أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1068

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(258)
الطعن رقم 1293 لسنة 28 القضائية

(أ) شروع. عناصر الشروع المعاقب عليه. البدء في التنفيذ. التمييز بين التحضير والبدء في التنفيذ. الضابط الشخصي.
بدء المتهم في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالا. كفايته لاعتباره شارعاً.
(ب) حكم. البيانات الواجبة في تسبيب الأحكام. وبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
مثال لكفاية هذا البيان في جريمة شروع في سرقة.
(ج) سرقة. السرقة المقترنة بظروف مشددة. المكان. التسور.، متى يتحقق؟
تحققه بدخول الأماكن المسورة من غير أبوابها مهما كانت طريقته.
1- لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة، بل يكفي لاعتبار الشروع قائماً وفقاً لنص المادة 45 من قانون العقوبات أن يبدأ الجاني بتنفيذ فعل ما سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالا ومباشرة.
2- إذا كان الحكم قد أثبت أن المتهم وزميله دخلا إلى فناء المصنع بعد منتصف الليل بطريق التسور واختبأ في مكان مجاور لمخزن المصنع الذي به محركات وأسلاك نحاسية وأن بابه يفتح ويغلق دون مفتاح، واستخلص الحكم من ذلك ومن الظروف الأخرى لواقعة الدعوى قيام نية السرقة لديهما، فإن الحكم إذ اعتبر ما وقع من المتهم وزميله شروعاً في سرقة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح غير مشوب بالخطأ في القانون أو القصور.
3- التسور كما عرفه القانون يتحقق بدخول المكان المسور من غير أبوابها مهما كانت طريقته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن مع آخر حكم عليه. بأنهما شرعا في سرقة حديد خردة من شركة الدلتا للصلب بأن تسورا حائط المصنع حالة كون أحدهم (الطاعن) يحمل سلاحاً نارياً (بندقية) وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مفاجأة الخفراء لهما متلبسين بالجريمة وإطلاقهم النار عليهما وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات. فقررت بذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابة الخطأ في تطبيق القانون وقصور البيان ذلك أن ما أثبته عن واقعة الدعوى من أن الطاعن وآخر وجدا مختبئتين وسط الحديد الخردة على مسافة نحو خمسة أمتار من السور القبلي للمصنع لا يمكن اعتباره شروعاً في سرقة كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لأن ما وقع منهما لم يصل إلى حد البدء في تنفيذ جريمة السرقة ولم يتحدد به قصدهما، وقد اقتصر الحكم في بيان نية السرقة على القول بأنها ثابتة من دخول المتهمين بعدم نتصف الليل بطريق التسور إلى داخل بناء المصنع الذي لا شأن لهما به واختبائهما في مكان مجاور للمخزن الذي كان بابه غير مغلق، وهو قول لا ينتهي إلى الجزم بأن المتهمين كانا ينويان السرقة كما أن الحكم لم يورد دليلا على أن الطاعن وزميله دخلا المصنع بطريق التسور وأغفل الإشارة على ما ثبت من المعانية من أن هناك ثغرة في السور تستعمل لخروج العمال وتقع على بعد خمسين متراً من مكان الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن حسن عبد العزيز أبو عجوة الخفير مصنع الدلتا للصلب ببندر شبرا الخيمة مديرية القليوبية كان يمر حوالي الساعة الثالثة من صباح اليوم 11 يناير سنة 1954 في الجهة القبلية من فناء المصنع فرأى المتهمين حسن مسلم (الطاعن) عراقي عبد العزيز مختبئين وسط قطع من الحديد الخردة على مسافة نحو خمسة أمتار من السور القبلي للمصنع وما أن واجههما وهو غير مسلح حتى أطلق عليه أولهما - حسن - عياراً مر فوق رأسه فارتمى الخفير على الأرض واصطدم بقطع الحديد وأصيب منها بجرح في ركبته وآخر في يده اليمنى واستغاث بشيخ الخفراء المصنع وزميله الخفير يوسف خليل سعد الذي كان مسلحاً ببندقيته خرطوش عيار 12 ويمر في جهة أخرى من المصنع وخف يوسف إلى نجدة وزميله حسن وهو يطلق النار نحو صوت الاستغاثة وأسرع المتهمان يتسوران السور القبلي للمصنع للفرار إلى الخارج وتنبه لهما يوسف وقتذاك، وإن لم يعرف شخصيتهما، فأطلق نحو السور عياراًَ أصاب المتهم الثاني عراقي في ساقه قبل أن يجتاز السور ولكنه تمكن من الفرار مع زميله إلى الخارج وحضر بعد ذلك على صوت الأعيرة شيخ الخفراء بالمصنع عبد السلام عبد المجيد محمد علم من الخفيرين حسن يوسف بما حصل وأكد حسن لزميله أنه عرف المتهمين وتحقق منهما كذا سمع مراقب المصنع سعيد جمعه صوت الأعيرة في ذلك الوقت وخرج من مكتبه وقابل الخفيرين وشيخ الخفراء وعلم منهم بما حصل وباسمي المتهمين وأبلغ الواقعة معاون بوليس بهتيم..." واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى شهادة الشهود والمعاينة والتقدير الطبي الشرعي وأقوال المتهم الثاني وتعرف الكلب البوليسي عليه، ولما كان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد وشيخ الخفراء على ثبوتهما في حقه أدلة من شانها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة وهو فعل الاختلاس في هذه الدعوى، بل يكفي لاعتبار الشروع قائماً وفقاً لنص المادة 45 من قانون العقوبات أن يبدأ الجاني بتنفيذ فعل ما سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالا ومباشرة. لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن وزميله دخلا إلى فناء المصنع بعدم منتصف الليل بطريق التسور اختبآ في مكان مجاور لمخزن المصنع الذي به محركات وأسلاك نحاسية وأن بابه يفتح ويغلق دون مفتاح واستخلص الحكم من ذلك ومن الظروف الأخرى لواقعة الدعوى قيام نية السرقة لديهما، وكان التسور كما عرفه القانون يتحقق بدخول الأماكن المسورة من غير أبوباها مهما كانت طريقته، فإن الحكم إذ اعتبر ما وقع من الطاعن وزميله شروعاً في سرقة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح غير مشوب بالخطأ في القانون أو القصور ويكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.