أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1090

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(264)
الطعن رقم 1235 لسنة 28 القضائية

(أ) قانون. تفسيره. قواعد التفسير.
النص العام يعمل به على عمومه ما لم يخصص بدليل.
مثال في تفسير نص المادتين 1، 9/ 2 من قانون مكافحة الدعارة رقم 68 سنة 1951.
دعارة. عناصر الواقعة الإجرامية. ركن الاعتماد. اشتراطه في جريمة المادة 9/ 2 دون جريمة المادة الأولى من ق 68 لسنة 1951.
(ب) حكم. عيوب تسبيب أحكام الإدانة. القصور في بيان ركن الاعتماد في جريمة المادة 9/ 2 من ق 68 لسنة 1951. مثال.
1- نصت المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1951 - بشأن مكافحة الدعارة - على تجريم كل من حرض ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور والدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له بصيغة عامة تفيد ثبوت الحكم على الاطلاق بحيث تتناول شتى صور التسهيل دون اشتراط ركن الاعتياد، غير أن المادة التاسعة تكفلت في فقرتها الثانية بالنص على عقاب "كل من يمتلك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك أو بسماحه في محله بالتحريض على الفجور والدعارة" - وهذا التخصيص بعد التعميم ابتداء يفيد أن مراد الشارع استثناء من ورد ذكرهم في النص الخاص من الحكم العام.
2- إذا كان ما أورده الحكم للاستدلال به على قيام ركن العادة - في الجريمة التي نصت عليها المادة التاسعة من القانون رقم 68 لسنة 1951 في فقرتها الثانية - هو قول مرسل لا يمكن معه الوقوف على أمر الواقعة المكونة لعنصر الاعتياد ولا معرفة مكان وزمان وقوعها بالنسبة إلى الواقعة الأخرى، بحيث تستطيع محكمة النقض إقرارا صحة وصفها ومراقبة صحة تطبيق القانون، فلا يكفي هذا القول بياناً للركن المذكور، ما يعيب الحكم ويوجب نقضه للقصور في بيان الواقعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع أخرى حكم ببراءتها - بأنهما المتهم (الطاعن) أولا: بصفته مالكاً لمنزل مفروش مفتوح للجمهور "فندق" قدم إلى...... غرفة بقصد ارتكاب الفجور والدعارة بها مع المتهمة الثانية وثانياً - ساعدها على ارتكاب الفجور وسهل لها ذلك وطلبت عقابه بالمواد 1 و9/ 2 و3 و13 و14 من القانون رقم 68 لسنة 1951. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و9/ 2 و13 من القانون رقم 68 لسنة 1951 مع تطبيق المادة 32 من القانون العقوبات بحبس المتهم لمدة سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة البوليس لمدة سنة واحدة تبدأ من تاريخه إمكان التنفيذ في المكان الذي يعينه وزير الداخلية وغلق الفندق موضوع الجريمة لمدة ثلاث أشهر وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ولدى نظر الدعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف، وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنها تطرحه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دان الطاعن تطبيقاً للمادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1951، مع أن الواقعة إن صحت لا تنطبق عليها إلا الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون المذكور، لأن صور الفجور أو الدعارة في كل من هاتين المادتين تختلف عن الأخرى فضلا عن أنه حين دان الطاعن عن الجريمة الثانية المسندة إليه طبق الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون المذكور وفي ذلك تناقض يعيب الحكم ويجب نقضه، هذا إلى أن هذه الفقرة تشترط للعقاب توافر ركن العادة، ولم يستدل الحكم على توافر هذا الركن إلا بالتحريات التي استمدها ضابط البوليس من الشكاوى المقدمة عن الفندق مع أن هذا الدليل فوق أنه لا يؤدي إلى ثبوت ركن العادة فهو منتف بما قرره الضابط نفسه أمام المحكمة الاستئنافية إذ شهد بأن التحريات أثبتت عدم صحة الشكاوى المذكورة.