أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 558

جلسة 22 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينة.

(125)
الطعن رقم 1015 لسنة 45 القضائية

(1) قانون. ”تفسيره". صيدلة.
غموض نص القانون. لا يحول دون تفسيره. على هدى قصد المشرع. عدم جواز تجزئة المواد الواردة بالجدول الخامس من القانون رقم 127 لسنة 1955، إلا في الصيدليات، أو معمل الإنتاج. فحسب. مثال؟.
(2) قانون. "العلم بالقانون". دفوع. "الدفع بالجهل بالقانون. أو الغلط فيه".
العلم بالقانون الجنائي. والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة. أثر ذلك. عدم قبول الدفع بالجهل. أو الغلط فيه.
1 – متى كانت المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصرياً... ويعتبر مزاولة لمهنة الصيدلة في حكم هذا القانون تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا"، كما تنص المادة 93 من هذا القانون على أن "تعتمد الجداول الملحقة بهذا القانون وتعبر مكملة له" وجاء بمقدمة الجدول الخامس الملحق بالقانون ما يأتي: "ولا يصرح بالاتجار في مواد أخرى أو تجزئتها أو حيازتها في مخازن الأدوية البسيطة سوى ما هو مذكور في الجدول المبين بعد ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبيناً عليها اسم الصنف وكميته والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة. ومن بين هذه المواد الجلسرين وزيت الخروع والملح الإنجليزي وقد وردت مع أصناف أخرى بالجدول المشار إليه، وكان يبين من نص مقدمة الجدول أنه وإن جاء مشوباً بالغموض إذ حظرت الفقرة الأولى منها على مخازن الأدوية البسيطة تجزئة المواد الأخرى غير المبينة بالجدول بينما جاءت الفقرة الأخيرة منها فنصت بحظر تجزئة هذه المواد على مخازن الأدوية البسيطة غير أن الغموض لا يحول دون تفسير النص على هدى ما يستخلص من قصد المشرع وقد أفصح عن هذا القصد في العبارة الأخيرة التي ختم بها مقدمة الجدول وهي تفيد حظر التجزئة على مخازن الأدوية البسيطة، ونظراً لما كان يثور من خلاف حول تفسير هذا النص رأى المشرع إصدار القانون رقم 360 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955، وكان من بين ما تضمنه التعديل نص مقدمة الجدول الخاص فاستبدل بها النص الآتي: "ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبيناً عليها اسم الصنف وكميته هذه والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة" وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليلاً لهذا التعديل "أما بالنسبة للجدول الخامس وهو جدول المواد المصرح ببيعها في مخازن الأدوية البسيطة فإن النص القائم يفيد جواز تجزئة تلك المواد في المخزن من أن هذه التجزئة لا تجوز أن تتم إلا في الصيدليات العامة أو معامل الإنتاج ولذلك رؤى تعديل النص لإزالة اللبس الموجود فيه بالنسبة للتجزئة بحيث يصبح النص صريحاً على عدم جواز تلك التجزئة بالمخازن البسيطة" وواضح من التعديل سالف الذكر ومذكرته الإيضاحية أن تجزئة المواد الواردة في الجدول الخامس غير مصرح بها بالمخازن البسيطة أياً كانت هذه التجزئة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أنه قام بتجزئة المواد المضبوطة لديه وهي الجلسرين النقي وزيت الخروع والملح الإنجليزي وتعبئتها في أكياس صغيرة بقصد بيعها للجمهور، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تقرير مسئوليته يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 – من المقرر أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له يفترض في حق الكافة ومن ثم فإنه لا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 17 يونيه سنة 1972 بدائرة قسم الجمالية زوال مهنة صيدلي بدون ترخيص، وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2 و5 و78 و83 و84 من القانون رقم 127 لسنة 1959، ومحكمة الجمالية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات والمصادرة. فاستأنف ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بتهمة مزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص استناداً إلى أن مقدمة الجدول الخاص الملحق بالقانون رقم 127 لسنة 1955 لا تبيح لمخازن الأدوية البسيطة تجزئة المواد المنصوص عليها بالجدول المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله ذلك أن حظر التجزئة إنما يقصد به التجزئة الكيماوية التي تعد مزاولة لمهنة الصيدلة وفقاً للمادة الأولى من القانون المذكور. أما التجزئة المادية المصرح بها لمخازن الأدوية فهي غير مؤثمة وفقاً للمادة 49 من القانون سالف الذكر هذا فضلاً عن انتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن ذلك أنه قدم للمحاكمة في جنحتين مماثلتين للدعوى المطروحة وقضى فيهما بالبراءة تأسيساً على أن ما أتاه الطاعن فعل مشروع.
