أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 96

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران وعزت البنداري.

(333)
الطعن رقم 738 لسنة 53 القضائية

(1) هيئات عامة. أشخاص اعتبارية.
الشخص الاعتباري. خصائصه. المادتان 52 و53 من القانون المدني. الهيئات العامة. سماتها. ق 61 لسنة 1963. اكتسابها صفة الشخص الاعتباري. شرطه.
(2) قانون "تفسيره".
النص القانوني. لا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره متى كان واضحاً جلي المعنى. الاستهداء بما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص. خطأ.
(3، 4) هيئات عامة. أشخاص اعتبارية. إيجار "إيجار الأماكن" "إنهاء العقد".
(3) هيئات الرقابة الإدارية لا تعد هيئه عامة. ليس لها من الخصائص الأساسية ما تكتسب بها الشخصية الاعتبارية. علة ذلك. ق 54 لسنة 1964 بتنظيم الرقابة الإدارية.
(4) إبرام مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية لعقد إيجار المكان. انصراف أثر العقد إلى الدولة دون هيئة الرقابة. إلغاء الرقابة الإدارية بالقرار الجمهوري 397 لسنة 1980 لا أثر له علت قيام هذا العقد.
1 - النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني والمواد 1، 2، 6، 7، 8، 9 من قانون الهيئات العامة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1963 يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها القانون بهذه الصيغة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات لا تدخل في فريق أو أخر من الفرق التي يتناولها النص بذاتها لابد فيه من نص خاص، كما أن الخصائص الذاتية للشخص المعنوي التي وردت في المادة 53 هي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين، ومن أجل ذلك فقد عنى المشرع في قانون الهيئات العامة بتحديد سمات الهيئة العامة التي تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية حتى تكتسب الشخصية الاعتبارية، فأوجب أن يتضمن سند إنشائها بياناً بالأموال التي تدخل في ذمتها المالية أي تحديد موارد تمويلها، وأن تكون إدارتها بمعرفة مجلس إدارة يتم تشكيله بالكيفية التي يبينها القرار الجمهوري، ولا يمثلها سوى رئيس مجلس الإدارة في صلاتها بالغير وأمام القضاء، ويكون وضع ميزانيتها الخاصة بالطريقة التي يحددها القرار - ولذلك فإنه يلزم حتى تكتسب الهيئة التي يصدر بإنشائها قانون أو قرار جمهوري، صفة الشخص الاعتباري، أن تكون هيئة عامة لها ذات الخصائص التي أوردها قانون الهيئات العامة المشار إليه وتحكمها القواعد العامة الواردة في القانون المدني بما لا يتعارض مع قانونها الخاص.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان النص القانوني واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداء بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالمحكمة التي أملته وقصد الشارع منه أو ما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه.
3 - لما كان القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية قد أستهل نصوصه بما أورده في المادة الأولى منه من أن الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئيس المجلس التنفيذي وتشكل الهيئة من رئيس ونائب له وعدد كاف من الأعضاء، ولئن كان قد أسند للهيئة القيام بخدمة عامة، إلا أن نصوص ذلك القانون قد خلت من اعتبار هيئة الرقابة الإدارية هيئة عامة لها من الخصائص الأساسية ما تكتسب بها الشخصية الاعتبارية وفقاً للقواعد السالف بيانها، وأهمها الذمة المالية المستقلة بمواردها ومصروفاتها، ولا يعني استقلال الهيئة أو إعدادها لميزانيتها أو تعيين المختص بالمراقبة المالية بديوان المحاسبات أو منح رئيسها سلطات الوزير بالنسبة لعلاقته بموظفي الهيئة فيما يختص بالصرف من الميزانية، لا يعني كل ذلك استقلال الذمة المالية بكافة عناصرها للهيئة المذكورة عن الذمة المالية للدولة، لأن إنشاء "هيئة مستقلة" يناط بها القيام بخدمة عامة، لا يفيد بذاته أنها هيئة عامة لها الشخصية الاعتبارية، ولا محل بعد بذلك للرجوع إلى المذكرة الإيضاحية للقانون التي ورد بها أن الرقابة الإدارية هيئة عامة مستقلة، طالما