أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 528

جلسة 22 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الأسيوطي، وعبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينه، ومحمد صلاح عبد الحميد.

(123)
الطعن رقم 805 لسنة 45 القضائية

(1 - 8) قانون. "إلغاءه". "تفسيره". "إصداره". "تطبيقه". "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية. دستور. نقد. استيراد. إقامة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(1) عدم إلغاء التشريع. إلا بتشريع لاحق أعلى منه. أو مساو له في مدارج التشريع. الإلغاء الصريح والضمني للقانون؟
بقاء قوانين النقد والاستيراد أرقام 80 لسنة 1947، 9 لسنة 1959، 95 لسنة 1967. قائمة. لعدم صدور تشريع يزيل قوتها التنفيذية.
(2) التحرز في تفسير القوانين الجنائية. والتزام الدقة في تفسيرها. وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل. واجب.
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها. عن طريق التفسير أو التأويل. أو بدعوى الاستهداء بحكمة الشارع.
الاستهداء بحكمة التشريع ودواعيه. لا تكون إلا عند غموض النص.
الأحكام تدور مع علتها. لا مع حكمتها.
لا اجتهاد. مع صراحة النص.
القول بأن نظام الاستيراد بدون تحويل عملة. يترتب عليه التعارض مع حكم المادة الأولى من قانون النقد. وأنه ألغى تراخيص الاستيراد بصورة مطلقة شاملة. مخالف للقانون. واجتهاد غير جائز مع صراحة نصوص القانون. وتوسع في تفسيرها. وأخذ بحكمتها. لا بعلتها. وهو ما لا يجوز قانوناً.
(3) حق السلطة التنفيذية. دستورياً. إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين. دون زيادة أو تعديل أو تعطيل لها. أو إعفاء من تنفيذها ليس معناه نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين للسلطة التنفيذية.
اللائحة. لا تلغى أو تنسخ نصاً في القانون.
(4) صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود قضاء بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تطبيق نص القانون. عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحة أو قرار. واجب.
(5) حاصل تشريعات الرقابة على النقد وتنظيم الاستيراد. حظر مطلق. وتنظيم إداري. يسمح بالاستثناء عن طريق إصدار القرارات اللازمة في حدود التفويض التشريعي.
القرارات الصادرة في شأن الاستيراد بدون تحويل عملة. تخص المخاطبين بها. دون غيرهم. مخالفة هذا النظر. خطأ في القانون.
(6) معنى القانون الأصلح. في قصد الشارع؟
القرارات الوزارية الصادرة في نطاق قانوني النقد والاستيراد. وفي حدود التفويض التشريعي لا تعد قانوناً أصلح للمتهم. علة ذلك.
باعتبار قرار وزير المالية رقم 66 لسنة 1974 معطلاً. حكم المادة الثالثة من قانون النقد ومعفياً المواطنين كافة من واجب العرض على وزارة الخزانة. بما يعد معه قانوناً أصلح للمتهمين. خطأ في القانون.
(7) المقصود بالتعامل المحظور. في النقد المصري. على غير المقيم؟
استيداع النقد المصري وتسليمه إلى غير مقيم. تعامل محظور.
(8) من يقيم بمصر مؤقتاً. أو إقامة غير مشروعة. يعد غير مقيم في حكم قرار وزير الاقتصاد رقم 893 لسنة 1960.
المشروعية والاعتياد. شرطان للإقامة المعتبرة قانوناً.
تحديد مدة الإقامة المعتادة بخمس سنوات. تثبت للأجنبي بحمله بطاقة إقامة لهذه المدة. أو إقامته بالفعل مدة متصلة تبلغ في مجموعها تلك المدة. ما لم يحتفظ بصفة غير المقيم.
وجوب استظهار الحكم شرطي الإقامة المعتبرة قانوناً. في جريمة الاشتراك في التعامل بالنقد المصري مع غير مقيم عند القضاء بالبراءة. وإلا كان قاصراً.
(9، 10) حكم. "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "بوجه عام". نقض. "نظر الطعن والحكم فيه". شروع.
(9) إيجاب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. ولو كان بالبراءة. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر قانوناً؟
امتداد العقاب إلى ما دون الشروع. من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهرب. المادة 9 من القانون 80 لسنة 1947.
إفراغ الحكم في عبارات معماة. أو وضعه في صورة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع.
(10) الإحاطة بظروف الدعوى وأدلتها. عن بصر وبصيرة. شروط لصحة القضاء بالبراءة.
عدم اندفاع المتهم بغلبة الظن. في مقام اليقين.
كون الخطأ في القانون. قد حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى. وجوب النقض والإحالة.
(11، 12) إثبات. "اعتراف". "بوجه عام". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان.
(11) عدم التعويل على الاعتراف. إذا كان وليد إكراه أو تهديد. كائناً ما كان قدره. ولو كان صادقاً.
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. التعويل عليه بغير رد. قصور. لا يغني عنه إيراد أدلة أخرى.
(12) تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(13) نقض. "نظره والحكم فيه". نقد. مقاصة. محكمة النقض. "سلطتها".
التقاء الجرائم في صعيد واحد. يدور في فلك المقاصة غير المشروعة مع الطاعن. نقض الحكم بالنسبة له. يقتضي نقضه للآخرين. علة ذلك.
(14) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقد.
تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية. لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى.
استغناء المحكمة عن تحقيق هذا الدليل. عليها بيان علة ذلك. وإلا كان حكمها مخلا بحق الدفاع. مثال؟
1 – من المقرر أن التشريع لا يلغي إلا بتشريع لا حق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر زالت به القوة التنفيذية لأي من القوانين أرقام 80 لسنة 1947 و9 لسنة 1959 و95 لسنة 1967 أو أباح التعامل في النقد الأجنبي وأفعال المقاصة بما تنطوي عليه من تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي أو أجاز للأفراد والقطاع الخاص استيراد السلع من الخارج بغير ترخيص من وزارة الاقتصاد وبقصد الاتجار. فإن القول بغير ذلك اجتهاد غير جائز.
