مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 366

(33)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وأحمد عبد العزيز إبراهيم ومحمد عزت السيد إبراهيم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 891 لسنة 32 القضائية

دعوى - إثبات في الدعوى - إنكار التوقيع.
القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات.
إنكار التوقيع الوارد على محررات رسمية يكون بالادعاء بتزويرها أمام المحكمة التي قدم لها المحرر بالإجراءات والشروط التي حددها القانون – لا لزام على المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الادعاء بالتزوير متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدتها - للمحكمة أن تستدل على انتفاء التزوير بما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها وما تستخلصه من عجز المدعي عن إثبات دعواه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 13/ 2/ 1986 أودع السيد الأستاذ/ أحمد طه مدين المحامي بصفته وكيلاً عن كل من.....، ......، ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 891 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 184 لسنة 27 القضائية بجلسة 11/ 1/ 1986 والذي قضى بمجازاة كل من......، ......، ...... بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعنون - للأسباب التي أوردها تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالبراءة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10/ 2/ 1988 وبجلسة 27/ 6/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 28/ 7/ 1990 وبجلسة 5/ 1/ 1991 طلب الطاعن (الثالث)....... أجلاً تمهيداً لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير ثم أودع في 3/ 4/ 1991 تقرير طعن بالتزوير أعلن للمطعون ضدها وتأجل نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 12/ 10/ 1991 سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 20/ 2/ 1985 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية تقرير اتهام ضد كل من....... مفتش الحيازة بمنطقة الإصلاح الزراعي بإيتاي البارود و........ معاون المساحة بمنطقة الإصلاح الزراعي بإيتاي البارود و......... مفتش منطقة إيتاي البارود، لأنهم خلال عام 1983 بمنطقة الإصلاح الزراعي بإيتاي البارود أهملوا في أداء العمل المنوط بهم بما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول والثاني قعدا عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ قرار الإزالة محل التحقيق.
الثالث بوصفه مدير المنطقة بإيتاي البارود أشر على طلب المواطن........ المؤرخ في 2/ 3/ 1983 بما يفيد إخطاره الشرطة بتأجيل تنفيذ قرار الإزالة مما كان سبباً في إعاقة التنفيذ، وبذلك فقد ارتكبوا المخالفة الإدارية والمالية المنصوص عليها في المواد 76/ 1 و77/ 1، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبياً بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمواد80 و82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 11/ 1/ 1986 قضت المحكمة التأديبية بالإسكندرية بمجازاة كل من.......، و.......، و........ بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن كلاً من المحالين........، و........... قد أهملا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار الإزالة رقم 4 لسنة 1983 خاصة وأنهما قد كلفا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار الإزالة، كما أن المحال........ بصفته مدير المنطقة بالنيابة أشر على طلب تقدم به المواطن المتعدي بتاريخ 2/ 2/ 1983 بتأجيل تنفيذ قرار الإزالة لمدة أربعة أيام وأن تأشيرة المحال المذكور كانت سبباً في إعاقة تنفيذ قرار الإزالة والذي كان محدداً له يوم 3/ 2/ 1983.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن حكم المحكمة التأديبية قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لأن المحالين الثلاثة قد قاموا بعملهم على خير وجه، ونفذوا أعمالهم بكل دقة وأمانة وأن الإهمال جاء من جانب الجمعية التي حدث بها التعدي كما أن التصدي وقع بجمعية ليست تابعة لاختصاص المحال الثالث وقد شاب الحكم القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ لم يحط بعناق الاتهام، وجاء تسبيبه قاصراً ولم يتم تحقيق دفاع المحالين الثلاثة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 21/ 1/ 1984 أبلغت مديرية الإصلاح الزراعي بدمنهور النيابة الإدارية بأن المواطن........ قد تعدى بالبناء على الأرض الكائنة بجمعية ربع شتديد الزراعية وقام رئيس الجمعية بكافة الجهود لإيقاف هذا التعدي وتمكن من استصدار قرار بإزالة التعدي وأخطرت المنطقة بالقرار لتنفيذه، إلا أن المواطن المذكور تقدم بشكوى إلى المنطقة لإيقاف تنفيذ قرار الإزالة فتأشر عليها من السيد/....... مفتش المنطقة والقائم بعمل مدير المنطقة في هذا الوقت بما يفيد إحالة مذكرة المواطن المذكور إلى السيد/....... وتعرض اليوم على المديرية وفي حالة عدم إمكان العرض يخطر المركز لتأجيل الموعد المحدد أربعة أيام لحين عودة مدير المنطقة والمفتش المختص، وتضمنت الأوراق أن رئيس الجمعية قام باستئجار جريدر وتم إخطار شرطة إيتاي البارود وحضرت الشرطة للتنفيذ، إلا أنه لم تتم الإزالة رغم ذلك لعدم موافقة المختصين بالمنطقة. وطلبت مديرية الإصلاح الزراعي من النيابة الإدارية التحقيق في الموضوع.
