مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 307

(26)
جلسة 1 من ديسمبر لسنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 941 لسنة 33 القضائية

( أ ) دعوى - تكييف الدعوى.
التكييف القانوني للدعوى ولطلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على واقع المنازعة ويخضع بهذه المثابة لرقابة القضاء الذي ينبغي عليه في هذا السبيل أن يتقصى طلبات الخصوم ويمحصها ويستجلى مراميها بما يتفق والنية الحقيقية من وراء إبدائها دون الوقوف عند ظاهر المعنى الحرفي لها أو بتكييف الخصوم لها - أساس ذلك: العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني - أثر ذلك: لا التزام في هذا التكييف إلا بحقيقة نية وإرادة الخصوم وليس بما يصوغون به طلباتهم ويقيد هذا التكييف بحكم القانون فحسب وليس بما يزعمه الخصوم من أسانيد لطلباتهم - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى.
لا يجرى ميعاد رفع دعوى الإلغاء في حق صاحب الشأن إلا من التاريخ الذي يتحقق معه إعلانه أو إخطاره بالقرار المطعون فيه - العلم اليقيني - يتعين أن يثبت العلم بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون هذا العلم نافياً للجهالة له وشاملاً لجميع العناصر التي تطوع له أن يتبين حقيقة مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه وأن يحدد على مقتضى ذلك طريقة الطعن فيه - تطبيق.
(جـ) قرار إداري - سحبه - ميعاد السحب - حالات عدم التقيد بهذا الميعاد.
حق الإدارة في سحب القرارات الإدارية غير المشروعة وتصحيح الأوضاع المخالفة للقانون - هذا الحق مرهون بأن تنشط الإدارة في ممارسته خلال الميعاد المقرر للطعن القضائي وذلك لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة تتمثل في استقرار المراكز القانونية التي تتولد عن هذه القرارات - ثمة حالات لا يخضع سحبها لميعاد الستين يوماً المقرر لسحب القرار الإداري المعيب وهي تتمثل في حالة ما إذا حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة التدليس أو الغش فلا يكتسب هذا القرار أية حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء بعد انقضاء المواعيد المقررة قانوناً لسحب القرارات الإدارية - أساس ذلك: سيادة القانون تعلو كل إرادة لأي فرد أو لأية سلطة فلا يسوغ أن يستمر أي قرار أو تصرف إداري خارج نطاق سيادة القانون قائماً في دولة الشرعية والمشروعية ومنتجاً ولا يجوز أن يفيد المدلس من نتائج عمله غير المشروع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14/ 2/ 1987 أودع الأستاذ/ فؤاد حسين والي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/........، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 941 لسنة 33 قضائية ضد السيد/ رئيس جامعة الإسكندرية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 18/ 12/ 1986 في الدعوى رقم 896 لسنة 36 قضائية والقاضي بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي المصروفات، وقد طلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها من دائرة أخرى، واحتياطياً التصدي لموضوع الدعوى والفصل فيها مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف.
