أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1060

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(256)
الطعن رقم 1146 سنة 28 القضائية

(أ) استئناف. سلطة المحكمة الاستئنافية بالنسبة للشكل. الأثر المترتب على فقد تقرير الاستئناف. الفرق بين الانعدام الفعلي للعمل الإجرائي وفقد السند المثبت له.
(ب) استئناف. إجراءات الاستئناف. التقرير بالاستئناف. الدليل على حصوله. التأشير بجدول النيابة بحصول الاستئناف يعتبر دليلاً على التقرير به طبقاً للشكل المقرر في القانون.
(ج) إثبات. حجية بعض المحررات الرسمية. محكمة الموضوع. استئناف. إجراءاته. التقرير به. الدليل على حصوله.
حجية الشهادة المستخرجة من واقع جدول النيابة فيما تضمنته من حصول التقرير بالاستئناف.
سلطة محكمة الموضوع في الركون إلى مضمون هذه الشهادة - إذا برئت من الطعن - بغير حاجة للاطلاع على الجدول.
1- إن فقد تقرير الاستئناف لا يترتب عليه الحكم وجوباً بعدم قبول الاستئناف شكلاً.
2- ثبوت التأشير بجدول النيابة بحصول الاستئناف يعتبر دليلاً على التقرير به طبقاً للشكل المقرر في القانون أخذاً بما استقر عليه العمل.
3- إذا اطمأنت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى قيمة الشهادة المستخرجة من واقع جدول النيابة واعتبرت أن لها حجية فيما تضمنته من حصول التقرير بالاستئناف من النيابة ومن المدعي المدني ووجدت فيها بحق غناء من الاطلاع على الجدول - ما دامت قد برئت من الطعن - فإن الحكم يكون قد أصاب فيما انتهى إليه من قبول الاستئناف.


الوقائع

اتهمت النيابة العالمة: 1- محمد احمد عشري (الطاعن) و2- صلاح الدين أحمد عشري بأنهما:- ضربا فتحي علي عطية فأحدث به الأول إصابة بأذنه اليسرى موضحة بالتقرير الطبي تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي النقص في وظيفة الجهاز التوازني للأذن المذكورة بما لا يمكن تقديره بنسبة مئوية. وأحدث المتهم الثاني باقي الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابهما بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول وجنحة المادة 242/ 1 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثاني. وادعى فتحي علي عطية بحق مدني قبل المتهمين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. وقررت غرفة الاتهام إحالة القضية إلى محكمة روض الفرج الجزئية للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة، وبعد أن أنهت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهما بلا مصاريف جنائية ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف المدنية فاستأنف المدعي بالحق المدني والنيابة هذا الحكم. أثناء نظر الاستئنافين أمام محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية دفع الحاضر مع المتهم الثاني بعدم جواز الاستئناف المرفوع من المدعي بالحق المدني لعدم وجود تقرير بالاستئناف، وبعد أتمت المحكمة المذكورة نظرهما قضت حضورياً. أولا - بعدم جواز استئناف النيابة بالنسبة للمتهم الثاني (صلاح الدين أحمد عشري) قبوله شكلا بالنسبة للتهم الأول (محمد أحمد عشري). وثانيا - بقبول إستئناف المدعي بالحق المدني شكلا. وثالثا - التأجيل لجلسة 20 يناير سنة 1957 لنظر الموضوع.
سمعت المحكمة موضوع الدعوى وقضت حضورياً وباجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف بالمنسبة للمتهم محمد أحمد عشري وبحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم مع إلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني "فتحي علي عطية" مبلغاً مقداره خمسون جنيها والمصروفات المدنية المناسبة من الدرجتين ومائتي قرش أتعاب محاماة وذلك عملا ًمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه قضى خطأ بقبول استئنافي النيابة والمدعي بالحقوق المدنية رغم عدم وجود ما يدل على حصول التقرير بهما بقلم الكتاب طبقاً للمادة 406 من قانون الإجراءات وقد عدلت المحكمة عن قراراها بضم دفاتر الاستئنافات استناداً إلى مذكرة النيابة بفقده وأخذت بشهادة قدمها المدعي مأخوذة من واقع جدول النيابة تفيد حصول الاستئناف منه ومن النيابة وأوجه الخطأ فيما أخذ به الحكم هي أن هذه الشهادة كانت تحت نظر المحكمة عندما أجلت الدعوة لضم دفتر الاستئنافات فلم يكن لها في نظرها من حجية وأن النيابة لم تتقدم بمثلها دفعا للشبهة وأن المحكمة إذ عدلت عما قررته من ضم دفتر الاستئنافات لم تصدر قراراً بذلك كما أن الشهادة التي أخذت بها المحكمة لا تدل على حصول الاستئناف طبقا للأوضاع الشكلية المقررة في القانون وقد كان على المحكمة ألا تأخذ بالشهادة دون الاطلاع على الجدول فضلا عن أن المدعي بالحقوق المدنية لم يستطع إثبات صحة زعمه بتقديم ما يدل على سداده رسوم الاستئناف، ويضيف الطاعن أن المحكمة قد أخذت بأقوال المجني عليه الذي لم يصادفه شاهداه وعلى الرغم من تعذر تمييز المعتدي من بين من كانوا يقذفونه بالحجارة، كما ذهب الحكم إلى أن الطاعن لم يقدم دليلاً على صحة دفاعه ملتفتاً عما قدمه من أوراق تفيد مرضه وعدم قدرته على حمل حجر كالذي قيل باستعماله في الاعتداء مما يشوب هذا الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أوضح الحكم المادة 406 من قانون الإجراءات وبين الأوضاع التي يحصل بها الاستئناف طبقاً للقانون قال "ومن حيث أن الثابت من الشهادة المقدمة من المدعي بالحق المدني أنه استأنف والنيابة هذا الحكم في غضون عشرة أيام. ومن ثم فإن ثبوت ذلك بجدول الجنح يدل على أنهما قررا أمام الموظف المختص برغبتهما في الاستئناف وبذلك فإن استئنافهما قائم". لما كانت ذلك وكان فقد تقريري الاستئناف لا يترتب عليه الحكم وجوباً بعدم قبول الاستئناف شكلاً ولما كان المحكمة قد اقتنعت بحصول الاستئناف طبقاً للقانون كما حدث في هذه الدعوى وكانت قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى قيمة الشهادة المستخرجة من واقع جدول النيابة واعتبرت أن لها حجية فيما تضمنته من حصول التقرير بالاستئناف من النيابة ومن المدعي المدني ووجدت فيها بحق غناء عن الاطلاع على الجدول ما دامت قد برئت من الطعن، ولما كانت لهذه الشهادة نفس حجية الجدول فإن الحكم يكن قد أصاب فيما انتهى إليه، كما أنه لم يجانب الصواب إذ خلص إلى أن ثبوت التأشير بالجدول بحصول الاستئناف يعتبر دليلا على التقرير به طبقا للشك المقرر في القانون أخذاً لما استقر عليه العمل. لما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد أوضحت في أسباب حكمها أنها أجلت الدعوى عدة مرات للاطلاع على دفتر الاستئناف حتى وردت إفادة المحكمة بفقده فدلت بهذا على أنها إنما عدلت عن قرار استحال تنفيذه وهي ليست ملزمة بإصدار قرار مستقل بمثل هذا العدول. لما كان كل ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدعي المدني سدد الرسوم في الميعاد المقرر للاستئناف وكان ما أثاره الطاعن خاصا بعدم مصادفة شاهدي المجني عليه له وعدم قدرته على تمييز ضاربه وعلى حمل مثل الحجر المقول باستعماله في الحادث كل هذا لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياًَ مما لا يقبل أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.