أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 410

جلسة 11 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(94)
الطعن رقم 669 لسنة 45 القضائية

(1، 2) خيانة أمانة. إثبات. "بوجه عام". حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". استئناف. "نظره والحكم فيه". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". نظام عام.
(1) قواعد الإثبات في المواد المدنية. عدم تعلقها بالنظام العام. أثر ذلك؟
(2) وجوب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها. م 310 إجراءات جنائية. على المحكمة الاستئنافية عند إلغائها حكم ابتدائي. أن تبين في حكمها الأسباب التي جعلتها ترى عكس ما ارتأته محكمة أول درجة.
1 – الأصل أن مراعاة قواعد الإثبات في المواد المدنية لا شأن لها بالنظام العام، فكما يملك الخصم أن يقر بالحق لخصمه فيعفيه بذلك من إقامة الدليل عليه، فإنه يجوز له أن يتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في التمسك بالإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ويقبل منه أي دليل سواه.
2 – أوجب قانون الإجراءات الجنائية في المادة 310 منه أن يشتمل الحكم - سواء كان صادراً بالإدانة أو البراءة - على الأسباب التي بني عليها مما يوجب على المحكمة الاستئنافية إذا هي قضت بإلغاء حكم ابتدائي ولو كان صادراً بالإدانة ورأت هي تبرئة المتهم أن تبين في حكمها الأسباب التي جعلتها ترى عكس ما رأته محكمة أول درجة، وإذا كان الحكم المستأنف قد أورد أسباباً يصح في العقل أن تؤدي إلى الإدانة فيجب على المحكمة الاستئنافية أن ترد على تلك الأسباب بما يفيد على الأقل أنها فطنت لها ووزنتها ولم تقتنع بها أو تطمئن إليها أو رأتها غير صالحة للاستدلال بها على المهمة - لما كان ذلك - فإن إغفال الحكم المطعون فيه للأدلة التي استندت إليها محكمة أول درجة في إدانة المطعون ضده وعدم بيان رأى المحكمة فيها - اكتفاء بما تردت فيه من خطأ قانوني - يعيبه بالقصور الذي يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بدائرة مركز سمنود: بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لزوجته......... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لاستعمالها في منزل الزوجية فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليها. وطلبت معاقبته بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة سمنود الجزئية قضت عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لوقف التنفيذ. استأنف، ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده من جريمة تبديد أثاث مملوك لزوجته قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب، ذلك بأن المطعون ضده أقر بمحضر جمع الاستدلالات بأنه لم يسلم المجني عليها باقي مفردات جهازها المبينة بالقائمة، وردد ذلك أمام محكمة أول درجة وهو ما يكفي قانوناً لثبوت ما أسند إلى المطعون ضده بإقراره، بل هو في القليل مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز إثبات عقد الأمانة بالبينة، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى قبول الدفع بعدم جواز الإثبات إلا بالكتابة وبراءة المطعون ضده، وأغفل تمحيص الدليل القائم في الدعوى، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن مما أثارته الطاعنة فيما تقدم صحيح، ذلك بأنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي أن النيابة العامة قدمت المطعون ضده لمحاكمته بوصف أنه بدد المنقولات المملوكة لزوجته والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لاستعمالها في منزل الزوجية فاختلسها لنفسه إضراراً بها، وقد قضت محكمة أول درجة بما دانته، واستندت في ثبوت التهمة في حقه إلى قائمة الجهاز المقدمة من المجني عليها وإلى أقوالها وإقرار الطاعن بمحضر ضبط الواقعة بأن المنقولات لديه، ولكنه لا يرغب في تسليمها إليها، كما يبين من مطالعة محضر جلسة 29/ 5/ 1973 أمام محكمة أول درجة أن المتهم حضر ومعه محاميه وطلب أجلاً لتسليم المجني عليها باقي أعيان جهازها، إذ تسلمت بعض مفرداته، فأجابته المحكمة لذلك، غير أنه تخلف عن حضور الجلسة التالية حيث صدر الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده قد اقتصر في ذلك على مجرد الاستناد إلى قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة، إذ لم تقدم المجني عليها قائمة الجهاز الموقع عليها من المتهم، وأعرض عن الأدلة التي ساقها الحكم الابتدائي فلم يشر إلى ما ورد به من أن المجني عليها قدمت قائمة الجهاز، وما قرره المتهم بمحضر ضبط الواقعة، كما لم يشر إلى ما ورد بمحضر الجلسة أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان الأصل أن مراعاة قواعد الإثبات في المواد المدنية لا شأن لها بالنظام العام، فكما يملك الخصم أن يقر بالحق لخصمه فيعفيه بذلك من إقامة الدليل عليه، فإنه يجوز له أن يتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في التمسك بالإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ويقبل منه أي دليل سواه، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل الحكم - سواء كان صادراً بالإدانة أو البراءة - على الأسباب التي بنى عليها مما يوجب على المحكمة الاستئنافية إذا هي قضت بإلغاء حكم ابتدائي ولو كان صادراً بالإدانة ورأت هي تبرئة المتهم أن تبين في حكمها الأسباب التي جعلتها ترى عكس ما رأته محكمة أول درجة، وإذا كان الحكم المستأنف قد أورد أسباباً يصح في العقل أن تؤدي إلى الإدانة فيجب على المحكمة الاستئنافية أن ترد على تلك الأسباب بما يفيد على الأقل أنها فطنت إليها ووزنتها ولم تقتنع بها أو تطمئن إليها أو رأتها غير صالحة للاستدلال بها على المتهم. لما كان ما تقدم. فإن إغفال الحكم المطعون فيه للأدلة المشار إليها التي استندت إليها محكمة أول درجة في إدانة المطعون ضده وعدم بيان رأي المحكمة فيها - اكتفاء بما تردت فيه من خطأ قانوني - يعيبه بالقصور الذي يوجب نقضه والإحالة.