وقدم مفوض الدولة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عزت إبراهيم تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالتعويض المناسب عن الأضرار التي حاقت بالطاعن مع إلزامها بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 5/ 3/ 1990 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 23/ 2/ 1991 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الجهة الإدارية المطعون ضدها "جامعة الإسكندرية" وقدم حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات، ولم يحضر الطاعن أو محاميه رغم إخطارهما عدة مرات للحضور بالجلسات المحددة لنظر الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 1/ 12/ 1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 2/ 6/ 1982 أقام المدعي هذه الدعوى بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية والتي طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه رئيس جامعة الإسكندرية بإعلان نتيجة امتحانه في الدبلوم الخاص في التربية في العام الجامعي 1980/ 1981 واعتباره ناجحاً في هذا الامتحان وحاصلاً على الدبلوم بتقدير جيد جداً مع إلزام المدعى عليه بصفته بأن دفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه مع إلزامه بالمصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه كان مقيداً بجامعة عين شمس بالسنة الثانية في الدبلوم الخاص بالتربية للعام الجامعي 1973 - 1974 واضطر للانقطاع عن الدراسة إثر إصابته في حادث سيارة ثم أعير إلى الخارج بقرار وزاري طوال الفترة من عام 1975 حتى عام 1979، وتقدم المدعي بطلب لتحويله من جامعة عين شمس إلى جامعة الإسكندرية التي قبلت تحويله وقيده بالنسبة الثانية بالدبلوم الخاص في التربية في العام الدراسي 1980 - 1981 وقام بسداد الرسوم الجامعية وهو ما لا يتسنى إلا بعد الموافقة على قبوله بالجامعة، وأدى الامتحان التحريري والشفوي للدبلوم عن عام 1980 - 1981، إلا أن الجامعة امتنعت عن إعلان نتيجة الامتحان ولم تجد الشكاوى التي بعثها إلى جميع الجهات المختصة. ثم تلقى كتاباً من جامعة الإسكندرية مؤرخاً 22/ 4/ 1982 يفيد بأنه نظراً لانقطاعه عن الدراسة من العام الجامعي 1974 - 1975 حتى العام 1980 - 1981 فإنه لا يجوز تحويله إلى كلية التربية جامعة الإسكندرية، وأضاف المدعي أن هذا الكتاب تجاهل سبق قبول تحويله إلى جامعة الإسكندرية وسداد الرسوم الجامعية وأداء الامتحان وهو ما يخالف قواعد القانون والعدالة. وقد أصيب من جراء عدم إعلان نتيجته بأضرار كبيرة تتمثل في اضطراره إلى الاعتذار عن العمل بفصول الخدمات بمدرسة الرمل الثانوية التي يعمل مدرساً بها، فضلاً عما بذله من جهد شاق في تحصيل العلم والاستعداد للامتحان وما تكبده من مصروفات دراسية وثمن الكتب والمذكرات والأبحاث وما فاته من الحصول على المؤهل المطلوب وما يتبع ذلك من ضياع فرص عديدة عليه، ويكتفي بالمطالبة بتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه. ومن ثم انتهى المدعي في صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وبجلسة 11/ 5/ 1983 عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعلان نتيجته واعتباره ناجحاً وحاصلاً على الدبلوم الخاص في التربية في العام الجامعي 1980 - 1981 بدرجة جيد جداً وما يترتب على ذلك من آثار وبتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه مع إلزام الجامعة المصروفات.
كما قدم المدعي حافظة بمستنداته ومذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته، وقدمت جامعة الإسكندرية حافظة مستندات وصورة من كتابها المؤرخ 6/ 1/ 1982 بإخطار المدعي بأن اللائحة الداخلية لكلية التربية لا تسمح بتحويل قيده للدراسة بها وذلك رداً على الالتماس المقدم منه برقم 8074 في 16/ 12/ 1981 بتضرره من عدم الموافقة على تحويل قيده إلى جامعة الإسكندرية. كما قدمت الجامعة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً استناداً إلى أن المدعي تقدم لجامعة الإسكندرية بطلب لقبول قيده بالسنة الثانية بالدبلوم المذكور باعتباره مقيداً بهذا الدبلوم بجامعة عين شمس ونظراً لوجوده بالإسكندرية وإصابته في حادث سيارة مما منعه من تكملة السنة الثانية بجامعة عين شمس.
وأضافت مذكرة الجامعة بأنها طلبت في 11/ 11/ 1980 من جامعة عين شمس موافاتها بملف المدعي فأفادت الجامعة الأخيرة في 2/ 2/ 1981 بأنه غير مقيد في العام الجامعي 1980 - 1981 ولكنه كان مقيداً في العام الجامعي 73/ 1974 بالسنة الثانية ولا يوجد له ملف بالدراسات العليا، وأضافت مذكرة الجامعة أن المدعي تقدم بالتماس يتضرر فيه من عدم الموافقة على تحويل قيده فقامت الجامعة بإخطاره بكتابها المؤرخ 5/ 1/ 1982 بأن اللائحة الداخلية لا تسمح بتحويله فلم يرفع دعواه إلا في 2/ 6/ 1982 بعد فوات مواعيد رفع دعوى الإلغاء هذا فضلاً عن أن قرار الجامعة المشار إليه غير مخالف للقانون.