أن هذا الإيضاح ليس له صدى في نصوص القانون ويخالف صريح عبارته وأحكامه، هذا إلى أن المشرع عمد إلى تشكيل الهيئة - على غرار تشكيل المصالح الحكومية - من رئيس ونائب له وعدد كاف من الأعضاء وأعطي لرئيسها سلطة الرقابة والإشراف الفني والإداري على أعمالها وأعضائها وإصدار القرارات المتعلقة بتنظيم الهيئة وسير العمل بها، ولو أن المشرع قصد أن تكون الرقابة الإدارية هيئة عامة لها شخصيتها المعنوية المستقلة عن شخصية الدولة، لتضمن سند إنشائها تشكيل مجلس إدارة خاص بها يتولى شئون إدارتها وينوب عنها رئيسه في علاقاتها بالغير، وتأكيد حقها في التقاضي وتمثيل رئيسها لها أمام القضاء وذلك على النمط الذي نص عليه قانون الهيئات العامة، ولا يقدح في ذلك ما يقول به الطاعن من أن الدولة لا يديرها مجلس إدارة رغم ثبوت الشخصية الاعتبارية لها، ذلك أن الدولة تعد من الأشخاص - الاعتبارية وفق صريح نص المادة 52 من القانون المدني دون أن يضع لها المشرع أحكاماً أو شروطاً خاصة لاكتساب الشخصية المعنوية المستقلة ولا محل بعد ذلك لإجراء القياس على غيرها من المنشآت أو الهيئات ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم فإن هيئة الرقابة الإدارية وأن كان لها استقلالها في الحدود الواردة في قانون إعادة تنظيمها إلا أنها لا تعد من الهيئات العامة ذات الشخصية المعنوية المستقلة ولا تعدو أن تكون إدارة أو مصلحة حكومية لم يشأ المشرع أن يمنحها الشخصية الاعتبارية شأنها في ذلك شأن باقي الإدارات والمصالح التابعة للدولة التي لا تتمتع بهذه الشخصية المستقلة عنها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب إنهاء عقد الإيجار على سند من أن مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية قد أبرم العقد ليس بوصفه نائباً عن الهيئة لعدم تمتعها بالشخصية الاعتبارية وإنما باعتباره نائباً عن الدولة التي ينصرف لها أثار هذا العقد مما يترتب عليه أن إلغاء الرقابة الإدارية كأداة حكومية مجردة عن الشخصية الاعتبارية بمقتضى القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1980 لا أثر له على هذا التعاقد الذي ظل قائماً منتجاً لأثاره القانونية فيما بين المؤجر للمكان والدولة المستأجرة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 4493 لسنة 1980 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1970 وتسليمهم العين المؤجرة خالية، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب هذا العقد استأجر مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية بالإسكندرية "الفيلا" المبينة بالصحيفة لاستعمالها مقراً للهيئة المذكورة، وبتاريخ 28/ 6/ 1980 صدر القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1980 بإلغاء الرقابة الإدارية وتوزيع منقولاتها على الإدارات الحكومية المختلفة، وإذ كان صدور هذا القرار يعد في خصوص الأشخاص الاعتبارية بمثابة الوفاة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، ولم يعد للهيئة وجود فعلي أو قانوني، ومن ثم ووفقاً لنص المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 يحق لهم طلب إنهاء عقد الإيجار. وبتاريخ 14/ 5/ 1981 حكمت المحكمة بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1970 وتسليم عين النزاع إلى الطاعنين خالية. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 575 لسنة 37 ق الإسكندرية. وبتاريخ 29/ 1/ 1983 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم رفض اعتبار هيئة الرقابة الإدارية هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية بمقولة أن القانون الصادر بإعادة تنظيمها لم ينص صراحة على أنها هيئة عامة لها الشخصية الاعتبارية وأنها ليس لها ميزانية مستقلة أو مجلس إدارة يمثله رئيسه أمام القضاء، ولم يعتد الحكم بما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور من استقلال الرقابة الإدارية كهيئة عامة تتبع رئيس المجلس التنفيذي، هذا رغم أن خلو النص من تحديد وصف الهيئة فيما إذا كانت عامة أو خاصة يستلزم الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية للقانون لاستجلاء