أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 318

جلسة 7 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ أنور أحمد خلف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وعثمان مهران الزيني، وعادل برهان نور، وقصدي اسكندر عزت.

(75)
الطعن رقم 265 لسنة 45 القضائية

(1) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حجز. تبديد. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة استئنافية.
الدفاع الموضوعي. عدم جواز إثارته. لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال. عدم التزام المحكمة الاستئنافية بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
(2، 3، 4) اختلاس أشياء محجوزة. تبديد. جريمة. "أركانها". تسويق تعاوني. مسئولية جنائية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حجز. بطلان.
(2) وجوب احترام الحجز. ولو كان مشوباً بالبطلان. ما دام لم يقض ببطلانه.
(3) جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة. متى تتم؟
(4) كون المحصول المحجوز عليه مطلوباً للتسويق التعاوني. لا يعفى الحارس من المسئولية في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة.
(5) تبديد. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
اقتناع المحكمة. من أي دليل أو قرينة. بثبوت واقعة التبديد. كفايته. تحرير مندوب الحجز محضراً بإثباتها. غير واجب.
(6) عقوبة. "وقف تنفيذها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وقف تنفيذ العقوبة. من إطلاقات قاضي الموضوع.
النعي على الحكم التفاته عن طلب الطاعن جعل إيقاف التنفيذ شاملاً جميع الآثار والجنائية المترتبة على الحكم. غير مقبول.
1 - متى كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه عن عدم علمه بمحضر الحجز أو عدم امتناعه عن التوقيع عليه أو عن بطلانه، وكانت هذه الأمور التي ينازع فيها لا تعدو دفوعاً موضوعية كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كانت المحكمة الاستئنافية غير مطالبة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن توقيع الحجز يقتضي احترامه ويظل منتجاً لآثاره ولو كان مشوباً بالبطلان ما دام لم يصدر حكم ببطلانه من الجهة المختصة.
3 - تتم جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ، وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته.
4 - لا يعفى الحارس من العقاب احتجاجه بأن محصول القطن المحجوز عليه مطلوب لنظام التسويق التعاوني – إذ كان يجب عليه، بعد توقيع الحجز أن يمتنع عن تسليمه حتى يصدر أمر بذلك أو يقضي بإلغاء الحجز.
5 - لا يشترط في إثبات جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها أن يحرر مندوب الحجز محضرا يثبت فيه واقعة التبديد يوم حصولها بل يكفي – كما هو الحال في سائر الجرائم – أن تقتنع المحكمة بثبوت الواقعة من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.
6 - من المقرر أن الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة وشمول الإيقاف جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أو عدم شموله – هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة بالقانون مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع، فمن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه أو أن يجعل هذا الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه. ومن ثم فإن نعي الطاعن (عدم رد الحكم على طلبه جعل إيقاف تنفيذ العقوبة شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم) لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز سمالوط محافظة المنيا: بدد الأشياء المبينة بالمحضر، المملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح مصلحة الأموال المقررة والتي لم تكن قد سلمت إليه إلا على وجه الوديعة لحراستها وتقدميها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائنة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح سمالوط الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً. فاستئناف المتهم هذا الحكم، ومحكمة المنيا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها إدارياً قد شابه قصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن الطاعن لم يعلم بمحضر الحجز ولا صحة لما قيل من أنه امتنع عن التوقيع عليه، كما جاء ذلك الحجز باطلاً لعدم اتخاذ إجراءات الإعلان عنه طبقاً للقانون ولوقوعه على محصول القطن الذي يخضع لنظام التسويق التعاوني هذا إلى أن مندوب الحجز لم يحرر محضر تبديد واكتفى بتحرير بلاغ التبديد في اليوم التالي لليوم المحدد للبيع. كما لم يرد الحكم على طلب الطاعن جعل إيقاف تنفيذ العقوبة شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولم ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه عن عدم علمه بمحضر الحجز أو عدم امتناعه عن التوقيع عليه أو عن بطلانه وكانت هذه الأمور التي ينازع فيها لا تعدو دفوعاً موضوعيه كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كانت المحكمة الاستئنافية غير مطالبة بالرد على دفاع لم يثر أمامها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توقيع الحجز يقتضي احترامه ويظل منتجاً لآثاره ولو كان مشوباً بالبطلان ما دام لم يصدر حكم ببطلانه من الجهة المختصة، كما أن جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الأضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته - ولا يعفى الحارس من العقاب احتياجه بأن محصول القطن المحجوز عليه مطلوب لنظام التسويق التعاوني – إذ كان يجب عليه بعد توقيع الحجز أن يمتنع عن تسليمه حتى يصدر أمر بذلك أو يقضي بإلغاء الحجز، لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن بعدم تحرير محضر تبديد مردودا بأنه لا يشترط في إثبات جريمة تبديد الأشياء المحجوزة عليها أن يحرر مندوب الحجز محضرا يثبت فيه واقعة التبديد يوم حصولها بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم أن تقتنع المحكمة بثبوت الواقعة من أي دليل أو قرينة تقدم إليها فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون في محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة وشمول الإيقاف لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أو عدم شموله – هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة بالقانون - مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع فمن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه أو أن يجعل هذا الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه، بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه. ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.