أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 652

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، وأحمد فؤاد جنينه، وإسماعيل حفيظ، ومحمد وهبة.

(143)
الطعن رقم 1127 لسنة 45 القضائية

(1 - 5) قتل خطأ. نقض. "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". "نطاق الطعن". إثبات. "بوجه عام". معارضة. "ما يجوز المعارضة فيه من أحكام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
(1) عدم جواز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية في الجنح والجنايات. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959.
إغفال الطعن في الحكم بالاستئناف. أثره. عدم جواز الطعن فيه بالنقض.
(2) الأصل أن المحكمة المطعون أمامها. لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه. ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه. أساس ذلك؟
(3) عدم جواز الطعن بالمعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي. إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم.
(4) الشهادة الطبية لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى. يخضع لتقدير محكمة الموضوع.
(5) الطعن بالنقض في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي القاضي بعدم جواز نظر المعارضة. لا يمتد إلى الحكم الحضوري الاعتباري السابق عليه.
1 – قصرت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض حق الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً، أنه صدر غير قابل للطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن. وإذن فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده، فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض، والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام، وإنما هو طريق استئنافي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون. فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو القانون، لم يجز من بعد أن يلج سبيل الطعن بالنقض.
2 – الأصل في الطعون عامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون، وقاعدة الأثر النسبي للطعن، فإذا كان المتهم قد استأنف وحده، فإن المحكمة الاستئنافية لم تتصل بغير استئنافه، ولم يختصم المسئول عن الحقوق المدنية في الاستئناف الذي رفعه المتهم، لأنه ليس خصماً للمسئول عنه المتضامن معه في المسئولية المدنية، إنما خصمه النيابة العامة، وكذلك المدعي بالحقوق المدنية دون المسئول عنها. والتدخل الانضمامي من قبل المسئول أمام المحكمة الاستئنافية طبقاً للمادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية لا يصبغ عليه صفة الخصم مما هو شرط لقبول الادعاء أو الطعن. واستئناف المتهم على استقلال إذا كان يفيد منه المسئول عن الحقوق المدنية إذا كسبه بطريق التبعية واللزوم، لا ينشئ لهذا الأخير حقاً في الطعن بطريق النقض على حكم قبله ولم يستأنفه، فحاز قوة الأمر المقضي، لأن تقصيره في سلوك طريق الاستئناف سد عليه طريق النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن الثاني (المسئول عن الحقوق المدنية) لم يستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فإنه لا يجوز له أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وهو ما يتعين القضاء به مع مصادرة الكفالة وإلزامه المصروفات.
3 – من المقرر أن المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي، لا تقبل إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم – لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص تخلف العذر المانع من الحضور من واقع الشهادة المقدمة من الطاعن في قوله: "وحيث إن الحاضر مع المتهم قدم شهادة طبية تفيد أن المتهم كان تحت علاجه وإشرافه اعتباراً من 10/ 10/ 1970 لمدة شهرين وحتى 10/ 12/ 1970 حيث كان مصاباً بالتهاب كبدي وبائي وأوصى بالراحة التامة له في السرير طوال مدة المرض. وحيث إن المحكمة لا تطمئن ولا يرتاح قضاؤها لمثل هذه الشهادة، وذلك لأنه لا يستفاد منها أن الطبيب قد وقع الكشف الطبي على المتهم بنفسه، إذ لم يرفق صورته موقع عليها، هذا فضلاً عن أن المتهم تخلف عن الحضور بجلسة 22/ 3/ 1970 رغم التنبيه عليه بجلسة 1/ 3/ 1970 ولم يقدم أي عذر يبرر سبب عدم حضوره ثم توالى عدم حضوره بالجلسات اللاحقة ثم قدم هذه الشهادة من 10/ 10/ 1970 إلى 10/ 12/ 1970 أي بعد صدور الحكم بأربعة أيام، هذا علاوة على أنه بجلسة 23/ 1/ 1973 أمام هذه المحكمة طلب محاميه التأجيل لتقديم ما يدل على قيام العذر الذي منعه من الحضور ثم قدم الشهادة آنفة البيان بجلسة لاحقة. وحيث إنه متى انتهت المحكمة إلى ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت في يقينها أن المتهم لم يقم لديه أي عذر يبرر غيابه. ومن ثم تكون معارضته غير جائزة عملاً بأحكام المادتين 241 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن هذا الذي أورده الحكم فيما تقدم كاف ويسوغ به قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز المعارضة.