2 – الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، فإن القول بأن خروج نظام الاستيراد بدون تحويل عملة إلى حيز الوجود بمقتضى القرارات الصادرة في هذا الشأن يترتب عليه بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي التعارض مع حكم المادة الأولى من قانون النقد وأن التعارض يرتكز على محل واحد هو التعامل في النقد الأجنبي للاحتياج إليه في التحويل وأن السماح باستيراد السلع بدون ترخيص وفقاً لنظام سوق الموازية قد ألغى تراخيص الاستيراد بصورة مطلقة شاملة يكون فضلاً عن مخالفته لصحيح القانون اجتهاد غير جائز إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه وتوسعاً في تفسير القوانين الجنائية وأخذا بحكمتها لا بعلتها وهو ما لا يجوز قانوناً.
3 – إن من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وليس معنى هذا الحق نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين إلى السلطة التنفيذية، بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفي من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تلغي أو تنسخ نصاً آمراً في القانون.
4 – من المقرر أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى قضاء بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين: أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة.
5 – لما كان حاصل تشريعات الرقابة على النقد الأجنبي وتنظيم الاستيراد هو حظر مطلق وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء عن طريق إصدار القرارات اللازمة في حدود التفويض التشريعي وكانت القرارات المتعاقبة الصادرة من الوزير المختص في شأن الاستيراد بدون تحويل عملة واستيراد السلع من الخارج بدون ترخيص وفقاً لنظام السوق الموازية تخص فئات وأشخاصاً معينة هي المخاطبة بهذه القرارات أما غير المخاطبين بها والتي لا تسري عليهم الصفات المنصوص عليها فيها فقد ظل الحظر بالنسبة إليهم قائماً، فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر بما تردى فيه من تفسير وتأويل خاطئين حين انتهى إلى أن مقتضى صدور هذه القرارات إباحة التعامل في النقد الأجنبي والمقاصة إذا ارتكبا لتمويل أذون الاستيراد، وإلغاء تراخيص الاستيراد بصورة مطلقة شاملة بدعوى أن تلك القرارات تعد من قبيل القانون الأصلح للمتهم. مما مؤداه تعديل نص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المشار إليه، وتعطيل نص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 والمادتين الأولى والثانية من القانون رقم 95 لسنة 1963، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
6 – إن قصد الشارع من عبارة "القانون الأصلح للمتهم" المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات القوانين التي تلغي بعض الجرائم أو تلغي بعض العقوبات أو تخففها أو تلك التي تقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية دون أن تلغي الجريمة ذاتها، والقرارات الوزارية الصادرة في نطاق النقد والاستيراد وفي حدود التفويض التشريعي لا تعد قانوناً أصلح للمتهم إذا كان كل ما تضمنته تعديلاً لنظم معينة مع إبقاء الحظر الوارد في القانون على حاله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى ببراءة المطعون ضدهم - من الأول إلى الرابع...... و...... و...... من جريمتي عدم عرض ما لديهم من النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد لبيعه بسعر الصرف الرسمي، وتحويله إلى الخارج بدعوى أن قرار وزير المالية رقم 66 لسنة 1974 قد أباح للمصريين تحويل الأرصدة الأجنبية من الحسابات غير المقيمة باسمهم مباشرة إلى الخارج قد عطل نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأعفى بذلك المواطنين من وجوب عرض ما لديهم من النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد، وأنه ليس ثمة ما يحول دون تغذية قيمة البضائع المستوردة من هذه التحويلات مما يعد معه هذا القرار من قبيل القانون الأصلح للمتهمين، فإنه لما كان البين من نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن الرقابة على النقد أنه أوجب على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعرض للبيع على وزارة المالية وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير المالية جميع الأرصدة المصرفية من العملة الأجنبية المملوكة له وكذلك كل دخل مقوم بعملة أجنبية أو أية مبالغ أخرى مستحقة لأي سبب كان يحصل عليها في مصر أو في الخارج... وكذلك كل ما يدخل في ملكه أو في حيازته من أوراق النقد الأجنبي، وأجاز لوزير المالية أن يستثني من أحكام هذه المادة المصريين الذين يكون لهم في الخارج وظائف بالنسبة إلى ما يحصلون عليه من نقد أجنبي ناتج عنها، وكان قرار وزير المالية الرقيم 66 لسنة 1974 في شأن تطوير الحسابات المجاز فتحها بالعملة الأجنبية والذي عدل حكم المادة 33 مكرر من لائحة الرقابة على عمليات النقد، قد أجاز للبنوك أن تحتفظ بحسابات مقيمة بالعملة الأجنبية تفتح بأسماء المواطنين الذين يعملون في الخارج أو الذين يؤدون خدمات ما مفادة أنه أباح لهؤلاء تحويل هذه الأرصدة إلى الخارج دون إلزامهم بعرضها على وزارة الاقتصاد إلا أن هذه الإجازة قاصرة على أصحاب هذه الحسابات التي يحصلون على أرصدتها عن عمل لهم بالخارج دون غيرهم ومن ثم يبقى الالتزام بالعرض طبقاً للقانون قائماً بالنسبة لمن عداهم من المواطنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد من وجوه الأدلة السائغة ما يثبت أن من سلف ذكرهم من المطعون ضدهم هم من المخاطبين بذلك القرار مؤسساً قضاءه على ما انتهى إليه من تقرير قانوني خاطئ هو اعتبار قرار وزير المالية الرقيم 66 لسنة 1974 قراراً معطلاً بالضرورة حكم المادة الثالثة من قانون النقد ومعفياً المواطنين كافة من واجب العرض على وزارة الخزانة بما يعد معه قانوناً أصلح بالنسبة إلى المطعون ضدهم فإنه يكون معيباً فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب.
7 – نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المضافة بالقانون رقم 157 لسنة 1950 على أنه "يحظر على غير المقيمين في المملكة المصرية أو وكلائهم التعامل بالنقد المصري أو تحويل أو بيع القراطيس المالية المصرية إلا بالشروط والأوضاع التي تعين بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه في ذلك" وجاء بالمذكرة الإيضاحية تبريراً لإصدار القانون رقم 157 لسنة 1950 في شأن تعامل غير المقيم بالنقد المصري ما نصه "وقد ظهر أن غير المقيمين في مصر ووكلائهم يتعاملون بالنقد المصري والقراطيس المالية بطرق عدة تنتهي بطريقة غير مباشرة إلى ضياع كثير من النقد الأجنبي من حق الدولة أن تحصل عليه.." وكان المقصود بالتعامل بالنقد المصري كل عملية من أي نوع - أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون - يكون فيها دفع بالنقد المصري إخلالاً بواجب التجميد الذي فرضه الشارع على أموال غير المقيم وضرورة وضعها في حسابات في غير مقيم في أحد المصارف المرخص لها في مزاولة عمليات النقد حتى يأذن وزير المالية بالإفراج عما يرى الإفراج عنه منها، واستيداع النقد المصري وتسليمه إلى غير مقيم يعتبر ولا شك عملية من هذا القبيل.
