مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 345

(30)
جلسة 8 من ديسمبر لسنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1089 لسنة 32 القضائية

دعوى - عوارض سير الدعوى - انقطاع سير الخصومة.
المادة 130 من قانون المرافعات.
ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهليته للخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها - لا تكون الدعوى قد تهيأت للفصل فيها إلا إذا كان الخصوم قد أخطروا إخطاراً صحيحاً بكافة المستندات المقدمة في الدعوى وتمكنوا من الحضور بذواتهم أو بوكيل عنهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات وتقديم ما قد يعن لهم من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها على الوجه الذي يحقق لهم ضمانة من الضمانات الأساسية بتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم بدحض ما تقدم ضدهم في الدعوى من مستندات - إذا كان ذلك هو الحال بالنسبة للدعوى التي تنظر أمام أول درجة فإنه أولى بالرعاية وأوجب في التحقيق بالنسبة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا - أساس ذلك: أن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا تنتهي بحكم بات لا راد لقضائها فيه - تطبيق


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24/ 2/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1089/ 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 26/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 2178/ 36 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين، وذلك فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة التعدي على القطعة رقم 88 حوض الخرسة 9، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدم المستشار الدكتور/ حسني درويش مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 11/ 1988 حيث نظر بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر بجلسة 3/ 7/ 1991 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات، وقد تم تداول الطعن أمام هذه المحكمة ومناقشة أدلته التفصيلية على الوجه المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجز الطعن للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2178 لسنة 36 ق التي أودع عرضتها قلم كتاب المحكمة في 14/ 3/ 1982، طالباً الحكم بوقف تنفيذ إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليهم المصروفات، وذلك تأسيساً علي أنه يمتلك قطعة أرض مساحتها 6س 2ط آلت إليه عن طريق الميراث عن والده وتقع ضمن القطعتين 5، 8 بحوض الخرسة زمام الأطاولة وقد أقيم عليها منزل منذ ثلاثين عاماً ومشروع شريعة لجهة الأهالي وقد توقف استعماله عام 1950 وقام مورثه بوضع يده على الأرض بطريقة هادئة ومستمرة حتى عام 1980، حيث وافقت الوحدة المحلية على نقل محمولة الشرب والمرتبة غير المستعملة إلى مكان آخر يبعد حوالي 165 متراً عن المكان القديم على أن تقام محمولة شرب بدلها على أرض المدعي وعلى نفقته الخاصة، وأقام المدعي بالفعل محمولة الشرب، وتكلف في سبيل ذلك ستة آلاف جنيه بالإضافة إلى ثمن الأرض، إلا أنه فوجئ في شهر فبراير سنة 1980 بأن لجنة التعديات على أملاك الدولة تقوم بحصر الأرض المقام عليها منزله باعتبارها من أملاك الدولة ولما تظلم من القرار المطعون فيه أفادته جهة الإدارة بأن الأرض محل التظلم تقع ضمن القطعتين 5، 8 وهي عبارة عن ملك مشروع منزوع ملكيته تحت رقم 9868 شئون وأنه بناء على معاينة لجنة التعديات صدر القرار المطعون فيه بإزالة السور المقام حول قطعة الأرض.
وقد نعى المدعي على القرار المطعون فيه قيامه على غير أساس سليم من القانون إذ أن قطعة الأرض المدعى بنزع ملكيتها هي ملك خاص له وقد آلت إليه عن طريق الميراث من والده وأن الأرض مازالت مكلفة باسمه ويدفع عنها الضرائب المستحقة عليها حتى الآن، وبجلسة 23/ 12/ 1982 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي بالمصروفات وأحالت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة التي أودعت تقريراً بالرأي القانوني في الموضوع ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون.