4 – من المقرر أن الشهادة الطبية لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير المحكمة شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة - لما كان ذلك - وكانت المحكمة قد أطرحت الشهادة المقدمة لما ارتأته من عدم جديتها للأسباب السائغة التي أوردتها، وفي حدود سلطتها التقديرية، فإن الجدل في شأنها يرد في حقيقته على مسائل موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها.
5 – لما كان الطعن بطريق النقض قد انصب فحسب على الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 30/ 12/ 1973 بعدم جواز المعارضة دون الحكم الاستئنافي الحضوري الاعتباري الصادر في 6/ 12/ 1970 - فلا يقبل من الطاعن أن يتعرض في سائر أوجه طعنه لهذا الحكم الأخير أو الحكم المستأنف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه في يوم 17 من أبريل سنة 1967 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة (أولاً) تسبب خطأ في موت......... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم مراعاته اللوائح والقوانين بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور رغم عدم خلو الطريق أمامه من المارة فصدم المجني عليها أثناء عبورها الطريق فسقطت على الأرض حيث أصيبت الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. (ثانياً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية. وادعى.....، ..... وراثي المجني عليها مدنياً وطلبا القضاء لهما بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم والمسئول عن الحق المدني. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه والمسئول عن الحق المدني بالتضامن بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض. قضت محكمة النقض بعدم جواز كل من الطعنين ومصادرة الكفالة مع إلزام الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية بالمصاريف المدنية. فعارض المحكوم عليه في الحكم الاستئنافي، وقضى في معارضته بعدم جوازها. فطعن الأستاذ...... المحامي (للمرة الثانية) بصفته وكيلاً عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد قصرت حق الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً، أنه صدر غير قابل للطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن. وإذن فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده، فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون. فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف – وهو طريق عادي – حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو القانون، لم يجز له من بعد أن يلج سبيل الطعن بالنقض. والأصل في الطعون عامة أن المحكمة المطعون أمامها لا تنظر في طعن لم يرفعه صاحبه ولا تجاوز موضوع الطعن في النظر ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يتعدى أثره إلى غيره، وذلك كله طبقاً لقاعدة استقلال الطعون، وقاعدة الأثر النسبي للطعن، فإذا كان المتهم قد استأنف وحده، فإن المحكمة الاستئنافية لم تتصل بغير استئنافه، ولم يختصم المسئول عن الحقوق المدنية في الاستئناف الذي رفعه المتهم، لأنه ليس خصماً للمسئول عنه المتضامن معه في المسئولية المدنية، إنما خصمه النيابة العامة، وكذلك المدعي بالحقوق المدنية دون المسئول عنها. والتدخل الانضمامي من قبل المسئول أمام المحكمة الاستئنافية طبقاً للمادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية لا يصبغ عليه صفة الخصم مما هو شرط لقبول الادعاء أو الطعن. واستئناف المتهم على استقلال إذا كان يفيد منه المسئول عن الحقوق المدنية إذا كسبه بطريق التبعية واللزوم، لا ينشئ لهذا الأخير حقاً في الطعن بطريق النقض على حكم قبله ولم يستأنفه، فحاز قوة الأمر المقضي، لأن تقصيره في سلوك طريق الاستئناف سد عليه طريق النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن الثاني (المسئول عن الحقوق المدنية) لم يستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فإنه لا يجوز له أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وهو ما يتعين القضاء به مع مصادرة الكفالة وإلزامه المصروفات.