8 – لما كان غير المقيم هو من يقيم في مصر إقامة مؤقتة أو غير مشروعة، وأما المقيم فهو من ينطبق عليه أحد الشروط الواردة في المادة 24 من قرار وزير الاقتصاد الرقيم 893 لسنة 1960، وكانت الإقامة في الأصل واقعة مادية ومسألة فعلية، وإذ اعتبر الشارع من يقيم إقامة مؤقتة أو غير مشروعة في حكم غير المقيم، فمعنى ذلك أنه قصد بالإقامة المعتبرة أن يتوافر لها شرطا المشروعية والاعتياد، ولما كان شرط الاعتياد يقبل التفاوت ويخضع للتأويل الذي لا تنسد به الذرائع وهو ما أراد الشارع تلافيه، فقد حددت اللائحة مدة الإقامة المعتادة بخمس سنوات تثبت للأجنبي بحمله بطاقة إقامة لهذه المدة أو إقامة لمدة متصلة يبلغ مجموعها خمس سنوات ميلادية ما لم يحتفظ بصفة غير المقيم بعد الحصول على موافقة اللجنة العليا للنقد على ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تبريره لقضائه ببراءة كل من المطعون ضدهم الرابع والسابع والتاسع،......... و......... و......... من جرائم الاشتراك في التعامل بالنقد المصري مع غير مقيم هو.. أنهم لا يعلمون بتوافر تلك الصفة لديه دون أن يستظهر شرطي الإقامة المعتبرة قانوناً من مشروعية واعتياد فإن ذلك مما يصم الحكم بالتخاذل وبالقصور في إيراد ما تندفع به عنهم تلك الجريمة بعناصرها سالفة البيان.
9 – لما كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه اقتصر حين قضى ببراءة المطعون ضدهم من باقي التهم المسندة إليهم على مجرد القول بأن أقوال... بشأن تعامل المطعون ضده الأول......... بالنقص المصري مع......... غير المقيم جاءت مرسلة وكذلك بالنسبة لأقوال.......... في خصوص تهمة المقاصة المسندة إلى المطعون ضده التاسع -......... رغم أنه دان أولهما بذات الجريمة كما اكتفى بالقول بأنه لا شأن لنفس المطعون ضده بتهمة المقاصة الأخرى المسندة إليه وأطراح اعتراف المطعون ضده الخامس عشر -...... بمقولة أنه أدلى به في ظروف صحية وبعدم قدرته على التراجع في أقواله، وأغفل الحديث عن شيكين آخرين صادرين إلى المطعون ضده الثاني......... من سفارة المكسيك حينما قضى ببراءته من تهمة التعامل في الشيكات المقومة بنقد أجنبي، كما قضى ببراءة المطعون ضده السابع...... من تهمتي المقاصة المسندتين إليه لمجرد أنه قام بتوصيل مبالغ بسيطة في إحداهما وأنه بعيد عن الأخرى، وبأن دور المطعون ضده السابع عشر - في تهمة المقاصة المسندة إليه قد اقتصر على سحب النقد المصري من حسابه في البنك حيث تولى...... ترتيب وسيلة إرساله للخارج عن طريق....... دون أن يعني ببحث ترديد نص المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 للجريمة التامة والشروع فيها ومحاولة ذلك بما يفهم منه أن العقاب يمتد حتماً إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماه أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
10 - من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وإذ ما كان الثابت مما ساقه الحكم المطعون فيه وتساند إليه في قضائه بالبراءة على نحو ما سلف بيانه أنه لم يبين سنده فيما أطرحه من اعتراف وأقوال حتى يبين منه وجه استدلاله لما جهله، ولما باعد به بين بعض المطعون ضدهم وبين التهم المسندة إليهم، ولا كيف أنها اندفعت عن غيرهم بالرغم مما حصله في شأنهم على صورة تفيد توافر عناصر الجرائم المسندة إليهم، وما ينبئ عن أن المحكمة وازنت ورجحت فيما بين أدلة الثبوت والنفي، لذلك ولأن التهم لا تدفع بغلبة الظن في مقام اليقين فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الموجب لنقضه. لما كان ذلك، وكان ما انطوى عليه الحكم من خطأ قانوني قد حجبه عن تقدير أدلة الدعوى فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب فإنه يتعين نقضه والإحالة بالنسبة إلى جميع ما أسند إلى المطعون ضدهم.
11 - الأصل أن الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير التهديد أو الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الاعتراف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على هذا الاعتراف بغير أن يرد على الدفاع الجوهري ويقول كلمته فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب، ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى.
12 – إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه.
13 - لما كان يبين من استقراء الجرائم التي دين بها كل من الطاعنين......... و......... بالنسبة للتهمة الأولى المسندة لهذا الأخير - أن تلك الجرائم تلتقي جميعاً في صعيد واحد يدور في فلك المقاصة غير المشروعة مع الطاعن السابق - فإن نقض الحكم بالنسبة لهذا الأخير يقتضي نقضه أيضاً للطاعنين المشار إليهم، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة له، وما تجر إليه أو تنتهي عنده تقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة بالنسبة لهم جميعاً، من جميع نواحيها، وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من كل من هؤلاء الآخرين - الطاعنين - ومن النيابة العامة بالنسبة إلى كل من.
