مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 1411

(148)
جلسة 2 من أغسطس سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد يسرى زين العابدين، ومنصور حسن على عويس، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3337 لسنة 38 قضائية عليا

تأديب - المخالفات التأديبية - استخدام حق الشكوى كوسيلة للتطاول على الرؤساء.
إن كان حق الشكوى من الحقوق المكفولة للأفراد، إلا أن هناك حدوداً يقف عندها هذا الحق بحيث لا يستغل ذريعة للتطاول على الرؤساء بإسناد وقائع غير صحيحة لهم لاسيما إذا كانت تلك الوقائع مخالفات تأديبية تستوجب مجازاتهم - لذا فإن تخطى تلك الحدود يعتبر مخالفة تأديبية تستوجب مجازاة العامل مقدم الشكوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 21/ 7/ 1992 (الثلاثاء) أودع الأستاذ/ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة، تقرير الطعن الراهن، فى حكم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها الصادر فى الطعن رقم 150 لسنة 25 ق بجلسة 26/ 5/ 1992 والقاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء البند رقم 4 من ص 5 من الأمر التنفيذي عقوبات رقم 7 لسنة 1990 الصادر من إدارة إبشواى التعليمية بتاريخ 30/ 9/ 1990 فيما تضمنه من خصم عشرة أيام من راتب الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 28/ 12/ 1994 إصدار الحكم بجلسة 8/ 2/ 1995 مع التصريح بالإطلاع ومذكرات خلال أسبوعين.
وخلال الأجل قدم الطاعن بتاريخ 5/ 1/ 1995 حافظة مستندات ومذكرة بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن، كما قدم طلبات لإعادة الطعن للمرافعة لضم مستندات.
وقد أعيد الطعن للمرافعة أمام دائرة فحص الطعون، وبجلسة 8/ 3/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون مرة أخرى حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 12/ 4/ 1995 مع التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات خلاله ثلاثة أسابيع.
وخلال الأجل قدم الطاعن مذكرة وردت بتاريخ 20/ 3/ 1995 طلب فيها الحكم بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وبجلسة 12/ 4/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 20/ 5/ 1995.
وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الوارد بمحاضر الجلسات حيث أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الجهة الإدارية المطعون ضدها بجلسة 4/ 11/ 1995 حافظة مستندات كما قدمت مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن، كما أودعت أيضاً بجلسة 20/ 4/ 1996 حافظة مستندات، كما أودعت كذلك بجلسة 27/ 7/ 1997 حافظة مستندات ثالثة، وبجلسة 5/ 4/ 1997 أودعت أيضاً حافظة مستندات رابعة.
وبجلسة 12/ 4/ 1997 أودع الطاعن حافظة مستندات كما قدم مذكرة بذات الطلبات وبذات الجلسة تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أربع أسابيع وخلال الأجل قدم الطاعن مذكرة بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 24/ 2/ 1991 أقام الطاعن أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها - الطعن رقم 150 لسنة 25 ق طالباً الحكم بإلغاء الأمر التنفيذي رقم 7 لسنة 1990 الصادر من إدارة إبشواى التعليمية بتاريخ 30/ 9/ 1990 فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشر أيام من راتبه، والصادر استناداً إلى ما نسب إليه من تقديمه شكوى كيدية ضد إدارة مدرسة أبو شنب الإعدادية وشغل المسئولين بشكاوى ليس لها أساس من الصحة، وأنه على أثر إعلانه بذلك القرار فى 3/ 12/ 1990 تظلم منه بتاريخ 11/ 12/ 1990 ولم يتلق رداً على تظلمه مما دعاه لإقامة الطعن سالف الذكر.
وبجلسة 6/ 5/ 1992 صدر الحكم المطعون بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وأقام قضاءه برفض الطعن استناداً إلى أن الثابت من الأوراق أن الطاعن تقدم بشكوى إلى النيابة الإدارية بالفيوم وصورة منها إلى مدير إدارة أبشواى التعليمية نسب فيها إلى القائم بنظارة مدرسية أبو شنب الابتدائية الإعدادية قيامه بصرف الحوافز الشهرية للمدرسة/ ....... عن الفترة من 22/ 10/ 1988 حتى 9/ 11/ 1988 بدون وجه حق لانقطاعها عن العمل خلال تلك الفترة، كما نسب للناظر المذكور بشكواه تستره على/...... المدرس بتلك المدرسة وذلك بتوقيعه له بالحضور والانصراف وصرف الحوافز عن فترة انقطاعه لتأدية امتحان البكالوريوس بالمعهد العالي للدراسات التعاونية والإدارية فى العام الدراسي 8/ 2/ 1989 فى حين أن المدرس المذكور لم يحصل على أجازات لتأدية امتحانات السنوات الثلاث السابقة بالمعهد المذكور وتقاضى حوافزها بدون وجه حق.
