أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 567

جلسة 23 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(127)
الطعن رقم 177 لسنة 45 القضائية

(1 - 2) صحافة. مؤسسات خاصة. مؤسسات عامة. موظفون عموميون. دعوى جنائية. مسئولية جنائية. "المسئولية المفترضة". "الإعفاء منها".
(1) اعتبار المؤسسات الصحفية من أشخاص القانون الخاص. إلا فيما يتعلق بعلاقاتها بالشركات المساهمة التي تؤسسها لمباشرة نشاطها وبالنسبة لمسئولية مديريها ومستخدميها المبينة بقانون العقوبات. وكذلك فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير فإنها تعتبر في حكم المؤسسات العامة.
رئيس تحرير الصحيفة. لا يعد موظفاً عاماً في حكم المادة 63 إجراءات. أثر ذلك؟
(2) مسئولية رئيس تحرير الصحيفة مسئولية فرضية عما ينشر في جريدته.
حالة إعفاء رئيس التحرير من المسئولية المفترضة. شروطهما؟
(3) صحافة. مسئولية جنائية. نقد. "ما يعد وما لا يعد نقداً مباحاً".
إبداء الرأي في أمر أو عمل. دون مساس بشخص صاحبه. نقد مباح. متى لا يعد كذلك.
(4) تعويض. "تقديره".
تقدير محكمة ثاني درجة لمبلغ التعويض المؤقت. كطلب المدعي. مجاوزة في ذلك ما ارتأته أول درجة من تعويض نهائي. لا عيب ما دامت أنها رأت أنه يجاوزه. اعتبار التعويض النهائي في هذه الحالة. متروك لحين التداعي بشأنه أمام القضاء المدني.
1 – لما كانت المادة السادسة من القانون رقم 156 لسنة 1965 بشأن تنظيم الصحافة قد نصت على أن يشكل الاتحاد القومي مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي يملكها ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة، كما نصت المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية على أنه "للمؤسسات الصحفية تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون آخرون وذلك لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ويكون تأسيس هذه الشركات وتنظيم علاقة المؤسسات الصحفية بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي". ونصت المادة الثالثة منه على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها في هذا القانون في حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد" فإن مفاد هذه النصوص أن المؤسسات الصحفية لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة رأى المشرع أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقتها بها وفقاً للقواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة كما اعتبرها في حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسئولية مديريها ومستخدميها الجنائية وفيما يختص بالاستيراد والتصدير أما فيما يجاوز هذه المسائل فإن المؤسسات الصحفية تعد من أشخاص القانون الخاص وبالتالي فإن العاملين فيها يخضعون في علاقتهم بها لأحكام قانون العمل ولا يعتبرون في حكم الموظفين العموميين إلا فيما أشارت إليه المادة الثالثة سالفة الذكر استثناء من ذلك الأصل العام، لما كان ذلك وكان الطاعن وهو رئيس تحرير جريدة الجمهورية لا يعد موظفاً عمومياً في حكم المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فلا تنعطف عليه الحماية المقررة فيها والتي لا تسبغ إلا على الموظفين العموميين فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى هذه النتيجة ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد مستوجباً للرفض.
2 – لما كانت المادة 195 من قانون العقوبات قد نصت على إعفاء رئيس تحرير الجريدة من المسئولية الجنائية في إحدى حالتين. الأولى: إذا أثبت أن النشر حصل بدون علمه وقدم منذ بدء التحقيق كل ما لديه من المعلومات والأوراق للمساعدة على معرفة المسئول عما نشر. والثانية: إذا أرشد أثناء التحقيق عن مرتكب الجريمة وقدم كل ما لديه من المعلومات والأوراق لإثبات مسئوليته وأثبت فوق ذلك أنه لو لم يقم بالنشر لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة أو لضرر جسيم آخر"، وكان موجب هذا الإعفاء في كل من حالتيه المتقدم ذكرهما قد ورد استثناء من الأصل العام الذي تقضي بمسئولية رئيس التحرير عما ينشر في جريدته مسئولية افتراضية، فإن عبء إثبات توفر الاستثناء في صورتيه إنما يقع على كاهل المتهم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من إعفائه من المسئولية لعدم إثباته موجب الإعفاء وتحقق شروطه - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن في أسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله مستوجباً للرفض.
3 – من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه، لما كان ذلك، وكانت عبارات المقال موضوع الاتهام شائنة ومن شأنها لو صحت إستيجاب عقاب المطعون ضدها واحتقارها عند أهل وطنها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن تلك العبارات إنما كانت من قبيل النقد المباح يكون في غير محله.
