أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 323

جلسة 13 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(76)
الطعن رقم 788 لسنة 44 القضائية

(1 - 3) قتل خطأ. خبرة. نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصاتهم" تحقيق. استدلال. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "خبرة". خطأ. رابطة السببية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". جريمة. "أركانها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) إيجاب حلف الخبير يميناً أمام سلطة التحقيق. وأن يقدم تقريره كتابة.
لعضو النيابة كرئيس الضبطية القضائية. الاستعانة بأهل الخبرة.
عدم اشتراط إجراء تحقيق في الجنح والمخالفات. قبل المحاكمة.
متى يحق لمحكمة الموضوع الاستناد إلى تقرير خبير لم يحلف اليمين.
حضور عضو النيابة أثناء مباشرة الخبير لمهمته. غير لازم. ما دام قد اقتضى إثباته للحالة للقيام بفحوص وتجارب فنيه. لمادة 85/ 2 إجراءات جنائية.
(2) اطمئنان الحكم إلى وقوع الخطأ المبين بتقرير الخبير من المتهم وأنه لولاه  لما وقع الحادث كفايته لتوافر مسئوليته عنه.
الخطأ المشترك بين المتهم. وآخر. لا يخليه من المسئولية.
(3) ثبوت اتصال خطأ المتهم بالحادث اتصال السبب بالمسبب. كفايته تدليلاً على قيام رابطة السببية
1 – أوجب القانون على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق بأن يبدوا رأيهم بالذمة وأن يقدموا تقريرهم كتابة كما أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24 و31 من قانون الإجراءات الجنائية – لما كان ذلك – وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، وكان القانون لا يشترط في مواد الجنح والمخالفات إجراء أي تحقيق قبل الحاكمة. فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية، على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة – لما كان ذلك – وكان الثابت بالأوراق أن عضو النيابة قد ندب الخبير الهندسي لفحص المصعد لبيان مدى صلاحيته للعمل وما إذا كان به خلل أو أعطال فنية وبالذات ببابه الكائن بالدور الثالث من المبنى الذي وقع به الحادث وما إذا كان من الممكن حصول الواقعة بالصورة الواردة بالتحقيقات، فإنه غير لازم طبقاً لمؤدي نص الفقرة الثانية من المادة رقم 85 من قانون الإجراءات الجنائية حضوره أثناء مباشرة الخبير لمهمته ما دام أن الأمر قد اقتضى إثباتاً للحالة القيام بفحوص وتجارب فنية.
2 – لما كان التقرير المقدم في الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة يكشف عن خطأ المتهم بوصفة المسئول عن ملاحظة المصعد والمتمثل في إهماله القيام بالصيانة المنتظمة من تشحيم لألسنة الأبواب وضبط التجاويف التي بها وتغيير العجل الكاوتشوك من وقت لآخر ومراجعة أعمال السوست – وأنه لولا هذا الخطأ لما فتح باب المصعد مع عدم وجود الصاعدة أمامه ولما وقع الحادث، فإنه غير مجد ما يثيره الدفاع عن المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية من تعدد أوجه الخطأ التي لحقت بتصرف المجني عليه لما هو مقرر من أنه يصح في القانون أن يكون الخطأ مشتركاً بين شخصين أو أكثر وأن هذا الخطأ بفرض وجود لا يخلي مسئولية المتهم.
2 – لما كان الثابت من التحقيقات أن خطأ المتهم متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع تكون متوافرة مما يتعين معه الالتفات عن دفاع المتهم والشركة المدعى عليها في هذا الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة.... ... ... بأنه بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: تسبب خطأ في موت... ... ... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه بأن لم يتخذ الحيطة الكافية لصيانة مبنى الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ولم ينفذ الصيانة على لوجه الصحيح الذي يسمح بتشغيل المصعد دون ما عطب، كذا لم يقم بتشحيم السنة الأبواب، وضبط التجاويف التي بها وتغيير العجل الكاوتشوك، فنشأ عن ذلك ترك باب المصعد مفتوحاً فسقط منه المجني عليه على الأرض وحدثت إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت معاقبته بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعت مدنياً السيدة... ... ... عن نفسها وبصفته وصية على أولادها قصر المرحوم... ... ... قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة للهندسية العمومية طالبة الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الدقي الجزية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعية بها هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات وتعديل مقدار التعويض إلى خمس آلاف جنيه وتأييده فيما عدا ذلك، وألزمت المستأنف ضده المصاريف. فطعن المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 31 مايو سنة 1971 قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الأول والمسئول عن الحقوق المدنية وإحالة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وإلزام المطعون ضدها – المدعية بالحقوق المدنية – المصاريف المدنية. ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية أخرى – قضت حضورياً بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المتهم وكذلك الأستاذ... ... ... المحامي عن المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.
وبتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1974 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة 29 من أكتوبر سنة 1974 لنظر الموضوع. وعلى النيابة إعلان الخصوم والخبير الدكتور... ... ... وبهذه الجلسة وما تلاها من جلسات سمعت المرافعة في الدعوى على ما هو مبين بمحاضر الجلسات، ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن الاستئناف المرفوع من كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعية بالحقوق المدنية قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الواقعة على ما يبين من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أنه بتاريخ 11 من مايو سنة 1967 أراد المجني عليه استخدام المصعد الخاص بمبنى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ولما أن جذب مقبض بابه الكائن بالطابق الثالث من المبنى فتح الباب رغم عدم وجود الصاعدة أمامه وصعودها إلى الطابق الخامس، وكان ذلك بسبب عدم تحريك الذراع الحديدي المتصل بالعجلة الكاوتشوك للسان الذي يدخل في التجويف الجانبي الذي بالباب نتيجة عدم الصيانة المنتظمة المكلف بها المتهم مما ظل معه الباب مفتوحاً بعد صعود الكابينة إلى أعلى، وما أن تقدم المجني عليه من الباب بعد فتحه على اعتقاد منه بوجود المصعد أمامه حتى سقط في بئره وأصيب بالإصابات المبينة بالكشف الطبي والتي أودت بحياته.
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها وتوافرت الأدلة على صحة التهمة المسندة إلى المتهم من أقوال... ... ... و... ... .. و... ... .. ومن معاينة الشرطة لمكان الحادث ومن الكشف الطبي ومن التقرير المقدم في الدعوى من الدكتور مهندس... ... ... ومن إقرار المتهم بأنه المكلف من قبل الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية بالقيام بأعمال الصيانة الدورية للمصعد موضوع الحادث.
فقد شهد... ... ... عامل المصعد بمبنى الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنه كان داخل المصعد بالدور الخامس من المبنى حين سمع أنينا صادراً من بئر المصعد ولما أن استطلع الأمر تبين له أن المجني عليه سقط من باب المصعد الكائن بالدور الثالث إلى البئر – وأضاف أنه سبق أكثر من مرة حصول خلل فني في ذلك الباب قامت الشركة المدعى عليها بإصلاحه، وأن عطلاً أصاب مقبض بابه منذ أسبوع سابق على الواقعة وبعد إصلاحه ظل يعمل في حالة عادية إلى أن تعطل فجأة يوم الحادث.
وشهد... ... ... الموظف بالجهاز أنه كان في مكتبه حين سمع صوتاً شديداً أعتقد في أول الأمر أنه نتيجة ارتطام المصعد ذاته بسبب عطل أصابه ولما أن هرع إلى مكانه وجده موجوداً بالطابق الخامس وأن الصوت كان نتيجة سقوط المجني عليه في بئر المصعد.
وشهد الرائد... ... ... أنه منذ أيام قليلة قبل الحادث سمع من شقيقه المجني عليه والذي يعمل موظفاً بالجهاز ومن زملاء له بواقعة تكرار فتح باب المصعد الكائن بالدور الثالث من المبنى رغم عدم وجود الصاعدة أمامه مما يقطع بوجود خلل فني فيه بسبب إهمال الشركة المسئول في صيانته.
وأثبت محقق الشرطة أنه بمعاينته لمكان الحادث تبين أن المجني عليه سقط من فتحة باب المصعد بالدور الثالث من المبنى إلى أرضية المجرى الخاصة بسير المصعد والتي تقع أسفل الطابق الأرضي وهي على شكل مربع مساحة 2.5 × 2.5 متراً وأنه شاهد بها آثار دماء.
ورأي الكشف الطبي أن سبب الوفاة نزيف في المخ وصدمة عصبية نتيجة إصابة المجني عليه بكسر بقاع الجمجمة وارتجاج في المخ يحدث من الارتطام بجسم راض.
وأثبت الدكتور مهندس... ... في تقريره المقدم في الدعوى أنه بفحصه لباب المصعد الكائن بالدور الثالث من الجهاز المركزي للتعبئة تبين له أن حركة الذراع الذي يحرك اللسان ثقيلة، وأن العجلة الكاوتشوك التي تتحرك على البروز غير صالحة لقدمها ولوجود بعض الشقوق بها وأن الأطراف الكهربائية الموجودة في الإطار الصاج المحيط بالباب والتي تعمل على تشغيل موتور المصعد غير موجودة وأن ذلك يدل على عدم الصيانة المنتظمة، وأن سبب الحادث يرجع إلى أنه عند صعود الكابينة إلى الدور العلوي لم يحرك الذراع الحديدي المتصل بالعجلة الكاوتشوك اللسان الذي يدخل في التجويف الجانبي الذي بالباب فيغلقه وعلى ذلك ظل الباب مفتوحاً أثناء صعود الكابينة إلى أعلى مما أدى إلى وقوع الحادث. وانتهى الخبير المهندس في تقريره إلى أن الصيانة الدورية وتشحيم ألسنة الأبواب وضغط التجاويف التي بها لكي تكون أمام الألسنة مباشرة، كذلك تغير العجل الكاوتشوك من وقت لآخر ومراجعة عمل السوست التي تحرك اللسان أمور كلها لازمه لتلافي وقوع مثل هذا الحادث.
