أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 481

جلسة 2 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وعثمان مهران الزيني، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(112)
الطعن رقم 840 لسنة 45 القضائية

(1) دعوى جنائية. "قيود تحريكها". نيابة عامة. "استردادها حقها في رفع الدعوى". اختصاص. "النيابة العامة". طلب.
استرداد النيابة حقها في رفع الدعوى. ولو وجه طلب تحريكها إلى نيابة غير مختصة.
(2) دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص المكاني". اختصاص. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بخلو الحكم من بيان مكان الواقعة. حقيقته. دفع بعدم الاختصاص المكاني. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. طالما أن مدونات الحكم تظاهره. أساس ذلك؟
(3) محكمة ثاني درجة. "الإجراءات أمامها". إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام محكمة ثاني درجة إجراء تحقيق لم تر لزومه.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
(4) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "اعتراف".
إيراد الحكم أقوال المتهم كما جاءت بأسباب طعنه. وليس بوصفها اعترافاً. النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد. غير صحيح.
(5) تبغ. تعويض. "تقديره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المناط في تقدير التعويض في حالة زراعة التبغ. أو استنباته. بالمساحة المزروعة. دون اعتبار لكمية المزروع.
1 – لما كان الطاعن يسلم بأن الجهة صاحبة الاختصاص المشار إليها في القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ - والذي يحكم الواقعة - قد طلبت من النيابة العامة كتابة إقامة الدعوى الجنائية ضده، وهو ما تسترد به كامل حريتها في إجراءات تحريك الدعوى ومباشرتها ويندفع به ما يثيره من أن النيابة التي تلقت الطلب هي نيابة بندر سوهاج وليست نيابة المركز التي أقامت الدعوى. ذلك بأن الخطأ في توجيه الطلب إلى نيابة غير مختصة على فرض حصوله ليس بذي أثر على استرداد النيابة العامة حقها في إقامة الدعوى ما دام أنها لم تباشر هذا الحق إلا بناءً على الطلب المكتوب، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره.
2 – نعى الطاعن أن الحكم خلا من بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن من أن مكان الواقعة هو بندر سوهاج لا مركز سوهاج فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
3 – الأصل أن محكمة الدرجة الثانية إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهادة دلال المساحة فإنه ليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولا تلتزم هي بإجرائه.
4 – لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله: "وعن قول المتهم بما يشير أنه لم يكن يعلم بأن الزراعة منتجة الدخان واعتقد أنها بذور فلفل فإن المزارع العادي البسيط حتى على فرض عدم تحقيقه بين بذور الزراعات وهذا فرض بعيد فإنه باخضرار وظهور شجيراتها فإن كل منها تختلف اختلافاً كلياً عن بعضها بما لا يخفى أمر نوعها عن أي فلاح مصري عادي أو متوسط أو أقل من ذلك أيضاً وترك المتهم زراعة الدخان عقب علمه بكنهها وناتجها وأن زراعته لها وسط أشجار الفاكهة لإخفائها يكشف عن نيته وقصده في زراعة الدخان...". وهو ما يكشف عن أن الحكم المطعون فيه حصل أقوال الطاعن على النحو الذي أورده هو في أسباب نعيه وليس بوصفه اعترافاً، فإن نعي الطاعن على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد يكون غير صحيح.
