أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 493

جلسة 8 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينة، وصلاح عبد الحميد.

(115)
الطعن رقم 664 لسنة 45 القضائية

(1، 2) قتل عمد. قصد جنائي. باعث. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(1) استخلاص نية القتل. موكول لمحكمة الموضوع. بغير معقب. متى كان سائغاً.
(2) جواز نشوء نية القتل. أثر مشادة وقتية.
الباعث على الجريمة. لا يؤثر على كيانها.
(3) عقوبة. "تقديرها". "العقوبة المبررة". قتل عمد. وصف التهمة.
(3) تقديره العقوبة. العبرة فيه بذات الواقعة. لا بوصفها.
كون العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق المقرر للجريمة المرفوعة بها الدعوى – لا يبرر خطأ الحكم في تعديله وصف التهمة. ما دام أنه تحت تأثير هذا الوصف قد أنزل عقوبته القصوى بالمتهم. أساس ذلك؟
1 – لئن كان استخلاص نية القتل لدى الجاني وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها، أمر موضوعياً متروكاً لمحكمة الموضوع دون معقب، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تكون الوقائع والظروف التي استندت إليها وأسست عليها رأيها تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي رتبتها عليها، ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كانت الأسباب التي أوردتها تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها.
2 – من المقرر أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني أثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة لا تأثير له على كيانها.
3 – لا يغير من خطأ الحكم أن تكون العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد بغير سبق إصرار أو ترصد المنصوص عليها في المادة 234/ 1 من قانون العقوبات إذ أن تقدير العقوبة يكون بالنسبة إلى ذات الواقعة الجنائية لا بالنسبة إلى الوصف القانوني الذي وصفتها به المحكمة ذلك أن الحكم قضى بمعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات وهو الحد الأقصى لجريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار أو ترصد - التي عدل الوصف إليها خطأ - مما يشعر بأنه لم يكن ثمة ما يمنع المحكمة من زيادة هذه العقوبة لولا أن تقديرها لها كان تحت تأثير الوصف القانوني الذي أعطته للواقعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم المنتزه محافظة الإسكندرية قتل زوجته...... بأن طعنها بسكين عدة طعنات في رقبتها وأنحاء متفرقة من جسمها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة سبع سنين باعتبار أن التهمة هي ضرب أفضى إلى موت. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ نفى عن المطعون ضده نية القتل ودانه بجريمة إحداث جروح بالمجني عليها أفضت لموتها ولم يقصد من ذلك قتلها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال ذلك بأن موجب ظروف الدعوى ووقائعها يتنافى عقلاً مع ما انتهى إليه الحكم من استبعاد نية القتل كما أن ما أورده تدليلاً على انتفاء تلك النية لدى المطعون ضده غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنه في يوم 28/ 4/ 1973 بناحية...... سمعت...... في حوالي الساعة الرابعة صباحاً أثناء وجودها بمسكنها صوت استغاثة المجني عليها... صادر من حجرتها المجاورة للحجرة التي تقيم فيها فقصدت إليها وطرقت الباب ولما لم يفتح لها قامت بدفعه فانفتح فأبصرت بالمتهم...... راقداً فوق زوجته المجني عليها ويقوم بطعنها طعنات عديدة بمطواة صغيرة طول نصلها حوالي 10 سم فطلبت منه الكف عن هذا التعدي إلا أنه استمر فيه حتى انهارت مقاومة المجني عليها... وبعد أن أورد الحكم مؤدى أقوال شاهدة الإثبات نقل عن تقرير الصفة التشريحية أنه وجد بالمجني عليها عدة جروح قطعية طعنية منها أربعة بالجانب الأيسر للعنق وواحد بالثدي الأيسر وواحد بالجانب الأيسر للصدر وواحد بالجانب