أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 979

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه دنانة.

(218)
الطعن رقم 767 لسنة 42 القضائية

(1) قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي. بطلان. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدلائل الكافية". حكم. "تسبيبه، تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
حق مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية علي اتهامه في الحالات التي عددتها المادة 34 إجراءات. له تفتيش المتهم في هذه الحالة بغير إذن سلطة التحقيق طبقاً لمادة 46 إجراءات وبغير حاجة إلي أن تكون الجناية متلبساً بها. تقدير الدلائل التي تسوغ القبض والتفتيش ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي خاضعاً لسلطة التحقيق وتحت إشراف محكمة الموضوع. مثال لتسبيب سائغ في استخلاص كفاية لأدلة التي ارتكن إليها رجل الضبط في التفتيش.
(ب) دستور. قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". "الدفع ببطلان التفتيش". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحدي بما نص عليه دستور سنة 1971 في المادة 41 منه من وجوب صدور أمر من القاضي أو من النيابة العامة لإجراء القبض والتفتيش لا محل له إذا كان الحكم قد انتهى إلي صحة إجراءات القبض والتفتيش طبقاً لمادة 34 إجراءات. علة ذلك؟
(جـ) تحقيق. "إجراءاته". إجراءات. "إجراءات التحريز". بطلان. حكم "تسبيبه. تسببيب غير معيب". مواد مخدرة.
إجراءات التحريز إجراءات تنظيمية. لا بطلان على مخالفتها. العبرة باطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.
(د) إثبات. "شهود". حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض في أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الإدانة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(هـ، و) حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". مواد مخدرة.
(هـ) تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهي إليها مثال في مواد مخدرة.
(و) النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد غير منتج إذا لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. مثال في مواد مخدرة.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد عليه بقوله " إن الدفع ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات , مردود بأن المحكمة اطمئناناً منها إلى شهادة كل من الرقيب السري... والرائد – الذين لم يطعن عليهما المتهم بأي مطعن جدي تأخذ مما شهدا به توافر الدلائل الكافية التي تجيز للضابط القبض على المتهم وتفتيشه وتوجز المحكمة هذا الدلائل استخلاصاً من الوقائع السالف بيانها من مشاهدة الضابط للمتهم جالساً مع الرقيب أمام المقهى وفى الوقت المتفق عليه ثم قيام المتهم بإحضار كيس من الدكان المواجه للمقهى وعودته به إلي الرقيب والجلوس معه ثانية وما تبع ذلك من قيام الرقيب بعمل العلامة المتفق عليها وهى وضع الكوفية فوق رأسه وضبط الكيس المذكور في حجر المتهم وذلك كله بعد أن أبلغ الضابط من الرقيب السري باتفاقه مع المتهم على شراء المخدر على نحو ما جاء في أقواله فيما سلف. فقيام الضابط في هذه الظروف بإجراء القبض على المتهم كان له ما يبرره لتوافر الدلائل الكافية على أن ما قام المتهم بإحضاره من الدكان هو المخدر موضوع الصفقة التي اتفق الرقيب السري معه على إبرامها والذي سبق للرقيب المذكور أن أخبر الضابط بأمرها واستلم مبلغ المائتى جنيه لتنفيذها" فإن هذا الذي انتهي إليه الحكم سديد في القانون ذلك بأن لمأمور الضبط القضائي وفقاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددها الشارع حصراً في هذه المادة ومنها الجنايات وأن تفتيشه في هذه الحالة بغير إذن من سلطة التحقيق طبقاً للمادة 46 منه وبغير حاجة إلي أن تكون الجناية متلبساً بها. وتقدير هذا الدلائل التي تسوغ لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ولما كان الحكم قد استخلص في منطق سليم كفاية الأدلة التي ارتكن إليها رجل الضبط في التفتيش فإن النعي عليه بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله.
2 - لا محل للتحدي بما نص عليه الدستور من وجوب صدور أمر من القاضي أو من النيابة العامة لإجراء القبض والتفتيش، ذلك بأن المادة 41 من الدستور الصادر في سنة 1971 بعد أن أرست القاعدة الأصلية وهى أن الحرية الشخصية حق طبيعي وأنها مصونة لا تمس، ونصت على أنه فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر يصدر من القاضي أو من النيابة العامة أعقبت بأن ذلك إنما يكون وفقاً الأحكام القانون. وإذا كان الحكم قد انتهي إلي صحة إجراءات القبض والتفتيش بالتطبيق لحكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية وهو قانون قائم لم يتناوله الدستور بالإلغاء أو التعديل، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلي اطمئنان المحكمة إلي سلامة الدليل. وإذا كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلي أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن.
4 - لما كان التناقض في أقوال الشهود – على فرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الأدلة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. وإذا كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق وفيه الرد الضمني علي ما يخالفها فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوي والتحقيقات التي تمت فيها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - إذا كان ما ينعاه الطاعن على الحكم هو أنه نسب إليه دفاعاً لم يقل به مؤداه أنه من المستبعد أن يبيع مخدراً لرجال مكتب المخدرات وهو معروف لهم لسبق ضبطهم له في جناية مخدرات أخري، فإن ذلك مردود، بأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع لا يعيبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهي إليها.
6 - إذا كان ما ينعاه الطاعن على الحكم هو الخطأ في الإسناد حين ضمن روايته للواقعة على خلاف الثابت بالأوراق أن الضابطين سلما مبلغ مائة جنيه للرقيب السري لدفعه للطاعن وإذا كان هذا الخطأ – بفرض وجوده _ لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة فإن منعاه يكون غير منتج.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19/ 11/ 1965 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلي محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر ذلك بتاريخ 3/ 11/ 1970 ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 13/ 2/ 1972 عملاً بالمواد 1 و2 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول 1 المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر، قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولها بغير إذن من النيابة العامة ولأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بأسباب لا تكفي لحمله وتنطوي على خطأ في تطبيق القانون إذا استند في قضائه إلي نص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية التي تعد ملغاة بحكم الدستور الصادر عام 1971، حين استلزم لإجراء القبض والتفتيش صدور أمر من القاضي أو من النيابة العامة كما رد الحكم على دفاع الطاعن ببطلان الإجراءات لعدم تحريز المخدر رداً غير سائغ، وعول على أقوال الشهود مع تضاربها، وسكت عن الرد على ما ساقه الطاعن من أوجه دفاع موضوعية ونسب إليه دفاعاً لم يقل به، هذا إلي خطئه في سرد وقائع الدعوى حين أسند للضابطين أنهما سلما مبلغ مائتي جنيه للشرطي السري.... ليدفعه للطاعن ثمناً للمخدر وهو ما لا أصل له في الأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود ومن تقرير التحليل ومما ثبت من المعاينة وهى أدلة سائغة تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بطلان إجراءات القبض التفتيش ورد عليه بقوله "أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات مردود بأن المحكمة اطمئناناً منها إلي شهادة كل من الرقيب السري... والرائد... اللذين لم يطعن عليهما المتهم بأي مطعن جدي، تأخذ مما شهدا به توافر الدلائل الكافية التي تجيز للضباط القبض على المتهم وتفتيشه، توجز المحكمة هذه الدلائل استخلاصاً من الوقائع السالف بيانها من مشاهدة الضابط للمتهم جالساً مع الرقيب...... أمام المقهى وفي الوقت المتفق عليه، ثم قيام المتهم بإحضار كيس من الدكان المواجه للمقهى وعودته به إلي الرقيب والجلوس معه ثانية وما تبع ذلك من قيام الرقيب بعمل العلامة المتفق عليها وهى وضع الكوفية فوق رأسه وضبط الكيس المذكور في حجر المتهم وذلك كله بعد أن أبلغ الضابط من الرقيب السري باتفاقه مع المتهم على شراء المخدر على نحو ما جاء في أقوله فيما سلف. فقيام الضابط في هذه الظروف بإجراء القبض على المتهم كان له ما يبرره لتوافر الدلائل الكافية على أن ما قام المتهم بإحضاره من الدكان هو المخدر موضوع الصفقة التي اتفق الرقيب السري معه على إبرامها والذي سبق للرقيب المذكور أن أخبر الضابط بأمرها واستلم مبلغ المائتى جنيه لتنفيذها" فإن هذا الذي انتهى إليه الحكم سديد في القانون، ذلك بأن لمأمور الضبط القضائي وفقاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددها الشارع حصراً في هذه المادة ومنها الجنايات وأن يفتشه في هذه الحالة بغير إذن من سلطة التحقيق طبقاً للمادة 46 منه وبغير حاجة إلي أن تكون الجناية متلبساً بها. وتقدير هذه الدلائل التي تسوغ لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولما كان الحكم قد استخلص في منطق سليم كفاية الأدلة التي ارتكن إليها رجل الضبط في التفتيش فإن النعي عليه بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله، ولا محل للتحدي بما نص عليه الدستور من وجوب صدور أمر من القاضي أو من النيابة العامة لإجراء القبض والتفتيش، ذلك بأن المادة 41 من الدستور الصادر سنة 1971 بعد أن أرست القاعدة الأصلية وهى أن الحرية الشخصية حق طبيعي وأنها مصونة لا تمس ونصت على أنه فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر يصدر من القاضي أو من النيابة العامة أعقبت بأن ذلك إنما يكون وفقاً لأحكام القانون ولما كان الحكم قد انتهي إلي صحة إجراءات القبض والتفتيش بالتطبيق لحكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية وهو قانون قائم لم يتناوله الدستور بالإلغاء أو التعديل، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلي اطمئنان المحكمة إلي سلامة الدليل. وإذا كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث، فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان التناقض في أقوال الشهود – على فرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الإدانة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق وفيه الرد الضمني على ما يخالفها فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوي والتحقيقات التي تمت فيها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
أما ما ينعاه الطاعن من أن الحكم نسب إليه دفاعاً لم يقل به مؤداه أنه من المستبعد أن يبيع مخدر لرجال مكتب المخدرات وهو معروف لهم لسبق ضبطهم له في جناية مخدرات أخري، فإنه مردود بأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه من بيان أوجه الدفاع لا يعبه طالما أنه لا يتعلق بجوهر الأسباب التي بني عليها ولا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهي إليها. لما كان ذلك، وكان غير منتج ما يثيره الطاعن في شان خطأ الحكم في الإسناد حين ضمن روايته للواقعة – على خلاف الثابت بالأوراق – أن الضابطين سلما مبلغ مائتي جنيه للرقيب السري لدفعه للطاعن ذلك أن هذا الخطأ بفرض وجوده لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ما تقدم , فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.