أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 – صـ 358

جلسة 27 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة وعضوية السادة المستشارين: مصطفي محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(83)
الطعن رقم 624 لسنة 45 القضائية

(1 - 3) تهريب جمركي. استيراد. دعوى جنائية. "تحريكها". "انقضاؤها بالتصالح". صلح. ارتباط. حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
(1) عدم جواز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها بالنسبة لجرائم التهريب إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه. له حق التصالح مع المتهمين في تلك الجرائم في جميع الأحوال. ويترتب على التصالح . انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال. المادة 124 من القانون 66 لسنة 1963.
(2) مناط الارتباط في حكم المادة 32 عقوبات. رهن بكون الجرائم المرتبطة. قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب. لا محل لأعماله عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها. مثال.
(3) وجوب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. م 310 إجراءات جنائية. المراد بالتسبيب المعتبر في هذا الخصوص؟. مثال لتسبيب معيب.
1 – تنص المادة 124 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك على أن "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه، وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيما حسب الحال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه... ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال". ومؤدى هذا النص أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في هذا النوع من الجرائم في جميع الأحوال سواء تم الصلح في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا ما تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها – لما كان ما تقدم – فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به في جريمة الشروع في تهريب البضائع من أداء الرسوم الجمركية موضوع التهمة الأولى. والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
2 – من المقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن يكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً. لما كان ذلك، فإنه لا محل لأعمال حكم المادة 22 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة ومن ثم فلا محل للقول بانقضاء الدعوى بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية ترتيباً على انقضاء الدعوى في جريمة الشروع في التهريب الجمركي موضوع التهمة الأولى ذات العقوبة الأخف المرتبطة بها، لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية الجنائية عن الجرائم المرتبطة.
3 – يوجب الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم – لما كان ذلك – وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ساق واقعة الدعوى ودليل ثبوتها – في عبارة عامة معماة لم يكشف فيها في وضوح وجلاء من مسوغات ما سطره من اعتبارها ذات صبغة تجارية ويحظر على الطاعن استيرادها حتى يبين وجه استدلاله بما جهله كما صادر دفاع الطاعن المشار إليه بوجه الطعن والذي أبداه بمحضر ضبط الواقعة – حسبما تشير إليه المفردات المضمومة – بمقولة أنه لم يبد دفاعاً مقبولاً مع ما كان يجب من تمحيصه ما دام في ذلك تجلية لحقيقة وهداية إلى الصواب – لما كان ما تقدم – فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان الذي يوجبه نقضه والإحالة بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة (أولاً) شرع في تهريب البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر التي لها الصفة التجارية بأن حاول إدخالها إلى البلاد دون أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وكان ذلك بطريق غير مشروع بأن أخفاها ولم يوضحها في الإقرار المقدم منه إلى السلطات الجمركية وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه متلبساً بها. (ثانياً) استورد البضائع سالفة الذكر من خارج جمهورية مصر العربية بقصد الاتجار فيها حالة كون استيراد السلع بقصد الاتجار مقصوراً على شركات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. وطلبت معاقبته بالمواد 5 و13 و121 و122 و124 من القانون رقم 66 سنة 1963 والمادتين 1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1962 والمادتين 45 و47 من قانون العقوبات. وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهم بتعويض جمركي، ومحكمة القاهرة الجزئية للجرائم المالية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وتعويض جمركي قدره 1193 ج و940 م وتعويض للخزانة قدره 400 ج. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في تهريب بضائع، محظور عليه استيرادها، من أداء الرسوم الجمركية، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب، ذلك بأنه كان يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية لتصالح الطاعن مع مصلحة الجمارك، كما أغفل الحكم تمحيص دفاع الطاعن الذي يقوم على أن البضائع المضبوطة زهيدة القيمة ومن مستلزمات مهنته فلا تحتاج إلى ترخيص باستيراد، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من كتاب مصلحة الجمارك المؤرخ 5/ 8/ 1974 – المرفق بملف الطعن – أن الطاعن تصالح مع مصلحة الجمارك وسدد نصف التعويض المقرر بالقسيمة الرقمية بتاريخ 11/ 7/ 1974، وكان نص المادة 124 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك يجري بأنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه، وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه... ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال"، وكان مؤدي هذا النص أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في هذا النوع من الجرائم في جميع الأحوال سواء تم الصلح في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا تراخي إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما مضى به في جريمة الشروع في تهريب البضائع من أداء الرسوم الجمركية موضوع التهمة الأولى، والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
وحيث إنه بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية، فإنه لما كانت دعوى قيام الارتباط أيا ما كان وصفه بين جريمة استيراد بضائع على خلاف أحكام القانون وهي ذات العقوبة الأشد، وبين جريمة الشروع في التهريب الجمركي ذات العقوبة إلا خف لا توجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة الأولى تبعاً للحكم بانقضائها في الجريمة الثانية للتصالح، ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر الصلح في الجريمة الأخيرة على الأولى، لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن يكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على أحدها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً، فلا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة، ومن ثم فلا محل للقول بانقضاء الدعوى بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية، لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية الجنائية عن الجرائم المرتبطة لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه الواقعة الدعوى وثبوت نسبتها إلى الطاعن على مجرد قوله: "وحيث إن الاتهام المسند إليه ثابت قبله ثبوتاً كافياً أخذا بما جاء بإقراره المقدم لجمرك ميناء القاهرة الجوي في 30/ 6/ 1971 من أنه لا يحمل معه ما يستحق عنه أية رسوم جمركية في حين أن البين بالكشف المرفق وجود بضائع أوضح بيانها وكمياتها ويسبغ عليها الصفة التجارية الغير مصرح باستيرادها إلا لشركات القطاع العام، ولما كان المتهم لم يدفع الاتهام بدفاع مقبول فإنه يتعين معاقبته طبقاً لمواد الاتهام مع إعمال لمادة 32 عقوبات وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات" وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماه أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد ساق واقعة الدعوى ودليل ثبوتها – على نحو ما سلف بيانه – في عبارة عامة معماه لم يكشف فيها في وضوح وجلاء من مسوغات ما سطره من اعتبارها ذات صبغة تجارية ويحظر على الطاعن استيرادها حتى يبين وجه استدلاله بما جهله كما صادر دفاع الطاعن المشار إليه بوجه الطعن، والذي أبداه بمحضر ضبط الواقعة – حسبما تشير إليه المفردات المضمومة – بمقولة أنه لم يبد دفاعاً مقبولاً، مع ما كان يجب من تمحيصه ما دام في ذلك تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان الذي يوجب نقضه والإحالة بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية دون حاجة إلى بحث وجوه الطعن الأخرى.