أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 405

جلسة 11 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينه، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(93)
الطعن رقم 668 لسنة 45 القضائية

(1 - 7) قتل عمد. محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية. سبق الإصرار. فاعل أصلي. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. اعتراف.
(1) حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع الأدلة المطروحة عليها.
(2) توافر ظرف سبق الإصرار في حق المساهمين في القتل. أثره. تضامنهم في المسئولية كفاعلين أصليين. المادة 39 عقوبات.
(3) تعييب التحقيق في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم بالنقض.
(4) النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. عدم جوازه.
(5) الدفاع الذي لا يتصل بشخص الطاعن. عدم جدواه. ما دام لا يحول دون مساءلته.
(6) الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
(7) الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى أمام محكمة النقض. غير جائز.
1 – لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما تقدم إليها من أدلة الثبوت ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن وجوده على مسرح الجريمة ومساهمته في عمل من أعمالها التنفيذية هو استدراج المجني عليه إلى منزل والد الطاعن طبقاً لخطة رسمها معه تنفيذاً لقصدهما المشترك وهو قتل المجني عليه بآلات حادة أعدت لذلك وكان ما حصله الحكم من ذلك له أصله ومعينه من الأوراق مما لا يجادل فيه الطاعن فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
2 – لما كان الحكم قد أثبت في تدليل سائغ توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ووالده مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية، فإن الحكم إذا انتهى إلى مساءلة الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 – تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالإجراءات التي تحصل أمام المحكمة – لما كان ذلك – فإن ما ينعاه الطاعن على تحقيق النيابة العامة من قصور لإغفاله تحقيق دفاعه القائم على وجود نزاع بينه وبين زوج أخيه شاهد الإثبات لأسباب ذكرها يكون مردوداً.
4 – لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيق الدفاع الذي يتمسك به فليس له من بعد النعي عليها التفاتها عن هذا الأمر الذي لم يطلبه.
5 – لا يجدي الطاعن نعيه على تصرف النيابة العامة عدم إقامتها الدعوى الجنائية على شقيقه المجند – بفرض مساهمته في الجريمة – ما دام أن ذلك لم يكن ليحول دون مساءلته هو عن الجريمة المسندة إليه.
6 – الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع - لما كان ذلك - فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم تعويل الحكم المطعون فيه على اعتراف والد الطاعن بمقارفته الجريمة وحده واستنتاج الحكم مساهمة الطاعن فيها ومن أن نقله لجثة المجني عليه بفرض صحة ذلك يشكل جريمة أخرى غير التي دين بها يكون مردوداً.
7 – إذا كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات ولا يعد أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا قتل مع أخر (توفى) عمداً ومع سبق الإصرار......... بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك آلات حادة (سكاكين) واستدرجاه لمنزلهما حتى إذا ما تمكنا منه انهالا عليه طعناً بالسكاكين فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بمواد الاتهام. فقرر بذلك. وادعى شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 و231 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على التناقض والفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أعمل في حقه نص المادة 39 عقوبات على غير مؤدى أقوال الشهود وقال بتوافر ظرف سبق الإصرار رغم انتفائه وعول بين ما عول عليه في إدانته على أقوال زوج أخيه رغم ما دفع به في تحقيق النيابة من أنها تعاديه لأسباب ذكرها فلم تحقق النيابة هذا الدفاع مع أنها لو قامت على تحقيقه لتغير وجه الرأي في الدعوى، كما أغفل الرد على ما أثاره المدافع عنه من أن أخ الطاعن المجند بالجيش كان في موقف مماثل لموقفه ولم ترفع النيابة العامة الدعوى عليه - هذا إلى أن الحكم أطرح اعتراف والد الطاعن بمقارفته وحده الجريمة واستخلص من ظروف والد الطاعن الصحية مشاركة الطاعن ارتكابها فانبنى قضاءه بذلك على الظن لا على اليقين الذي يجب أن تبنى عليه الأحكام – وأخيراً فإنه بفرض قيامه بنقل جثة المجني عليه فإن ذلك يشكل جريمة أخرى غير التي دين بها وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من الأدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن وجوده على مسرح الجريمة ومساهمته في عمل من أعمالها التنفيذية هو استدراج المجني عليه إلى منزل والد الطاعن طبقاً لخطة رسمها معه تنفيذاً لقصدهما المشترك وهو قتل المجني عليه بآلات حادة أعدت لذلك، وكان ما حصله الحكم من ذلك له أصله ومعينه من الأوراق مما لا يجادل فيه الطاعن كما أثبت في تدليل سائغ توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ووالده مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية، فإن الحكم إذا انتهى إلى مساءلة الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على تحقيق النيابة العامة من قصور لإغفاله تحقيق دفاعه القائم على وجود نزاع بينه وبين زوج أخيه شاهدة الإثبات لأسباب ذكرها مردود بأن تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ولما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيق هذا الدفاع فليس له من بعد النعي عليها التفاتها عن هذا الأمر الذي لم يطلبه. لما كان ذلك وكان لا يجدي الطاعن نعيه على تصرف النيابة العامة عدم إقامتها الدعوى الجنائية على شقيقه المجند – بفرض مساهمته في الجريمة – ما دام أن ذلك لم يكن ليحول دون مساءلته هو عن الجريمة المسندة إليه فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون له محل – لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم تعويل الحكم المطعون فيه على اعتراف والد الطاعن بمقارفته الجريمة وحده واستنتاج الحكم مساهمة الطاعن فيها ومن أن نقله لجثة المجني عليه بفرض صحة ذلك يشكل جريمة أخرى غير التي دين بها – مردود بأن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع. وإذ كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس حقيقاً بالرفض.