وبسؤال السيد/........ مشرف زراعي جمعية ربع شتديد للإصلاح الزراعي قرر أنه وردت إشارة من منطقة الإصلاح الزراعي تفيد صدور قرار بإزالة تعدي المواطن...... وقامت الجمعية باستئجار العمالة اللازمة واتخذت كل الإجراءات التي تلزم للتنفيذ ولكن لم تتم الإزالة نظراً لاعتراض المتعدي فأحيلت الأوراق إلى النيابة العامة التي انتهت إلى أن الجهة الإدارية وشأنها في التنفيذ وبناء عليه تم تحديد موعد آخر للتنفيذ وصادف أن مدير المنطقة كان بدورة تدريبية بالإسكندرية ويقوم بعمله........ فتقدم له المواطن المتعدي بطلب أشر عليه بما يفيد العرض على المديرية وفي حالة عدم إمكان العرض يخطر مركز الشرطة بتأجيل الإزالة لمدة أربعة أيام لحين عودة مدير المنطقة.
وبسؤال....... مدير إدارة التعاون بمديرية الإصلاح الزراعي قرر أنه حصل تعد على جرن جمعية ربع شتديد من المواطن........ وقام رئيس الجمعية بالمطالبة بإزالة التعدي وصدر القرار الإداري بإزالة التعدي وانتقلت قوة من الشرطة لإزالة التعدي إلا أن السيد....... أشر على طلب تقدم به المتعدي بما يفيد تكليف السيد....... بعرض الموضوع على المديرية وفي حالة عدم إمكان العرض يخطر المركز لتأجيل الموعد المحدد أربعة أيام لحين عودة المدير.
وبسؤال السيد......... رئيس جمعة ربع شتديد قرر أنه في 14/ 12/ 82 قام المواطن......... بنقل وتشوين طوب بجرن الجمعية المعد لتخزين محاصيلها وبناء عليه قام المشرف الزراعي....... بإبلاغ المنطقة بتعدي المذكور كما تم إبلاغ مركز الشرطة وقامت المنطقة بإخطار مجلس المدينة لاستصدار قرار الإزالة وبعد صدور قرار الإزالة تم التنسيق مع المنطقة ومركز الشرطة وحضرت قوة من الشرطة للتنفيذ ولكن لم تتم الإزالة للتعدي الحاصل من المواطن المذكور وعرض الأمر على النيابة العامة التي انتهت إلى أن الجهة الإدارية وشأنها في تنفيذ قرار الإزالة، وبتاريخ 2/ 2/ 1983 وبعد التنسيق مع المنطقة ومركز الشرطة اتخذت الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار الإزالة إلا أن السيد....... المفتش بالمنطقة والمدير بالنيابة في ذلك التاريخ أشر على الطلب المقدم من المتعدي في 2/ 2/ 1983 بعرض الطلب على المديرية للرأي وإذا لم يتمكن من العرض يخطر المركز بتأجيل الموعد المحدد أربعة أيام لحين عودة مدير المنطقة أو المفتش المختص، وبناء عليه قامت المنطقة بإخطار المركز بتأجيل الموعد المحدد للتنفيذ.
وبسؤال السيد/ ........ مدير جمعية ربع شتديد لم تخرج أقواله عما ورد بأقوال........ رئيس الجمعية.