14 – متى كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن أشار إلى أن الطاعن قد أبلغ عن النقد المضبوط لديه وأثبته في جواز سفره وأن المباحث العامة قد استولت على جميع أوراقه. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه في خصوص الجريمة موضوع التهمة الثانية التي دان بها الطاعن، وهي التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة لديه، أنه انتهى إلى قوله "أما عن العملة الأجنبية التي ضبطت مع المتهم فقد جاء دفاع المتهم بشأنها مرسلاً دون أن يقرن بدليل يؤيده، فلم يقدم الإقرار الجمركي الذي أثبت فيه هذه النقود الأمر الذي تضحى معه هذه التهمة ثابتة في حقه وتعين لذلك معاقبته عنها عملاً بمواد الاتهام على النحو المبين بالمنطوق"، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا التدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن تكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه حين برر اطراح دفاع الطاعن بأنه لم يقدم الإقرار الجمركي كما سلف البيان الأمر الذي ينطوي على إخلال بحق الدفاع يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه. لما كان ما تقدم جميعه فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للمطعون ضدهم وللطاعنين من المحكوم عليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهمين من الأول إلى الثامن بعد المائة. بأنهم: في خلال الفترة من أول يناير سنة 1971 حتى 18 من مارس سنة 1973 بدائرة محافظتي القاهرة والإسكندرية. أجرى كلهم أو بعضهم: 1 - عمليات مقاصة منطوية على تمويل نقد أجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وتمكنوا بهذا من تحويل عمليات استيراد غير مشروعة بقصد الاتجار. 2 - عمليات دفع مبالغ بالنقد الأجنبي في الخارج واستلام مقابلها بالداخل نقداً مصرياً. 3 - تحويل نقد أجنبي للخارج من حسابات المواطنين المفتوحة لدى البنوك بالنقد الأجنبي تحت ستار كونه مفوضاً عنهم في التعامل في تلك الحسابات وذلك على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً ثم تسليم هذا النقد إلى بعض المتهمين مقابل قبض قيمته في البلاد بالنقد المصري. 4 - استيراد سيارات ومقطورات وإطارات وبضائع أخرى قبل الحصول على ترخيص باستيرادها من وزارة الاقتصاد. 5 - تعامل بالنقد الأجنبي والشيكات المقومة بنقد أجنبي على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً. 6 - عدم عرض النقد المودع في الخارج على وزارة الاقتصاد بسعر الصرف الرسمي. 7 - الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض في كل أو بعض الجرائم المذكورة سلفاً. وطلبت النيابة عقابهم بالمواد 1 و2 و3 و9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950، 331 لسنة 1952، 111 لسنة 1953، 57 لسنة 1957، 114 لسنة 1957، وقرار وزير الاقتصاد رقم 893 لسنة 1960 المعدل والمواد 1 و7 و10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 والمادتين 1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1963 والمادتين 40/ 1 - 2 – 3 و41 من قانون العقوبات. فاستأنف المتهمون المحكوم بإدانتهم كما استأنفت النيابة العامة ضد كل من المتهم الخامس والثلاثين والرابع والخمسين والسابع والخمسين والثامن والخمسين والخامس والستين.
ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 11 يناير سنة 1975. أولاً - بقبول استئنافات المتهمين والنيابة شكلاً. ثانياً - بسقوط استئناف المتهم. ثالثاً - ببطلان الحكم المستأنف. رابعاً - وفي الموضوع: (1) ببراءة المتهم......... (2) ببراءة المتهم...... (3) ببراءة المتهم......... (4) ببراءة المتهم...... (5) بحبس المتهم......... سنة مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وتغريمه غرامة إضافية قدرها 810095 جنيهاً مصرياً (ثمانمائة وعشرة ألفاً وخمس وتسعون جنيهاً مصرياً) وما يعادل 977524 دولار أمريكي و56299 جنيهاً إسترلينياً و866134 فرنك فرنسي، و76023 فرنك سويسري، و30113 ليرة لبناني و37680 مارك ألماني و3617 ليرة إيطالي بسعر الصرف اليوم. (6) بحبس المتهم...... سنة مع الشغل عن جميع التهم وتغريمه غرامة إضافية قدرها 424950 (أربعمائة وأربعة وعشرون ألفاً وتسعمائة وخمسون جنيهاً مصرياً) وما يعادل أربعة وعشرين ألف دولار بسعر الصرف اليوم ومصادرة النقد الأجنبي موضوع الجريمة. (7) بحبس المتهم...... سنة مع الشغل وتغريمه غرامة إضافية قدرها 198558 جنيهاً مصرياً (مائة وثماني وتسعون ألفاً وخمسمائة وثمانية وخمسون جنيهاً مصرياً). (8) ببراءة المتهم...... (9) بحبس المتهم...... شهراً مع الشغل وتغريمه غرامة إضافية بما يعادل ألفي دولار بسعر الصرف اليوم. (10) ببراءة المتهم....... (11) ببراءة المتهم...... (12) بحبس المتهم...... سنة مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وتغريمه غرامة إضافية قدرها 167119 جنيهاً مصرياً عن التهمتين (مائة وسبعة وستون ألفاً ومائة وتسعة عشر جنيهاً). (13) بحبس المتهم...... سنة مع الشغل وتغريمه غرامة إضافية قدرها 810095 جنيهاً مصرياً (ثمانمائة وعشرة ألفاً وخمسة وتسعون جنيهاً مصرياً) وما يعادل 977524 دولار أمريكي و56299 جنيهاً إسترلينيا و866134 فرنك فرنسي و76023 فرنك سويسري و30113 ليرة لبناني و37680 مارك ألماني و3617 ليرة إيطالي بسعر الصرف اليوم ومصادرة النقد الأجنبي موضوع الجريمة. (14) ببراءة المتهم...... من التهم المنسوبة إليه. (15) ببراءة المتهم... من التهم المنسوبة إليه. (16) ببراءة المتهم...... من التهم المنسوبة إليه. (17) ببراءة المتهم ...... من التهم المسندة إليه. (18) ببراءة المتهم...... (19) بحبس المتهم...... شهراً مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المضبوطات. (20) بحبس المتهم...... ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وتغريمه غرامة إضافية قدرها إحدى عشر ألفاً من الجنيهات. (21) ببراءة المتهم...... من التهم المنسوبة إليه. (22) ببراءة المتهم...... من التهم المنسوبة إليه. (23) بتغريم المتهم...... غرامة أصلية قدرها 26940 جنيه وتغريمه غرامة إضافية قدرها 13470 جنيه مصري مع وقف تنفيذ العقوبة الأصلية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (24) بتغريم المتهم غرامه أصلية قدرها 43200 جنيه وتغريمه غرامة إضافية قدرها 21600 جنيه مع وقف تنفيذ عقوبة الغرامة الأصلية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (25) ببراءة المتهم...... مما نسب إليه. (26) ببراءة المتهم..... مما نسب إليه. (27) بتغريم المتهم......... غرامة أصلية قدرها 44192 جنيه وتغريمه غرامة إضافية قدرها 22096 جنيه مع وقف تنفيذ عقوبة الغرامة الأصلية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (28) ببراءة المتهم...... مما نسب إليه. (29) ببراءة المتهم...... مما نسب إليه. (30) ببراءة المتهم...... مما نسب إليه. (31) ببراءة المتهم...... مما أسند إليه. (32) ببراءة المتهم...... من التهمة المسندة إليه. (33) ببراءة المتهم...... (34) ببراءة المتهم...... من التهمة المسندة إليه. (35) ببراءة المتهم...... مما نسب إليه. (36) ببراءة المتهم...... (37) ببراءة المتهم...... (38) ببراءة المتهم...... (39) ببراءة المتهم...... (40) بحبس المتهم...... ثلاثة أشهر مع الشغل مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وغرامة إضافية قدرها ثمانية عشر ألف دولار بسعر صرف اليوم. (41) ببراءة المتهمة...... من التهمة المنسوبة إليها. (42) ببراءة المتهم...... مما أنسد إليه. (43) ببراءة المتهم...... (44) بتغريم المتهم...... غرامة أصلية قدرها 1816 جنيه وما يعادل 1182 دولار و8 دينار باحريني و8 ليرة لبناني و6000 دراخمة يوناني و100 اسكودا أنجولي وتغريمه غرامة إضافية قدرها 908 جنيهاً مصرياً والمصادرة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة الأصلية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (45) بتغريم المتهم...... غرامة أصلية قدرها 3720 جنيهاً مصرياً وتغريمه غرامة إضافية قدرها 1860 جنيهاً مصرياً مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات بالنسبة للغرامة الأصلية. (46) ببراءة المتهمة...... مما نسب إليها (47) بتغريم المتهم......... غرامة أصيلة قدرها 282 جنيهاً مصرياً وغرامة إضافية قدرها 141 جنيه مع وقف تنفيذ عقوبة الغرامة الأصلية (48) بتغريم المتهم......... غرامة أصلية قدرها 4950 جنيهاً مصرياً وغرامة إضافية قدرها 2475 جنيهاً مصرياً مع وقف تنفيذ العقوبة عن الغرامة الأصيلة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (خامساً) أمرت المحكمة برد المضبوطات إلى كل من......... و......... و......... و......... و......... و......... و........... فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بالنسبة إلى المطعون ضدهم المذكورين، وقدمت أسباب الطعن موقعاً عليها من المحامي العام. كما طعن المحامي عن الطاعنين الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 21 يناير سنة 1975 وقدم أسباب طعنهما في 18 فبراير سنة 1975 موقعاً عليها منه. وبتاريخ 29 يناير سنة 1975 قرر الطاعن الثالث الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم أسباب طعنه في 19 فبراير سنة 1975 موقعاً عليها من المحامي عنه. وبتاريخ 10 فبراير سنة 1975 قرر الطاعن الرابع في هذا الحكم الطعن بطريق النقض، وقدم أسباب طعنه بتاريخ 18 فبراير سنة 1975 موقعاً عليها من المحامي عنه. وبتاريخ 13 فبراير سنة 1975 قرر المحامي عن الطاعن الخامس الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها منه. وبتاريخ 19 فبراير سنة 1975 قرر الحامي عن الطاعنين السادس والسابع الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم أسباب طعنهما في اليوم عينه موقعاً عليها منه.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة بعض المطعون ضدهم من جرائم التعامل بالنقد الأجنبي والمقاصة المنطوية على تحويل أو تسوية نقد أجنبي واستيراد سلع من الخارج قبل الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الاقتصاد وبقصد الاتجار فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه انتهى إلى أن مقتضى العمل بما جرى به قرار وزير الاقتصاد الرقيم 1009 لسنة 1969 من إجازة استيراد السلع بدون تحويل عملة أن أصبح التعامل بالنقد الأجنبي والمقاصة عملاً مشروعاً طالما كان الهدف من أيهما تمويل أذون الاستيراد، وإلى أن قراري وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، ووزير التجارة الخارجية رقم 73 لسنة 1974 في شأن تطوير السوق الموازية للنقد قد أجازا للقطاع الخاص وللأفراد استيراد السلع قبل الحصول على ترخيص بذلك وبقصد الاتجار بعد أن كان محظوراً عليهم، في حين أن هذا وذاك يخالف ما تنهي عنه المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن تنظيم الرقابة على عمليات النقد، والمادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد بصريح نصيهما، وإن من المسلمات أن القرار لا يعدل القانون أو يلغيه. كما أخطأ الحكم فيما انتهى إليه من أن قرار وزير المالية رقم 66 لسنة 1974 قد عطل نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947، إذ أباح للمصريين تحويل الأرصدة الأجنبية غير المقيمة باسمهم مباشرة إلى الخارج فرفع بذلك التأثيم عن جريمة عدم عرض النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد لبيعه بسعر الصرف الرسمي، ذلك أن تطبيق أحكام هذا القرار يقتصر على المواطنين الذين يعملون بالخارج وليس من بينهم أي من المطعون ضدهم، وشاب الحكم القصور والفساد في الاستدلال حين نفى عمن اشتركوا في التعامل بالنقد المصري مع......... غير المقيم مع علمهم بتوافر هذه الصفة لديه، وحين قضى ببراءة كل من......... و......... و......... و......... و......... و......... من باقي التهم المسندة إليهم رغم اعتراف بعضهم ودلالة ما أثبت في الأوراق على اقترافهم الجرائم المسندة إليهم، كما أخطأ الحكم حين أوقع عقوبة واحدة على كل من......... و......... عن الجرائم المسندة إلى كل منهم عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات وهو ما تنهي عنه المادة 12 من القانون رقم 80 لسنة 1947 - كما أخطأ في احتساب الغرامة الإضافية المحكوم بها على هذا الأخير، وفي قضائه بمصادرة النقد الأجنبي المضبوط، في حين أن المبلغ المضبوط نقد مصري، كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استعرض واقعات الدعوى وخلص من ذلك إلى قوله "وحيث إنه يتعين بداءة التعرف على نطاق التأثيم والعقاب بالنسبة لجرائم التعامل في النقد الأجنبي عموماً والمقاصة المنطوية على تحويل نقد أجنبي على وجه الخصوص وهي المحور الرئيسي لأغلب الاتهامات المنسوبة إلى المتهمين.... فإذا كان السيد وزير الاقتصاد قد أصدر القرار الوزاري رقم 1009 لسنة 1969 بشأن نظام