أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 465

جلسة 26 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وقصدي إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر.

(108)
الطعن رقم 817 لسنة 45 القضائية

(1) اختلاس أشياء محجوزة. تبديد. جريمة. "أركانها". حجز.
جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة. متى تتحقق؟
(2، 3) إعلان. "إجراءاته". قانون. "تفسيره". حجز. تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. دفوع. "الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع".
(2) مثال لإعلان صحيح. وفق المادتين 10، 11 مرافعات. باليوم الذي أجل إليه بيع المحجوزات.
(3) سبب الامتناع. الواجب على المحضر إثباته. بورقة الإعلان. هو سبب الامتناع عن التوقيع على الأصل. لا سبب الامتناع عن استلام الصورة. المادة 9/ 5 أساس ذلك؟ الامتناع عن استلام الإعلان. في ذاته لا يتم به الإعلان.
(4) دفوع. "الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع". تبديد. اختلاس أشياء محجوزة.
الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع. مناطه؟
(5) قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تبديد "اختلاس أشياء محجوزة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم. استقلالاً. عن القصد الجنائي. في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة. غير لازم.
1 – من المقرر أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتحقق باختلاس المحجوزات أو التصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع بمحل الحجز أو عدم الإرشاد عنها بنية الغش أو بقصد الاعتداء على أوامر السلطة العامة والمساس بحقوق الدائن الحاجز.
2 – متى كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في شأن عدم علمه باليوم الذي تحدد للبيع ورد عليه في قوله "وحيث إن المتهم لم يدفع الاتهام إلا بقوله أن البيع قد تأجل ولم يعلم بيوم البيع الجديد وقد تبين من الاطلاع على أوراق التنفيذ أن البيع كان محدداً له يوم 3/ 5/ 1972 ثم أوقف البيع لعدم وجود مشتر ثم تحدد يوم 18/ 7/ 1972 للبيع وأعلن المتهم بهذا اليوم إعلاناً صحيحاً ومن ثم يكون الادعاء بعدم علمه بيوم البيع غير صحيح". وكان البين من مطالعة المفردات أن المحضر قد أثبت بمحضر الإعلان عن يوم البيع الجديد انتقاله يوم 25/ 6/ 1972 الساعة 3 م لإعلان المراد إعلانهم ولغياب الأول والثانية وامتناع الثالث - الطاعن - عن الاستلام سيعلنوا لجهة الإدارة ثم أثبت أنه في اليوم ذاته الساعة 4 م سلم ورقة الإعلان لمندوب القسم الذي وقع بورود صورها كما أثبت أنه وجه في اليوم التالي إخطاراً عن ذلك وفقاً لما تقضي به المادتان 10، 11 من قانون المرافعات، فإن إعلان الطاعن بيوم البيع الجديد المحدد له يوم 18/ 7/ 1972 يكون قد تم صحيحاً.
3 – المقصود بالسبب الذي يجب بيانه بورقة الإعلان، على ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة التاسعة من قانون المرافعات هو سبب الامتناع عن التوقيع على الأصل لا سبب الامتناع عن استلام صورة الورقة ذلك أنه في حالة الامتناع عن استلامها فإن الإعلان لا يتم بمجرد حصول هذا الامتناع بل يجب على المحضر أياً كان سببه أن يسلم الصورة لجهة الإدارة وفقاً لما تتطلبه المادة 11 من قانون المرافعات، ومن ثم لا يترتب على هذا الامتناع من النتائج ما يقتضي بيان سببه في أصل الإعلان – كما أن من يمتنع عن استلام الصورة لا يبدي عادة سبباً لامتناعه.
4 – أن محل الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد، وهو ما لم يثره الطاعن في أسباب طعنه.
5 – من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعن في الإضرار بالدائنة الحاجزة مما أورده في مدوناته من أن "التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة قبله مما ثبت من محضر الحجز التنفيذي ومما أثبته المحضر بمحضر التبديد من أنه انتقل في اليوم المحدد للبيع لإجراء بيع المحجوز عليه فلم يجده بمكان الحجز الأمر المعاقب عليه عملاً بمادة الاتهام" مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعن لم يقدم المحجوز عليه للبيع عن عمد بقصد عرقلة التنفيذ والإضرار بالدائنة الحاجزة فإن ما يثيره الطاعن في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديه يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر، المملوكة لآخرين والمحجوز عليها قضائياً لصالح الشركة المصرية للمعدات الكهربائية والمسلمة إليه على وجه الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائنة. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الساحل الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهم، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد حجز قضائي قد شابه القصور والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحجز توقع بتاريخ أول مايو سنة 1972 وتحدد للبيع يوم 30 مايو سنة 1972 ثم تأجل ليوم 18 يوليه سنة 1972 ولم يعلن بهذا التأجيل إعلاناً قانونياً صحيحاً لأن المحضر لم يبين من ورقة الإعلان سبب امتناعه عن استلامها، ولم يثبت بمحضره عند تسليم الورقة لجهة الإدارة إخطار المعلن إليهم بخطابات مسجلة، كما اكتفى بتسليم مندوب القسم صورة واحدة منها، ومن ثم يكون إعلانه قد وقع باطلاً ولم يعلم علماً يقينياً باليوم المحدد للبيع - وقد دفع بذلك أمام المحكمة الاستئنافية وبانتفاء القصد الجنائي لديه إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بما يكفي لإطراحه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه، والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها قضائياً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولما كان من المقرر أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتحقق باختلاس المحجوزات أو التصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع بمحل الحجز أو عدم الإرشاد عنها بنية الغش أو بقصد الاعتداء على أوامر السلطة العامة والمساس بحقوق الدائن الحاجز. وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في شأن عدم علمه باليوم الذي تحدد للبيع ورد عليه في قوله "وحيث إن المتهم لم يدفع الاتهام إلا بقوله أن البيع قد تأجل ولم يعلم بيوم البيع الجديد، وقد تبين من الاطلاع على أوراق التنفيذ أن البيع كان محدداً له يوم 3 مايو سنة 1972 ثم أوقف البيع لعدم وجود مشتر ثم تحدد يوم 18 يوليه سنة 1972 للبيع، وأعلن المتهم بهذا اليوم إعلاناً صحيحاً، ومن ثم يكون الادعاء بعدم علمه بيوم البيع غير صحيح". وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن المحضر قد أثبت بمحضر الإعلان عن يوم البيع الجديد انتقاله يوم 25 يونيه سنة 1972 الساعة 3 و20 دقيقة مساءً لإعلان المراد إعلانهم - ولغياب الأول والثانية - وامتناع الثالث - الطاعن - عن الاستلام سيعلنوا لجهة الإدارة، ثم أثبت أنه في اليوم ذاته الساعة 4 مساء سلم ورقة الإعلان لمندوب القسم الذي وقع بورود صورها، كما أثبت أنه وجه في اليوم التالي إخطاراً عن ذلك وفقاً لما تقضي به المادتان 10، 11 من قانون المرافعات، فإن إعلان الطاعن بيوم البيع الجديد المحدد له يوم 18 يوليه سنة 1972 يكون قد تم صحيحاً- أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات المحضر سبب امتناعه عن استلام الإعلان، فمردود بأن المقصود بالسبب الذي يجب بيانه بورقة الإعلان على ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة التاسعة من قانون المرافعات هو سبب الامتناع عن التوقيع على الأصل لا سبب الامتناع عن استلام صورة الورقة، ذلك أنه في حالة الامتناع عن استلامها، فإن الإعلان لا يتم بمجرد حصول هذا الامتناع، بل يجب على المحضر أياً كان سببه أن يسلم الصورة لجهة الإدارة وفقاً لما تتطلبه المادة 11 من قانون المرافعات ومن ثم لا يترتب على هذا الامتناع من النتائج ما يقتضي بيان سببه في أصل الإعلان، كما أن من يمتنع عن استلام الصورة لا يبدي عادة سبباً لامتناعه. لما كان ذلك، وكان محل الدفع بعدم العلم باليوم المحدد للبيع - على فرض صحته - أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد وهو ما لم يثره الطاعن في أسباب طعنه. وإذ كان البين من المفردات المضمومة أن المحضر المنوط به التنفيذ أثبت في محضر التبديد المؤرخ 18 يوليه سنة 1972 أنه انتقل في هذا اليوم المحدد للبيع ولم يجد "البوتاجاز" المحجوز عليه بمحل الحجز وطلبه فلم يقدم إليه، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد مضمون هذا المحضر في مدوناته واستخلص من ذلك عدم وجود المحجوز وتبديده - وهو استخلاص موضوعي سائغ لا تجوز مجادلة محكمة الموضوع أو مصادرة عقيدتها في شأنه - فإن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم علمه باليوم المحدد للبيع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعن في الإضرار بالدائنة الحاجزة مما أورده في مدوناته من أن "التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة قبله...... مما ثبت بمحضر الحجز التنفيذي ومما أثبته المحضر - بمحضر التبديد - من أنه انتقل في اليوم المحدد للبيع لإجراء بيع المحجوز عليه فلم يجده بمكان الحجز الأمر المعاقب عليه عملاً بمادة الاتهام" - مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعن لم يقدم المحجوز عليه للبيع عن عمد بقصد عرقلة التنفيذ والإضرار بالدائنة الحاجزة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في استخلاصه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديه يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.