وبجلسة 18/ 12/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي المصروفات وأسست حكمها على أن التكييف القانوني الصحيح لطلب الإلغاء المقدم من المدعي هو أنه طلب بإلغاء قرار رفض نقل قيده من السنة الثانية بالدبلوم الخاص بكلية التربية جامعة عين شمس إلى ذات السنة والدبلوم بكلية التربية جامعة الإسكندرية مع ما يترتب على ذلك من آثار منها إعلان نتيجة امتحانه في العام الجامعي 1980 - 1981 باعتبار أن قصد المدعي من وراء إبداء طلباته لا يمكن تحققه إلا بطلب إلغاء قرار رفض قيده إذ لا يعدو حجب نتيجة الامتحان إلا أن يكون أثراً من آثار قرار رفض قيده. وأضافت المحكمة أن الأوراق خلت مما يدل على علم المدعي بالقرار المطعون فيه بعدم الموافقة على تحويل قيده من جامعة عين شمس إلى جامعة الإسكندرية في تاريخ سابق على تظلمه المقدم لنائب رئيس جامعة الإسكندرية برقم 8074 في 16/ 12/ 1981 فيعتبر تاريخ هذا التظلم هو تاريخ علمه اليقيني بقرار رفض تحويل قيده بالجامعة المدعى عليها فيبدأ حساب ميعاد رفع الدعوى من هذا التاريخ، ولم يرفع المدعي دعواه إلا في 2/ 6/ 1982 بعد فوات أكثر من ستين يوماً على إخطاره بالكتاب المؤرخ 6/ 1/ 1982 برفض تظلمه أي بعد فوات الميعاد المقرر لرفع دعوى بالإلغاء ولا يغني المدعي التعلل بأنه أخطر برفض تظلمه في 22/ 4/ 1982 لأن العبرة بتاريخ تقديم التظلم الأول وحتى بافتراض أن رد الإدارة المؤرخ 6/ 1/ 1982 لم يصل إليه - وهو الأمر الذي لم يكن محل إنكار من المدعي يجحد به ما قررته الإدارة في هذا الشأن فقد كان يتعين عليه رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية لاعتبار تظلمه مرفوضاً بانقضاء الستين يوماً المقررة للبت فيه دون رد وقد انقضى الميعاد المذكور قبل رفع دعواه مما يتعين معه الحكم بعدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وأضافت محكمة القضاء الإداري في أسباب حكمها أنه عن طلب المدعي أحقيته في التعويض بمبلغ عشرة آلاف جنيه فقد ثبت أن القرار المطعون فيه بعدم قبول تحويل قيده من جامعة عين شمس إلى جامعة الإسكندرية صدر ممن تملكه استناداً إلى سبب صحيح هو عدم قيد المدعي في كلية التربية بجامعة عين شمس في العام الجامعي 1980 - 1981، ولا يغير من ذلك أن هذا القرار صدر بعد قبول الجامعة المدعى عليها سداد المدعي الرسوم الجامعية ورسوم الامتحان وأدائه فعلاً، ذلك أن السماح له بالدراسة بناء على ما ادخله في روع الإدارة خطأ من الإشارة في طلبه إلى قيده بجامعة عين شمس ثم اتضح أنه غير مقيد في العام الجامعي المشار إليه بجامعة عين شمس وليس له ملف بها، فإنه مع التسلم جدلاً بأن مسلك الإدارة قد انطوى على قبول قيده بها فلا يعد العدول عنه بمثابة سحب القرار الحصين. بل إن قبول تحويل قيده وهو ليس مقيداً في الجامعة التي انصرفت فيه الإدارة إلى تحويل قيده منها يعتبر عملاً معدوماً لفقدانه ركن المحل وهو انتهاء صفته كطالب يمكن أن يرد قرار بنقل قيده من كلية إلى أخرى وهو غير مقيد بالكلية المنقول منها، فلا يضفي ذلك أي حصانة على هذا العمل تعصمه من السحب، بل يكون للإدارة العدول عنه في أي وقت ويغدو طلب المدعي بأحقيته في التعويض على غير سند يتعين القضاء برفضه بعد أن انتفى ركن الخطأ من جانب الإدارة. ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية: -
أولاً - أن الحكم المطعون فيه أخطأ حينما قضى بعدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً بمقولة إن المدعي أعلن بالقرار المطعون فيه بالكتاب المؤرخ 6/ 1/ 1982 فهذا القول افتراض غير صحيح ليس له سند في الأوراق أو واقع الحال، كما أن كتاب المدعي إلى مدير الجامعة بتاريخ 16/ 12/ 1981 لم يكن تظلماً من قرار إداري وإنما كان مجرد استعلام عن سبب عدم إعلان نتيجة امتحانه، فلا يؤدي إلى توافر العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه، فحقيقة الواقع أن المدعي علم بقرار الجامعة المطعون فيه بتاريخ 22/ 4/ 1982 فطعن فيه بتاريخ 2/ 6/ 1982 وبذلك يكون طعنه مقاماً في الميعاد القانوني.
ثانياً - أن الثابت من الأوراق أن المدعي "الطاعن" قدم طلباً لجامعة الإسكندرية لتحويل قيده إليها من جامعة عين شمس في العام الدراسي 1980 - 1981 ووافق عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية على قبول التحويل وطلبت الكلية من الطاعن سداد الرسوم الجامعية فسددها كما سدد رسوم الامتحان وقام بتأدية امتحان دبلوم التربية الخاصة في الفترة من 1/ 10/ 1981 حتى 5/ 10/ 1981 والثابت من ذلك أن جامعة الإسكندرية قررت قبول تحويله لديها وتحصن هذا القرار واكتسب الطاعن حقاً في ذلك لا يجوز المساس به فلا يجوز للجامعة بعد ذلك سحب قرار قبول تحويله وإصدار قرار جديد برفض قبول تحويله إليها وعلى ذلك يكون القرار الأخير بعدم قبول تحويله قراراً منعدماً وباطلاً، ولم يطعن المدعي في هذا القرار، وإنما طعن فقط في القرار التالي بعدم إعلان نتيجة امتحانه وهو قرار غير مشروع ما دام قرار قبول تحويله قد أكسبه حقاً لا يجوز المساس به وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه بعد قد أخطأ سواء فيما بدأ به من تكييف قانوني أو فيما انتهى إليه من رفض للدعوى.
ثالثاً - أنه كان يعين على المحكمة القضاء بتعويض المدعي "الطاعن" بالمبلغ المطالب به جبراً للأضرار التي أصابته باعتبار أنه قد طالب في دعواه بهذا التعويض، وهذه المطالبة تتميز عن طلب الإلغاء فلكل من الطلبين فلكه الخاص الذي يدور فيه، ولا تتقيد دعوى التعويض بمواعيد رفع دعوى الإلغاء.
ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
من حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن التكييف القانوني للدعوى ولطلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على واقع المنازعة ويخضع بهذه المثابة لرقابة القضاء الذي ينبغي عليه في هذا السبيل أن يتقصى طلبات الخصوم ويمحصها ويستجلي مراميها بما يتفق والنية الحقيقية من وراء إبدائها دون الوقوف عند ظاهر المعنى الحرفي لها أو بتكييف الخصوم لها فالعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني ولا التزام في هذا التكييف إلا بحقيقة نية وإرادة الخصوم وليس بما يصوغون به طلباتهم ويقيد هذا التكييف بحكم القانون فحسب وليس بما يرغبه الخصوم من أسانيد لطلباتهم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أن الطاعن قد تقدم بطلب إلى عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية في 3/ 10/ 1980 لقبول تحويل قيده إليها من كلية التربية بجامعة عين شمس، فوافق عميد الكلية على هذا الطلب في تاريخه وسدد الطاعن الرسوم الجامعية المقررة وانتظم في الدراسة للعام الجامعي 1980 - 1981 وأدى الامتحان إلا أن جامعة الإسكندرية أمسكت عن إعلان نتيجة امتحانه، وأخطرته بالكتاب المؤرخ 22/ 4/ 1982 بأنه إيماء إلى الشكوى المقدمة منه بشأن تضرره من عدم ظهور نتيجة امتحانه فإنه قد تبين انقطاعه عن الدراسة من العام الجامعي 1974 - 1975 حتى العام الجامعي 1980 - 1981 وبذلك لا يجوز تحويله إلى كلية التربية بجامعة الإسكندرية طبقاً للمادة 42 من اللائحة، فطعن المدعي أمام محكمة القضاء الإداري في هذا القرار بصحيفة دعواه المودعة في 2/ 6/ 1982 والتي أشار فيها إلى أن كتاب الجامعة المؤرخ 22/ 4/ 1982 سالف الذكر ينطوي على مخالفة لقواعد الحق والعدالة بعد أن كانت جامعة الإسكندرية قد قررت قبول تحويله إليها ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعلان نتيجته مع اعتباره حاصلاً على الدبلوم بتقدير جيد جداً وتعويضه بمبلغ عشرة آلاف جنيه.