وأورى الحكم المطعون فيه أن الجهة الإدارية أجرت تحقيقاً فى الموضوع ثبت منه أن المدرسة المذكورة كانت خلال تلك الفترة فى أجازة مرضية ولم تقم المدرسة بصرف أية حوافز لها عنها وأن المدرس المذكور لم يكن مقيداً بأي معهد أو كلية حتى تاريخ التحقيق وأنه يقوم بصرف حوافزه كاملة لأنه لم ينقطع عن عمله كما يزعم الطاعن، كما ثبت أن الشئون القانونية بإدارة أبشواى التعليمية استدعت الطاعن للإدلاء بأقواله فيما نسب إليه إلا أنه رفض وطلب سماع أقواله أمام الشئون القانونية بديوان عام المحافظة، غير أن هذا الطلب لا يلزم الجهة الإدارية بإجابة الطاعن له واستخلص الحكم المطعون فيه مما تقدم تجاوز الطاعن لحق الشكوى واعتبارها ذريعة للتطاول على الرؤساء، وتفويت حقه فى الدفاع عن نفسه بعدم إبداء أقواله أمام الشئون القانونية بإدارة أبشواى، مما يجعل قرار الجزاء الموقع عليه قد صدر صحيحاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والواقع ذلك أن الثابت من التحقيقات أن المدرسة/ ........ قد انقطعت عن العمل فى الفترة من 22/ 10/ 1988 إلى 9/ 11/ 1988 وقد أبلغت بمرضها وتم عرضها على المجلس الطبي بأبشواى بجلسة 9/ 11/ 1988 فقرر أنه يأسف لعدم حساب الفترة المذكورة أجازة مرضية، ومن ثم يكون القول من جانب الإدارة بعدم انقطاع المدرسة المذكورة غير صحيح وكان يتعين إحالتها للتحقيق وعدم صرف الحوافز لها عن تلك المدة إلا أن الجهة الإدارية لم تفعل، كما أن قرار الجزاء صادر من مدير الإدارة فى حين أن الاختصاص معقود للمحافظ ومن فوضهم من وكلاء الوزارة ورؤساء مجالس المدن، وقد طلب الطاعن بالتحقيق سماع أقواله أمام الشئون القانونية بالمحافظة لما لاحظه من عدم الحيدة إذ أن الإدارة قد قامت بكشط ما أرفقه بشكواه من مستندات وأشرت عليها بأنه لم يكن مرفقاً بها مستندات.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطعن على قرار الجزاء بصدوره من مدير الإدارة للتوصل إلى عدم اختصاصه بتوقيع الجزاء، فإن الثابت من الأوراق أن إدارة الشئون القانونية التي أجرت تحقيقاً فى الموضوع وقيد تحت رقم 165 لسنة 1990، وقد أعدت فيه مذكرة ارتأت فيه مجازاة السيد/ ............. (الطاعن) بخصم عشرة أيام من راتبه. جزاء تقديمه شكوى كيدية ضد إدارة مدرسة أبو شنب الإعدادية وشغل المسئولين بشكاوى ليس لها من الصحة، وأن هذه المذكرة قد عرضت على وكيل الوزارة وأن الأخير أشر عليها بالموافقة وذلك بتاريخ 14/ 6/ 1991 فمن ثم يكون قرار الجزاء قد صدر من وكيل الوزارة.
ومن حيث إن المادة/ 82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن:
يكون الاختصاص فى التصرف فى التحقيق كما يلي:
1 - لشاغلي الوظائف العليا كل فى حدود اختصاصه حفظ التحقيق أو توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بمالا يجاوز ثلاثين يوماً فى السنة بحيث لا تزيد مدته فى المرة الواحدة على خمسة عشر يوماً....
ومن حيث إن قرار الجزاء الصادر من وكيل الوزارة على النحو المتقدم قد قرر مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام، فمن ثم يكون قد صدر ممن يملك ذلك قانوناً، ويكون الطعن عليه فى هذا الشأن غير قائم على أساس صحيح من الواقع أو القانون مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه عن موضوع النزاع فإنه ينحصر فى أن الطاعن تقدم بشكوى إلى مدير إدارة الشئون الصحية نسب فيها إلى القائم بالنظارة بمدرسة أبو شنب الابتدائية الإعدادية قيامه بصرف الحوافز للمدرسة/......... رغم انقطاعها عن العمل فى الفترة من 22/ 10/ 1988 حتى 9/ 11/ 1988 وتقدمها بطلب أجازة اعتيادية بعد عودتها من الانقطاع، كما أنها سافرت خارج البلاد، بما لا تستحق معه حوافز وطلب مراجعة الشهور الأربعة السابقة لسفرها، كما نسب الطاعن أيضاً للقائم بنظارة المدرسة المذكورة تستره على المدرس/ ..... وذلك بتوقيعه له بالحضور والانصراف وصرف الحوافز أثناء انقطاعه عن العمل فى العام الدراسي 88/ 1989 لتأدية امتحان بكالوريوس المعهد العالي للدراسات التعاونية والإدارية.
