أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1017

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة:مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمد عطية إسماعيل، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(246)
الطعن رقم 1124 لسنة 28 القضائية

إثبات. اعتراف. شرط الاعتداد به. شرط وجوده. حرية الاختيار وقت الاعتراف. تقديره من حيث صلته بالتسبيب. التسبيب المعيب. مثال.
قصور بيان الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف لحصوله تحت تأثير الإكراه رغم تقديم دليل للمحكمة.
تساند الأدلة في المواد الجنائية واستغنائها.
مناط التساند. تعذر التعرف على مبلغ أثر الدليل الباطل في عقيدة المحكمة.
إن الاعتراف يجب ألا يعول عليه ولو كان صادقاً متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره، ومن ثم فإنه يتعين على المحكمة وقد قدّم لها الدليل من وجود إصابات بالمتهم أن تتولى هي تحقيق دفاعه من أن الاعتراف المسند إليه في التحقيقات والذي استندت إليه المحكمة في حكمها قد صدر نتيجة تعذيبه من رجال البوليس بأن تبحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقوال المتهم - فإن هي نكلت عن ذلك واكتفت بقولها إن هذا الادعاء لم يقم عليه دليل مع مخالفة ذلك لما هو ثابت بالأوراق فإن حكمها يكون قاصراً متعيناً نقضه، ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، وليس من المستطاع مع ما جاء في الحكم الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضى ببراءتهم بأنه جاز جواهر مخدرة "حشيشاً وأفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 جـ وأخيرة و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين رقمي 1 و12 من الجدول الملحق به، فصدر قراراها بذلك ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً - تطبيقاً لمواد الاتهام سالفة الذكر بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - هو القصور في التسبيب، ذلك أنه دفع بأن الاعتراف المسند إليه في التحقيقات والذي دانه الحكم اعتماداً عليه صدر نتيجة تعذيبه من رجال - البوليس الحربي - واستدل على ذلك بما أثبته القاضي المعارضات والطبيب الشرعي من وجود إصابات بالطاعن حدثت في تاريخ معاصر لتاريخ الحادث، ولكن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث الإكراه واكتفى بقوله "إن هذا الادعاء لم يقم عليه دليل" - مع وجود الإصابات بادية في جسم الطاعن مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة إن محامي الطاعن قال "إن قاضي المعارضات لاحظ في محضر التجديد الأول كدماً وزرقة حول عين الطاعن اليمنى وخلع سنتين له في الفك الأسفل وقرر أن البوليس الحربي اعتدى عليه ليعترف، وأنه تقدم بطلب للمحقق لإحالة الطاعن إلى الطبيب الشرعي فأحيل فعلاً إليه وأثبت في تقريره وجود هذه الإصابات به وأنه يحوز حصولها من جسم صلب كقبضة السيد أو ما أشبه في وقت يتفق وتاريخ الحادث".
وقد أصدرت المحكمة حكمها بعد ذلك في الدعوى مستندة فيما استندت إليه إلى اعتراف الطاعن - واكتفت في الرد على هذا الدفاع الجوهري بقولها: "أما ما يدعيه الدفاع عن المتهم من أن إقراراه في النيابة جاء وليد اعتداء البوليس عليه، فهذا إدعاء لم ينهض عليه أي دليل أو قرينة، ولذلك لا تعول عليه المحكمة ودفاع المتهم في ذلك لا يجديه فتيلاً" - لما كان ذلك وكان الاعتراف يجب ألا يعول عليه - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره - فكان يتعين على المحكمة وقد قدم لها الدليل من وجود إصابات بالطاعن أن تتولى هي تحقيق دفاعه تبحث هذا الإكراه وسبله وعلاقته بأقوال المتهم الطاعن - فإن هي نكلت عن ذلك واكتفت بقولها إن هذا الادعاء لم يقم عليه دليل مع مخالفة ذلك لما ما هو ثابت بالأوراق، فإن حكمها يكون قاصراً متعيناً نقضه - ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة وليس من المستطاع مع ما جاء في الحكم الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن في محله ويتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن الأخرى.