مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 210

(14)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وأحمد عبد العزيز إبراهيم ومحمد عزت السيد إبراهيم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3681 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى - إجراءاتها - الإعلان - ما ينفي بطلان الإعلان.
قيام الطاعن بتقديم حافظة مستندات طويت على إخطاره بأمر محاكمته ينفي الادعاء ببطلان الإجراءات لتوجيه الإعلان لشخص آخر - أساس ذلك: أنه لو كان الإعلان قد سلم لشخص آخر ما كانت يد الطاعن لتمتد إليه وتدخله في حوزته - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - أجازات - أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الشقيقة.
الطلب الذي يقدمه العامل للحصول على أجازة بدون مرتب لمرافقة شقيقته التي تعاقدت للعمل بإحدى الدول العربية باعتباره محرماً لها يجب استيفاؤه بتقديم عقد العمل الخاص بها - يجب على العامل أن يتريث حتى يظفر بالموافقة على الأجازة - انقطاعه عن العمل في اليوم السابق على تقديم الطلب وعدم انتظاره صدور قرار الأجازة يشكل في حقه مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة - تطبيق.
(ج) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - عزوف العامل عن الوظيفة - إثباته.
الانقطاع عن العمل بهدف مرافقة الشقيقة المسافرة للخارج - عدم تجاوز فترة الغياب ثلاثة أشهر لا تكفي للقول بأنه عازف عن الوظيفة كاره لها - مؤدى ذلك: -
عدم جواز مجازاة العامل عن انقطاعه بعقوبة الفصل من الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الإثنين الموافق 17 من شهر يوليو سنة 1989 أودع الأستاذ محمد البقلي خليف المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3681 لسنة 35 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 20/ 5/ 1989 في الدعوى رقم 344 لسنة 31 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء ببراءته مما أسند إليه، وقد أعلن تقرير الطعن للنيابة الإدارية في 25/ 7/ 1989.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الحكم فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء بمجازاة الطاعن على النحو الذي تراه المحكمة العليا مناسباً لما ثبت في حقه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 13/ 3/ 1991 وتم تداوله بالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 22/ 5/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة موضوع - وحددت لنظره أمامها جلسة 15/ 6/ 1991، ونظرت المحكمة الطعن بتلك الجلسة وقررت تأجيل نظره لجلسة 5/ 10/ 1991 بناء على طلب الحاضر عن الطاعن لتقديم مذكرة ومستندات وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 16/ 11/ 1991 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 344 لسنة 31 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 31/ 12/ 1988 متضمنة تقريراً باتهام المدرس بالدرجة الثالثة بإيتاي البارود بالبحيرة لأنه خلال المدة من 20/ 8/ 1988 حتى 19/ 11/ 1988 انقطع عن عمله في غير حدود الأجازات المصرح بها مرتكباً بذلك المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادتين 62 و78 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت لذلك محاكمته بالمواد الواردة بتقرير الاتهام، ونظرت المحكمة التأديبية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 20/ 5/ 1989 أصدرت حكمها قاضياً بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وأقامت المحكمة قضاؤها على أن المخالفة المنسوبة للطاعن قد ثبتت في حقه بانقطاعه عن العمل دون إذن اعتبار من 20/ 8/ 1988 وحتى تاريخ صدور الحكم وبذلك يكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي مخالفاً أحكام المادتين 62 و78 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ولأنه لا يمكن إجبار العامل على القيام بالعمل المنوط به لكونه غير منتج وفيه إلزام يتعارض مع حريته الشخصية فضلاً عن أن الكاره لوظيفته الغير راغب في عمله لا ينتظر منه خيراً أو غيره على المصلحة العامة وبالتالي يكون في إقصاء مثل العامل المتمرد عن الوظيفة العامة ردع له وزجر لغيره أكثر جدوى للمصلحة العامة من البقاء عليه مما يتعين معه القضاء بمجازاة الطاعن بفصله من الخدمة طبقاً لنص المادة 80 من قانون العاملين.
ومن حيث إن الطعن الماثل في الحكم المطعون فيه مبناه ثلاثة أسباب حاصلها البطلان لعدم إعلان الطاعن إعلاناً قانونياً صحيحاً والخطأ في تطبيق القانون بإهداره إعمال النصوص التي توجب منح أحد الزوجين أجازة لمرافقة الآخر ويقاس عليها مرافقة المحارم وعدم المشروعية لغلو الجزاء الموقع وعدم تناسبه مع المخالفة المنسوبة للطاعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والخاص بالنعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان إذ وجه الاتهام إلى شخص لا وجود له يدعى....... كما أرسلت إليه جميع المكاتبات والإنذارات على حين أن الطاعن يدعى........ وبذلك لم تنعقد الخصومة ابتداء ولحق إجراءاتها البطلان، فإن هذا النعي قد جاء غير سديد وجدير بأن يلتفت عنه لأن الثابت من الأوراق أن الإخطار الذي قامت بإرساله المحكمة التأديبية مرفقاً به تقرير اتهام النيابة الإدارية لمن يدعى....... قد تسلمه الطاعن إذ وجه على محل إقامة الطاعن ببلدة النبيرة بإيتاي البارود بمحافظة البحيرة وما كانت يد الطاعن لتمتد إليه ولو كان ذلك الشخص مجهولاً لديه بل إن الطاعن قدم ذلك الإخطار بنفسه للمحكمة وطويت عليه حافظة مستنداته، فالأمر لا يعدو أن يكون خلطاً بين اسمه هو وبين كلمة "السيد" التي تتصدرها كافة المكاتبات والمراسلات بما لا يؤثر على سلامة الإجراءات أو صحة الحكم المطعون فيه من هذه الناحية.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن والمتمثل في خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ أهدر نصوص قانون العاملين المدنيين بالدولة التي توجب على الجهة الإدارية أن تستجيب لطلب الأجازة في حالة مرافقة أحد الزوجين للآخر وأنه يقاس عليها مرافقة المحارم وقد تقدم الطاعن بطلب لجهة الإدارة لمنحه أجازة بدون مرتب لمدة عام لمرافقة شقيقته التي تعاقدت للعمل بالمملكة العربية السعودية وليكون محرمها فإنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تقدم بمثل ذلك الطلب 21/ 8/ 1988 فأرسل لإدارة شئون العاملين ثم لقسم الأجازات الذي أعاده في 23/ 8/ 1988 للإدارة كي يتم استيفاؤه بموافقة مدير الإدارة ورئيس المركز والموجه الأول ولإرفاق عقد العمل الخاص بشقيقته إلا أن الطاعن لم يتريث حتى يظفر بالموافقة على الأجازة فتعجل الأمر وآثر الانقطاع وأضمره منذ اليوم السابق على تقديمه طلب الأجازة واعتبارها من 20/ 8/ 1988 الأمر الذي لا يشفع له أو يمحو قيام المخالفة المسندة إليه ومن ثم يغدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاؤه بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة على أنه عازف عن الوظيفة كاره لها في الوقت الذي تكشف للمحكمة أن الطاعن على خلاف ذلك، حريص على وظيفته متمسك بها، يقطع بذلك مسلك الطاعن في عدم قناعته بالحكم ومبادرته بالطعن عليه سعياً إلى إلغائه، فضلاً عن أن انقطاعه عن العمل إنما كان يهدف مرافقة شقيقته للسفر للخارج وقد تقدم بطلب لجهة الإدارة لمنحه أجازة بدون مرتب لهذا الغرض، ولم تتعدى فترة تغيبه ثلاثة أشهر عند إحالته للمحاكمة التأديبية.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أن سند الحكم المطعون فيه في القضاء بفصل الطاعن من الخدمة لا يقوى على حمل الحكم المطعون فيه مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها وترى المحكمة أن عقوبة الخصم لمدة خمسة عشر يوماً تكتفي لردع الطاعن إزاء ما هو منسوب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ومجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.