أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 581

جلسة 23 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وحسن علي المغربي، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(130)
الطعن رقم 1027 لسنة 45 القضائية

إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". نقد.
تقدير قيمة الاعتراف واستقلاله من الإجراء الباطل. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
تقدير الغرامة المنصوص عليها في المادة 3 من القانون 48 لسنة 1947. بضعف  قيمة النقد الأجنبي محل التعامل. على ألا تقل عن مائة جنيه.
انحصار المصادرة في النقد الأجنبي محل الجريمة.
مصادرة نقد مصري لم يكن محلاً للجريمة. خطأ في القانون.
من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف الطاعن أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله مستوجباً للرفض. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة تعامله في النقد الأجنبي المضبوط على خلاف الشروط والأوضاع القانونية وعاقبه بمقتضى المادتين 1/ 1، 9/ 1، 3 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل وكانت المادة التاسعة قد نصت على أن تكون الغرامة التي يقضي بها في هذه الجريمة "تعادل ضعف المبالغ التي رفعت الدعوى الجنائية بسببها على ألا تقل عن مائة جنيه" كما جرى نص الفقرة الثالثة منها على أن "تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها لجانب الخزانة"، لما كان ذلك، وكان المفهوم من صريح هذا النص أن الغرامة تقدر بضعف قيمة النقد الأجنبي الذي كان محل التعامل وكذلك الشأن في المصادرة فإنها تنصب على النقد الأجنبي المضبوط والذي كان محل الجريمة التي دين بها الطاعن، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عم قضاءه بالغرامة فجعلها مقدرة بضعف قيمة المبالغ المضبوطة التي شملها أيضاً بالمصادرة على الرغم من أن من بين المضبوطات تسعمائة وعشرين جنيهاً مصرياً لم يكن لها صلة بالجريمة التي أخذ بها الطاعن فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أخطأ تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيحه بجعل الغرامة المقضي بها معادلة لضعف قيمة النقد الأجنبي المضبوط فقط دون غيره من النقود المصرية المضبوطة وقصر المصادرة أيضاً على ذلك النقد الأجنبي المضبوط فحسب وذلك بالإضافة إلى عقوبة الحبس المقضي بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -......... (الطاعن) و2 -......... بأنهما في يوم 25 فبراير سنة 1972 بدائرة محافظة القاهرة: تعاملا في أوراق النقد الأجنبي الموضحة بالأوراق على خلاف الشروط والأوضاع المحددة بقرار وزير الاقتصاد وعن غير طريق المصارف المرخص لها منه بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 من القانون 8 لسنة 1947 المعدل وقرار وزير الاقتصاد 893 لسنة 1960. ومحكمة جنح القاهرة للجرائم المالية قضت حضورياً بالنسبة للمتهم الأول وغيابياً بالنسبة للمتهم الثاني عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول شهرين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وتغريمه ما يعادل ضعف المبالغ المضبوطة معه مع مصادرتها. وبحبس المتهم الثاني شهراً واحداً وكفالة عشرة جنيهات وبتغريمه ما يعادل ضعف المبالغ المضبوطة معه مصادرتها فاستأنف المتهم الأول (الطاعن) هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التعامل في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط القانونية - قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدفاع كان قد تمسك ببطلان الإذن الصادر من القاضي بالمراقبة التليفونية للطاعن لعدم تسبيبه وبطلان المراقبة ذاتها لأن الضابط الذي أجراها لم يكن مندوباً لها من النيابة العامة وبطلان جميع ما ترتب على ذلك من ضبط وتفتيش واعتراف، وعلى الرغم من تسليم الحكم ببطلان تلك المراقبة فإن المحكمة عادت وعولت على الضبط والتفتيش واعتراف الطاعن باعتباره دليلاً مستقلاً في حين أنه لم يكن في الواقع إلا وليد تلك الإجراءات الباطلة، هذا علاوة على أن الحكم قضى بمصادرة جميع المضبوطات ومن بينها مبلغ تسعمائة وعشرون جنيهاً مصرياً ضبط في محل الطاعن لم يكن له صلة بالجريمة التي دين بها مما لا يجيز امتداد المصادرة إليه.
وحيث إن مؤدى ما حصله الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - عن واقعة الدعوى أنه بناءً على طلب مدير عام النقد باتخاذ الإجراءات في الدعوى أذنت النيابة العامة بضبط الطاعن وتفتيش محله كما أذن القاضي بمراقبة تليفونه، وإذ فتش محله عثر فيه على أوراق نقد أجنبي تعادل قيمتها 980 جنيهاً مصرياً ومبلغ 920 جنيهاً مصرياً وقد اعترف الطاعن بأنه جمع أوراق النقد الأجنبي المضبوطة بأن قام بشرائها من أفراد آخرين أدلى بأسمائهم وأنه كان ينوي تهريبها إلى الخارج ليشتري بها سيارة، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لما دفع به الطاعن من بطلان مراقبة تليفونه لأن من قام بإجرائها لم يكن منتدباً من النيابة العامة وبطلان جميع ما ترتب على ذلك من ضبط وتفتيش واعتراف، وانتهى إلى بطلان تلك المراقبة إلا أنه أخذ باعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة باعتباره دليلاً مستقلاً عن تلك الإجراءات الباطلة السابقة عليه، لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف الطاعن أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنيت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله مستوجباً للرفض. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة تعامله في النقد الأجنبي المضبوط على خلاف الشروط والأوضاع القانونية وعاقبه بمقتضى المادتين 1/ 1، 9/ 1، 3 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل وكانت المادة التاسعة قد نصت على أن تكون الغرامة التي يقضي بها في هذه الجريمة "تعادل ضعف المبالغ التي رفعت الدعوى الجنائية بسببها على ألا تقل عن مائة جنيه "كما جرى نص الفقرة الثالثة منها على أن" تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها لجانب الخزانة "لما كان ذلك، وكان المفهوم من صريح هذا النص أن الغرامة إنما تقدر بضعف قيمة النقد الأجنبي الذي كان محل التعامل وكذلك الشأن في المصادرة فإنها تنصب على النقد الأجنبي المضبوط والذي كان محل الجريمة التي دين بها الطاعن، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عم قضاءه بالغرامة فجعلها مقدرة بضعف قيمة المبالغ المضبوطة التي شملها أيضاً بالمصادرة على الرغم من أن من بين المضبوطات تسعمائة وعشرين جنيهاً مصرياً لم يكن لها صلة بالجريمة التي أخذ بها الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أخطأ تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيحه بجعل الغرامة المقضي بها معادلة لضعف قيمة النقد الأجنبي المضبوط دون غيره من النقود المصرية المضبوطة وقصر المصادرة أيضاً على ذلك النقد الأجنبي المضبوط فحسب وذلك بالإضافة إلى عقوبة الحبس المقضي بها.