أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 554

جلسة 22 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينه، وصلاح عبد الحميد.

(124)
الطعن رقم 933 لسنة 45 القضائية

(1) إعلان. أمر بألا وجه. دعوى جنائية. طعن. "ميعاد الطعن".
إيجاب القانون. الإعلان. لاتخاذ إجراء ما. عدم قيام طريق آخر مقامه.
بدء ميعاد حق المدعي المدني في الطعن في الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. عن تاريخ إعلانه.
(2) بطلان. "بطلان الإعلان". نظام عام.
حضور المتهم بنفسه أو بوكيل بالجلسة. ليس له التمسك ببطلان أوراق التكليف بالحضور. أساس ذلك: البطلان في هذه الحالة. ليس من النظام العام.
(3) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
1 – جرى قضاء محكمة النقض على أنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد، فإن أي طريق أخرى لا يقوم مقامه. وإذ كان ذلك، وكانت المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية تخول المدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلانه، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن المدعي بالحقوق المدنية قد أعلن بالأمر المذكور إلى أن قرر بالطعن فيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن طعن المدعي بالحقوق المدنية في الأمر المنوه عنه، قد تم في موعده القانوني، يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 – من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بالتكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بالجلسة بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان.
3 – إن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع.


الوقائع

بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1971 أبلغ المدعي بالحقوق المدنية قسم شرطة باب شرقي بأنه أثناء مروره في الطريق شاهد زوجته (الطاعنة) تدخل إلى إحدى العمارات، ونظراً لأنه يشك في سلوكها فقد طلب ضبطها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا. ولما انتقل رجال الشرطة إلى حيث أرشد المبلغ تم ضبطها بمسكن...... (المتهم الثاني). ثم طلب إقامة الدعوى الجنائية قبل زوجته بتهمة الزنا وادعى مدنياً قبلها وشريكها طالباً إلزامهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. وبعد أن تولت النيابة العامة التحقيق أمرت بحفظ الأوراق إدارياً. ثم انتقل أحد رجال الشرطة إلى مقر عمل المدعي بالحقوق المدنية في 7 مايو سنة 1972 وأبلغه بهذا الأمر. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الأمر بتاريخ 10 يونيه سنة 1972. ومحكمة الجنح المستأنفة - منعقدة في غرفة مشورة - قضت بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الأمر المطعون فيه ويقيد الواقعة جنحة بالمواد 273 و274 و275 من قانون العقوبات ضد الطاعنة....... بوصف أنهما في غضون الأشهر الأربعة السابقة على يوم 26 ديسمبر سنة 1971 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية ارتكبا جريمة الزنا على النحو المبين بالأوراق وأمرت بإحالة الدعوى إلى محكمة جنح باب شرقي لمحاكمتها. ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة عدل المدعي بالحقوق المدنية طلباته إلى مبلغ 51 جنيهاً ثم قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و275 و276 من قانون العقوبات برفض الدفع الذي أبداه المتهمان ببطلان أمر الإحالة وبحبس كل من المتهمين سنتين مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامهما بأن يؤديا متضامنين للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المتهمان، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول استئناف المتهمين شكلاً ورفض جميع الدفوع المبداه منهما وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمة الأولى والاكتفاء بحبسها ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما قضى به في الدعوى المدنية قبلها وبراءة المتهم الثاني ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الزنا قد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب ذلك بأن المدعي بالحقوق المدنية قرر بالطعن في الأمر الصادر من قرار النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى بعد فوات الميعاد المقرر بالمادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية وهو عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالأمر كما أن قرار غرفة المشورة صدر دون إعلان الطاعنة بالحضور أمامها ومن ثم يبطل اتصال المحكمة بالدعوى هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بالإدانة على الاعتراف المنسوب إلى الطاعنة على الرغم من إنكارها إياه ودفاعها بأنه جاء وليد إرادة مشوبة نتيجة للظروف التي صدر فيها إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بأسباب غير سائغة لا تحمل حكمها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة بعد أن قامت بتحقيق الواقعة أصدرت أمراً بحفظ الأوراق في 9 من إبريل سنة 1972 ثم انتقل أحد رجال الشرطة إلى مقر عمل المدعي بالحقوق المدنية في 7 مايو سنة 1972 وأبلغه بالأمر وأثبت في محضره رفض الأخير التوقيع عليه. لما كان ذلك وكانت المادة 210 إجراءات تخول للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر في ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلانه وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد فإن أي طريقة أخرى لا تقوم مقامه، وإذ كانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن المدعي بالحقوق المدنية قد أعلن بأمر الحفظ إعلاناً قانونياً إلى أن قرر بالطعن فيه فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن طعن المدعي بالحقوق المدنية في الأمر الصادر بألا وجه لإقامة الدعوى قد تم في موعده القانوني يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة مثلت أمام غرفة المشورة بوكيلها وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول على اعتراف الطاعنة واطمأن إلى سلامته بقوله: "ومن حيث إنه عن الاعتراف الصادر من المتهمة الأولى، فإن المحكمة بما لها من سلطة التقدير تطمئن إلى سلامة الاعتراف الصادر عن هذه المتهمة في محضري الضبط وتحقيق نيابة باب شرقي ولا تعول المحكمة على إنكارها للتهمة بعد ذلك ولا للمطاعن التي أثارتها حول صحة هذا الاعتراف وترى أن هذا العدول قصد منه التخلص من المسئولية بعد أن استشعرت خطورة موقفها..."، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عن الطاعنة طواعية واختياراً، فإن ما يثيره الطاعنة من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.