أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 930

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة، مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس سلطان المستشارين.

(227)
الطعن رقم 1172 لسنة 28 القضائية

(ا) قتل عمد. قصد جنائي. القصد الخاص. ماهيته. ما يقتضيه هذا القصد من حيث التسبيب.
وجوب إيراد الحكم الأدلة الكاشفة عن نية القتل.
(ب) قتل عمد. نية إزهاق الروح. قصور بيان الحكم بالنسبة لها. مثال.
استعمال سلاح قاتل وتعدد الضربات لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل.
1- جرائم القتل والشروع فيه تتميز قانونا بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية، ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر الأدلة في جرائم القتل والشروع فيه عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه.
2- لا يكفى بذاته استعمال سلاح قاتل بطبيعته وتعدد الضربات لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل على نية القتل وإزهاق الروح إلى القول "إن نية القتل متوافرة من استعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته هو مطواة ومن انهياله بالطعنات المتعددة على المجني عليه" فإنه يكون مشوبا بالقصور، إذ أن ما أثبته الحكم لا يفيد سوى مجرد تعمد المتهم ارتكاب الفعل المادي وهو ضربات مطواة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - شرع في قتل محمود محمد حسن الكردي عمدا بأن طعنه بآلة حادة (مطواة) قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي نفذت بعضها إلى التجويف الصدري وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وكان ذلك مع سبق الإصرار. ثانيا - أحدث عمدا بسامي إبراهيم حسين الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما وكان ذلك مع سبق الإصرار. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و230 و231 و242/ 2من قانون العقوبات فقررت بذلك، ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال ذلك أن الحكم انتهى إلى توافر نية القتل لدى الطاعن من استعماله لسلاح قاتل بطبيعته ومن تعدد الطعنات بالمجني عليه وفاته أن هذه النية منتفية تماما مما شهد به المجني عليه من أن الاعتداء كان ابتداء بعصا كما أن المطواة ليست بطبيعتها سلاحا قاتلا وفى تعدد الطعنات الدليل على انتفاء نية القتل إذ توافرت هذه النية لدى الطاعن لأجهز على المجني عليه بطعنة واحدة في مقتل.
وحيث إن جرائم القتل والشروع فيه تتميز قانونا بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في جرائم القتل والشروع فيه عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول "إن نية القتل متوافرة من استعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته هو مطواة ومن انهياله بالطعنات المتعددة على المجني عليه" وكان ذلك لا يفيد سوى مجرد تعمد المتهم ارتكاب الفعل المادي وهو ضربات مطواة، فاستعمال سلاح قاتل بطبيعته وتعدد الضربات لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبا بالقصور مما يتعين معه نقضه وقبول هذا الوجه من الطعن دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر.