أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 423

جلسة 12 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(98)
الطعن رقم 690 لسنة 45 القضائية

(1 و2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". دفوع "الدفع بإكراه الشاهد". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
(1) الشهادة التي يعول عليها. هي التي تصدر عن الشاهد اختياراً.
(2) الدفع ببطلان أقوال الشاهد. لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. تعويل الحكم على أقوال الشاهد. دون الرد على هذا الدفع. قصور.
(3) نقض. "نطاق الطعن". الحكم في الطعن.
قصور  الحكم في الرد على الدفع ببطلان أقوال الشاهد. التي انصرفت إلى بعض الطاعنين. يوجب امتداد أثر هذا القصور إلى الطاعنين الآخرين. علة ذلك؟
1 – الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه.
2 – من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين دفعاً بأن (الشاهد) إنما أدلى بأقواله تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من رجال الشرطة، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على أقوال الشاهد المذكور بغير أن يرد على ذلك الدفاع الجوهري الذي أثير في شأنها ودون أن يقول كلمته فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
3 – متى كان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه تحصيلاً لأقوال الشاهد أنه كان قد خرج من منزله قبيل الحادث لقضاء حاجة ولدى عودته شاهد الطاعنين الأولين وآخرين لا يعرفهم يحملون أسلحة ويكمنون في دكان ملحق بمنزله يطل على الطريق الذي سلكه المجني عليهم وإذ دخل منزله سمع صوت أعيرة نارية خرج في أثرها يستطلع الأمر فشاهد هؤلاء المذكورين يعتدون بأسلحتهم على المجني عليهم على مسافة قريبة من مسكنه، وهو ما قد يستفاد منه أن شهادة هذا الشاهد إنما اقتصرت على الطاعنين الأولين وحدهما، إلا أنه نظراً لوحدة الواقعة يتعين أن يمتد أثر قصور الحكم في الرد على ما عيبت به تلك الشهادة إلى الطاعنين الثالث والرابع، وخاصة أن تحصيل الواقعة قد انطوى على أن الطاعن الثالث كان أول الخارجين من منزل الشاهد وأول من أطلق النار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم بدائرة مركز شبراخيت محافظة البحيرة. المتهمين جميعاً: قتلوا........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم على قتله ومن معه وتربصوا بهم في المكان الذي أيقنوا سلفاً بمرورهم فيه حاملين آلات حادة وراضة "سكاكين وعصي" كما يحمل المتهم الثامن فرد خرطوش وما أن مروا من أمامهم حتى أسرعوا خلفهم وانهالوا على المجني عليه ضرباً بها قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفى الذكر قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد كلاً من....... و..... و...... وشرعوا في قتل...... و...... و.... و..... بأن عقدوا العزم على قتلهم وترصدوا في مكان مرورهم وانهالوا عليهم ضرباً بالآلات التي كانوا يحملونها بينما أطلق المتهم الثامن عدة أعيرة نارية من الفرد الذي كان يحمله قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالتقارير الطبية الشرعية والتي أودت بحياة الثلاثة الأول منهم وخاب أثر الجريمة بالنسبة للأربعة الباقون لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركتهم بالعلاج الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و230 و231 و232 عقوبات. المتهم الثامن (أ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش" (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته وإحرازه وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 و234/ 2 ع والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به. فقرر بذلك. وادعى كل من...... و...... و...... و...... و...... و....... مدنياً وطلبوا القضاء لهم بمبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعاً. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و230 و231 و232 و234/ 2 و41 و242/ 1 من قانون العقوبات. و1/ 1 و6 و26/ 1 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به مع تطبيق المادتين 232/ 2 و17 من قانون العقوبات والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. (أولاً) بمعاقبة كل من الطاعنين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح والأدوات المضبوطة. (ثانياً) بمعاقبة الطاعن الرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. (ثالثاً): ببراءة باقي المتهمين (رابعاً) بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة شبراخيت الجزئية. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دان الثلاثة الأول منهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد واقترانه بجرائم القتل العمد والشروع فيه كما دان ثالثهم بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص، والرابع بجريمة الضرب البسيط - قد جاء معيباً بالقصور في التسبيب، ذلك بأنهم كانوا قد تمسكوا بلسان المدافعين عنهم ببطلان أقوال شاهد الإثبات.......... لأنه لم يكن قد أدلى بها إلا تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من رجال الشرطة. إلا أن الحكم أخذ بأقوال هذا الشاهد واستند إليها في الإدانة ضمن ما عول عليه من أدلة دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً له ورداً عليه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين دفعاً بأن......... إنما أدلى بأقواله تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من رجال الشرطة، وقال المدافع عن الطاعنين الأولين في تفصيل ذلك ما مؤداه أن هذا الإكراه أدى إلى تناقض الشاهد المذكور في أقواله وقد عومل كمتهم فأدلى بحديث أقرب منه للهزل إزاء ما وقع عليه من إكراه وتهديد من رجال الشرطة مما لا يصح معه التعويل على تلك الأقوال طبقاً لنص المادة 42 من الدستور، كما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه اعتمد على أقوال هذا الشاهد من بين ما استند إليه من أدلة دون أن يعرض لذلك الدفاع أو يرد عليه، لما كان ذلك وكان الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في قضائه على أقوال الشاهد المذكور بغير أن يرد على ذلك الدفاع الجوهري الذي أثير في شأنها ودون أن يقول كلمته فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب وإذ كان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه تحصيلاً لأقوال ذلك الشاهد أنه كان قد خرج من منزله قبيل الحادث لقضاء حاجة ولدى عودته شاهد الطاعنين الأولين و........ وآخرين لا يعرفهم يحملون أسلحة ويكمنون في دكان ملحق بمنزله يطل على الطريق الذي سلكه المجني عليهم وإذ دخل منزله سمع صوت أعيرة نارية خرج في أثرها يستطلع الأمر فشاهد هؤلاء المذكورين يعتدون بأسلحتهم على المجني عليهم على مسافة قريبة من مسكنه وهو ما قد يستفاد منه أن شهادة هذا الشاهد إنما اقتصرت على الطاعنين الأولين وحدهما، إلا أنه نظراً لوحدة الواقعة يتعين أن يمتد أثر قصور الحكم في الرد على ما عيبت به تلك الشهادة إلى الطاعنين الثالث والرابع وخاصة أن تحصيل الواقعة قد انطوى على أن الطاعن الثالث كان أول الخارجين من منزل الشاهد وأول من أطلق النار، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة لجميع الطاعنين دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.