أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 995

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه دنانة.

(221)
الطعن رقم 772 لسنة 42 القضائية

( أ ) فاعل أصلي. شريك. مسئولية جنائية. محاماة. قذف. سب.
عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره. إلا أن يكون المساهم في العمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً. الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته لكنه يمده بكافه المعلومات والبيانات اللازمة لكتابتها. عمل المحامي هو صياغتها قانوناً بما يتفق وصالح الموكل. لا يقدح في ذلك ما قرره محامي الطاعن من أنه وحده المسئول عن كل حرف ورد بالمذكرة المقدمة في الدعوى المتضمنة وقائع القذف.
(ب) قذف. جريمة. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". قضاة. محكمة النقض. نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
تعريف القذف المستوجب للعقاب. حق قاضي الموضوع في استخلاص وقائع القذف من عناصر الدعوي. لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من نتائج قانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عبارتها لإنزال صحيح حكم القانون. مثال لقذف قاض بالاشتغال بالتجارة.
النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن القانون لا يؤثم جمع القاضي بين مهنته وبين الاشتغال بالتجارة وإن كان ذلك يشكل مخالفة مهنية تستوجب مؤاخذة تأديبية. غير صحيح في القانون.
(ج) أسباب الإباحة وموانع العقاب. "المادة 309 عقوبات". سب. قذف. دفاع. "ما يستلزمه حق الدفاع". محاماة. قضاة. المادة 309 عقوبات تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه مرتبطاً بالضرورة الداعية إليه. مثال لعبارات أوردها الطاعن في مذكرة لا يستلزمها الدفاع في القضية منه على المدعي المدني.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قذف. سب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محاماة.
النعي على الحكم بالتناقض فيما ورد من أن الطاعن الأول هو الأصيل في الدعوي المدنية وأملي محاميه الطاعن الثاني المعلومات المتضمنة عبارات القذف وعودته للقول بأن الموكل لا يكتب المذكرات لمحاميه إنما يمده بالمعلومات. مردود بأن مفهوم العبارات واحد وهو أن الطاعن الأول هو الذي زود الطاعن الثاني بالمعلومات المتضمنة عبارات القذف.
(ه) دعوى مدنية. إعلان. دفوع. "الدفع باعتبار المدعى المدني تاركاً لدعواه".
رفض الدفع باعتبار المدعى المدني تاركاً لدعواه. في محله إذ كان الطاعنان لا يدعيان أنهما أعلنا المدعى بالحقوق المدنية لحضور الجلسة التي تخلف عن حضورها فضلاً عن عدم حضورهما أيضاً تلك الجلسة ليطلبا اعتباره تاركاً لدعواه.
(و)حكم. "حجيته". دعوى مدينة. مصروفات مدنية. نقض. "حالات الطعن.الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض.
الحكم الصادر بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة أخرى لا يعتبر منهياً للخصومة المدنية. وجوب إبقاء الفصل في المصروفات المدنية. مخالفة الحكم ذلك. مخالفة للقانون تقتضى نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من إلزام الطاعن بالمصروفات المدنية.
1ـ من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلابد لمساءلته أن يكون ممن ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً. فإذا كان حقيقة أن الموكل لا يكتب للمحامى مذكرته ـ التي تضمنت وقائع القذف ـ إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه المذكرة التي يبدو عمل المحامى فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامى يبتدع الوقائع فيها.
ولا يقدح في ذلك ما قرره محامى الطاعن في محضر جلسة المحاكمة من أنه وحده هو المسئول عن كل حرف ورد بالمذكرة في المقدمة في الدعوى.