وبسؤال....... مفتش منطقة إيتاي البارود قرر أنه كلف بالعمل محل مدير المنطقة في 30/ 1/ 1983 حتى 3/ 2/ 1983 وقد حضر له المواطن........ وقدم له تظلماً محتواه أن الجمعة تشرع في إزالة مسكنه وأرفق بطلبه شهادة صادرة من المحكمة بأن شكوى الإصلاح الزراعي حفظت إدارياً، فأشر على التظلم بالإحالة إلى السيد....... مفتش الحيازة والملكية لعرض الأمر على السيد المدير العام للشئون القانونية اليوم وفي حالة عدم الإمكان تخطر الشرطة لتأجيل الموعد لحين عودة مدير المنطقة، وبسؤاله هل التأشيرة المحررة المذيل بها الطلب المقدم من المواطن....... في 2/ 2/ 1983 بخطك وصادرة منك، قرر أن (الخط المحرر به التأشيرة المقال بصدورها عني على الصورة الفوتوغرافية صادرة عني وبخطي ولكنها كانت بتاريخ 3/ 2/ 1983 ويمكن إيضاح ذلك من أصل هذه الصورة) وبسؤال...... مفتش ملكية وحيازة بمنطقة الإصلاح الزراعي قرر أنه بعد أن أشر....... بوصفه مدير المنطقة بالنيابة على طلب المواطن..... بما يفيد العرض مع مخصوص على المديرية، أو تأجيل الموعد في حالة عدم إمكان العرض، أخذ التأشيرة والطلب وسلمهما إلى معاون المساحة......... للتنفيذ وتم إخطار المنطقة بمذكرة تفصيلية في ذات اليوم.
وبسؤال...... معاون مساحة بمديرية الإصلاح الزراعي قرر أنه قام بإبلاغ الشرطة بتعدي المواطن......... على أرض جمعية ربع شتديد أكثر من مرة وحددت مواعيد للإزالة دون أن تتم نظراً لتعدي المعتدي وعدم مرافقة قوة من الشرطة خلال تلك المواعيد وقد أفاد مركز الشرطة بتأجيل الموعد بأكثر من مرة لتدبير قوة الأمن اللازمة. وبسؤال.......... المفتش بمنطقة إيتاي البارود للإصلاح الزراعي قرر أن موضوع إزالة تعدي المواطن....... كلف به........ بتأشيرة مدير المنطقة على أن يرافقه كل من....... و....... مشرف الجمعية، وقد انتقوا للتنفيذ في تواريخ متعددة ولم تتم الإزالة نظراً لتعدي المواطن المذكور وعدم مرافقة قوة من الشرطة لهم وطلبهما التأجيل لحين تدبير قوة الأمن اللازمة، وقد تحدد يوم 3/ 2/ 1983 للتنفيذ بعد إخطار الشرطة ومجلس المدينة.
ومن حيث إنه عما أسند إلى كل من المتهمين الأول والثاني...... و...... من أنهما قعدا عن تنفيذ قرار الإزالة محل التحقيق فإن الثابت من الأوراق أن رئيس الوحدة المحلية للمركز بعد إخطاره من الجمعية والمنطقة بتعدي المواطن........ على جرن الجمعية أصدر قراراً بإزالة التعدي في 2/ 1/ 1983 وأن هذا القرار لم يتم تنفيذه منذ صدوره حتى 2/ 2/ 1983 بسبب تعدي المواطن على المكلفين بالتنفيذ وعرض الأمر على النيابة العامة، وعدم مرافقة قوة للشرطة لحضور عملية الإزالة وطلبها التأجيل إلى أن تحدد تاريخ 2/ 2/ 1983 موعداً للتنفيذ بعد أن استعدت شرطة المركز لذلك وأحضرت قوات إضافية من المديرية، كما اتخذت الجمعية الإجراءات اللازمة للإزالة هذا اليوم فتقدم المواطن...... بتظلم إلى السيد....... (المتهم الثالث) لإيقاف التنفيذ فأشر على الطلب (السيد........ ويعرض اليوم مع مخصوص على المدير العام للرأي وفي حالة عدم إمكان العرض يخطر المركز بتأجيل الموعد أربعة أيام لحين عودة السيد المهندس المدير والمهندس المفتش المختص).