4 – إذا كانت المطعون ضدها قد طلبت الحكم لها بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت فقضت لها محكمة أول درجة بثلاثين جنيهاً تعويضاً نهائياً ولما استأنفت قضت المحكمة الاستئنافية بتعديل التعويض المقضي به إلى المبلغ المطالب به وقدره 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مقررة أنها تترك تقدير قيمة التعويض للمحكمة المدنية، فإن ما ينعاه الطاعن على هذا القضاء لا يكون مقبولاً، ذلك بأن كل ما جرى بالحكم المطعون فيه أنه استجاب - في نطاق سلطة محكمة الموضوع - إلى طلب المطعون ضدها المقدم لمحكمة أول درجة بالقضاء لها بتعويض مؤقت، فليس يعنيه من بعد أن تكون قيمة هذا التعويض بوصفها التوقيتي زائدة عما قدرته محكمة أول درجة من تعويض نهائي ما دام أن تقدير قيمة هذا التعويض قد باتت مرجأة إلى حين التداعي بشأنها لدى المحكمة المدنية المختصة، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.


الوقائع

أقامت المدعية بالحق المدني دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة الأزبكية الجزئية ضد كلاً من: (1)......... و(2)......... (الطاعن) (3)......... بوصف أنهم في يوم 5 من أغسطس سنة 1971 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: قذفوا في حقها بأن أسندوا إليها أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقابها واحتقارها عند أهل وطنها وتضمنت خدشاً لشرفها وطعناً في عرضها بالعبارات التي تضمنها مقال المتهم الأول بجريدة الجمهورية. وطلبت عقابهم بالمواد 171 و195 و302 و303 و306 و308 من قانون العقوبات مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف مقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المشار إليها قضت حضورياً اعتبارياً للمتهم الأول وغيابياً للباقين عملاً بمواد الاتهام. (أولاً) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمتهم الثالث لعدم جواز تحريكها بالطريق المباشر. (ثانياً) بتغريم كل من المتهم الأول والثاني عشرين جنيهاً وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثين جنيهاً على سبيل التعويض النهائي والمصاريف المدنية. استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم، كما استأنفته المدعية بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول والثاني بقبول الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع... (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة جنائية بالنسبة للمتهمين الأول والثاني بصفته وبإجماع الآراء بتعديله فيما قضى به من جعل التعويض نهائياً إلى جعله مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت المتهمين الأول والثاني بالمصاريف الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القذف والسب علناً بطريق النشر - قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن يعتبر موظفاً عمومياً لأنه عين بقرار من الاتحاد الاشتراكي ويقوم بعمله في مرفق عام، وقد اعتبر قانون العقوبات جميع موظفي المؤسسات الصحفية - وهو من بينهم - من الموظفين العموميين مما يتعين معه اعتباره كذلك عند تطبيق قانون الإجراءات الجنائية ويحول دون محاكمته بتحريك الدعوى ضده من المدعية بالحقوق المدنية بالطريق المباشر وذلك طبقاً لنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا فضلاً عن أنه كان قد تمسك بإعفائه من العقاب وفق ما تقضي به المادة 195 من قانون العقوبات لأن المقال موضوع الاتهام لم يكن قد عرض عليه بل كان التصريح بنشره قد صدر من رئيس تحرير تنفيذي يختص بذلك وإن من قام بتحرير ذلك المقال قد وقع عليه باسمه، إلا أن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع ولم ترد عليه بما يسيغ إطراحه، هذا علاوة على أن ذلك المقال على أي حال إنما كان يستهدف الصالح العام ولم يكن يعدو النقد المباح ولا يتوفر فيه قصد الإساءة إلى المطعون ضدها، كما أن الحكم المطعون فيه قد عدل التعويض النهائي المقضي به ابتدائياً فرفع قيمته وجعله تعويضاً مؤقتاً مع أن هذا التعديل لم يكن له محل طالما أن عناصر الضرر كانت قد تحددت من جهة وما دام أن المقصود بالإدعاء المدني - من جهة أخرى - مجرد تقدير مبدأ التعويض في حد ذاته على أن يترك تقدير قيمته للمحكمة المدنية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضدها (المدعية بالحقوق المدنية) أقامت الدعوى بالطريق المباشر ضد: 1 -......... 2 -......... 3 -........... تأسيساً على أن المتهم الأول كان قد نشر مقالاً في جريدة الجمهورية بعددها الصادر في 5 أغسطس سنة 1971 - والتي يرأس تحريرها الطاعن - نسب إليها فيه أنها تتزعم عصابة تخصصت في اغتصاب العقارات بطرق غريبة مستغلة ما تتميز به من جمال ودهاء تغري بهما الكثير ممن تتصل بهم في أجهزة الدولة وأنها تقدمت للشهر العقاري بأوراق تدعى بها ملكيتها حي معروف بأكمله، ولما أرجأت المصلحة أوراقها للتحري بشأنها أخذت في التردد هنا وهناك لكي تتوصل إلى تحقيق أغراضها غير المشروعة، وقد استند المتهم الأول في هذا المقام إلى حديث صحفي أجراه مع المتهم الثالث بصفته أمين عام الشهر العقاري، ولما كان هذا المقال قد تضمن القذف والسب في حقها مما ألحق بها أضراراً بالغة، فقط طلبت بعد توقيع العقوبة الجنائية على هؤلاء المتهمين بمقتضى المواد 302 و306 و308 و171 من قانون العقوبات إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقد قضت محكمة أول درجة حضورياً اعتبارياً للمتهم الأول وغيابياً