أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 285

جلسة 30 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينه.

(66)
الطعن رقم 222 لسنة 45 القضائية

(1 و2) دعوى مدنية. دعوى جنائية. قوة الأمر المقضي للأحكام المدنية أمام المحاكم الجنائية. تزوير. "أوراق عرفية". إثبات. "بوجه عام".
(1) عدم تقيد القاضي الجنائي. بالحكم الصادر في الدعوى المدنية. ولو كان نهائياً. صدور حكم من المحكمة المدنية بصحة سند. لا يمنع للقاضي الجنائي عند نظر دعوى تزوير هذا السند أن يبحث بكامل الحرية. صحته أو بطلانه.
(2) اختلاف دعوى التعويض الناشئة عن تزوير سند. سبباً وموضوعاً. عن دعوى صحة هذا السند. أثر ذلك.
(3) اختصاص "نيابة عامة". إجراءات. "إجراءات التحقيق". إثبات. "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم استناده إلى تقرير خبير ندبته نيابة غير مختصة. ماهيته: تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم قبوله سبباً للطعن بالنقض.
(4 و5) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة".
(4) تقدير آراء الخبراء. موضوعي.
(5) عدم التزام المحكمة بندب خبير مرجح. بعد التفاتها عن التقرير الاستشاري – ما دامت الواقعة قد وضحت لديها. ولم تر هي اتخاذ هذا الإجراء.
1 – إن الحكم الصادر في دعوى مدنية لا تأثير له على الدعوى الجنائية ولا يقيد القاضي الجنائي عند نظره الدعوى، بل له رغم صدور حكم بصحة سند أن يبحث كل ما يقدم له من الدلائل والأسانيد على صحة تلك الورقة أو بطلانها وأن يقدر تلك الأسانيد والدلائل بكامل سلطته ولا يحول دون ذلك أن يكون الحكم المدني قد أصبح نهائياً.
2 – متى كانت الدعوى التي أقامتها المدعية بالحقوق المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية هي دعوى تعويض نشأت عن الفعل الخاطئ الضار الذي قارفه الطاعن وهو فعل التزوير وهي بهذه المثابة تختلف في الموضوع والسبب عن دعوى صحة التعاقد التي كانت محل الخصومة أمام القضاء المدني فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدعوى المدنية المقامة من المدعية بالحقوق المدنية يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون.
3 – إن النعي على الحكم استناده إلى تقرير خبير ندبته نيابة غير مختصة لا يعدو أن يكون تعيباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
4 – من المقرر أن تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع ولها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
5 – لا محل لما ينعاه الطاعن على المحكمة قعودها عن ندب خبير آخر مرجح بعد أن التفتت عن التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم المنيا: (أولاً) اشترك بطريق الاتفاق مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو عقد البيع المحرر بتاريخ 3 من أكتوبر سنة 1958 والمنسوب صدوره من.... ... .. وكان ذلك بوضع إمضاء مزور بأن اتفق معه على تزوير ذلك العقد والتوقيع عليه بتوقيع نسبه زوراً لمن حرر باسمه العقد وتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق. (ثانياً) استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه ضمن مستندات الدعوى رقم 334 سنة 1965 مدني كلي المنيا. وطلبت معاقبته بالمواد 40/ 2 و41 و215 من قانون العقوبات. وادعت السيدة.... ... .. عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أولاد المرحوم.... ... .. مدنياً بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. ومحكمة جنح المنيا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف، ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، مع إيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال ذلك بأنه قضى بتزوير عقد حكم نهائياً بصحته ونفاذه، ولم تجحده المدعية بالحقوق المدنية ولم تنازع في صحته أمام القضاء المدني ومن ثم فلم يكن يحق قبول دعواها المدنية أمام المحكمة الجنائية. هذا إلى أنه استند في قضائه إلى إجراء باطل هو ندب نيابة قصر النيل لقسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص العقد موضوع النزاع حالة كون هذه النيابة غير مختصة مكانياً بالتحقيق إذ الثابت أن العقد حرر بدائرة مركز بني مزار التي يقيم الطاعن بها. وقد عول الحكم على تقرير ذلك القسم مطرحاً التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن لغير علة مقبولة ودون ندب خبير آخر مرجح كما أقام الحكم قضاءه على قرائن ساقطة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر في دعوى مدنية لا تأثير له على الدعوى الجنائية ولا يقيد القاضي الجنائي عند نظره الدعوى بل له رغم صدور حكم بصحة سند أن يبحث كل ما يقدم له من الدلائل والأسانيد على صحة تلك الورقة أو بطلانها، وأن يقدر تلك الأسانيد والدلائل بكامل سلطته ولا يحول دون ذلك أن يكون الحكم المدني قد أصبح نهائياً، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد في القانون. ولما كانت الدعوى التي أقامتها المدعية بالحقوق المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية هي دعوى تعويض نشأت عن الفعل الخاطئ الضار الذي قارفة الطاعن وهو فعل التزوير وهي بهذه المثابة تختلف في الموضوع والسبب عن دعوى صحة التعاقد التي كانت محل الخصومة أمام القضاء المدني فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدعوى المدنية المقامة من المدعية بالحقوق المدنية يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم استناده إلى تقرير خبير ندبته نيابة غير مختصة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء من اطلاقات محكمة الموضوع ولمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. ولا محل لما ينعاه الطاعن على المحكمة قعودها عن ندب خبير آخر مرجح بعد أن التفتت عن التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن ما دامت أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعياً.