أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 987

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه دنانة.

(219)
الطعن رقم 768 لسنة 42 القضائية

( أ ) كسب غير مشروع. جريمة. "أركانها". قانون. إثبات. "قرائن".
تعريف المادة 5 من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 191 لسنة 1952 للكسب غير المشروع لا يعدو صورتين. الأولي: المنصوص عليها في الفقرة الأولي من المادة 5 التي يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه أياً كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. الثانية: المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 5 يثبت فيها أن لدى الموظف زيادة في ماله عجز عن إثبات مصدرها. يتعين في هذه الحالة أن يكون نوع الوظيفة يتيح فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير. على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر الأمرين بالزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن الزيادة تمثل كسباً غير مشروع.
(ب) كسب غير مشروع. جريمة. "أركانها". قانون. حكم. "تسبيه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". إثبات. "قرائن".
إدانة الحكم الطاعن بجريمة كسب غير مشروع معتبراً أن مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع ودون أن يبين أن الحصول على الكسب كان بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له الاستغلال. خطأ في تطبيق القانون.
1 - نص المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 في المادة الخامسة المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 191 لسنة 1952 على تعريف الكسب غير المشروع بأنه "يعد كسباً غير مشروع كل مال حصل عليه أي شخص من المذكورين بالمادة الأولي بسبب أعمال أو نفوذ وظيفته أو مركزه أو بسبب استغلال شيء من ذلك، وكل زيادة يعجز مقدم الإقرار عن إثبات مصدرها يعتبر كسباً غير مشروع". ويبين من هذين النصين أن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة. والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه لا يعدو صورتين. الأولى - : المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الخامسة المشار إليها وهى التي يثبت فيها على الموظف ومن في حكمه أياً كان نوع وظفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. والثانية: - التي تواجهها الفقرة الثانية من المادة الخامسة وهى التي لا يثبت فيها الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصرها وفى هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصبح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال وإنما اعتبر مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فوق قصوره في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه خلال الفترة من أول سبتمبر سنة 1939 حتى 20/ 8/ 1966 بدائرة مركز شبين الكوم محافظة المنوفية: بوصفه موظفاً عاماً (صراف بمصلحة الأموال المقررة) حصل على كسب غير مشروع مقداره مبلغ 5189 ج و 806 م عجز عن إثبات مصدره. وطبت من مستشار الإحالة إحالته إلي محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً لمواد الإحالة فصدر قراره بذلك بتاريخ 25/ 4/ 1968. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بتاريخ 18/ 3/ 1972 عملاً بالمواد 1 و5 و7 من القانون رقم 131 لسنة 1952 المعدل بالقرار الجمهوري بقانون رقم 171 لسنة 1957 بإلزام المتهم برد مبلغ 5189 ج و 806 م (خمسة آلاف ومائة وتسعة وثمانين جنيهاً وثمانمائة وستة مليمات) إلي الخزانة العامة. فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه أنه إذا ألزمه بأن يرد للخزانة العامة المبلغ الذي انتهي إلي أنه يمثل كسباً غير مشروع، قد انطوي على خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب , ذلك بأن الحكم أقام قضاءه على عجز الطاعن عن بيان مصدر زيادة ثروته ولم يدلل على أن الطاعن حصل على هذه الزيادة غير المبررة في ماله نتيجة استغلاله وظيفته أو مركزه في حين أنه يشترط قيام رابطة سببية بين الحصول على المال واستغلال الخدمة أو الصفة مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوي بما موجزه بأنه بناء على شكوى تقدم بها...... تبين من تحقيقها أن الطاعن – وهو صراف بلدة ميت عافية مركز شبين الكوم – حقق كسباً غير مشروع مقداره 5189 ج و 806 م عجز عن إثبات مصدره، وبعد أن أورد ما جاء بتقرير مكتب خبراء وزارة العدل عن فحص تطور وثروة الطاعن وزوجته وأولاده القصر في الفترة من 1/ 9/ 1939 حتى أغسطس سنة 1966 بما انتهي إليه التقرير من زيادة في مال الطاعن لم يستطع إثبات مصدر حصوله عليها وأورد الحكم اعتراضات الطاعن على تقرير الخبير وما شابه من قصور في بيانات الضرائب العقارية وإغفال ثروة زوجته الأولي وثروة زوجته الثانية وإهماله احتساب المواشي كما نقل عن الخبير ما أثبته في تقريره عن إهماله تقدير نتاج المواشي الشرك في مدة الفحص، ثم خلص الحكم إلي الأخذ بتقرير الخبير وأطرح ما أبداه الطاعن من اعتراضات على هذا التقرير وعول في إلزامه برد المبلغ الزائد في ماله وقدره 5189 ج و806 م على مجرد عجزه عن إثبات مصدره. لما كان ذلك وكان المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 قد نص في المادة الخامسة المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 191 لسنة 1952 على تعريف الكسب غير المشروع بأنه "يعد كسباً غير مشروع كل مال حصل عليه أي شخص من المذكورين بالمادة الأولى بسبب أعمال أو نفوذ وظيفته أو مركزه أو بسبب استغلال شئ من ذلك، وكل زيادة يعجز مقدم الإقرار عن إثبات مصدرها يعتبر كسباً غير مشروع "ويبين من هذين النصين أن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه لا يعدو صورتين: الأولي: المنصوص عليها في الفقرة الأولي من المادة الخامسة المشار إليها وهى التي يثبت فيها على الموظف ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركز وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. والثانية: التي تواجهها الفقرة الثانية من المادة الخامسة وهى التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفى هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ويتعين علي قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال وإنما اعتبر مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع، فإن الحكم يكون قد أخطا في تطبيق القانون فوق قصوره في التسبيب، مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن المقدم من المحكوم عليه والطعن المقدم من النيابة العامة.