الأيسر للبطن وواحد بالجانب الأيسر للظهر واثنان بالجانب الأيمن للظهر وست جروح قطعية بالساعد الأيسر وثلاثة جروح قطعية براحة اليد اليمنى وجرح قطعي بالفخذ الأيسر... وأن هذه الجروح قطعية طعنية حيوية تحدث من الطعن بآلة صلبة ذات حافة حادة مدببة الطرف كمطواة أو سكين وإصابة المجني عليها بالعنق والصدر والبطن والظهر تعتبر في مقتل بالنسبة لموضعها والآلة المستعملة وبالنسبة لنفاذها تعتبر خطرة وأن التقرير رد الوفاة إلى هذه الإصابات بما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين والحجاب الحاجز والكبد والطحال وما صاحب ذلك من نزيف وصدمة عصبية ثم عرض الحكم لنية القتل فنفاها عن المطعون ضده في قوله: إن النيابة العامة وصفت فعلة المتهم بأنها قتل عمد ولا تشاطر المحكمة النيابة فيها ذهبت إليه ذلك لأن جريمة القتل العمد تتطلب لقيامها توافر قصد خاص هو نية إزهاق روح المجني عليه وهذا القصد الخاص لا ترشح له ماديات الدعوى إذا لم يقل أحد من أهلية المجني عليها أو جارتها أن ثمة خصومة قامت بين المتهم وزوجته سابقة لوقوع الحادث أو معاصرة له سوى مجرد خلافات زوجية وهي كثيراً ما تقع بين الزوجين ولا تبرر ارتكاب جريمة القتل العمد كالخلاف حول الإنفاق أو الانتقادات العائلية وما تسببه من...... سواء من جانب الزوج أو الزوجة وغير ذلك مما يوفر هذا الخلاف وما يقطع في ذلك... ما قالت به جارة المجني عليها......... من أن الزوجة بعد ما سهرت معها في الليلة السابقة على الحادث قصدت إلى غرفها في حوالي الساعة 11 م إلا أنها شعرت بالاستغاثة في حوالي الساعة 4 ص يوم الحادث مما مفاده أن ثمة مشادة طارئة قامت بين الزوجين فاعتدى فيها المتهم على زوجته بإحداث جراح بها ودون أن يقصد قتلاً..." لما كان ذلك، وكان استخلاص نية القتل لدى الجاني وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها وإن كان أمر موضوعياً متروكاً لمحكمة الموضوع دون معقب إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تكون الوقائع والظروف التي استندت إليها وأسست عليها رأيها تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي رتبتها عليها ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كانت الأسباب التي أوردتها تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عول في انتفاء نية القتل لدى المطعون ضده على أن ماديات الدعوى لا ترشح لقيامها وعلى احتمال اقتراف المطعون ضده للجريمة إثر مشادة طارئة بينه وبين زوجته المجني عليها نتيجة لخلافات زوجية كثيراً ما تقع بين الزوجين وكانت ماديات الدعوى على ما أثبتها الحكم في بيانه لواقعتها وما نقله عن تقرير الصفة التشريحية تخالف النظر الذي انتهى إليه الحكم وكان من المقرر أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة لا تأثير له على كيانها القانوني، فإن ما أورده الحكم من أسباب نفي بها نية القتل لدى المطعون ضده لا تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاً عن مجافاتها لوقائع الدعوى وظروفها بما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ويوجب نقضه. ولا يقدح في ذلك أن تكون العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد بغير سبق إصرار أو ترصد المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات إذ أن تقدير العقوبة يكون بالنسبة إلى ذات الواقعة الجنائية لا بالنسبة إلى الوصف القانوني الذي وصفتها به المحكمة ذلك أن الحكم قضى بمعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات وهو الحد الأقصى لجريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار أو ترصد مما يشعر بأنه لم يكن ثمة ما يمنع المحكمة من زيادة هذه العقوبة لولا أن تقديرها لها كانت تحت تأثير الوصف القانوني الذي أعطته للواقعة بما يتحقق به مصلحة النيابة الطاعنة فيما تثيره بوجه الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.