أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 986

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1958

برئاسة السيد المستشار محمود إبراهيم إسماعيل, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(239)
الطعن رقم 1000 لسنة 28 القضائية

نيابة عامة. اختصاص معاون النيابة. القانون رقم 630 لسنة 1956. تحقيق. الطعن في إجراءاته.
إتصاف تحقيق معاون النيابة المندوب لإجرائه بصفة التحقيق القضائي عملاً بأحكام القانون رقم 630 لسنة 1956 انتفاء القول ببطلان التحقيق عند صدور هذا القانون قبل نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات.
إن الشارع بمقتضى القانون رقم 630 سنة 1956 - الذي صدر قبل نظر القضية أمام محكمة الجنايات - قد أجاز للنيابة العامة أن تكلف أحد معاونيها بتحقيق قضية برمتها, ومفاده أن الشارع قد جعل لما يجريه معاونو النيابة من تحقيق صفة التحقيق القضائي الذي يباشره سائر أعضاء النيابة العامة في حدود اختصاصهم , والقول ببطلان التحقيق الذي أجراه معاون النيابة وما يستتبعه من الإلزام بإعادته ممن يملكه, فيه معنى متعذر بعد أن أصبح لكافة أعضاء النيابة على اختلاف درجاتهم سلطة التحقيق القضائي, وبعد أن زال التفريق بين التحقيق الذي كان يباشره معاون النيابة وتحقيق غيره من أعضائها, وبزوال هذا التفريق أصبح ما يقوم به معاون النيابة من إجراءات التحقيق لا يتخلف في أثره عما يقوم به غيره من زملائه لوجود الوصف الذي أراده الشارع في التحقيق الذي عرض على محكمة الجنايات عند نظر الدعوى التي باشرت هي أيضاً فيها التحقيق النهائي الذي يتطلبه القانون - فإذا كان الثابت من الأوراق أن معاون النيابة الذي أجرى التحقيق قد أثبت في صدر محضره أنه ندب لإجرائه من نائب النيابة فإن النعي ببطلان محضر التحقيق الذي أجراه معاون النيابة لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 7و 32 ج و35 و38/ 1 و41 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق بالمرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 فقررت بذلك ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام للأول والمواد 1، 2، 34، 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 2 من الجدول أ المرفق للثاني أولاً: بمعاقبة محمود حسن جوهر بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه. ثانياً: بمعاقبة أحمد محمد علي شلتوت بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه. ثالثاً: مصادرة المواد والأدوات المضبوطة وغلق المقهى.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... من حيث إن الطاعن الثاني وإن كان قد قرر بالطعن في الحكم في الميعاد القانوني إلا أنه لم يقدم أسبابً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن محصل هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين قضى بإدانة الطاعن الأول بجريمة إحراز المخدر قد اعتمد على تحقيق باطل أجراه معاون النيابة الذي لا يكمل تحقيق قضية بأكملها ولا يملك استجواب المتهم طبقاً للمادتين 70/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية, فضلاً عن أن ندبه لم يثبت كتابة, هذا إلى قصور الحكم في تحقيق دفاع الطاعن من أن التهمة ملفقة وأن المخدر دس عليه من رجال الحفظ الذين اعتدوا عليه بالضرب فلم يعرض للإصابات التي وجدت به والتي لم يثبتها المحقق في محضره ولم يسأل شهوده في ذلك ولم يرد على دفاعه - كما اعتمد الحكم في الإدانة إلى أن المقهى ملك الطاعن وهي واقعة لا أصل بها في التحقيقات إذ هي لا ترد في أقوال شاهدي الإثبات مما أدى إلى تناقض الحكم في اعتبار الطاعن الثاني محرزاً بقصد التعاطي والطاعن الأول متجراً مع أن ظروف الطاعنين واحدة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه توافر لبوليس مكتب المخدرات دمياط التحريات الدالة على ان المتهمين محمود حسن جوهر وأحمد محمد علي شلتوت يتجران في المواد المخدرة ويروجانها في