للباقين. (أولاً) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمتهم الثالث لعدم جواز تحريكها ضده بالطريق المباشر. (ثانياً) بتغريم كل من المتهم الأول والطاعن عشرين جنيهاً وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية ثلاثين جنيهاً على سيبل التعويض النهائي والمصاريف المدنية وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وقد استند الحكم إلى المقال الذي نشره المتهم الأول في تلك الجريدة التي يرأس تحريرها المتهم الثاني - الطاعن - وتضمن تلك العبارات، وإذ استأنف المتهم الأول والطاعن والمطعون ضدها قضت محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة جنائية بالنسبة للمتهمين الأول والثاني بصفته، وبإجماع الآراء بتعديله فيما قضى به من تعويض يجعله واحد وخمسين جنيهاً على سيبل التعويض المؤقت وتأييد الحكم فيما عدا ذلك مع إلزام المتهمين الأول والثاني بالمصاريف الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، لما كان ذلك. وكانت المادة السادسة من القانون رقم 156 لسنة 1960 بشأن تنظيم الصحافة قد نصت على أن يشكل الاتحاد القومي مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التي يملكها ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة، كما نصت المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية على أنه "للمؤسسات الصحفية تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون آخرون، وذلك لمباشرة نشاطها الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ويكون تأسيس هذه الشركات وتنظيم علاقة المؤسسات الصحفية بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي". ونصت المادة الثالثة منه على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها في هذا القانون في حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليها في قانون العقوبات، وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد"، فإن مفاد هذه النصوص أن المؤسسات الصحفية لا تعدو أن تكون مؤسسات خاصة رأى المشرع أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقتها بها وفقاً للقواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة كما اعتبرها في حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسئولية مديريها ومستخدميها الجنائية وفيما يختص بالاستيراد والتصدير أما فيما يجاوز هذه المسائل فإن المؤسسات الصحفية تعد من أشخاص القانون الخاص وبالتالي فإن العاملين فيها يخضعون في علاقتهم بها لأحكام قانون العمل ولا يعتبرون في حكم الموظفين العموميين إلا فيما أشارت إليه المادة الثالثة سالفة الذكر استثناء من ذلك الأصل العام، لما كان ذلك وكان الطاعن وهو رئيس تحرير جريدة الجمهورية لا يعد موظفاً عمومياً في حكم المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فلا تنعطف عليه الحماية المقررة فيها والتي لا تسبغ إلا على الموظفين العموميين فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى هذه النتيجة ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد مستوجباً للرفض لما كان ذلك وكانت المادة 195 من قانون العقوبات قد نصت على إعفاء رئيس تحرير الجريدة من المسئولية الجنائية في إحدى حالتين. (الأولى) إذا أثبت أن النشر حصل بدون علمه وقدم منذ بدء التحقيق كل ما لديه من المعلومات والأوراق للمساعدة على معرفة المسئول عما نشر. (والثانية) إذا أرشد أثناء التحقيق عن مرتكب الجريمة وقدم كل ما لديه من المعلومات والأوراق لإثبات مسئوليته وأثبت فوق ذلك أنه لو لم يقم بالنشر لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة أو لضرر جسيم آخر"، وكان موجب هذا الإعفاء في كل من حالتيه المتقدم ذكرهما قد ورد استثناء من الأصل العام الذي تقضي بمسئولية رئيس التحرير عما ينشر في جريدته مسئولية افتراضية، فإن عبء إثبات توفر الاستثناء في صورتيه إنما يقع على كاهل المتهم، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من إعفائه من المسئولية لعدم إثباته موجب الإعفاء وتحقق شروطه - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن في أسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله مستوجباً للرفض، وإذ كان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه، وكانت عبارات المقال السابق ذكرها شائنة ومن شأنها لو صحت استيجاب عقاب المطعون ضدها واحتقارها عند أهل وطنها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن تلك العبارات إنما كانت من قبيل النقد المباح يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد طلبت الحكم لها بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت فقضت لها محكمة أول درجة بثلاثين جنيهاً تعويضاً نهائياً ولما استأنفت قضت المحكمة الاستئنافية بتعديل التعويض المقضي به إلى المبلغ المطالب به وقدره 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مقررة أنها تترك تقدير قيمة التعويض للمحكمة المدنية، فإن ما ينعاه الطاعن على هذا القضاء لا يكون مقبولاً، ذلك بأن كل ما جرى بالحكم المطعون فيه أنه استجاب - في نطاق سلطة محكمة الموضوع - إلى طلب المطعون ضدها المقدم لمحكمة أول درجة بالقضاء لها بتعويض مؤقت، فليس يعيبه من بعد أن تكون قيمة هذا التعويض بوصفها التوقيتي زائدة عما قدرته محكمة أول درجة من تعويض نهائي ما دام أن تقدير قيمة هذا التعويض قد باتت مرجأة إلى حين التداعي بشأنها لدى المحكمة المدنية المختصة، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.