أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 508

جلسة 9 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعثمان مهران الزيني، وقصدي إسكندر عزت.

(119)
الطعن رقم 939 لسنة 45 القضائية

(1 - 3) قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. إثبات. "بوجه عام". "خبرة". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية المدنية والجنائية. والسرعة التي تجاوز مقتضى الحال. موضوعي. مثال.
(2) جواز أن يكون إثبات الوفاة نتيجة الكشف الظاهري.
(3) استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث. حق محكمة الموضوع. ما دام سائغاً.
1 – من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ وهي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه كلاهما مما يتعلق بموضوع الدعوى وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ من أقوال شهود الحادث وما دلت عليه المعاينة أن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة شديدة وانحرف بها فجأة عن الطريق العادي إلى الطريق الترابي مندفعاً إلى البركة حيث كانت المجني عليها دون أن يستطيع التحكم في عجلة القيادة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها.
2 – لما كان الحكم قد عرض لأسباب وفاة المجني عليها وخلص في مدوناته إلى أنها حدثت من الصدمة العصبية الناجمة عن الاصطدام بجسم صلب راض نتيجة الحادث وكان ما حصله في هذا الشأن له أصله الثابت في تقرير طبيبة الوحدة وفي محضر جلسة المحاكمة عند مناقشة الطبيبة وكان القانون لا يوجب أن يكون إثبات سبب الوفاة نتيجة الصفة التشريحية دون الكشف الظاهري حيث يغني في هذا المقام فإن استناد الحكم إلى تقرير طبيبة الوحدة بناء على الكشف الظاهري وما قررته بالجلسة في إثبات سبب الوفاة بدون إجراء الصفة التشريحية للمجني عليها لا يعيب الحكم ولا يقدح في تدليله على أن الوفاة نتيجة الحادث ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
3 – من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق كما هي الحال في الدعوى الماثلة فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله دفاعه القائم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ والدة المجني عليها المتوفاة وحدها بتركها على حافة البركة في مكان لا يتوقعه أحد لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز تلا محافظة المنوفية: (أولاً) تسبب خطأ في موت......... وجرح......... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته ومخالفة القوانين واللوائح بأن قاد سيارة بسرعة وبحالة ينجم عنها الخطر ودون التحكم في عجلة القيادة وضبط فرامل السيارة في الوقت المناسب فانحرفت السيارة إلى يسار الطريق وسقطت في إحدى المنحنيات الواقعة على جانب الطريق فاصطدمت بالمجني عليهما فأحدثت إصاباتهما المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة الأولى. (ثانياً) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و81 و88 و90 من القانون 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية. وادعى......... والد المجني عليها - مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح تلا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ مع إلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني واحد وخمسين جنيهاً على سيبل التعويض المؤقت والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأمرت بشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. فاستأنف المتهم، ومحكمة شبين الكون الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم أسند إلى الطاعن قيادته السيارة لحظة وقوع الحادث بحالة ينجم عنها الخطر دون دليل على ذلك كما أطرح دفاعه بأن وفاة المجني عليها نتجت من غرقها حالة أن الطبيبة الكشافة أقرت في محضر الجلسة أنها تفتقد الوسائل العملية والفنية التي يمكن أن تفرق بها بين الكدم الرضي الناتج من المصادمة وبين الزرقة الرمية الناشئة عن عدم التنفس وأخذت على النيابة العامة قعودها عن ندب الطبيب الشرعي للكشف على الجثة كما أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن في أن الحادث كان نتيجة خطأ والدة المجني عليها وحدها إذ تركتها على حافة البركة في مكان لا يمكن للطاعن أن يتصور وجودها فيه عندما انحرف بسيارته ليتفادى بعض الصبية الذين كانوا يعبرون الطريق فجأة أمام السيارة.
وحيث إن البين من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأقوال الشهود ومعاينة مكان الحادث ونتيجة الكشف الطبي أورد ما أثاره الطاعن في دفاعه سالف الذكر ثم تحدث عن توافر ركن الخطأ في حقه بما مفاده أن الحادث يرجع إلى انحراف الطاعن بالسيارة فجأة إلى يسار الطريق رغم خلوه من المارة والسيارات المقابلة متخطياً الطريق الأسفلت البالغ عرضه ثمانية أمتار ثم الطريق الترابي حتى سقطت السيارة في بركة بنهاية الطريق في الأخير بعد أن صدمت المجني عليهما فتوفيت إحداهما نتيجة ذلك وخلصت المحكمة في ذلك إلى أن الطاعن لا بد وأنه كان يقود السيارة بسرعة شديدة جعلته لا يستطيع التحكم في عجلة القيادة وأنه حتى على فرض صحة ما يقرره من أنه حاول أن يتفادى بعض الصبية بالطريق فإنه لو كان يسير بسرعة عادية لما انحرف بسيارته بعرض الطريق الأسفلت والطريق الترابي حتى سقط بالبركة حيث كانت المجني عليهما، ولما وقع الحادث. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ وهي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه كلاهما مما يتعلق بموضوع الدعوى وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ من أقوال شهود الحادث وما دلت عليه المعاينة أن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة شديدة وانحرف بها فجأة عن الطريق العادي إلى الطريق الترابي مندفعاً إلى حافة البركة حيث كانت المجني عليها دون أن يستطيع التحكم في عجلة القيادة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لأسباب وفاة المجني عليها وخلص في مدوناته إلى أنها حدثت من الصدمة العصبية الناجمة عن الاصطدام بجسم صلب راض نتيجة الحادث وكان ما حصله في هذا الشأن له أصله الثابت في تقرير طبيبة الوحدة وفي محضر جلسة المحاكمة عند مناقشة الطبيبة وكان القانون لا يوجب أن يكون إثبات سبب الوفاة نتيجة الصفة التشريحية دون الكشف الظاهري حيث يغني في هذا المقام فإن استناد الحكم إلى تقرير طبيبة الوحدة بناء على الكشف الظاهري وما قررته بالجلسة في إثبات سبب الوفاة دون إجراء الصفة التشريحية للمجني عليها لا يعيب الحكم ولا يقدح في تدليله على أن الوفاة نتيجة الحادث ويكون منعي الطاعن في هذا الصدد على غير أساس، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق كما هي الحال في الدعوى الماثلة فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله دفاعه القائم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ والدة المجني عليها المتوفاة وحدها بتركها على حافة البركة في مكان لا يتوقعه أحد لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.