5 – لما كانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ قد نصت على أنه "يحكم بطريق التضامن على الفاعلين والشركاء بتعويض يؤدي إلى مصلحة الجمارك على النحو التالي: مائة وخمسين جنيهاً عن كل قيراط أو جزء منه مزروع أو مستنبت فيه تبغاً" ويبين من صريح النص أنه جعل المناط في تقدير التعويض في حالة زراعة التبغ أو استنباته بالمساحة المزروع فيها التبغ في ذاتها دون أي اعتبار للكمية المزروعة فإن الحكم المطعون فيه إذ حصل واقعة الدعوى بأن المتهم قد زرع التبغ وسط زراعة الفاكهة في مساحة ستة قراريط وقضى عليه بالتعويض على أساس تلك المساحة يكون قد أصاب صحيح القانون مما لا محل معه للنعي عليه في هذا الخصوص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21 من يوليه سنة 1970 بدائرة مركز سوهاج محافظة سوهاج: قام بتهريب التبغ بأن زرعه على النحو المبين بالمحضر وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بمبلغ تسعمائة جنيه كتعويض. ومحكمة مركز سوهاج الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثمائة قرش لوقف التنفيذ والمصادرة وبتعويض مدني قدره تسعمائة جنيه. فاستأنف المتهم. ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحامي في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تهريب التبغ قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون. ذلك بأنه أغفل بيان مكان الواقعة رغم أثر ذلك في الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية إذ صدر الطلب من مدير عام الجمارك إلى وكيل نيابة بندر سوهاج بينما قام وكيل نيابة مركز سوهاج برفع الدعوى. كما أعرضت المحكمة الاستئنافية عن طلب الطاعن سماع شهادة دلال المساحة. وعولت في قضائها بالإدانة على أن الطاعن اعترف في حين أنه نفى علمه بأن ما يزرعه تقاوي تبغ. كما أخطأ الحكم بالتعويض على أساس المساحة المنزرعة لا على أساس وزن الشجيرات. وأن كل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زراعة التبغ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن يسلم بأن الجهة صاحبة الاختصاص المشار إليها في القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ - والذي يحكم الواقعة - قد طلبت من النيابة العامة كتابة إقامة الدعوى الجنائية ضده، وهو ما تسترد به كامل حريتها في إجراءات تحريك الدعوى ومباشرتها، ويندفع به ما يثيره من أن النيابة التي تلقت الطلب هي نيابة بندر سوهاج وليست نيابة المركز التي أقامت الدعوى، ذلك بأن الخطأ في توجيه الطلب إلى نيابة غير مختصة على فرض حصوله ليس بذي أثر على استرداد النيابة العامة حقها في إقامة الدعوى ما دام أنها لم تباشر هذا الحق إلا بناءً على الطلب المكتوب، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره، أما ما يثيره الطاعن في الوجه الآخر من النعي من أن الحكم خلا من بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن من أن مكان الواقعة هو بندر سوهاج لا مركز سوهاج فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الدرجة الثانية إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، لما وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهادة دلال المساحة فإنه ليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولا تلتزم هي بإجرائه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله "وعن قول المتهم بما يشير أنه لم يكن يعلم بأن الزراعة منتجة الدخان واعتقد أنها بذور فلفل فإن المزارع العادي البسيط حتى على فرض عدم تحقيقه بين بذور الزراعات وهذا فرض بعيد فإنه باخضرار وظهور شجيراتها فإن كل منها تختلف اختلافاً كلياً عن بعضها بما لا يخفى أمر نوعها عن أي فلاح مصري عادي أو متوسط أو أقل من ذلك أيضاً وترك المتهم زراعة الدخان عقب علمه بكنهها وناتجها وأن زراعته لها وسط أشجار الفاكهة لإخفائها يكشف عن نيته وقصده في زراعة الدخان". وهو ما يكشف عن أن الحكم المطعون فيه حصل أقوال الطاعن على النحو الذي أورده هو في أسباب نعيه وليس بوصفه اعترافاً، فإن نعي الطاعن على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ قد نصت على أنه "يحكم بطريق التضامن على الفاعلين والشركاء بتعويض يؤدي إلى مصلحة الجمارك على النحو التالي: مائة وخمسين جنيهاً عن كل قيراط أو جزء منه مزروع أو مستنبت فيه تبغاً" ويبين من صريح النص أنه جعل المناط في تقدير التعويض في حالة زراعة التبغ أو استنباته بالمساحة المزروع فيها التبغ في ذاتها دون أي اعتبار للكمية المزروعة فإن الحكم المطعون فيه إذ حصل واقعة الدعوى بأن المتهم قد زرع التبغ وسط زراعة الفاكهة في مساحة ستة قراريط وقضى عليه بالتعويض على أساس تلك المساحة يكون قد أصاب صحيح القانون مما لا محل معه للنعي عليه في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.