الاستيراد بدون تحويل عملة دون أن يحدد مصدر أو طريقة تمويل البضاعة المستوردة مع مراعاة التلازم الوثيق بين قوانين الرقابة على النقد والقوانين المنظمة لشئون الاستيراد إذ لا يتصور استيراد السلع من الخارج دون دفع المقابل بالنقد الأجنبي من المستورد المصري، وهذه القوانين بموقفها من القوانين المالية التي تكمل بعضها الآخر لصلتها القوية باقتصاد الدولة وائتمانها، ولذلك فإن خروج نظام الاستيراد بدون تحويل عملة إلى حيز الوجود يترتب عليه بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي التعارض مع حكم المادة الأولى من قانون النقد واللائحة التنفيذية لهذا القانون رقم 863 لسنة 1960، ويرتكز هذا التعارض على محل واحد هو التعامل في النقد الأجنبي للاحتياج إليه في التمويل - مما يقتضي معه حتماً القول بأن الوزير المختص يستعمل حقه التشريعي في تعديل شروط وأوضاع التعامل في النقد الأجنبي وأصبح الاستثناء الذي نظمه في لائحة تنظيم الرقابة على النقد تتسع لكافة أنواع التعامل بالنقد الأجنبي إذا كان الهدف من ذلك تمويل أذون الاستيراد طبقاً لأحكام هذا النظام المستحدث مع بقاء الحظر العام الشامل للتعامل في النقد على حالة وإن اقتصر على التعامل المجرد في النقد الأجنبي المنبت الصلة بالاستيراد واحتياجاته" كما استطرد الحكم فيما بعد في خصوص الاستيراد بقصد الاتجار حالة كونه مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام إلى قوله "فإنه وإن كان القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد حظر الاستيراد قبل الحصول على ترخيص الاستيراد من وزارة الاقتصاد، وتنص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1963 على قصر الاستيراد على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام، إلا أن القرار الوزاري رقم 478 لسنة 1973 بشأن تنظيم الاستيراد قد سمح باستيراد السلع بدون ترخيص وفقاً لنظام السوق الموازية التي أجازه بدوره للمصريين الحائزين على موارد للنقد الأجنبي تدخل بطبيعتها ضمن موارد السوق الموازية أن يقوموا بتحويلها إلى البلاد في شكل عيني من السلع الواردة بالقائمة المرفقة بهذا القرار، وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزير الاقتصاد رقم 73 لسنة 1974 الذي نظم عمليات الاستيراد وأعفى السلع التي يدخلها المستوردون والتي لا تتجاوز قيمتها وقت التعاقد على خمسة آلاف من الجنيهات في كل مرة من شرط التقدم بطلبات للجنة البت... ومن ثم فقد ألغى النظام الجديد للاستيراد تراخيص أذون الاستيراد بصفة مطلقة شاملة، كما وأن المشرع قد أحل المستوردين من شرط حظر الاستيراد بقصد الاتجار إذ تضمنت القوائم السلع المختلفة التي لا يتصور استيرادها إلا على سبيل التجارة ولم يقيد الاستيراد بقيد زمني، ومن ثم تعد هذه القرارات من قبيل القانون الأصلح للمتهم إذ أبيح الاستيراد دون ترخيص... لما كان ذلك، وكانت أولى فقرات المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن تنظيم الرقابة على عمليات النقد تنص صراحة على أنه "يحظر التعامل في أوراق النقد الأجنبي أو تحويل النقد من مصر وإليها، كما يحظر كل تعهد مقوم بعملة أجنبية وكل مقاصة منطوية على تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي وغير ذلك من عمليات النقد الأجنبي سواء كانت حالة أو كانت لأجل إلا بالشروط والأوضاع التي تحدد بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه في ذلك"، كما تنص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد والمادتان الأولى والثانية من القانون رقم 95 لسنة 1963 على حظر استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص في الاستيراد من وزارة الاقتصاد وعلى اعتبار هذه التراخيص شخصية لا يجوز التنازل عنها وأن "يكون استيراد السلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار أو التصنيع مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام"، وأن "تكون تراخيص الاستيراد شخصية ولا يجوز التنازل عنها بأي وجه من الأوجه أو بيعها كما لا يجوز توكيل الغير في بيعها"، وكان من المقرر أن التشريع لا يلغي إلا بتشريع لا حق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع بنص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر زالت به القوة التنفيذية لأي من القوانين أرقام 80 لسنة 1947 و9 لسنة 1959 و95 لسنة 1967 أو أباح التعامل في النقد الأجنبي وأفعال المقاصة بما تنطوي عليه من تحويل أو تسوية كاملة أو جزئية بنقد أجنبي أو أجاز للأفراد والقطاع الخاص استيراد السلع من الخارج بغير ترخيص من وزارة الاقتصاد وبقصد الاتجار. وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام القانونية مع علته لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، فإن القول بأن خروج نظام الاستيراد بدون تحويل عملة إلى حيز الوجود بمقتضى القرارات الصادرة في هذا الشأن يترتب عليه بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي التعارض مع حكم المادة الأولى من قانون النقد وأن التعارض يرتكز على محل واحد هو التعامل في النقد الأجنبي للاحتياج إليه في التمويل وأن السماح باستيراد السلع بدون ترخيص وفقاً لنظام سوق الموازية قد ألغى تراخيص الاستيراد بصورة مطلقة شاملة يكون فضلاً عن مخالفته لصحيح القانون اجتهاد غير جائز إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه وتوسعاً في تفسير القوانين الجنائية وأخذا بحكمتها لا بعلتها وهو ما لا يجوز قانوناً. وإذ كان من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، فليس معنى هذا الحق تزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين إلى السلطة التنفيذية، بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفي من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تلغي أو تنسخ نصاً آمراً في القانون. ومن المقرر أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان حاصل تشريعات الرقابة على النقد الأجنبي وتنظيم الاستيراد هو حظر مطلق وتنظيم إداري يسمح بالاستثناء عن طريق إصدار القرارات اللازمة في حدود التفويض التشريعي وكانت القرارات المتعاقبة الصادرة من الوزير المختص في شأن الاستيراد بدون تحويل عملة واستيراد السلع من الخارج بدون ترخيص وفقاً لنظام السوق الموازية تخص فئات وأشخاصاً معينة هي المخاطبة بهذه القرارات أما غير المخاطبين بها والتي لا تسري عليهم الصفات المنصوص عليها فيها فقد ظل الحظر