أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 471

جلسة أول يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الأسيوطي، وصلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينه، وصلاح عبد الحميد.

(109)
الطعن رقم 825 لسنة 45 القضائية

(1، 2) ترويج عملة أجنبية. وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(1) حق المحكمة رد الواقع بعد تمحيصها. إلى الوصف القانوني الصحيح.
(2) الاتهام بترويج عملة أجنبية متداولة قانوناً في الخارج. انطواؤه في مدلوله على عنصر حيازتها. حق المحكمة عند عدم ثبوت الوصف الأول أن تعدله إلى الوصف الثاني. دون لفت نظر الدفاع. أساس ذلك؟
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. أمام محكمة النقض. غير مقبولة.
(4) مسئولية جنائية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن. "الصفة في الطعن".
تحديد مسئولية المتهم بما يسند إليه من وقائع. لا صفة له فيما يقضي به على غيره.
1 – الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم.
2 – متى كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة كانت مطروحة بالجلسة، وهي ذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد، وكان التعديل هو أن الواقعة بالنسبة إلى الطاعن تكون جريمة حيازة أوراق مالية مقلدة متداولة قانوناً في الخارج بقصد ترويجها، ولم يتعد التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى، ذلك بأن الترويج في واقع الأمر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الترويج، فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها، فإن التعديل في الوصف الذي أجرته المحكمة لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يخول للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة تنبيه أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل الوصف.
3 – متى كان ما يثيره الطاعن في منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أقوال الشهود لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها فإنه لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 – إن مسئولية المتهم تتحدد بما يسند إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضي به على متهم آخر، ومن ثم فلا صفة للطاعن في التحدث عما قضى به بالنسبة للمتهم الآخر المحكوم ببراءته، بل أن ذلك للنيابة العامة وحدها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه مع آخرين سبق الحكم عليهما بدائرة قسم الموسكي محافظة القاهرة، روجوا عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً في الخارج هي الورقتين الماليتين فئة الألف دولار - والمقلدة بطريق التصوير الفوتوغرافي والطبع من أكلاشيه مصطنع على غير الورقة الصحيحة مع علمهم بتقليدها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 202/ 1 و203 و30/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنة واحدة ومصادرة الورقتين المضبوطتين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً بالخارج قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يتناول الرد على دفاع الطاعن من أن ما اقترفه من أفعال لا تعدو أن تكون مجرد أعمال تحضيرية لجريمة الترويج، كما أن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والتي دارت عليها المرافعة من تهمة الترويج إلى تهمة الحيازة بقصد الترويج دون أن تنبهه إلى ذلك التعديل عملاً بالمادتين 307 و308 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلى أن الحكم لم يتفهم حقيقة الواقعة واستخلصها استخلاصاً غير سائغ من أقوال الشهود ذلك أن الثابت من أقوالهم أن المتهم الأول هو الذي كان على صلة مباشرة بالمصدر الأساسي للأوراق المالية المزيفة وأن نشاط الطاعن اقتصر على تسلم تلك الأوراق منه كوسيط في الصفقة ومن ثم فلا يعتبر حائزاً لها. وأخيراً فإن القضاء بإدانة الطاعن يتعارض مع سبق الحكم غيابياً ببراءة المتهم الثاني في الدعوى من تهمة الترويج إذا قضى بذلك دون تعديل الوصف بالنسبة له إلى إحراز بقصد الترويج كما حدث بالنسبة للطاعن مما ينطوي على تناقض في وصف التهمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة أوراق مالية مقلدة بقصد ترويجها التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه حسب الحكم كي ما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعي الطاعن على الحكم بالقصور بدعوى عدم الرد على دفاعه من أن ما أثاره من أفعال لا يعدو الأعمال التحضيرية لجريمة الترويج لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد وكان مرد التعديل هو أن الواقعة بالنسبة إلى الطاعن إنما تكون جريمة حيازة أوراق مالية مقلدة متداولة قانوناً في الخارج بقصد ترويجها ولم يتعد التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى ذلك بأن الترويج في واقع الأمر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الترويج فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها فإن التعديل في الوصف الذي أجرته المحكمة لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يخول للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة تنبيه أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل الوصف. لما كان ذلك، وكان يثيره الطاعن في منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أقوال الشهود لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها هو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت مسئولية المتهم تتحدد بما يسند إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضي به على متهم آخر فإنه لا صفة للطاعن في التحدث عما قضى به بالنسبة للمتهم الآخر المحكوم ببراءته بل أن ذلك للنيابة العامة وحدها، وإذ كان من المقرر أنه لا تقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن. فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.