وقد أجرت الشئون القانونية التحقيق فيما تضمنته تلك الشكوى من مخالفات منسوبة للقائم بنظارة تلك المدرسة وتبين بالنسبة للحوافز التي صرفت للمدرسة/.... أنها لم تصرف حوافز عن الشهور التي كانت فيها بإجازة، وأنها صرفت فقط حوافز عن شهري ديسمبر 1988 ويناير سنة 1989 وهذان الشهران لم تكن فيه تلك المدرسة بإجازة وكذا كان صرف قيمة الحوافز بواقع 21.450 جنيه عن هذين الشهرين فقط أما زملاؤها فتم صرف مبلغ 43.50 لهم عن الأربعة أشهر كاملة وهى شهور نوفمبر وديسمبر ويناير وفبراير، وهذا ما أكدته الصورة الرسمية لكشوف الحوافز المرفقة بحافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة أمام هذه المحكمة بجلسة 5/ 4/ 1997، فمن ثم يكون ما نسبه الطاعن إلى القائم بنظارة تلك المدرسة بشأن صرفه حوافز للمدرسة المذكورة بغير وجه حق، هو قول غير صحيح ويشكل شكوى تتضمن بيانات غير صحيحة.
ومن حيث إن الثابت من التحقيق أيضاً قيام المدرس/ ..... بالعمل وعدم انقطاعه عن العمل فى العام الدراسي 88/ 1989 وعدم قيده بأي معهد دراسي وأن الطاعن لم يقدم أى دليل على ما تضمنته شكواه، كما أنه فى الطعن الراهن لم يجادل فى صحة ما انتهى إليه التحقيق بشأن عدم تغيب المذكور عن العمل أو صحة ما انتهي إليه التحقيق بشأن عدم تغيب المذكور عن العمل أو صحة صرفه للحوافز فمن ثم فإن ما نسبه الطاعن بدوره إلى القائم بنظارة المدرسة بشأن هذه الواقعة إنما يمثل شكوى تتضمن بيانات غير صحيحة.
ومن حيث إن المستقر عليه أنه وإن كان حق الشكوى من الحقوق المكفولة للأفراد إلا أن لهذا الحق حدوداً يقف عندها بحيث لا يستغل هذا الحق ذريعة للتطاول على الرؤساء بإسناد وقائع غير صحيحة لهم لاسيما إذا كانت تلك الوقائع مخالفات تأديبية تستوجب مجازاتهم، ولذا فإن تخطى تلك الحدود يعتبر مخالفة تأديبية تستوجب مجازاة العامل مقدم الشكوى عنها.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم وقد قامت الجهة الإدارية بالتحقيق مع الطاعن بشأن ما ورد بشكواه سالفة الذكر التي تبين عدم صحة ما تضمنته من وقائع وانتهت إلى مسئوليته عنها ووقعت الجزاء مثار النزاع فإنها تكون قد أصابت الحق والقانون إذ استخلصت أن الطاعن يهدف من وراء شكواه إلى التشهير بالقائم على نظارة المدرسة المذكورة ويقصد الكيد له، بما يجعل قرار الجزاء قد صدر صحيحاً وقائماً على سببه.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما يتمسك به الطاعن من أن المدرسة المذكورة انقطعت عن العمل فى الفترة من 2/ 10/ 1988 حتى 9/ 11/ 1988 ولم يحسب لها القومسيون الطبي تلك الفترة أجازة مرضية ولذا تقدمت بطلب لاعتبارها أجازة اعتيادية وأنها حصلت على أجازة خلال شهر فبراير سنة 1989 وسافرت للخارج، ذلك أنه وإن كانت تلك الوقائع صحيحة إلا أن الثابت هو عدم حصولها على حوافز عن تلك الشهور، فإن الحوافز التي حصلت عليها كانت عن شهري ديسمبر سنة 1988، ويناير سنة 1989 فقط على النحو المتقدم إيراده، وبالتالى فإن ما تضمنته تلك الشكوى من صرف حوافز للمدرسة المذكورة عن فترات انقطاعها عن العمل يظل إسناداً لوقائع غير صحيحة على النحو المتقدم ويكون ما يتصل به الطعن فى هذا الشأن لا تأثير له على سلامة قرار الجزاء الذي قام على تقديم الطاعن للشكوى الكيدية المشار إليها، ويتعين لذلك طرح ما يتمسك به الطاعن فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه عما يتمسك به الطاعن من أنه طلب أن يكون التحقيق معه بمعرفة الشئون القانونية بالمحافظة لضمان الحيدة، فإنه كما انتهى الحكم المطعون فيه بحق فى هذا الشأن أن الجهة التي أجرت التحقيق مع الطاعن هي التي يتبعها وهى التي وقعت المخالفة بدائرتها بما يجعلها المختصة بالتحقيق وأن لا إلزام عليها بإجابة الطاعن إلى طلبه. وإذ لم يقدم الطاعن ما ينعى حيدة المحقق فمن ثم يكون التحقيق قد تم صحيحاً وممن يملكه، ويغدو ما يتمسك به الطاعن فى هذا الشأن غير قائم على أساس صحيح قانونا مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه وقد تبين سلامة قرار الجزاء مثار النزاع وصحته، فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ذلك وقضى برفض الطعن يكون قد صدر صحيحاً، ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.