أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 345

جلسة 21 من أبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعثمان مهران الزيني، ومحمد عبد الواحد الديب.

(81)
الطعن رقم 214 لسنة 45 القضائية

(1 و2 و3) إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلال. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) تعييب إجراءات الضبط لعدم رفع البصمات. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بالرد عليه صراحة.
(2) إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه. كفايته. تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه. غير لازم.
(3) تقدير الدليل بالنسبة إلى كل متهم. من شأن محكمة الموضوع.
تقدير الدليل في دعوى. عدم انسحابه على دعوى أخرى. مثال.
(4) تهريب جمركي. جمارك. قانون. "تفسيره". استيراد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التهريب الجمركي. تعريفه. المراد بكل من التهريب الفعلي والتهريب الحكمي؟
المقصود بالبضائع الممنوعة وفق المادة 15 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963.
سبائك الذهب. من البضائع المحظور الترخيص للأفراد باستيرادها.
إخفاء قبطان الباخرة. سبائك ذهب. داخل الدائرة الجمركية في الخزانة المخصصة له بالباخرة الراسية بالميناء. يتوافر به التهريب الحكمي.
1 – من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها. ولما كان ما أثاره الدفاع من تعييب لإجراءات الضبط لعدم رفع أثار البصمات الموجودة على الخزانة لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه لا يعيب الحكم فيه سكوته عن الرد صراحة على هذه الجزئية إذ أن في قضائه بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرح ذلك الدفاع ولم ير فيه ما يغير من عقيدته التي خلص إليها.
2 – حسب الحكم كما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا على المحكمة بعد ذلك أن هي لم تتعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها هو اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها وإطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن من أنه كان في إمكانه التخلص من المضبوطات هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
3 – من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل منهم إنما هو من شأن محكمة الموضوع ولا ينسحب أثر تقدير الدليل في دعوى إلى دعوى أخرى فإنه لا صفة الطاعن في التحدث عن التفات النيابة العامة عن استئناف أحكام أخرى قضت ببراءة بعض العاملين معه على السفينة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تراه النيابة في خصوص كل دعوى. وبالتالي فلا تثريب على المحكمة الاستئنافية – صاحبة هذا الحكم المطعون فيه – أن هي لم تعرض للرد على ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص.
4 – عرفت المادة 121 من القانون رقم 66 سنة 1963 بإصدار قانون الجمارك التهريب بنصها على أن يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو ارتكاب أي فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وأن التهريب الجمركي ينقسم من جهة محله إلى نوعين: أحدهما يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها والأخر يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن وفي كلا النوعين أما أن يتم التهريب فعلاً بتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه وأما أن يقع حكماً إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية بيد أن جلها أو إخراجها قد صحب بأفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراده ولما كانت المادة 122 من ذلك القانون تنص في فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثل الضرائب الجمركية المستحقة. فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة عليها أيهما أكثر" لما كان ذلك وكانت المادة 15 من القانون نفسه قد بينت المقصود بالبضائع الممنوعة ينصها على أن تعتبر ممنوعة كل بضاعة