من حيث إنه باستقراء ظروف الواقعة يبين أن طعن المدعي بالإلغاء يستهدف به في النهاية إعلان نتيجة امتحان الدبلوم الذي أداه بجامعة الإسكندرية ولا يمكن بلوغ مراميه هذه إلا بالطعن في القرار الإداري الذي يمثل محور هذه المنازعة وجوهرها وهو القرار الذي سحبت جامعة الإسكندرية بمقتضاه قرارها السابق بقبول تحويل الطاعن إليها من جامعة عين شمس، أما امتناع الجامعة بعد ذلك عن إعلان نتيجة امتحان الطاعن فهو لا يعدو أن يكون أثراً من الآثار الحتمية المترتبة على القرار الساحب لقرار تحويله إلى جامعة الإسكندرية بعد أن أصبح المدعي غير مقيد لديها، ولا يشكل امتناعها هذا قراراً إدارياً قابلاً للطعن فيه بالإلغاء ما دام قد بقى قرارها الساحب لقرار تحويله المشار إليه صحيحاً أو بمنأى عن الإلغاء إذ لا تلتزم الجامعة بإعلان نتيجة امتحان طالب ثم سحب قرار قيده لديها بمقتضى قرار إداري صحيح، وقد نصت الفقيرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بأنه "يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح" وبإعمال حكم هذا النص في الحالة المعروضة فإنه لا يجدى للطعن في امتناع الجامعة عن إعلان نتيجة الامتحان المذكور إلا بالطعن في القرار الإداري الذي يمثل محور هذه المنازعة وجوهرها والذي سحبت الجامعة بمقتضاه قرارها السابق بقبول تحويل المدعي إليها من جامعة عين شمس، وترتيباً على ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لطلب الإلغاء الذي أبداه أنه موجه في حقيقته إلى القرار الإداري الساحب المشار إليه مع ما يترتب عليه من آثار تمسك به المدعي في صحيفة دعواه ومذكرته حيث ذكر أن هذا القرار المبلغ إليه بكتاب الجامعة المؤرخ 22/ 4/ 1982 مخالف لقواعد القانون والعدالة ومجحف بحقوقه المكتبية، ومن ثم فلا حجة فيما ذهب إليه الطاعن في طعنه الماثل من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تكييفه القانوني لطلب الإلغاء الذي أبداه حينما اعتبر هذا الطلب طعناً بالإلغاء في القرار الساحب المشار إليه، إذ جاء النعي على الحكم في هذه الخصوصية غير مستند لأساس صحيح في القانون ومخالف للمبادئ القانونية التي استقر عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا والتي تفسح للقضاء الإداري الرقابة على تكييف الخصوم لطلباتهم توصلاً إلى إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، وقد جاء تكييف الحكم المطعون فيه في هذا الشأن متفقاً وصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض ما آثاره الطاعن في هذا الوجه من طعنه.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن الذي نعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه عدم قبوله لطلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد، فإن الثابت من الأوراق والمستندات أن الجامعة قد أخطرت الطاعن بكتابها المؤرخ 22/ 4/ 1982 بأنه إيماء إلى الشكوى المقدمة منه بشأن تضرره من عدم إعلان نتيجة امتحانه حتى تاريخه فإنها تفيده بأنه قد تبين أنه كان منقطعاً عن الدراسة من العام الجامعي 74 - 1975 حتى العام الجامعي 80 - 