2ـ الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه وأنه من حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعن الأول نسب إلي المدعي بالحقوق المدنية في المذكرة المقدمة منه أنه طابت نفسه لأخذ مال الغير وأنه ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم وأنه ليس قاضياً فحسب بل شريكاً في جراج للسيارات وأنه ليس قاضياً خالصاً للقضاء بل يعمل بالتجارة وهى عبارات تنطوي على مساس بكرامة المدعي بالحق المدني وتدعو إلي احتقاره بين مخالطيه ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيش فيه وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة في القانون. ومن ثم فإن منعي الطاعن بخطأ الحكم في تطبيق القانون بمقولة إن القانون لا يؤثم جمع القاضي بين مهنته وبين الاشتغال بالتجارة، وأن ذلك وإن كان يشكل مخالفة مهنية تستوجب المؤاخذة التأديبية، إلا أنها لا تكون أية جريمة ولا تقوم بها جريمة القذف، غير صحيح في القانون.
3 - جري قضاء محكمة النقض على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه وما أورده الطاعن في مذكرته من عبارات نسب فيها إلي المدعي بالحق المدني أنه طابت نفسه لأخذ مال الغير وأنه ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم وأنه ليس قاضياً فحسب بل شريكا في جراج للسيارات وأنه ليس قاضياً خالصاً للقضاء بل يعمل بالتجارة، فإنها عبارات لا يستلزمها الدفاع في القضية المرفوعة منه على المدعي بالحق المدني.
4 - إذا كان النعي على الحكم بالتناقض لما أورده من أن الطاعن الأول هو الأصيل في الدعوي المدنية وأنه قام بإملاء محاميه الطاعن الثاني المعلومات التي تضمنت عبارات القذف وعودة الحكم في مكان آخر إلي القول بأن الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته، إلا أنه يمده بالمعلومات, فإن هذا النعي مردود بأن مفهوم العبارات واحد وهو أن الطاعن الأول هو الذي زود الطاعن الثاني بالمعلومات المتضمنة عبارات القذف, وقد أورد الحكم من القرائن ما يؤيد ذلك مما تكون معه دعوي التناقض غير مقبولة وتندفع عن الحكم أيضاً – بعد وضوح مراده من كلمة الإملاء – قاله الخطأ في الإسناد.
5 - إذا كان الطاعنان لا يدعيان أنهما أعلنا المدعي بالحقوق المدنية لشخصه لحضور الجلسة التي تخلف عن حضورها فضلاً عن أنهما لم يحضرا أيضاً بتلك الجلسة ليطلبا اعتباره تاركاً لدعواه فإن قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه يرفض الدفع باعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه يكون في محله.
6 - لا يعتبر الحكم الصادر بإحالة الدعوى المدنية إلي محكمة أخرى منهياً للخصومة المدنية فيتعين إبقاء الفصل في المصروفات المدنية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فقضي بإلزام الطاعن بالمصروفات المدنية رغم قضائه ببراءته وبعدم الاختصاص بنظر الدعوي المدنية وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة، فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضي به من إلزام الطاعن بالمصروفات المدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح المنشية الجزئية قيدت بجدولها برقم 274 لسنة 1970 ضد الطاعنين متهماً إياهما بأنهما بتاريخ 20/ 10/ 1969 بدائرة قسم المنشية محافظة الإسكندرية: ارتكبا في حقه جرائم السب والقذف والأخبار الكاذبة بالعبارات المحددة بالصحيفة الواردة بالمذكرة التي أعدها الطاعنان وأعلناها لوكيله في القضية رقم 358 لسنة 1969 مدني العطارين. وطلب عقابهما بالمادتين 305 و 306 من قانون العقوبات مع إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 29/ 6/ 1970 عملاً بالمادتين 302 و303/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلي المتهم الأول والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلي المتهم الثاني (أولاً) بتغريم المتهم الأول 50 جنيهاً عن تهمة القذف المنسوبة إليه وبراءته من تهمتي السب والبلاغ الكاذب وبراءة المتهم الثاني مما أسند إليه (ثانياً) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهمان هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئناف – قضت حضورياً بتاريخ 8/ 4/ 1971 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع (أولاً) بالنسبة للمتهم الأول برفض استئنافه وبتأييد الحكم المستأنف بشقيه الجنائي والمدني وألزمته المصروفات المدنية الاستئنافية (ثانياً) وبالنسبة للمتهم الثاني في الدعوي المدنية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى بشأنه وإحالتها إلي محكمة باب شرقي الجزئية المدنية وألزمته المصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة القذف قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وتنقض وانطوى على خطأ في الإسناد ذلك بأنه أعتبر ما ورد بالمذكرة التي قدمت في الدعوى المدنية المرفوعة من الطاعن الأول ضد المدعى بالحقوق المدنية تتوافر معه جريمة القذف بمقوله إنه أسند إليه أموراً لو صحت لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه فضلاً عن مؤاخذته تأديبياً بوصفه موظفاً عمومياً "قاضياً" محظور عليه ممارسة التجارة إذ أن القانون لا يؤثم جمع القاضي بين مهنته وبين الاشتغال بالتجارة وإن كان ذلك يشكل مخالفة مهنية تستوجب المؤاخذة التأديبية فهي لا تكون أية جريمة ولا تقوم بها جريمة القذف. كما أن القصد الجنائي غير متوافر لدي الطاعن لتقديمه الدليل على صحة ما أسنده للمدعى بالحقوق المدنية ومن مظاهر الخطأ في تطبيق القانون أيضاً ما أورده الحكم من أن العبارات المشار إليها لا يستلزمها حق الدفاع فلا تعتبر سبباً للإباحة وفقاً لحكم المادة 309 من قانون العقوبات، ذلك بأن الثابت أن هذه العبارات يقتضيها حق الدفاع ومظهر تناقض الحكم أنه أورد في مدوناته أن الطاعن الأول هو الأصيل في الدعوي المدنية، وأنه قام بإملاء محاميه "الطاعن الثاني" المعلومات التي أوردها في المذكرة والتي تضمنت عبارات القذف ثم عاد وقرر في موضع آخر أن الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته إلا أنه يمده بكافة المعلومات، كما أخطأ الحكم في الإسناد حين ذكر أن الطاعن الأول قام بإملاء الطاعن الثاني عبارات القذف الواردة بالمذكرة إذ لا سند لذلك من الأوراق أو التحقيقات، ومما يعيب الحكم أيضاً إلزام الطاعن الثاني بمصروفات الدعوي المدنية رغم قضائه ببراءته وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوي المدنية وبإحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة، ويعيبه كذلك إغفاله الرد على الدفع المبدى من الطاعنين باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه رغم تمسكهما به في درجتي التقاضي.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الحكم الإبتدائى – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المدعي بالحقوق المدنية أقامها بطريق الادعاء المباشر بصحيفة معلنة إلي المتهمين – الطاعنين – طلب فيها من النيابة العامة تحريك الدعوى ضدهما بوصف أنهما بتاريخ 20/ 10/ 1969 ارتكبا جرائم القذف والسب والأخبار الكاذبة بالعبارات المحددة بالصحيفة والواردة في المذكرة التي أعداها وأعلناها لوكيله وقدماها في القضية رقم 358/ 1969 مدني جزئي العطارين كما طلب إلزامهما متضمنين بأن يدفعا له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات وأسس الحكم المطعون فيه قضاءه على ثبوت تهمة القذف في حق الطاعن الأول من العبارات الواردة في مذكرة دفاع الطاعنين في القضية المدنية المشار إليها المرفوعة من الطاعن الأول ضد المدعي بالحقوق المدنية يطالبه فيها بدفع مبلغ مائة جنيه وهذه العبارات هي "المدعي عليه في هذه القضية هو أحد قضاة محكمة الإسكندرية الابتدائية وهو بالتحديد......... وقد طابت نفسه بأخذ مال المدعي ولم يرده إليه رغم المطالبات الودية المتكررة فلم يجد المدعي بداً من رفع الأمر إلي القضاء ليحكم بينهما والمدعي لا يخالجه شك في أن العدل سيأخذ مجراه وأن المدعي عليه هنا خصم عادى ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم فالناس أمام القانون سواء والمدعي عليه ليس قاضياً فحسب فهو شريك في جراج للسيارات فإذا حسبت المحكمة الموقرة أن رجال القضاء في معظم الحالات لا يمدون أيديهم للاقتراض ويعشون في حدود مرتباتهم