وحيث إنه بسؤال المتهم أقر بأنه المكلف بالمرور على المصعد محل الحادث وملاحظته وأنه طبقاً للعقد المبرم بين هيئة الجهاز وبين الشركة التي يعمل بها يقوم بمعاينة المصعد مرة كل خمسة عشر يوماً وأنه باشر أعمال الصيانة اللازمة منذ عشرة أيام سابقة على الحادث مما تنتفي معه التهمة المسندة إليه. ودفع محاميه والحاضر عن الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية ببطلان تقرير الخبير المقدم في الدعوى لمباشرته مأموريته بندب من النيابة العامة دون أن يحلف اليمين القانونية أمامها طبقاً للمادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية ولأداء الخبير لمهمته بغير حضور وكيل النيابة وملاحظته له بالمخالفة لأحكام المادة 85 من هذا القانون. كما دفعا بقصور التقرير وعدم صلاحيته فنيا بانتفاء الخطأ من جانب المتهم وبأن الحادث يرجع إلى خطأ المجني عليه وحدة نتيجة رعونته واستهتاره في حق نفسه ذلك أن الثابت من التحقيقات أن للمصعد عامل خاص يقوم بتلبية طلبات النداء عند الضغط على الجرس المعد لهذا الغرض كما أن بالباب نافذة يتبين منها الطالب وجود الصاعدة أمام الباب من عدمه فضلاًًًً عن وسائل الإضاءة والتنبيه وعلم المجني عليه السابق بتكرار حصول خلل فني بالباب. وإذ أقدم المجني عليه على فتح الباب دون أن يتخذ وسائل الحيطة والحذر وقبل أن يتحقق من وجود الصاعدة أمامه فإن ذلك مما يوفر الخطأ في جانبه ويستغرق خطأ المتهم بفرض قيامه.
وحيث إن القانون وإن أوجب على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق بأن يبدوا رأيهم بالذمة وأن يقدموا تقريرهم كتابة إلا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24 و31 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، وكان القانون لا يشترط في مواد الجنح والمخالفات إجراء أي تحقيق قبل المحاكمة، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير على أنه من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن عضو النيابة قد ندب الخبير الهندسي لفحص المصعد لبيان مدى صلاحيته للعمل وما إذا كان به خل أو أعطال فنية وبالذات ببابه الكائن بالدور الثالث من المبنى الذي وقع به الحادث وما إذا كان من الممكن حصول الواقعة بالصورة الواردة بالتحقيقات، فإنه غير لازم طبقاً لمؤدي نص الفقرة الثانية من المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية حضوره أثناء مباشرة الخبير لمهمته ما دام أن الأمر قد اقتضى إثباتاً للحالة القيام بفحوص وتجارب فنية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن إلى التقرير المقدم في الدعوى من... ... ... والذي يكشف عن خطأ المتهم بوصفه المسئول عن ملاحظة المصعد والمتمثل في إهماله القيام بالصيانة المنتظمة من تشحيم لألسنة الأبواب وضبط التجاويف التي بها وتغيير العجل الكاوتشوك من وقت لآخر ومراجعة أعمال السوست، وإلى أنه لولا هذا الخطأ لما فتح باب المصعد مع عدم وجود الصاعدة أمامه ولما وقع الحادث، فإنه غير مجد ما يثيره الدفاع عن المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية من تعدد أوجه الخطأ التي لحقت بتصرف المجني عليه لما هو مقرر من أنه يصح في القانون أن يكون الخطأ مشتركاً بين شخصين أو أكثر وأن هذا الخطأ بفرض وجوده لا يخلي مسئولية المتهم. وإذ كان الثابت من التحقيقات أن خطأ المتهم متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع تكون متوافرة مما يتعين معه الالتفات عن دفاع المتهم والشركة المدعى عليها، في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد انتهى إلى توافر عناصر الجريمة المسندة إلى المتهم وثبوتها في حقه فإنه يكون قد أصاب في تقرير مسئوليته طبقاً للمادة 238 من قانون العقوبات وفي إلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بالتعويض. إلا أنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها وجبرا للضرر الذي لحق بالمدعية بالحقوق المدنية وأولادها القصر ترى المحكمة تعديل العقوبة المقضي بها إلى تغريم المتهم عشرة جنيهات وتقدير التعويض المستحق للمدعية عن نفسها وبصفتها مبلغ ثمانية آلاف جنيه مع المصاريف المناسبة لهذا المبلغ عملاً بالمادة 184/ 1 من قانون المرافعات.