1981 وبالتالي فلا يجوز تحويله إلى كلية التربية بجامعة الإسكندرية طبقاً للمادة 42 من اللائحة، وقد تمسك الطاعن في صحيفة دعواه ومذكرته بأنه استقر علمه بالقرار المطعون فيه من هذا الكتاب وقدمه وأقام دعواه في 2/ 6/ 1982 بينما أشارت الجامعة في مذكرة دفاعها بأن المدعي قد تظلم إليها من القرار المطعون فيه بتاريخ 16/ 12/ 1981 فردت عليه بكتابها المؤرخ 6/ 1/ 1982 برفض تظلمه وقدمت الجامعة هذا الكتاب غير مؤشر عليه بما يفيد وصوله إلى المدعي أو تاريخ هذا الوصول، ولم تقدم الجامعة التظلم الذي أشارت إلى أن المدعي أرسله لها أو صورة منه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ميعاد رفع دعوى الإلغاء لا يجرى في حق صاحب الشأن إلا من التاريخ الذي يتحقق معه إعلانه وإخطاره بالقرار المطعون فيه ومن ثم يتعين أن يثبت علمه به علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون هذا العلم نافياً للجهالة له وشاملاً لجميع العناصر التي تطوع له أن يتبين حقيقة مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه وأن يحدد على مقتضى ذلك طريقة الطعن فيه.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي قد تمسك في دعواه بأنه لم يعلم بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً إلا بمقتضى الكتاب المؤرخ 22/ 4/ 1982 الذي قدمه إلا أن الجهة الإدارية ناقضته في هذا الشأن مقررة بأن علمه اليقيني مستفاد من تظلمه المؤرخ 16/ 12/ 1981 وردها برفض هذا التظلم المؤرخ 6/ 1/ 1982 إلا أنها لم تقدم التظلم المشار إليه، كما لم تقدم ما يدل على وصول ردها إلى المدعي وقد نفى المدعي في صحيفة طعنه أن التظلم المشار إليه يوفر علمه اليقيني بالقرار المطعون فيه وتمسك بأنه كان مجرد استعلام عن سبب عدم إعلان نتيجته، كما نفى وصول رد الإدارة، على هذا التظلم إليه وظلت الجامعة على موقفها من عدم تقديم التظلم المشار إليه وهو الأساس في إثبات ما تذكره الإدارة في هذا الشأن أو تقديم ما يدل على وصول ردها عليه إلى الطاعن، طوال مراحل هذه المنازعة وحتى عند نظرها أمام هذه المحكمة وعلى ذلك فإنها تكون قد أخفقت في إثبات التاريخ الذي علم فيه المدعي علماً يقينياً بالقرار المطعون فيه شاملاً لجميع العناصر التي تطوع له أن يتبين حقيقة مركزه القانوني بما يتيح له الطعن فيه مما لا مناص معه من الاعتداد بالتاريخ الذي ذكر المدعي أنه قد يتحقق فيه هذا العلم وهو 22/ 4/ 1982 فإذا ما كان قد أقام دعواه بالإلغاء في 2/ 6/ 1982 فإنها تكون مقامة في الميعاد القانوني المقرر ومقبولة شكلاً - الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مما يتعين معه القضاء بإلغائه في هذا الشق والحكم بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن الذي أثاره الطاعن من عدم مشروعية قرار جامعة الإسكندرية بسحب قرارها بقبول تحويله إليها من جامعة عين شمس لإتمام دراسة "الدبلومة الخاصة في التربية" وعدم مشروعية امتناعها عن إعلان نتيجته، فضلاً عن أحقيته في التعويض المطالب به. فمن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب إلى