ولو كان بهم خصاصة فإن المدعي عليه في هذه الدعوي ليس قاضياً خالصاً للقضاء ولكنه شريك في جراج فهو يعمل بالتجارة " وأضاف الحكم أن الأمور المسندة إلي المدعي بالحق المدني لو صحت لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه فضلاً عن توافر ركن العلانية بتقديم المذكرة للمحكمة وتداولها بين أيدي الموظفين، وأن المدعي في الدعوى المدنية هو الأصيل في الدعوى التي أقامها وقام بإملاء المستأنف الثاني – الطاعن الثاني – المعلومات الواردة بالمذكرة المقدمة في تلك الدعوى والتي تضمنت عبارات القذف وأن تلك المذكرة معبرة عن وجهة نظر المتهم الأول وكل ما جاء بها من بيانات وعبارات إنما هي صادرة عنه ومنسوبة إليه ولا يقدح في ذلك ما قرره المستأنف الثاني في محضر جلسة 31/ 12/ 1970 أمام المحكمة من أنه وحده المسئول عن كل حرف ورد بهذه المذكرة وأن المحامي لا يكتب له الموكل مذكرته، ذلك أنه من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلابد لمساءلته أن يكون من ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً فإذا كان حقيقة أن الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه المذكرة التي يبدو عمل المحامي فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس، ولا يمكن أن يقال أن المحامي يبتدع الوقائع فيها، لما كان ذلك وكان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه وأنه من حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الوقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أورد أن الطاعن الأول نسب إلي المدعي بالحقوق المدنية في المذكرة المقدمة منه أنه طابت نفسه لأخذ مال الغير وأنه ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم وأنه ليس قاضياً فحسب بل شريك في جراج للسيارات وأنه ليس قاضياً خالصاً للقضاء بل يعمل بالتجارة وهى عبارات تنطوي على مساس بكرامة المدعى بالحق المدني وتدعو إلي احتقاره بين مخالطيه ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيش فيه وتتوافر به جريمة القذف كما هي معرفة في القانون ومن ثم يتعين رفض هذا الشق من النعي ومن جهة أخرى فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وما أورده الطاعن الأول في مذكرته من عبارات على الوجه السابق لا يستلزمها الدفاع في القضية المدنية المرفوع منه على المدعى بالحق المدني، لما كان ذلك وكان النعي على الحكم بالتناقض لما أورده من أن الطاعن الأول هو الأصيل في الدعوي المدنية وأنه قام بإملاء محامى الطاعن الثاني المعلومات التي تضمنت عبارات القذف وعودة الحكم في مكان آخر إلي القول بأن الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته، إلا أنه يمده بالمعلومات فإن هذا النعي مردود بأن مفهوم العبارات واحد وهو أن الطاعن الأول هو الذي زود الطاعن الثاني بالمعلومات المتضمنة عبارات القذف وقد أورد الحكم من القرائن ما يؤيد ذلك مما تكون معه دعوى التناقض غير مقبولة وتندفع عن الحكم أيضاً – بعد وضوح مراده من كلمة الإملاء - قاله الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك وكان قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدفع باعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه في محله، ذلك بأن الطاعنين لا يدعيان أنهما أعلنا المدعى بالحقوق المدنية لشخصه لحضور جلسة 14/ 9/ 1970 التي تخلف عن حضورها فضلاً عن أنهما لم يحضرا أيضاً تلك الجلسة ليطلبا اعتباره تاركاً لدعواه. لما كان ما تقدم فإن الطعن بالنسبة للطاعن الأول يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.
وحيث إنه بالنسبة لنعى الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه قضي بإلزامه بالمصروفات المدنية رغم قضائه ببراءته وبعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة فإن هذا النعي في محله، ذلك بأن الحكم الصادر بإحالة الدعوى المدنية إلي محكمة أخرى لا يعتبر منهياً للخصومة المدنية وكان يتعين إبقاء الفصل في المصروفات المدنية، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من إلزام الطاعن الثاني بالمصروفات المدنية.