وبجلسة 26/ 12/ 1985 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة التعدي على القطعة رقم (88) حوض الخرسة 9 ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت كلاً من المدعي والجهة الإدارية بالمصروفات مناصفة. وشيدت قضاءها على أن الكشف الرسمي المقدم من الحكومة قد أيد الكشف المقدم من المدعي بشأن القطعة رقم 88 في أن التكليف مسجل باسم واضع اليد محمد مقبول الغرباوي، وأن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد نزع ملكية هذه القطعة وأن الثابت من كشف مصلحة الضرائب العقارية أن القطعة المذكورة مازالت مكلفة باسم محمد مقبول الغرباوي رغم أن الجهة الإدارة تدعي أن التعويض عن نزع ملكيتها قد صرف للمدعي منذ أكثر من ثلاثين عاماً، الأمر الذي يكون معه سند ادعائها ملكية القطعة المذكورة غير قائم على سبب يبرره ومن ثم يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء، أما القطعة رقم 5 فلم يقدم المدعي أي مستند يفيد ملكيته لها ولم ترد ضمن كشف مصلحة الضرائب العقارية في حين وردت في صورة الكشف المقدم من الجهة الإدارية على منافع سكنية وعزب ومن ثم فهي من المنافع التي يسوغ للجهة الإدارية إزالة التعدي عليها بالطرق الإدارية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بأن القطعة رقم 88 حوض الخرسة 9 هي ملكية خاصة لمورث المطعون ضده وأنه لم يسبق نزع ملكيتها، ذلك أن ما انتهى إليه الحكم محض استنتاج لا يسنده دليل ولا يؤيده واقع، إذ الثابت من الأوراق أن الأرض قد نزعت ملكيتها وأن مورث المطعون ضده قد صرف التعويض المستحق عنها وقدره 22.500 ألف جنيه بموجب استمارة الصرف رقم 1575 بتاريخ 28/ 2/ 1950 وأن المحكمة لم تعط الإدارة الفرصة الكافية لتقديمها وأنها سوف تقدمها أو ترشد عن الجريدة الرسمية المنشورة بها كما أن استمرار وضع المطعون ضده يده على الأرض مع بقاء التكليف باسمه لا يجعل الأرض مملوكة له.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم ترفق بطعنها المستندات التي أشارت إليها في الطعن والتي لم تقدمها إلى محكمة القضاء الإداري، وبجلسة 1/ 1/ 1990 قدمت حافظة بمستنداتها متضمنة ملف المعلومات الخاصة بأرض النزاع، فقررت المحكمة إخطار المطعون ضده للاطلاع والتعقيب على المستندات الواردة بها، وقد تكرر إخطار المطعون ضده على محل إقامته بناحية عرب الأطاولة مركز أخميم محافظة سوهاج إلا أن الإخطارات ارتدت بعدم الاستدلال عليه إلى أن تأشر على الإخطار المحرر في 28/ 7/ 1991 ما يفيد أن "المذكور قد توفى"، وبجلسة 26/ 10/ 1990 قدم الأستاذ غبريال إبراهيم المحامي - والذي كان موكلاً عنه في الدعوى الأصلية شهادة رسمية تفيد وفاة المطعون ضده "أحمد محمد مقبول الغرباوي بتاريخ 8/ 12/ 1990 وطلب الحكم بانقطاع سير الخصومة في الطعن، ولم تعترض الجهة الإدارية على ذلك أو تطلب من المحكمة منحها أجلاً لإخطار الورثة أو توجيه الطعن توجيهاً صحيحاً إليهم فقررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
ومن حيث إن المادة (130) من قانون المرافعات قد نصت صراحة على انقطاع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهليته للخصومة، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها. ولا تكون الدعوى قد تهيأت للفصل فيها طبقاً لحكم النص المذكور إلا إذا كان الخصوم قد أخطروا إخطاراً صحيحاً بكافة المستندات المقدمة في الدعوى وتمكنوا من الحضور بذواتهم أو بوكيل عنهم أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات، وتقديم ما قد يعن لهم من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها على الوجه الذي يحقق لهم ضمانة من الضمانات الأساسية بتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم تدحض ما تقدم ضدهم في الدعوى من مستندات، وإذا كان ذلك هو الحال بالنسبة للدعوى التي تنظر أمام أول درجة، فإنه أولى بالرعاية وأوجب في التحقيق بالنسبة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا حيث تنتهي الخصومة أمامها بحكم بات لا راد لقضائها فيه.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تقدم المستندات التي تراها قاطعة في الحكم في الطعن إلا في 1/ 1/ 1990، ولم يتمكن المطعون ضده من الاطلاع عليها لارتداد الإخطارات دون الاستدلال عليها حتى توفى بتاريخ 8/ 12/ 1990 ولم تقم الجهة الطاعنة بتوجيه طعنها إلى ورثة المتوفى ولم تقم بإعلانهم إعلاناً صحيحاً بالحضور حتى يتمكنوا من الاطلاع على المستندات المقدمة منها ضدهم وتقديم دفاعهم بشأنها وما عساه أن يكون لديهم من بيانات وأوراق تفيد أوجه الطعن أو تدحض ما ورد به من مستندات، فإن الطعن - والحال هذه - لا يكون مهيأ للفصل فيه بالمفهوم الذي تضمنته المادة 130 من قانون المرافعات المشار إليها - وإذ قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بعد أن تأكد لها وفاة المطعون ضده بموجب الشهادة الرسمية المودعة بالأوراق، وسكوت الجهة الطاعنة عن طلب تمكينها من إعلان الورثة وتوجيه الطعن إليهم، فلا مندوحة من إنزال حكم القانون والقضاء بانقطاع سير الخصومة لوفاة المطعون ضده.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المطعون ضده وألزمت الجهة الطاعنة بمصروفات الطعن.