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه في الأوجه الأربعة التي أوردها في طعنه أنه إذ قضى بعدم جواز المعارضة في الحكم الاستئنافي الحضوري الاعتباري لعدم قيام العذر، قد شابه والحكم المعارض فيه بطلان وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن تخلف الطاعن عن الحضور بجلستي 25/ 10/ 1970 التي قررت المحكمة فيها حجز الدعوى للحكم، 6/ 12/ 1970 التي صدر فيها الحكم الاستئنافي الحضوري الاعتباري المعارض فيه إنما يرجع إلى عذر قهري هو مرضه المفاجئ الثابت بالشهادة الطبية المقدمة إلا أن المحكمة الاستئنافية رفضت عذر الطاعن وأطرحت هذه الشهادة دون أن تستند في ذلك إلى أسباب سائغة. كما أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم الاستئنافي الحضوري الاعتباري لم يستظهر خطأ الطاعن ولم يدلل على ثبوته وعول في الإدانة على أقوال شاهدي الإثبات على الرغم من المطاعن الموجهة إلى أقوالهما ودون أن يعني بالرد على تلك المطاعن، والتفت عن طلب الطاعن إجراء معاينة مكان الحادث في وقت يماثل وقت وقوعه. وقد عدلت المحكمة عن تنفيذ قرارها السابق بإجرائها دون أن تبرر ذلك العدول. كما أطرحت التقرير الاستشاري الذي نفى الخطأ عن الطاعن بما لا يسيغ إطراحه ودون أن تعني بتحقيق ما ورد به من مسائل فنية عن طريق المختص فنياً.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي، لا تقبل إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص تخلف العذر المانع من الحضور من واقع الشهادة المقدمة من الطاعن في قوله "وحيث إن الحاضر من المتهم من واقع شهادة طبية تفيد أن المتهم كان تحت علاجه وإشرافه اعتباراً من 10/ 10/ 1970 لمدة شهرين وحتى 10/ 12/ 1970 حيث كان مصاباً بالتهاب كبدي وبائي وأوصى بالراحة التامة له في السرير طوال مدة المرض. وحيث إن المحكمة لا تطمئن ولا يرتاح قضاؤها لمثل هذه الشهادة وذلك لأنه لا يستفاد منها أن الطبيب قد وقع الكشف الطبي على المتهم بنفسه إذ لم يرفق صورته موقع عليها، هذا فضلاً عن أن المتهم تخلف عن الحضور بجلسة 22/ 3/ 1970 رغم التنبيه عليه بجلسة 1/ 3/ 1970 ولم يقدم أي عذر يبرر سبب عدم حضوره ثم توالى عدم حضوره بالجلسات اللاحقة ثم قدم هذه الشهادة من 10/ 10/ 1970 إلى 10/ 12/ 1970 أي بعد صدور الحكم بأربعة أيام هذا علاوة على أنه بجلسة 23/ 9/ 1973 أمام هذه المحكمة طلب محاميه التأجيل لتقديم ما يدل على قيام العذر الذي منعه من الحضور ثم قدم الشهادة آنفة البيان بجلسة لاحقة. وحيث إنه متى انتهت المحكمة إلى ما تقدم فإنه يكون قد ثبت في يقينها أن المتهم لم يقم لديه أي عذر يبرر غيابه. ومن ثم تكون معارضته غير جائزة عملاً بأحكام المادتين 241 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن هذا الذي أورده الحكم فيما تقدم كاف ويسوغ به قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز المعارضة ولما كان من المقرر أن الشهادة الطبية لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير المحكمة شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد أطرحت الشهادة المقدمة لما ارتأته من عدم جديتها للأسباب السائغة التي أوردتها، وفي حدود سلطتها التقديرية فإن الجدل في شأنها يرد في حقيقته على مسائل موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها، لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض قد انصب فحسب على الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 30/ 12/ 1973 بعدم جواز المعارضة من دون الحكم الاستئنافي الحضوري الاعتباري الصادر في 6/ 12/ 1970 - فلا يقبل من الطاعن أن يتعرض في سائر أوجه طعنه لهذا الحكم الأخير أو الحكم المستأنف. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.