لا يسمح باستيرادها أو تصديرها، وإذ كان استيراد البضائع أو تصديرها خاضعاً لقيود من أية جهة كانت فلا يسمح بإدخالها أو إخراجها ما لم تكن مستوفيه للشروط المطلوبة وإذا كانت سبائك الذهب من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لأحد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه "وقد ثبت للمحكمة على النحو الذي سلف بيانه أن كمية الذهب المضبوط تخص المتهم وفي حيازته وكان الثابت من محضر الضبط والتحقيق أن المتهم كان قادماً بالباخرة من الخارج وأنه ضبط بالمياه الإقليمية للجمهورية وأن الذهب المضبوط مستورد من الخارج ولما كان المتهم لم يقدم دليلاً على أنه حصل على ترخيص باستيراد الذهب المضبوط الذي يبلغ وزنه حوالي ثمانية كيلو جرامات ومن ثم تكون التهمة الثانية ثابتة في حق المتهم ثبوتاً كافياً ويكون الحكم المستأنف إذ قضى ببراءته منها على غير أساس من الواقع أو القانون" وبعد أن بين ثبوت اقتراف الطاعن جريمة الاستيراد بغير ترخيص أورد أن محكمة أول درجة أسست قضاءها ببراءة المتهم من التهمة الأولى على عدم توافر نية التهريب لديه، وأنه وقد ثبت أن المتهم استورد كمية الذهب المضبوط دون إذن استيراد على خلاف القانون – ومن غير المتصور عقلاً أن تنصرف نية المتهم إلى تقديم هذا الذهب إلى رجال الجمارك لدفع الرسوم الجمركية عليه عند خروجه من الدائرة الجمركية – إذ أن مجرد إظهاره لرجال الجمارك كفيل بمصادرته طالما أنه غير مأذون له باستيراده ومن ثم يكون الواضح أن المتهم قصد تهريب الذهب المضبوط معه ومجرد حيازة المتهم لهذا الذهب وهو بداخل الدائرة الجمركية ودون أن يكون مصرحاً له بإدخاله يعد محاولة منه للتهريب وبالتالي يكون الحكم المستأنف في غير محله فيما قضى به من براءة المتهم من التهمة الأولى. لما كان ذلك فإنه يعتبر في حكم التهريب ما صاحب جلب سبائك الذهب المضبوطة من إخفائها داخل الدائرة الجمركية في الخزانة الخاصة بالطاعن الموجودة في المكان المخصص له على السفينة التي يتولى قيادتها والتي تراكي بها على أحد أرصفة ميناء الإسكندرية بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة طبقاً لما نص عليه الشارع اعتباراً. لأن من شأن ذلك أن يجعل إدخالها قريب الوقوع ولو لم يتم له ما أراد ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم المينا محافظة الإسكندرية: (أولاً) شرع في تهريب الذهب المبين الوصف والقيمة بالمحضر بأن أخفاه عن رجال الجمارك بقصد التخلص من سداد الضريبة المقررة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه هو ضبطه قبل إتمام الجريمة على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) استورد الذهب سالف الذكر بدون إذن من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1 و5 و13 و121 و 122 و124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 والمادتين 45 و47 من قانون العقوبات والمادتين 1 و10 من القانون رقم 9 لسنة 1959. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ 5882 ج و840 م قبل المتهم. ومحكمة جنح الإسكندرية للجرائم المالية والتجارية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما هو مسند إليه والمصادرة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة وإلزامه أن يدفع لمصلحة الجمارك تعويضاً قدره 3661 ج و600 م فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة شروع في تهريب بضاعة، وبجريمة استيراد سلعة دون ترخيص قد شابه خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة أطرحت ما أثاره الدفاع من فقده مفتاح الصوان، قائلة إن الصوان الذي يحوى الخزانة التي ضبطت بها سبائك الذهب كان مغلقاً في حين أن الصوان الخشبي المغلق كان مفتاحه موجودا وتم استخدامه في فتحة فتبين أن بالصوان ضلفتين من الصاج مقفلان على الخزانة ولهما قفل هو الذي قرر الطاعن أن مفتاحه قد فقد – وبكسر هذا القفل وجد فوق رف بالخزانة مفتاح درجه الذي ضبطت فيه سبائك الذهب. ولو كانت المحكمة قد تنبهت إلى دفاع الطاعن في شأن هذه الصورة الحقيقية للواقعة لتغير وجه رأيها في الدعوى كما أن الدفاع قد استمسك أمام المحكمة الإستئنافية بما جاء بالمذكرة المقدمة منه إلى محكمة أول درجة من أن رجال الضبط لم يعنوا برفع البصمات الموجودة على الخزانة، وأثار أنه كان في إمكان الطاعن التخلص من المضبوطات قبل إجراء التفتيش وأن بعض العاملين على السفينة قد قضى ببراءتهم من تهمة الشروع في تهريب بضائع أخرى للأسباب ذاتها التي على أساسها قضت محكمة أول درجة ببراءة الطاعن ولم تستأنف النيابة العامة تلك الأحكام بيد أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لشيء من ذلك رداً وتفنيداً، وأخيراً فإن الوقائع المسندة إلى الطاعن لا تعد شروعاً في تهريب الذهب مثار الاتهام، بحجية عن الموظفين المنوط بهم اقتضاء الضريبة أو مباشرة المنع عند اجتياز الدائرة الجمركية، أما مجرد المحاولة فهي غير مؤثمة، وفق القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك، ولم يثبت أن الطاعن كانت لديه نية التهريب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد وقائع الدعوى أنها "تخلص في أنه بتاريخ 3 من مايو سنة 1973 أثبت النقيب... معاون مباحث شرطة ميناء الإسكندرية في محضره أنه قام بالاشتراك مع لجنة مشكلة من المقدم......... والرائد...... والرائد.... بتفتيش كابينة المتهم – الطاعن – الذي يعمل قبطاناً للباخرة أم صابر والتي كانت قد تركت بالخطاف وانتقلت إلى رصيف 18 فتم ضبط ثماني سبائك ذهبية مخفاه داخل خزينة المتهم الموجودة بالكابينة المخصصة له كما ضبطت بعض الشيكات السياحية كما ضبط جواز سفر المتهم وبداخله 35 ليرة لبنانية، وبسؤال المتهم في محضر الضبط أنكر ملكيته أو حيازته للذهب المضبوط وأنه يحتمل أن يكون شخص ما قد دس المضبوطات عليه" ثم أضاف الحكم "أنه لما كان الثابت أن كمية الذهب المضبوط قد ضبطت بداخل الخزانة الخاصة بالمتهم بداخل الكابينة المخصصة له بالباخرة وكانت المحكمة لا تعول على إدعاء المتهم أن مفتاح الصوان الذي توجد به الخزانة والذي كان معلقاً وقت الضبط قد فقد منه قبل ذلك والتالي فلا تعول المحكمة على ادعائه أن شخصاً آخر قد دس بكمية الذهب المضبوط عليه، ويكون الثابت في يقين المحكمة أن كمية الذهب المضبوط إنما تخص المتهم وإنها في حيازته، ولا يغير من ذلك ما هو ثابت من التحقيقات من أن مفتاح الخزانة كان موضوعاً بداخل الصوان طالما أن المحكمة لا تطمئن إلى صحة دفاع المتهم من أن مفتاح الصوان قد فقد منه قبل ذلك"، ولما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ في الإسناد بقالة ظن الحكم أن مفتاح الصوان هو الذي قد فقد منه، بينما الذي قرر فقده هو مفتاح الضلفتين الداخلتين لذلك الصوان – فإنه بالنظر إلى أن الطاعن لا ينازع في أن الصوان ذاته المحتوى الخزانة كان مغلقاً قبل التفتيش فإن هذا الخطأ – بفرض وجوده ليس من شأنه أن يؤثر في منطق الحكم أو يغير من النتيجة التي انتهى إليها والتي عول عليها في إدانة الطاعن على نحو ما هو واضح من سياقه ويكون منعاه في هذا الخصوص غير منتج. لما كان ذلك وكان ما أثاره الدفاع من تعييب لإجراءات الضبط لعدم رفع آثار البصمات الموجودة على الخزانة لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه سكوته عن الرد صراحة على هذه الجزئية إذ أن في قضائه بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرح ذلك الدفاع ولم ير فيه ما يغير من عقيدته التي خلص إليها لما كان ذلك وكان ما أثاره الطاعن من أنه كان في إمكانه التخلص من المضبوطات قبل إجراء التفتيش هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، لما هو مقرر من أنه حسب الحكم كما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا على المحكمة بعد ذلك إن هي لم تتعقب المتهم في كل جزئية من مناحى دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها هو اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها وإطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لما كان ذلك وكان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم إنما هو من شأن محكمة الموضوع ولا ينسحب أثر تقدير الدليل في دعوى إلى دعوى أخرى فإنه لا صفة للطاعن في التحدث عن التفات النيابة العامة عن استئناف أحكام أخرى ببراءة بعض العاملين معه على السفينة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تراه النيابة في خصوص كل دعوى. وبالتالي فلا تثريب على المحكمة الاستئنافية – صاحبة هذا الحكم المطعون فيه – أن هي لم تعرض للرد على ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه "وقد ثبت للمحكمة على النحو الذي سلف بيانه أن كمية الذهب المضبوط تخص المتهم وفي حيازته وكان الثابت من محضر الضبط والتحقيق أن المتهم كان قادماً بالباخرة من الخارج وأنه ضبط بالمياه الإقليمية للجمهورية وأن الذهب المضبوط مستورد من الخارج ولما كان المتهم لم يقدم دليلاً على أنه حصل على ترخيص باستيراد الذهب المضبوط الذي يبلغ وزنه حوالي ثمانية كيلو جرامات ومن ثم تكون التهمة الثانية ثابتة في حق المتهم ثبوتاً كافياً ويكون الحكم المستأنف إذ قضى ببراءته منها على غير أساس من الواقع أو القانون وبعد أن بين ثبوت اقتراف الطاعن جريمة الاستيراد بغير ترخيص أورد أن محكمة أول درجة أسست قضاءها ببراءة المتهم من التهمة الأولى على عدم توافر نية التهريب لديه، وأنه قد ثبت أن المتهم استورد كمية الذهب المضبوط دون إذن استيراد على خلاف القانون - ومن غير التصور عقلاً أن تنصرف نية المتهم إلى تقديم هذا الذهب إلى رجال الجمارك لدفع الرسوم الجمركية عليه عند خروجه من الدائرة الجمركية - إذ أن مجرد إظهاره لرجال الجمارك كفيل بمصادرته طالما أنه غير مأذون له باستيراده ومن ثم يكون الواضح أن المتهم قصد تهريب الذهب المضبوط معه ومجرد حيازة المتهم لهذا الذهب وهو بداخل الدائرة الجمركية دون أن يكون مصرحاً له بإدخاله يعد محاولة منه للتهريب وبالتالي يكون الحكم المستأنف في غير محله فيما قضى به من براءة المتهم من التهمة الأولى". لما كان ذلك وكان المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قد عرفت التهريب بنصها على أن "يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع "وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وأن التهرب الجمركي ينقسم من جهة محله إلى نوعين: أحدهما يورد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها والآخر يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن وفي كل النوعين إما أن يتم التهريب فعلا بتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه وإما أن يقع حكماً إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية بيد أن جلبها أو إخراجها قد صحب بأفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحول فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراده ولما كانت المادة 122 من ذلك القانون تنص في فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة. فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة عليها أيهما أكثر" لما كان ذلك وكانت المادة 15 من القانون نفسه قد بينت المقصود بالبضائع الممنوعة بنصها على أن "تعتبر ممنوعة كل بضاعة لا يسمح باستيرادها أو تصديرها، وإذا كان استيراد البضائع أو تصديرها خاضعاً لقيود من أية جهة كانت فلا يسمح بإدخالها أو إخراجها ما لم تكن مستوفية للشروط المطلوبة" وإذ كانت سبائك الذهب من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية. فإنه يعتبر في حكم التهريب ما صاحب جلب سبائك الذهب المضبوطة من إخفائها داخل الدائرة الجمركية في الخزانة الخاصة بالطاعن الموجود في المكان المخصص له على السفينة التي يتولى قيادتها والتي تراكى بها على أحد أرصفة ميناء الإسكندرية بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة طبقاً لما نص عليه الشارع اعتباراً بأن من شأن ذلك أن يجعل إدخالها قريب الوقوع ولم لم يتم له ما أراد ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة إعمالاً لنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.