عميد كلية التربية جامعة الإسكندرية بتاريخ 3/ 10/ 1980 لقبول تحويل قيده إليها من كلية التربية جامعة عين شمس لإتمام دراسة الدبلوم المشار إليه والمشار فيه إلى أنه كان مقيداً بالسنة الثانية لهذا الدبلوم بجامعة عين شمس ونظراً لوجوده بالإسكندرية وإصابته في حادث سيارة مما يمنعه من تكملة السنة الثانية بجامعة عين شمس فإنه يرجو الموافقة على تحويله كما أشار في طلبه إلى أنه يرفق به الشهادة الدالة على ذلك وقد تأشر من عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية على هذا الطلب بالموافقة في 3/ 10/ 1980 وقدم المدعي لجامعة الإسكندرية شهادة مؤرخة 17/ 9/ 1980 صادرة من كلية التربية بجامعة عين شمس - قسم الدراسات العليا تفيد بأنه كان مقيداً بالسنة التكميلية بالدبلومة الخاصة في التربية في العام الجامعي 72/ 1973 ونقل للسنة الثانية في العام الجامعي 1973 - 1974 وله حق إعادة القيد بالنسبة الثانية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن كلية التربية بجامعة الإسكندرية أرسلت كتاباً إلى جامعة عين شمس في 13/ 11/ 1980 أشارت فيه إلى "أن عميد الكلية وافق على تحويل المدعي إليها لدراسة السنة الثانية للدبلوم المشار إليه في العام الجامعي 1980 - 1981 لذلك ترجو من جامعة عين شمس بموافاتها بملفه، إلا أن الجامعة الأخيرة ردت عليها بتاريخ 3/ 2/ 1981 تفيد بأن المذكور غير مقيد بالسنة الثانية بالدبلومة الخاصة في التربية هذا العام 1980 - 1981 ولكنه كان مقيداً في العام الجامعي 1973 - 1974 بالنسبة الثانية ولا يوجد له ملف بالدراسات العليا.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن حق الإدارة في سحب القرارات الإدارية غير المشروعة وتصحيح الأوضاع المخالفة للقانون أصل مسلم به احتراماً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون وهو مرهون بأن تنشط الإدارة في ممارسته خلال الميعاد المقرر للطعن القضائي وذلك لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة تتمثل في استقرار المراكز القانونية التي تتولد عن هذه القرارات، إلا أنه بناء على مبدأ سيادة القانون وخضوع الأفراد والدولة للقانون الذي نصت عليه المادتان (64)، (65) من الدستور في الباب الرابع الخاص بسيادة القانون فإن ثمة حالات لا يخضع سحبها لميعاد الستين يوماً المقرر لسحب القرار الإداري المعيب وهي تتمثل في حالة ما إذا حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة التدليس أو الغش، فلا يكتسب هذا القرار أية حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء بعد انقضاء المواعيد المقررة قانوناً بسحب القرارات الإدارية أساس ذلك أن سيادة القانون تعلو كل إرادة لأي فرد أو لأية سلطة ولا يسوغ أن يستمر أي قرار أو تصرف إداري خارج نطاق سيادة القانون قائماً في دولة الشرعية والمشروعية ومنتجاً لآثاره بالتعارض معها فالتدليس أو الغش يفسد دائماً جميع التصرفات كقاعدة عامة وأصلية قد بينها النظام العام الدستوري والقانوني القائم على الشرعية وسيادة القانون ولا يجوز أن يفيد المدلس من نتائج عمله غير المشروع.