بالنسبة إليهم قائماً، فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر بما تردى فيه من تفسير وتأويل خاطئين حين انتهى إلى أن مقتضى صدور هذه القرارات إباحة التعامل في النقد الأجنبي والمقاصة إذا ارتكبتا لتمويل أذون الاستيراد، وإلغاء تراخيص الاستيراد بصورة مطلقة شاملة بدعوى أن تلك القرارات تعد من قبيل القانون الأصلح للمتهم - مما مؤداه تعديل نص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المشار إليه، وتعطيل نص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 والمادتين الأولى والثانية من القانون رقم 95 لسنة 1963 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن قصد الشارع من عبارة "القانون الأصلح للمتهم" المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات القوانين التي تلغي بعض الجرائم أو تلغي بعض العقوبات أو تخففها أو تلك التي تقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية دون أن تلغي الجريمة ذاتها، والقرارات الوزارية الصادرة في نطاق النقد والاستيراد وفي حدود التفويض التشريعي لا تعد قانوناً أصلح للمتهم إذا كان كل ما تضمنته تعديلاً لنظم معينة مع إبقاء الحظر الوارد في القانون على حاله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى ببراءة المطعون ضدهم - من الأول إلى الرابع (....... و...... و...... و......) - من جريمتي عدم عرض ما لديهم من النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد لبيعه بسعر الصرف الرسمي، وتحويله إلى الخارج بدعوى أن قرار وزير المالية رقم 66 لسنة 1974 قد أباح للمصريين تحويل الأرصدة الأجنبية من الحسابات غير المقيمة باسمهم مباشرة إلى الخارج قد عطل نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأعفى بذلك المواطنين من وجوب عرض ما لديهم من النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد، وأنه ليس ثمة ما يحول دون تغذية قيمة البضائع المستوردة من هذه التحويلات مما يعد معه هذا القرار من قبيل القانون الأصلح للمتهمين، فإنه لما كان البين من نص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 في شأن الرقابة على النقد أنه أوجب على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعرض للبيع على وزارة المالية وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير المالية جميع الأرصدة المصرفية من العملة الأجنبية المملوكة له وكذلك كل دخل مقوم بعملة أجنبية أو أية مبالغ أخرى مستحقة لأي سبب كان يحصل عليها في مصر أو في الخارج... وكذلك كل ما يدخل في ملكه أو في حيازته من أوراق النقد الأجنبي، وأجاز لوزير المالية أن يستثني من أحكام هذه المادة المصريين الذين يكون لهم في الخارج وظائف بالنسبة إلى ما يحصلون عليه من نقد أجنبي ناتج عنها، وكان قرار وزير المالية الرقيم 66 لسنة 1974 في شأن تطوير الحسابات المجاز فتحها بالعملة الأجنبية والذي عدل حكم المادة 33 مكرر من لائحة الرقابة على عمليات النقد، قد أجاز للبنوك أن تحتفظ بحسابات مقيمة بالعملة الأجنبية تفتح بأسماء المواطنين الذين يعملون في الخارج أو الذين يؤدون خدمات للخارج ما مفاده أنه أباح لهؤلاء تحويل هذه الأرصدة إلى الخارج دون إلزامهم بعرضها على وزارة الاقتصاد إلا أن هذه الإجازة قاصرة على أصحاب هذه الحسابات التي يحصلون على أرصدتها من عمل لهم دون غيرهم ومن ثم يبقى الالتزام بالعرض طبقاً للقانون قائماً بالنسبة لمن عداهم من المواطنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد من وجوه الأدلة السائغة ما يثبت أن من سلف ذكرهم من المطعون ضدهم هم من المخاطبين بذلك القرار مؤسساً قضاءه على ما انتهى إليه من تقرير قانوني خاطئ هو اعتبار قرار وزير المالية الرقيم 66 لسنة 1974 قراراً معطلاً بالضرورة حكم المادة الثالثة من قانون النقد ومعفياً المواطنين كافة من واجب العرض على وزارة الخزانة بما يعد معه قانوناً أصلح بالنسبة إلى المطعون ضدهم فإنه يكون معيباً فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب. لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 المضافة بالقانون رقم 157 لسنة 1950 قد نصت على أنه "يحظر على غير المقيمين في المملكة المصرية أو وكلائهم التعامل بالنقد المصري أو تحويل أو بيع القراطيس المالية المصرية إلا بالشروط والأوضاع التي تعين بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها منه في ذلك" وجاء بالمذكرة الإيضاحية تبريراً لإصدار القانون رقم 157 لسنة 1950 في شأن تعامل غير المقيم بالنقد المصري ما نصه "وقد ظهر أن غير المقيمين في مصر ووكلائهم يتعاملون بالنقد المصري والقراطيس المالية بطرق عدة تنتهي بطريقة غير مباشرة إلى ضياع كثير من النقد الأجنبي من حق الدولة أن تحصل عليه.."، وكان المقصود بالتعامل بالنقد المصري كل عملية من أي نوع - أياً كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون - يكون فيها دفع بالنقد المصري إخلالاً بواجب التجميد الذي فرضه الشارع على أموال غير المقيم وضرورة وضعها في حسابات "غير مقيم" في أحد المصارف المرخص لها في مزاولة عمليات النقد حتى يأذن وزير المالية بالإفراج عما يرى الإفراج عنه منها، واستيداع النقد المصري وتسليمه إلى غير مقيم يعتبر ولا شك عملية من هذا القبيل. ولما كان غير المقيم هو من يقيم في مصر إقامة مؤقتة أو غير مشروعة، وأما المقيم فهو من ينطبق عليه أحد الشروط الواردة في المادة 23 من قرار وزير الاقتصاد الرقيم 893 لسنة 1960، وكانت الإقامة في الأصل واقعة مادية ومسألة فعلية، وإذ اعتبر الشارع من يقيم إقامة مؤقتة أو غير مشروعة في حكم غير المقيم، فمعنى ذلك أنه قصد بالإقامة المعتبرة أن يتوافر لها شرطا المشروعية والاعتياد، ولما كان شرط الاعتياد يقبل التفاوت ويخضه للتأويل الذي لا تنسد به الذرائع، وهو ما أراد الشارع تلافيه، فقد حددت اللائحة مدة الإقامة المعتادة بخمس سنوات تثبت للأجنبي بحمله بطاقة إقامة لهذه المدة أو إقامة لمدة متصلة يبلغ مجموعها خمس سنوات ميلادية ما لم يحتفظ بصفته غير المقيم بعد الحصول على موافقة اللجنة العليا للنقد على ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تبريره لقضائه ببراءة كل من المطعون ضدهم الرابع والسابع والتاسع....... و........ و....... من جرائم الاشتراك في التعامل بالنقد المصري مع غير مقيم هو... أنهم لا يعملون بتوافر تلك الصفة لديه دون أن يستظهر شرطي الإقامة المعتبرة قانوناً من مشروعية واعتياد، فإن ذلك مما يصم الحكم بالتخاذل وبالقصور في إيراد ما تندفع به عنهم تلك الجريمة بعناصرها سالفة البيان. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه اقتصر حين قضى ببراءة المطعون ضدهم من باقي التهم المسندة إليهم على مجرد القول بأن أقوال... بشأن تعامل المطعون ضده الأول -......... - بالنقد المصري مع......... غير المقيم جاءت مرسلة وكذلك بالنسبة لأقوال.......... في خصوص تهمة المقاصة المسندة إلى المطعون ضده التاسع......... رغم أنه دان أولهما بذات الجريمة كما اكتفى بالقول بأنه لا شأن لنفس المطعون ضده بتهمة المقاصة الأخرى المسندة إليه، وأطرح اعتراف المطعون ضده الخامس عشر...... بمقولة أنه أدلى به في ظروف صحية وبعدم قدرته على التراجع في أقواله، وأغفل الحديث عن شيكين آخرين صادرين إلى المطعون ضده الثاني من سفارة المكسيك حينما قضى ببراءته من تهمة التعامل في الشيكات المقومة بنقد أجنبي، كما قضى ببراءة المطعون ضده السابع...... من تهمتي المقاصة المسندتين إليه لمجرد أنه قام بتوصيل مبالغ بسيطة في إحداهما وأنه بعيد عن الأخرى، وبأن دور المطعون ضده السابع عشر -.......... - في تهمة المقاصة المسندة إليه قد اقتصر على سحب النقد المصري من حسابه في البنك حيث تولى...... ترتيب وسيلة إرساله للخارج عن طريق....... دون أن يعني ببحث ترديد نص المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 للجريمة التامة والشروع فيها ومحاولة ذلك بما يفهم منه أن العقاب يمتد حتماً إلى ما دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى التهريب وإن لم يصل إلى البدء في التنفيذ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماه أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وإذ ما كان الثابت مما ساقه الحكم المطعون فيه وتساند إليه في قضائه بالبراءة على نحو ما سلف بيانه أنه لم يبين سنده فيما أطرحه من اعتراف وأقوال حتى يبين منه وجه استدلاله لما جهله، ولما باعد به بين بعض المطعون ضدهم وبين التهم المسندة إليهم، ولا كيف أنها اندفعت عن غيرهم بالرغم مما حصله في شأنهم على صورة تفيد توافر عناصر الجرائم المسندة إليهم، وما ينبئ عن أن المحكمة وازنت ورجحت فيما بين أدلة الثبوت والنفي، لذلك ولأن التهم لا تدفع بغلبة الظن في مقام اليقين فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الموجب لنقضه. لما كان ذلك، وكان ما انطوى عليه الحكم من خطأ قانوني قد حجبه عن تقدير أدلة الدعوى فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب فإنه يتعين نقضه والإحالة بالنسبة إلى جميع ما أسند إلى المطعون ضدهم.
ثانياً – بالنسبة إلى الطعون المقدمة من المحكوم عليهم
وحيث إن مما ينعاه الطاعن...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم المقاصة والتعامل في النقد الأجنبي والاشتراك في التعامل بالنقد المصري مع غير مقيم قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليه قد صدر وليد التهديد باتهامه بالتجسس، غير أن الحكم أخذ بهذا الاعتراف وعول عليه في إدانته دون أن يعني بمناقشة هذا الدفاع الجوهري أو الرد عليه، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية الأخيرة أن المدافع عن الطاعن دفع بما مفاده أنه أدلى باعترافه على أثر تهديده باتهامه بالتجسس والتلويح له بسبق اتهامه بذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى اعترافه، وكان الأصل أن الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير التهديد أو الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الاعتراف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على هذا الاعتراف بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهري ويقول كلمته فيه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب، ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه. لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء الجرائم التي دين بها كل من الطاعنين...... و.... و...... و....... و...... و....... و...... - بالنسبة للتهمة الأولى المسندة لهذا الأخير - أن تلك الجرائم تلتقي جميعها في صعيد واحد يدور في فلك المقاصة غير المشروعة مع الطاعن السابق........ - فإن نقض الحكم بالنسبة لهذا الأخير يقتضي نقضه أيضاً للطاعنين المشار إليهم، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة له، وما تجر إليه أو تنتهي عنده تقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة بالنسبة لهم جميعاً، من جميع نواحيها، وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من كل من هؤلاء الآخرين - الطاعنين - ومن النيابة العامة بالنسبة إلى كل من......... و.........
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعامل مع النقد الأجنبي المضبوط لديه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن أن النقد المشار إليه هو بعض مدخراته في الخارج وأنه دخل به البلاد بطريق مشروع غير أن الحكم المطعون فيه لم يمحص هذا الدفاع وأطرح بمقولة أنه دفاع مرسل غير مؤيد بدليل لعدم تقديم الإقرار الجمركي مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن أشار إلى أن الطاعن قد أبلغ عن النقد المضبوط لديه وأثبته في جواز سفره وأن المباحث العامة قد استولت على جميع أوراقه. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه في خصوص الجريمة موضوع التهمة الثانية التي دان بها الطاعن، وهي التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة لديه، أنه انتهى إلى قوله "أما عن العملة الأجنبية التي ضبطت مع المتهم فقد جاء دفاع المتهم بشأنها مرسلاً دون أن يقرن بدليل يؤيده، فلم يقدم الإقرار الجمركي الذي أثبت فيه هذه النقود الأمر الذي تضحى معه هذه التهمة ثابتة في حقه وتعين لذلك معاقبته عنها عملاً بمواد الاتهام على النحو المبين بالمنطوق"، وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا التدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن تكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه حين برر إطراح دفاع الطاعن بأنه لم يقدم الإقرار الجمركي كما سلف البيان الأمر الذي ينطوي على إخلال بحق الدفاع يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه. لما كان ما تقدم جميعه فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للمطعون ضدهم وللطاعنين من المحكوم عليهم.