعي من تاريخ تسكينه في 20/ 8/ 1983 حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه لم يكن قد أمضى مدة ست سنوات فقد انتهت المحكمة إلى عدم توافر شرط المدة البينية اللازمة للترقية إلى الدرجة الأولى ومن ثم قضت برفض الدعوى.
ويقوم الطعن الماثل على أسباب محصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله تأسيساً على أن الطاعن بعد حصوله على ليسانس الحقوق سنة 1971 ندب للعمل بإحدى وظائف القانون اعتباراً من 20/ 7/ 1971 وظل يمارس العمل القانوني إلى أن صدر القرار رقم 1076 بتاريخ 3/ 8/ 1975 بتثبيت المنتدبين للوظائف القانونية حيث ثبت الطاعن بوظيفة عضو قانوني اعتباراً من 20/ 11/ 1971 تاريخ ممارسته العمل القانوني وظل على ذلك إلى أن صدر قرار تسكينه على وظيفة محقق ثان عام 1983 وعليه يكون الطاعن شاغلاً لإحدى وظائف المجموعة النوعية لوظائف القانون منذ ممارسته العمل بها في 20/ 11/ 1971 ويكون بذلك مستوفياً للمدد الكلية والبينية المتطلبة للترقية الأولى ويكون الحكم الطعين قد أخطأ تطبيق القانون حين اعتبره شاغلاً لهذه الوظيفة منذ تاريخ صدور قرار التسكين رقم 1029/ 1983 وذلك لأن قرار تثبيت ندبه رقم 1076/ 1975 هو قرار نقل للوظيفة وليس ندباً لها كما أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاعه الذي قدمه بشأن التدليل على أن هذا القرار هو قرار نقل وليس قرار ندب فإن هذا الإغفال يجعل الحكم مشوباً بالقصور فضلاً عن صدوره بالمخالفة لنص المادتين 9.8 من القانون رقم 47/ 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة وقرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134/ 1978 بشأن معايير ترتيب الوظائف وانتهى الطاعن في ختام تقرير طعنه إلى الحكم له بطلباته المبينة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه باستعراض مواد قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 يبين أن المشرع قد وضع أحكامه على أساس موضوعي في الوظيفة العامة وليس على أساس شخصي إذ اعتد بصفة أساسية بالوظيفة وشروط شغلها والتي تدور حول التأهيل العلمي المطلوب والخبرة النوعية اللازمة وجوباً في مجال الوظيفة المطلوب شغلها، وفي مجال الترقية وربط المشرع بين الترقية واستيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة التي يرقى إليها طبقاً لبطاقة الوصف الخاصة بهذه الوظيفة.
ومن حيث إن الثابت ببطاقة وصف وظيفة محقق أول - التي تمت الترقية إليهما بموجب القرار المطعون فيه - والمودعة ملف الطعن - أنه يشترط لشغل هذه الوظيفة توافر الشروط الآتية: ليسانس حقوق - قضاء مدة بينية قدرها 6 سنوات على الأقل في وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة - اجتياز البرامج التدريبية التي تتيحها له الوحدة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العبرة عند حساب المدة البينية المتطلبة لشغل الوظيفة هو بتاريخ شغل الوظيفة لأنه اعتباراً من هذا التاريخ يباشر العامل واجبات الوظيفة ومسئولياتها بما يترتب عليه من اكتسابه للخبرات والمهارات اللازمة لتأهيله وظيفياً للتدرج في المناصب الأعلى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وكان الثابت أن الطاعن عين ابتداء بموجب مؤهل متوسط 1957 ثم حصل على ليسانس الحقوق سنة 1971 وفي 20/ 11/ 1971 صدر قرار بندبه لشغل وظيفة بالإدارة القانونية، ثم صدر القرار الوزاري رقم 1076 لسنة 1975 بتاريخ 30/ 8/ 1975 متضمناً تثبيته في الوظيفة السابق ندبه إليها "عضواً قانونياً" من الدرجة الثانية بأقدمية من 1/ 11/ 1972 ويبين من مطالعة هذا القرار في أنه صدر بعد الاطلاع على موازنة الوزارة للسنة المالية 1975 وعلى القرار رقم 85 لسنة 1974 بشأن قواعد لنقل والتعيين وأنه صدر بعد موافقة لجنة شئون العاملين بجلستها المنعقدة في 24/ 8/ 1975 واعتماد محضرها من السلطة المختصة ويستفاد مما تقدم أن القرار رقم 1076 لسنة 1975 فيما تضمنه من تثبيت العاملين بالوظائف الموضحة قرين اسم كل منهم ومن بينهم الطاعن - إنما هو في حقيقته وطبقاً للتكيف القانوني السليم له هو قرار نقل إلى هذه الوظائف ذلك أن التثبيت بالوظيفة وبما يعنيه من دوام شغلها إنما يتنافى مع طبيعة الندب إليها القائم على فكرة شغل الوظيفة بصفة مؤقتة وبما نص عليه القانون من تأقيت له كما أن الجهة الإدارية المدعى عليها أقرت في مذكرتها الموجهة إلى الشئون القانونية لديها بتاريخ 2/ 2/ 1987 في البند (5) من هذه المذكرة بأن الطاعن يشغل الوظيفة كعضو بالإدارة القانونية بالدرجة الثانية من تاريخ صدور القرار رقم 1076 لسنة 1975 في 30/ 8/ 1975 المشار إليه وبالتالي فإنه عندما صدر القرار المطعون فيه رقم 646 في 4/ 6/ 1986 بترقية بعض شاغلي الدرجة الثانية في وظائف القانون إلى الدرجة الأولى التخصصية للمجموعة النوعية لوظائف القانون كان الطاعن مستوفياً للمدة البينة التي تطلبتها بطاقة وصف هذه الوظيفة المرقى إليها وهي ست سنوات على الأقل في وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، وإذ كان الثابت أن القرار المطعون فيه تضمن ترقية بعض زملاء الطاعن بالمجموعة النوعية لوظائف القانون إلى الدرجة الأولى بالأقدمية المطلقة فمن يسبقهم في أقدمية الدرجة الثانية فمن ثم فإن تخطيه في الترقية إلى وظيفة محقق أول بالدرجة الأولى بموجب القرار رقم 646 لسنة 1986 المشار إليه يكون قد تم بالمخالفة لصحيح حكم القانون مستوجباً الإلغاء فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى هذه الوظيفة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بخلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف وأخطأ في تطبيقه وتأويله حرياً بالإلغاء والحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الوظيفة المشار إليها.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 646 لسنة 1986 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة محقق أول بالدرجة الأولى بمجموعة وظائف القانون وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.