ومن حيث إنه في خصوصية الواقعة المعروضة فإن الثابت أن العرض الذي قدمه المدعي لعميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية لتحويل قيده إليها جاء عرضاً غير أمين ومنطوياً على نوع من الغش والتدليس إذ أنه أشار إلى قيده بجامعة عين شمس وأنه اضطر لظروف إصابته في حادث أثناء وجوده بالإسكندرية إلى طلب تحويل قيده من جامعة عين شمس إلى جامعة الإسكندرية لاستكمال دراسته وهو الأم الذي أدخل في روع عميد الكلية أن المدعي ما زال مقيداً بجامعة عين شمس وقت تقديم الطلب في 3/ 10/ 1980 أو أن ما منعه من الدراسة هو حادث طارئ وأنه بالتالي له حق إعادة القيد كما جاء في الشهادة المرفقة بطلبه خلافاً للحقيقة إذ قد تبين من رد جامعة عين شمس المؤرخ 3/ 2/ 1981 السالفة الإشارة إليه أن المدعي لم يكن مقيداً لديها في العام الجامعي 1980 - 1981 ولا يوجد له ملف بالدراسات العليا وأنه كان مقيداً فقط في العام الجامعي 73 - 1974، كما يبين من نص المادة 42 من اللائحة الداخلية لكل من كلية التربية بجامعة عين شمس وكلية التربية بجامعة الإسكندرية أن الطالب الذي يتغيب أو يرسب في الدبلومة الخاصة في التربية يجوز إعادة قيده لسنة دراسية واحدة فإذا تكرر رسوبه أو غيابه ألغى قيده نهائياً، كما يين من الأوراق أن المدعي كان مصاباً في حادث سيارة عام 1974 تقرر لعلاجه مدة ثلاثة أشهر واستمر خلال العطلة الصيفية لهذه السنة، ثم أعير إلى الخارج حتى عام 1979 - حسبما يقرر - الأمر الذي يستبين منه كله أن قيد المدعي بالدبلوم المشار إليه بجامعة عين شمس قد شطب نهائياً اعتباراً من العام الدراسي 1975 - 1976 وظل غير مقيد من هذا التاريخ دون أن يكون له حق إعادة القيد طبقاً للمادة 42 من اللائحة الداخلية لكل من كليتي التربية بجامعة عين شمس وجامعة الإسكندرية، وأن سبب إلغاء قيده ليس هو الحادث المشار إليه عام 1974 وإنما انقطاعه عن الدراسة طوال الفترة من عام 1974 حتى عام 1979 لسفره إلى الخارج.
ومن حيث إن قرار عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية في 3/ 10/ 1980 بالموافقة على تحويل قيد الطاعن المدعي إليها من جامعة عين شمس جاء بعد العرض غير الأمين الصادر عنه والذي ينطوي على نوع من الغش حسبما سلف.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما سلف بيانه فإن هذا القرار قد ورد على محل منعدم إذ أن المدعي لم يكن مقيداً في هذا الوقت بجامعة عين شمس حتى يكون هذا القيد محلاً لقرار بالتحويل إلى جامعة الإسكندرية، وإنما كان قيد الطاعن مشطوباً نهائياً لتغيبه وانقطاعه طوال الفترة من عام 1974 حتى عام 1979 بالتطبيق للمادة 12 من اللائحة الداخلية لكل من كليتي التربية بجامعة عين شمس وجامعة الإسكندرية.
ومن ثم فإن قرار الموافقة على تحويل قيده إلى جامعة الإسكندرية المشار إليه لا يكتسب أي حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء حتى بعد مضي المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية أو الطعن فيها بالإلغاء، ومن ثم فإن قرار جامعة الإسكندرية بسحب هذا القرار كان إجراء يمليه واجب الجهات الإدارية في النزول على سيادة القانون وإعادة الحق إلى نصابه وإعدام أي أثر لقرارات تمثل عدواناً صريحاً على الشرعية ومن ثم فإنه يعد قراراً مشروعاً ومطابقاً لصحيح حكم القانون الأمر الذي يكون معه الطعن فيه بالإلغاء غير مستند لأساس قانوني صحيح وخليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه وقد انتفى ركن الخطأ من جانب الإدارة في قرارها الساحب المشار إليه فإن إمساكها عن إعلان نتيجة امتحان الطاعن يعد بدوره إجراء غير مخالف للقانون، مما تنتفي معه مسئوليتها عن الأضرار الذي يدعي الطاعن أنها أصابته من جراء ذلك ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون في قضائه برفض طلب التعويض موضوعاً الأمر الذي يكون معه الطعن في هذا الشأن غير مستند لأساس صحيح وخليقاً بالرفض موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبقبول هذا الطلب شكلاً ورفضه موضوعاً وبرفض الطعن فيما عدا ذلك موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.