هذا الغموض، وإذ أشارت المذكرة إلى أنها هيئة عامة فإنه يكون قد ثبت لها هذا الوصف واكتسبت الشخصية الاعتبارية، هذا فضلاًً عن أن القانون المشار إليه قد أضفى على هيئة الرقابة الإدارية خصائص المرفق العام بما منحه من اختصاصات، وخول رئيسها سلطات الوزير، وناط بالهيئة إعداد ميزانيتها المستقلة والتصرف في أموالها وإجراء المناقصات والمزايدات دون التقيد بأحكام القوانين والقرارات ولوائح الصرف المعمول بها في المصالح الحكومية، وخص الهيئة بمراجع خاص بديوان المحاسبة، مما يؤكد استقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة، ولا ينال من ثبوت الشخصية الاعتبارية للهيئة خلو القانون من النص على تشكيل مجلس إدارة خاص بها يمثلها رئيسه أمام القضاء، إذ يكفي أن رئيس الهيئة هو من له حق تمثيلها، ولا يعني عدم وجود مجلس إدارة للهيئة انحسار الشخصية الاعتبارية عنها، لأن الدولة - والتي لا شك في ثبوت الشخصية الاعتبارية لها - لا يديرها مجلس إدارة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 52 من القانون المدني على أن "الأشخاص الاعتبارية هي: 1 - الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية. 2 - الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية. 3 - الأوقاف. 4- الشركات التجارية والمدنية. 5 - الجمعيات والمؤسسات وفقاً للأحكام التي ستأتي فيما بعد. 6 - كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص في القانون". والنص في المادة 53 من القانون المذكور على أن يكون للشخص الاعتباري "( أ ) ذمة مالية مستقلة. (ب) أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون. (جـ) حق التقاضي (د) موطن مستقل........" والنص كذلك في المادة الأولى من قانون الهيئات العامة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1963 على أنه "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء هيئة عامة لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية". وفي المادة الثانية منه على أن "يتضمن القرار الصادر بإنشاء الهيئة العامة البيانات الآتية 3 - بيان الأموال التي تدخل في الذمة المالية للهيئة....." وفي المادة السادسة منه على أن "يتولى إدارة الهيئة العامة مجلس إدارتها، ويبين قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء الهيئة تشكيل مجلس الإدارة وطريقة اختبار أعضائه........" والنص في المادة السابعة من القانون المذكور على أن "مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها......." وفي المادة الثامنة على أن يتولى رئيس مجلس إدارة الهيئة إدارتها وتصريف شئونها......" وفي المادة التاسعة على أن - يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة في صلاتها بالهيئات وبالأشخاص الأخرى وأمام القضاء......." والنص في المادة الخامسة عشرة منه على أن "تكون للهيئة ميزانية خاصة، ويحدد قرار رئيس الجمهورية الصادر بإنشاء الهيئة طريقة وضع الميزانية والقواعد التي تحكمها" وفي المادة الثانية عشر على أن "يحدد رئيس الجمهورية بقرار منه ما يعتبر هيئات عامة في تطبيق أحكام هذا القانون" - يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها القانون بهذه الصيغة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات لا تدخل في فريق أو أخر من الفرق التي عني النص بسردها وأن الاعتراف بالشخصية القانونية للفرق التي لا يتناولها النص بذاتها لابد فيه من نص خاص، كما أن الخصائص الذاتية للشخص المعنوي التي وردت في المادة 53 هي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع، ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين، ومن أجل ذلك فقد عني المشرع في قانون الهيئات العامة بتحديد سمات الهيئة العامة التي تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية حتى تكتسب الشخصية الاعتبارية، فأوجب أن يتضمن سند إنشائها بياناً بالأموال التي تدخل في ذمتها المالية أي تحديد موارد تمويلها، وأن تكون إدارتها بمعرفة مجلس إدارة يتم تشكيله بالكيفية التي يبينها القرار الجمهوري، ولا يمثلها سوى رئيس مجلس الإدارة في صلاتها بالغير وأمام القضاء، ويكون وضع ميزانيتها الخاصة بالطريقة التي يحددها القرار - وبذلك فإنه يلزم حتى تكتسب الهيئة التي يصدر بإنشائها قانون أو قرار جمهوري، صفة الشخص الاعتباري، أن تكون هيئة عامة لها ذات الخصائص التي أوردها قانون الهيئات العامة المشار إليه وتحكمها القواعد العامة الواردة في القانون المدني بما لا يتعارض مع قانونها الخاص. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص القانوني واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره استهداء بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالمحكمة التي أملته وقصد الشارع منه أو ما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، لما كان ذلك وكان القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية قد أستهل نصوصه بما أورده في المادة الأولى منه من أن "الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئيس المجلس التنفيذي وتشكل الهيئة من رئيس ونائب له وعدد كاف من الأعضاء"، ولئن كان قد أسند للهيئة القيام بخدمة عامة، إلا أن نصوص ذلك القانون قد خلت من اعتبار هيئة الرقابة الإدارية هيئة عامة لها من الخصائص الأساسية ما تكتسب بها الشخصية الاعتبارية وفقاً للقواعد السالف بيانها، وأهمها الذمة المالية المستقلة بمواردها ومصروفاتها، ولا يعني استقلال الهيئة أو إعدادها لميزانيتها أو تعيين المختص بالمراقبة المالية بديوان المحاسبات، أو منح رئيسها سلطات الوزير بالنسبة لعلاقته بموظفي الهيئة وفيما يختص بالصرف من الميزانية، لا يعني كل ذلك استقلال الذمة المالية بكافة عناصرها للهيئة المذكورة عن الذمة المالية للدولة، لأن إنشاء "هيئة مستقلة" يناط بها القيام بخدمة عامة، لا يفيد بذاته أنها هيئة عامة لها الشخصية الاعتبارية، ولا محل بعد ذلك للرجوع إلى المذكرة الإيضاحية للقانون التي ورد بها أن الرقابة الإدارية هيئة عامة مستقلة، طالما أن هذا الإيضاح ليس له صدى في نصوص القانون ويخالف صريح عبارته وأحكامه، هذا إلى أن المشرع عمد إلى تشكيل الهيئة - على غرار تشكيل المصالح الحكومية - من رئيس ونائب له وعدد كاف من الأعضاء وأعطي لرئيسها سلطة الرقابة والإشراف الفني والإداري على أعمالها وأعضائها وإصدار القرارات المتعلقة بتنظيم الهيئة وسير العمل بها، ولو أن المشرع قصد أن تكون الرقابة الإدارية هيئة عامة لها شخصيتها المعنوية المستقلة عن شخصية الدولة، لتضمن سند إنشائها تشكيل مجلس إدارة خاص بها يتولى شئون إدارتها وينوب عنها رئيسه في علاقاتها بالغير، وتأكيد حقها في التقاضي وتمثيل رئيسها لها أمام القضاء وذلك على النمط الذي نص عليه قانون الهيئات العامة، ولا يقدح في ذلك ما يقول به الطاعن من أن الدولة لا يديرها مجلس إدارة رغم ثبوت الشخصية الاعتبارية لها، ذلك أن الدولة تعد من الأشخاص الاعتبارية وفق صريح نص المادة 52 من القانون المدني دون أن يضع لها المشرع أحكاماً أو شروطاً خاصة لاكتساب الشخصية المعنوية المستقلة ولا محل بعد ذلك لإجراء القياس على غيرها من المنشآت أو الهيئات ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم فإن هيئة الرقابة الإدارية وأن كان لها استقلالها في الحدود الواردة في قانون إعادة تنظيمها إلى أنها لا تعد من الهيئات العامة ذات الشخصية المعنوية المستقلة، ولا تعدو أن تكون إدارة أو مصلحة حكومية لم يشأ المشرع أن يمنحها الشخصية الاعتبارية شأنها في ذلك شأن باقي الإدارات والمصالح التابعة للدولة التي لا تتمتع بهذه الشخصية المستقلة عنها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، و أقام قضاءه برفض طلب إنهاء عقد الإيجار على سند من أن مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية قد أبرم العقد ليس بوصفه نائباً عن الدولة التي ينصرف لها أثار هذا العقد مما يترتب عليه أن إلغاء الرقابة الإدارية كأداة حكومية مجردة عن الشخصية الاعتبارية بمقتضى القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1980 لا أثر له على هذا التعاقد الذي ظل قائماً منتجاً لأثاره القانونية فيما بين المؤجر للمكان والدولة المستأجرة له، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.