مقهى لهما وقد أذنت النيابة بتفتيش المذكورين والمقهى الذي يديرانه وكذلك منزليهما وقد ندب الكونستابل أحمد بدوي حسن لإجراء التفتيش وانتقل على رأس قوة من رجال البوليس لمقهى المتهمين حيث كانا بداخله وما أن أبصرا بالقوة حتى أخرج المتهم الأول محمود حسن جوهر من جيب الصديري الأيسر كيسا من الورق المقوي وألقى به على الأرض ووجد بداخله تسع لفافات من الورق الشفاف بداخل كل منها حشيش وألقى المتهم الثاني أحمد محمد شلتوت كيسا من الورق على الأرض ظهر أن بداخله عشر لفافات بكل منها الحشيش كل منها ملفوف في ورق شفافا أبيض وبتحليل المخدر المضبوط كيمائياً اتضح أنه (حشيش)" وبين الحكم بعد ذلك الأدلة التي اعتمد عليها وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, ورد على دفاع الطاعنين ببطلان التفتيش كما رد على دفاعهما الموضوعي فقال: "وحيث إن القول من جانب المتهمين بأن تصوير الواقعة على النحو الذي شهد به الكونستابل والمخبر غير مستساغ - يجانبه الصواب ذلك لأن إذن التفتيش شمل المتهمين معا ولم يكن هناك مبرر للشاهدين لأن يصطنعا وصفا للضبط تختلف فيه التفصيلات عن الحقيقة طالما أن المخدر وجد مع المتهمين على أن الثابت من الأوراق أنه عثر بجيب المتهم الأول (الطاعن) عدا ما ألقاه على الأرض على لفافات بداخلها حشيش كما أن أحجار الجوز الإحدى عشر وهي كل ما وجد بالمقهى ثبت من التحليل الكيمائي أن بها آثار الحشيش" لما كان ذلك وكان يبني من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لأوجه الطعن أن معاون النيابة الذي أجرى التحقيق قد أثبت في صدر محضره انه ندب إجرائه من نائب النيابة وكان الشارع بمقتضى القانون رقم 630 لسنة 1956 قد أجاز للنيابة العامة أن تكلف أحد معاونيها بتحقيق قضية برمتها وقد صدر هذا القانون قبل نظر القضية أمام محكمة الجنيات بجلسة 25 من فبراير سنة 1957 ومفاده أن الشارع قد جعل لما يجريه معاونو النيابة من تحقيق صفة التحقيق القضائي الذي يباشره سائر أعضاء النيابة العامة في حدود اختصاصهم والقول ببطلان التحقيق الذي أجراه معاون النيابة في هذه الصورة وما يستتبعه من الإلزام بإعادته ممن يكلمه فيه معنى متعذر بعد أن أصبح لكافة أعضاء النيابة على اختلاف درجاتهم سلطة التحقيق القضائي, وبعد أن زال التفريق بين التحقيق الذي كان يباشره ماعون النيابة وتحقيق غيره من أعضائها, وبزوال هذا التفريق أصبح ما يقوم به معاون النيابة من إجراءات التحقيق لا يتخلف في أثره عما يقوم به غيره من زملائه لوجود الوصف الذي أراده الشارع في التحقيق الذي عرض على محكمة الجنايات عند نظر الدعوى التي باشرت هي أيضاً فيها التحقيق النهائي الذي يتطلبه القانون - لما كان ذلك, فإن النعي ببطلان محضر التحقيق الذي أجراه معاون النيابة لا يكون سديداً. ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يبد بجلسة المحاكمة ما أثاره في طعنه ولم يطلب تحقيق دفاع معين أو سماع شهود نفي له فليس له أن ينعي على المحكمة القصور أو الإخلال بحق الدفاع, أما ما يدعيه الطاعن من خطأ الإسناد فإنه بفرض صحته فلا يؤثر في سلامة الحكم, ما دام هو يتعلق بأمر خارج عن الوقائع اللازمة لتحقق الجريمة والتي بينها الحكم فيما ذكره من أن المتهمين وجدا معا بداخل المقهى عند مفاجأة رجال القوة لهما, وان كلا منهما كان يحرز المادة المخدرة على الصورة التي أشار إليها, لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من أن ظروف المتهمين واحد مما كان يستوجب الحكم على الطاعن بالعقوبة المخففة التي قضت بها على المتهم الآخر, ما يثيره الطاعن من ذلك ليس مقبولاً لأنه مناقشة لرأي رأته محكمة الموضوع - في حدود حقها وما لها من سلطة التقدير - فأنزلت حكم القانون على حقيقة الواقعة كما استظهرتها من ظروفها ومن كمية المخدر المضبوطة مع المتهم الثاني على النحو الذي صرحت به في حكمها فدانته على أساس أنه يحرز المخدر لاستعماله الشخصي, لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.