وحيث إن الواقعة كما أثبتها الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه تتحصل فيما أثبتته مفتشة الصيدليات بمنطقة وسط القاهرة الطبية بمحضر ضبط الواقعة المؤرخ 17 يونيه سنة 1972 من أنه بالتفتيش على مخزن أدوية الطاعن تبين أنه قام بتجزئة الجلسرين النقي وزيت الخروع والملح الإنجليزي وتعبئتها في زجاجات وأكياس صغيرة وبيعها للجمهور مخالفاً بذلك مقدمة الجدول الخاص من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 360 لسنة 1956 وقدم الطاعن إلى المحاكمة بوصف أنه في يوم 17 يونيه سنة 1972 بدائرة قسم الخليفة زوال مهنة الصيدلة بدون ترخيص، وطلبت النيابة تطبيق المواد 1 و2 و5 و78 و83 و84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فعدلت محكمة أول درجة وصف التهمة إلى أنه وهو صاحب مخزن أدوية بسيطة قام بتجزئة المواد المبينة بالمحضر وقضت بتغريمه عشرة جنيهات والمصادرة وتأيد هذا الحكم بالحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصرياً... ويعتبر مزاولة لمهنة الصيدلة في حكم هذا القانون تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا"، كما تنص المادة 93 من هذا القانون على أن "تعتمد الجداول الملحقة بهذا القانون وتعتبر مكملة له" وجاء بمقدمة الجدول الخامس الملحق بالقانون ما يأتي "ولا يصرح بالاتجار في مواد أخرى أو تجزئتها أو حيازتها في مخازن الأدوية البسيطة سوى ما هو مذكور في الجدول المبين بعد ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبيناً عليها اسم الصنف وكميته والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة". ومن بين هذه المواد الجلسرين وزيت الخروع والملح الإنجليزي وقد وردت مع أصناف أخرى بالجدول المشار إليه وكان يبين من نص مقدمة الجدول أنه وإن جاء مشوباً بالغموض إذ حظرت الفقرة الأولى منها على مخازن الأدوية البسيطة تجزئة المواد الأخرى غير المبينة بالجدول بينما جاءت الفقرة الأخيرة منها فنصت بحظر تجزئة هذه المواد على مخازن الأدوية البسيطة غير أن الغموض لا يحول دون تفسير النص على هدى ما يستخلص من قصد المشرع وقد أفصح عن هذا القصد في العبارة الأخيرة التي ختم بها مقدمة الجدول وهي تفيد حظر التجزئة على مخازن الأدوية البسيطة، ونظراً لما كان يثور من خلاف حول تفسير هذا النص رأى المشرع إصدار القانون رقم 360 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 وكان من بين ما تضمنه التعديل نص مقدمة الجدول الخامس فاستبدل بها النص الآتي "ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبيناً عليها اسم الصنف وكميته والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة" وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليلاً لهذا التعديل "أما بالنسبة للجدول الخامس وهو جدول المواد المصرح ببيعها في مخازن الأدوية البسيطة فإن النص القائم يفيد جواز تجزئة تلك المواد في المخزن من أن هذه التجزئة لا تجوز أن تتم إلا في الصيدليات العامة أو معامل الإنتاج ولذلك رؤى تعديل النص لإزالة اللبس الموجود فيه بالنسبة للتجزئة بحيث يصبح النص صريحاً على عدم جواز تلك التجزئة بالمخازن البسيطة" وواضح من التعديل سالف الذكر ومذكرته الإيضاحية أن تجزئة المواد الواردة في الجدول الخامس غير مصرح بها بالمخازن البسيطة أياً كانت هذه التجزئة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أنه قام بتجزئة المواد المضبوطة لديه وهي الجلسرين النقي وزيت الخروع والملح الإنجليزي وتعبئتها في أكياس صغيرة بقصد بيعها للجمهور، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تقرير مسئوليته يكون قد أصاب صحيح القانون. ولما كان من المقرر أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له يفترض في حق الكافة ومن ثم فإنه لا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.