مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 278

(22)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة المستشارين/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1226 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى - تكييف الدعوى.
تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. - تطبيق.
(ب) قرار إداري - قرارات التسكين - طبيعتها - (عاملون مدنيون بالدولة).
القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة أخذ بنظام التوصيف والتقييم على أساس موضوعي بالنظر إلى الوظيفة المطلوب شغلها والشروط  اللازم توافرها فيمن يشغلها - الأثر المترتب على ذلك: قرارات التسكين باعتبارها تؤدي إلى وضع العامل المناسب في المكان المناسب الذي يتفق مع خبراته ومؤهلاته تعتبر قرارات إدارية تتحصن بانقضاء المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة. (تطبيق)


إجراءات الطعن

بتاريخ 30/ 3/ 1988 أودع الأستاذ صادق حسن المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1226 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بجلسة 25/ 1/ 1998 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في طلباته المبينة في صحيفة دعواه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 2/ 1991 وتداولت الدائرة نظره وبجلسة 13/ 5/ 1991 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 2/ 6/ 1991 والجلسات التالية وقررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 6/ 1984 أقام المدعي السيد/....... الدعوى رقم 5513 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الإداري السلبي بامتناع الهيئة العامة للخدمات الحكومية عن اعتباره عضواً بالإدارة القانونية بها وإلزام الهيئة المذكورة بأن تؤدى له رسوم القيد بنقابة المحامين وأحقيته من صرف بدل التفرغ لأعضاء الإدارات القانونية مع إلزامها المصروفات وبجلسة 25/ 1/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وأسست حكمها على أن القرار المطعون فيه قرار سلبي وبهذه المثابة يعتبر من القرارات المستمرة التي يجوز الطعن فيها في أي وقت ومن ثم تكون مقبولة شكلاً وأن من المبادئ القانونية المستقرة أن التعيين في إحدى الوظائف هو من الأمور التي تترخص الإدارة في إجرائها بسلطتها التقديرية بما لا معقب عليها في ذلك إلا في أحوال إساءة استعمال السلطة وقد تبين عدم ثبوت هذا العيب إذ ليس هناك قاعدة قانونية توجب على الهيئة المدعى عليها إصدار قرار بقيد المدعي بنقابة المحامين وبإلحاقه بالإدارة القانونية ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت على غير أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الطاعن بعد حصوله على ليسانس الحقوق سنة 1967 وتعيينه باحثاً قانونياً بالشئون القانونية بوزارة المالية نقل إلى الإدارة القانونية للأموال المستردة بوزارة المالية سنة 1973 ولما نقلت الإدارة العامة للأموال المستردة إلى الهيئة العامة للخدمات الحكومة وافق مدير عام الأموال المستردة على قيد المدعي بنقابة المحامين ومن ثم تم قيده محامياً بالاستئناف العالي وكان يستتبع ذلك أن يكون عضواً بالإدارة القانونية بالهيئة العامة للخدمات الحكومية إلا أن الهيئة امتنعت عن ذلك في حين أنها كانت قد وافقت على نقل اثنين من زملائه للإدارة القانونية وإذ كان المدعي قد استوفى الشروط المنصوص عليها في القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية لذلك يكون حقه أن يعين في الإدارة القانونية للهيئة العامة المدعى عليها ويكون الامتناع عن تعيينه بها مخالفاً القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تكييف الدعوى إنما هو من تعريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وأن لا تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب وأن التكييف القانوني للدعوى ولطلبات الخصوم فيها يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على واقعة النزاع.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن وهو حاصل على ليسانس الحقوق دفعه 1967 كان يعمل بإدارة شئون العاملين بوزارة المالية (كادر الأقسام العامة) بالمستوى الثاني (قانون 58 لسنة 1971) ثم صدر القرار رقم 815 لسنة 1973 بنقله للعمل بالإدارة العامة للأموال المستردة وبعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 557 لسنة 1977 بضم الإدارة الأخيرة إلى الهيئة العامة للخدمات الحكومية (المدعى عليها) صدر تبعاً لذلك قرار وزير المالية رقم 814 لسنة 1978 بنقله مع زملائه من ديوان عام وزارة المالية إلى الهيئة العامة للخدمات الحكومية (المدعى عليها) ويبين من كشف المنقولين أن المدعي نقل من كادر الأقسام العامة بالمراقبة العامة للأموال المستردة بفئته المالية (الثالثة الإدارية) إلى الهيئة العامة للخدمات الحكومية اعتباراً من 1/ 4/ 1978 وتم تسكينه على وظيفة باحث بيع ثان في 21/ 2/ 1980 بقرار الهيئة رقم 16 لسنة 1980.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق انه بتاريخ 26/ 4/ 1980 قدم الطاعن تظلماً إلى لجنة تظلمات العاملين بالهيئة العامة للخدمات الحكومية يطعن فيه على قرار الهيئة رقم 16 لسنة 1980 بتسكينه على وظيفة باحث بيع ثان وبطلب تسكينه على وظيفة مراقب بالشئون القانونية بالهيئة وقد أوصت لجنة التظلمات برفض هذا التظلم تأسيساً على أن لجنة شئون الإدارات القانونية بوزارة العدل سبق أن أفادت بعدم أحقية المتظلم في ضمه إلى وظائف أعضاء الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 لأن المدعي لا تتوافر فيه شروط شغل إحدى وظائف هذه الإدارات.
وبتاريخ 28/ 6/ 1980 اعتمد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات الحكومية توصية لجنة التظلمات برفض التظلم.
ومن حيث إن البين مما تقدم أن الدعوى الماثلة هي في حقيقة تكييفها القانوني السليم هي دعوى طعن بالإلغاء على قرار الهيئة العامة للخدمات الحكومية بتسكين الطاعن على وظيفة باحث بيع ثان اعتباراً من 21/ 2/ 1980 بمقتضى قرار الهيئة رقم 16 لسنة 1980 بعد أن تم نقله إليها اعتباراً من 1/ 4/ 1978 وليست طعناً بالإلغاء على قرار إداري سلبي.
ومن حيث إن المشرع في ظل القانون رقم 47 لسنة 1978 أخذ بتظلم التوصيف والتقييم على أساس موضوعي بالنظر إلى الوظيفة المطلوب شغلها والشروط اللازم توافرها فيمن يشغلها ومن ثم فإن قرارات التسكين باعتبارها تؤدي إلى وضع العامل المناسب في المكان المناسب الذي يتفق مع خبراته ومؤهلاته تعتبر قرارات إدارية تتحصن بانقضاء المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي تظلم بتاريخ 26/ 4/ 1980 من قرار تسكينه على وظيفة باحث بيع ثان الذي تم بمقتضى القرار رقم 16 لسنة 1980 وطلب تسكينه على إحدى وظائف الإدارة القانونية بالهيئة وهي من الوظائف الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 وبتاريخ 8/ 6/ 1980 رفض تظلمه وقد تراخى المدعي في إقامة دعواه حتى أقامها في 19/ 1/ 1984 لذلك فإن دعواه الماثلة تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب في تكييف الدعوى الماثلة إلى أنها دعوى إلغاء قرار سلبي بامتناع الهيئة المدعى عليها من اعتبار المدعي عضواً بالإدارة القانونية بها ومن ثم يعتبر من القرارات المستمرة التي يجوز الطعن فيها في أي وقت، فإنه يكون قد خالف حكم القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات.