أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 292

جلسة 30 من مارس سنة 1975

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينه.

(68)
الطعن رقم 226 لسنة 45 القضائية

(1 - 4) إثبات. "بوجه عام. خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تزوير "أوراق رسمية". جريمة. "أركانها". باعث. إعلان.
(1) العبرة في المسائل الجنائية. باقتناع القاضي أن إجراء يصح أو لا يصح أساساً لكشف الحقيقة. حق القاضي التعويل على الدليل المستمد من إجراء المضاهاة بين حروف عربية وأخرى لاتينية. وعلى جزء من توقيع.
عدم التزام محكمة الموضوع. بالرد على الجدل الموضوعي في تقدير الدليل.
(2) كفاية اقتناع المحكمة بحصول التزوير في صحيفة إعلان الدعوى والاشتراك فيه. بما يسوغه.
الدفاع الظاهر البطلان. لا يستوجب الرد عليه.
(3) التفات الحكم عن الدفاع غير المنتج. لا يعيبه.
(4) الباعث على الجريمة. ليس ركناً فيها. عدم تحقيق المحكمة له. لا ينال من سلامة الحكم.
(5) إثبات. "بوجه عام". اشتراك. تزوير "أوراق رسمية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تمام الاشتراك في التزوير غالباً. دون مظاهر خارجية. أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دامت تسوغه.
1 – إن العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة، وكانت المحكمة قد رأت أن أوراق الاستكتاب التي اتخذها الخبير أساساً للمضاهاة، هي أوراق تؤدي هذا الغرض، وأن المضاهاة التي تمت كانت صحيحة واطمأنت إليها المحكمة للأسباب الواردة بتقرير الخبير، فإن تعييب الطاعنين لأوراق المضاهاة ولإجرائها بين حروف عربية وأخرى لاتينية وعلى جزء من التوقيع دون مضاهاته بأكمله، ورمى تقرير الخبير بالبطلان بناءً على ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من التقرير، لا تلتزم المحكمة بمتابعته والرد عليه. واطمئنانها إليه يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها.
2 – متى كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق، والتي استخلصت منها أن الطاعن الأول بوصفه محضراً قد أثبت على خلاف الحقيقة في إعلان الدعوى أنه قد تمت مخاطبة ابنة المراد إعلانه حالة كونه قد خاطب المتهم الثاني الذي وقع على الإعلان باسم المخاطب معها، فإن هذا استخلاص سائغ وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن الأول من أنه غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان، ما دام البادي أنه دفاع ظاهر البطلان.
3 – إذا كانت المحكمة قد رأت أن دفاع الطاعن بأن حالته البصرية لا تمكنه من التمييز بين مخاطبيه، هو دفاع غير منتج، فإنه لا يعيب الحكم التفات المحكمة عن تحققه أو الرد عليه.
4 – إن دفاع الطاعن من عدم وجود مصلحة له في الاشتراك في التزوير، إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها، ومن ثم فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له، وما أوردته في شأنه هو مما يسوغ به الرد عليه.
5 – من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية: (المتهم الأول) وهو موظف في محكمة (محضر محكمة باب شرقي) غير بقصد التزوير موضوع السندات حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف الحقيقة في إعلان الدعوى رقم 1153 سنة 1968 مدني كلي أنه قد تمت مخاطبة ابنة المراد إعلانه حالة كونه قد خاطب المتهم الثاني الذي وقع على الإعلان باسم المخاطب معها. (المتهم الثاني) اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن حرضه على ما أن يثبت في الإعلان المشار إليه أنه خاطب ابنة المراد إعلانه واتفق معه على ذلك وساعده بالتوقيع على الإعلان آنف البيان باسم المخاطب معها (... ... ...) فتمت الجريمة بناءً على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/ 1 و2 و3 و41 و213 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات، بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة تزوير في محرر رسمي والطاعن الثاني بجريمة الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب ذلك التزوير قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعنين دفعا ببطلان تقرير الخبير لإجراء المضاهاة على كلمة مبتورة وليس على التوقيع بأكمله وحصول هذه المضاهاة بمقارنة خطين أحدهما بحروف عربية والآخر بحروف لاتينية إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع رداً قاصراً. وبني الطاعن الأول دفاعه على أنه غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان وأن حالته الصحية لا تمكنه من تمييز مخاطبيه وطلب إثباتاً لذلك إحالته إلى الطبيب الشرعي لبيان تلك الحالة إلا أن الحكم لم يفطن لدفاعه ولم يعن بتمحيصه والتفت عن طلبه ولم يرد عليه. كما أقام الطاعن الثاني دفاعه على أنه لا مصلحة له في التزوير لأنه وكيل رسمي عن المستأجر الأصلي وأن هذا الأخير مصرح له في عقد الإيجار بالتأجير من الباطن غير أن الحكم لم يعن بتحقيق هذا الدفاع وأغفل الرد عليه. هذا إلى أنه لم يستظهر بالنسبة له عناصر الاشتراك في الجريمة ولم يدلل على توافرها في حقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي والتي دان الطاعن الأول بها واشتراك الطاعن الثاني في ارتكابها بطريقي الاتفاق والمساعدة، وأقام عليهما في حقهما أدلة مستقاة من أقوال الشهود ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة، وكانت المحكمة قد رأت أن أوراق الاستكتاب التي اتخذها الخبير أساساً للمضاهاة هي أوراق تؤدي هذا الغرض، وأن المضاهاة التي تمت كانت صحيحة واطمأنت إليها المحكمة للأسباب الواردة بتقرير الخبير، فإن تعيب الطاعنين لأوراق المضاهاة ولإجرائها بين حروف عربية وأخرى لاتينية وعلى جزء من التوقيع دون مضاهاته بأكمله ورمى تقرير الخبير بالبطلان بناءً على ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته والرد عليه واطمئنانها إليه يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق والتي استخلصت منها أن الطاعن الأول بوصفه محضراً قد أثبت على خلاف الحقيقة في إعلان الدعوى رقم 1153 سنة 1968 مدني كلي إسكندرية أنه قد تمت مخاطبة ابنة المراد إعلانه حالة كونه قد خاطب المتهم الثاني (الطاعن الثاني) الذي وقع على الإعلان باسم المخاطب معها وهو استخلاص سائغ وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن الأول من أنه غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ما دام البادي أنه دفاع ظاهر البطلان ولما كانت المحكمة قد رأت أن دفاعه بأن حالته البصرية لا تمكنه من التمييز بين مخاطبيه هو دفاع غير منتج في الدعوى فإنه لا يعيب الحكم التفات المحكمة عن تحققه أو الرد عليه. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الثاني من عدم وجود مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له وما أوردته في شأنه هو مما يسوغ به الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اعتقاد المحكمة بحصول اشتراك الطاعن الثاني مع الطاعن الأول في ارتكاب التزوير مما ساقه من أقوال الشهود ومما استمده من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن الطاعن الثاني هو الذي وقع على الورقة المزورة بتوقيع نسبه إلى ابنة المعلن إليه مما يقطع بتوافر الاشتراك، فإن رمي الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهاره عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن الثاني يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.