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن بوصف أنه أولاً: بصفته مالكاً لمنزل مفروش مفتوح للجمهور (فندق) قدم إلى...... غرفة بقصد ارتكاب الفجور والدعارة مع المتهمة الثانية. ثانياً. ساعد المتهمة الثانية على ارتكاب الفجور والدعارة وسهل لها ذلك وطلبت عقابه بالمواد 1 و9 فقرة ثانية و13 و14 من القانون رقم 68 لسنة 1951 بشأن مكافحة الدعارة فقضت المحكمة المطعون في حكمها بإدانته في هاتين التهمتين تطبيقاً للمواد المذكورة مع المادة 32 من قانون العقوبات، وقالت في حكمها الذي أبدا الحكم الابتدائي لأسبابه - بياناً لواقعة الدعوى "إنها تتحصل فيما أثبته السيد اليوزباشي عبد الخالق بركات معاون مكتب الآداب بمحضر ضبط الواقعة المؤرخ 21/ 4/ 1957 من أنه وردت للمكتب الشكاوى تتضمن أن المتهم الأول (الطاعن) وهو صاحب فندق رمسيس يدير الفندق للدعارة السرية وأن أشخاصاً يترددون عليه صحبة نسوة ساقطات ليقدم لهم المكان لقاء أجر ويسهل لهم ارتكاب الفحشاء دون أن يقوم بقيدهم بالدفتر الخاص، وأنه أثناء مروره الساعة 11 و30 دقيقة مساء على الفندق للتأشير بدفتر البوليس قابله صاحب الفندق بالطابق العلوي وبسؤاله عما إذا كان يوجد بالفندق نزلاء لم يقيدوا بالدفتر الخاص أجاب بأن شخصاً معه امرأة حضر للفندق واستأجر الغرفة رقم 21 وكانت تقومن بتغيير ملابسها وتبين أنها المتهمة الثانية تجلس بالحجرة ووجد معها شخصا يدعي...... يقف بالحجرة ويرتدي قميصاً وسروالاً وخالعا باقي ملابسه وقد ذكر أنه حضر للغرفة لارتكاب الفحشاء مع المتهمة الثانية، ثم عرض الحكم المطعون فيه لاستظهار ركن العادة فقال "إنه ثابت من أقوال الضابط اليوزباشي عبد الخالق بركان أنه تحقق من تحرياته أن المتهم اعتاد تسهيل الفجور والدعارة بسماحه في محل العمومي (اللوكاندة) للغير ارتكاب الدعارة بأن يقدم لهم المكان لقاء أجر وقد تأيدت هذه التحريات بالواقعة التي ضبط فيها...... وما قرره الأول من أنه توجه إلى لوكاندة المتهم لارتكاب الفحشاء مع الأخيرة أنه أعطى المتهم مبلغ جنيه وهو يزيد عن الأجر المقرر للبيت العادي ذلك نظير سماحه له بارتكاب الفحشاء مع هذه المرأة". ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1951 لشأن مكافحة الدعارة وقد نصت على تجريم كل من حرض ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور والدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له بصيغة عامة تفيد ثبوت الحكم على الاطلاع بحيث تتناول شتى صور التسهيل دون اشتراط ركن الاعتياد غير أن المادة التاسعة تكلفت في فقرتها الثانية بالنص على عقاب كل من يملك أو يدير منزلا مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاصاً يرتكبون ذلك أو بسماحه في محله بالتحريض على الفجور والدعارة،وهذا التخصيص بعد التعميم ابتداء يفيد أن مراد الشارع استثناء من ورد ذكرهم في النص الخاص من الحكم العام مما مقتضاه امتناع تطبيق المادة الأولى على واقعة الدعوى التي لا تنطبق عليها إلا الفقرة الثانية من المادة التاسعة، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم للاستدلال به على قيام ركن العادة هو قول مرسل لا يمكن معه الوقوف على أمر الواقعة المكونة لعنصر الاعتياد ولا معرفة مكان وزمان وقوعها بالنسبة إلى الواقعة الأخرى بحيث تستطيع محكمة النقض إقرار صحة وصفها ومراقبة صحة تطبيق القانون، فلا يكفي هذا القول بياناً للركن المذكور مما يعيب الحكم ويوجب نقضه للقصور في بيان الواقعة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.