أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 289

جلسة 30 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(67)
الطعن رقم 223 لسنة 45 القضائية

(1) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة أساساً للقضاء بالبراءة. ما دام الحكم قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
مطالبة الحكم الأخذ بدليل دون آخر. غير صحيحة.
(2) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب"، نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقامة الحكم قضاءه بالبراءة. لعدم ثبوت الواقعة. عدم جدوى النعي عليه إغفاله الرد على القول بأن الواقعة تنطوي على جريمة أخرى.
1 – يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر.
2 – متى كان الواضح من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت ببراءة المطعون ضدهما لتشككها في صحة الواقعة، فإنه لا جدوى للنيابة العامة من النعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يرد على ما أثارته في أسباب استئنافها لحكم البراءة الصادر من محكمة أول درجة من أن الواقعة تنطوي على جريمة أخرى هي الشروع في النصب، ما دامت البراءة قد قامت على أساس عدم ثبوت الواقعة في حق المطعون ضدهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما بدائرة قسم الدقي (المتهم الأول) تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية دون أن تكون له صفة رسمية من الحكومة. (المتهم الثاني) اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة عن التداخل في وظيفة من الوظائف العمومية دون أن تكون له صفة رسمية من الحكومة. وطلبت معاقبتهما بالمواد 40/ 1 و2 و3 و41 و155 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الدقي الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهمين. فاستأنفت النيابة العامة. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على أن الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما الأول من تهمة التداخل في وظيفة عامة والثاني من تهمة الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الأول في تهمة التداخل في وظيفة عامة، قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما تأسيساً على ما أفصحت عنه المحكمة من عدم اطمئنانها لأقوال المجني عليها لثبوت قيام نزاع بينها وبين المطعون ضده الثاني على شقة تستأجرها منه يكون قد أقام قضاءه على ما لا يؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها – هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما أثارته النيابة في أسباب استئنافها لحكم البراءة الصادر من محكمة أول درجة من أن ما أتاه المطعون ضدهما كان القصد منه الاستيلاء على شقة المجني عليها الأمر المنطوي على جريمة أخرى هي جريمة الشروع في نصب – وكل أولئك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى تصوير المجني عليها لواقعة الدعوى وحصل عناصرها وما سيق عليها من أدلة قال "وحيث إن المتهم حضر بالجلسة وقدم شهادة من الجدول في القضية رقم 573 سنة 1972 مستعجل الجيزة التي تقضي بطرد المجني عليها لتأخرها عن سداد دين الأجرة، الأمر الذي جعل المجني عليها تدبر له هذا الأمر كيداً – وحيث إن المحكمة تستشف من اطلاعها على الأوراق أن هناك ثمة نزاع قائم بين المجني عليها والمتهم الثاني بصفتها مستأجرة لشقة يمتلكها – وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى إسناد ذلك الاتهام إلى المتهمين، ومن ثم تقضي ببراءتهما عملاً بالمادة 304 ق. أ. ج". لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر – وكان الحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى على نحو يبين منه أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي ثم أفصحت – من بعد – عن عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت للأسباب السائغة التي أوردتها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من أن ما أورده من أسباب لقضائه بالبراءة غير كاف لحمل النتيجة التي خلص إليها يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت ببراءة المطعون ضدهما لتشككها في صحة الواقعة، ومن ثم فلا جدوى للنيابة العامة من النعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يرد على ما أثارته في أسباب استئنافها لحكم البراءة الصادر من محكمة أول درجة من أن الواقعة تنطوي على جريمة أخرى هي الشروع في النصب ما دامت البراءة قد قامت على أساس عدم ثبوت الواقعة في حق المطعون ضدهما. لما كان ذلك، يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.