ومن حيث إنه يبين مما سبق أنه منذ صدور القرار حتى تأشيرة مدير عام المنطقة على الطلب المقدم في 2/ 2/ 1983 قامت عقبات خارجة عن إرادة كل من المتهمين الأول والثاني حالت دون التنفيذ نظراً لاعتراض المتعدي وعرض الأمر على النيابة العامة تارة، وطلبت الشرطة تأجيل التنفيذ لحين تدبير القوة اللازمة تارة أخرى، وبالتالي فإن المخالفة المسندة إلى المتهمين تكون غير ثابتة في حق كل منهما.
وبالنسبة لما نسب للمتهم الثالث من أنه بوصفه مدير المنطقة بالنيابة أشر على طلب المواطن........ المؤرخ 2/ 3/ 1983 بما يفيد إخطاره الشرطة بتأجيل تنفيذ قرار الإزالة مما كان سبباً في إعاقة التنفيذ فإن من سمعت أقوالهم في التحقيق قد أجمعوا على أن المتهم أشر على الطلب المقدم من المواطن....... بتأشيرة مفادها تعطيل تنفيذ قرار الإزالة رغم تحديد الموعد واتخاذ كافة الإجراءات بمعرفة الشرطة والجمعية والمنطقة لتنفيذ القرار.
وحيث إن المتهم قد تقدم بتقرير طعن بالتزوير، أوضح فيه أن الورقة المقدمة من النيابة الإدارية والمتضمنة الطلب المقدم من المواطن....... والمؤشر عليها بتأشيرة وتوقيع منسوب صدورهما منه مزورة - وتقضي المادة 29 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات بأن "إنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو بصمة الإصبع يرد على المحتويات غير الرسمية أما ادعاء التزوير فيرد على جميع المحررات الرسمية وغير الرسمية" كما تنص المادة 49 على أن (يكون الادعاء بالتزوير في أية حالة عليها الدعوى بتقرير في قلم الكتاب ويبين في هذا التقرير محل مواضع التزوير المدعي بها وإلا كان باطلاً. ويجب أن يعلن مدعي التزوير خصمه في الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه).
وتقضي المادة 52 بأنه (إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع وما تكفي وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره، ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق)
المستفاد من النصوص المتقدمة أن إنكار التوقيع الوارد على محررات رسمية يكون بالادعاء بتزويرها أمام المحكمة التي قدم لها المحرر وذلك بالإجراءات والشروط التي حددها القانون ومن جهة أخرى لا إلزام على المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات الادعاء بالتزوير متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين عقيدتها فلها أن تستدل على انتفاء التزوير بما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها، وما تستخلصه من عجز المدعي عن إثبات دعواه.
ومن حيث إن الثابت من الرجوع إلى التحقيق أن المتهم قرر أن (الخط المحرر به التأشيرة المقال بصدورها عنه على الصورة الفوتوغرافية صادرة عنه وبخطه......)، كما قرر كذلك أنه حضر له المواطن........ وتقدم بتظلم من تنفيذ قرار الإزالة أوضح فيه أن الجمعية تشرع في تنفيذ قرار إزالة مسكنه وأرفق به شهادة من قلم كتاب المحكمة بأن شكوى الإصلاح الزراعي قد حفظت فأشر على الطلب بالإحالة إلى السيد........ مفتش الملكية والحيازة لعرض الأمر على السيد المدير العام وفي حالة عدم الإمكان تخطر الشرطة لتأجيل الموعد لحين عودة مدير المنطقة، كما أن الشهود أجمعوا على أن الطاعن أشر على الطلب بمضمون ما تقدم، وبالتالي فإن واقع الحال يدحض ما قرره الطاعن بشأن تزوير تأشيرته على الطلب المقدم من المواطن...... في 2/ 2/ 1983 ولا يغير من ذلك القول بأن تأشيرته على الطلب كانت في 3/ 2/ 1983، إذ الواضح الجلي من الاطلاع على التأشيرة أنه لم يدون تاريخ التوقيع عليها، كما أن هذه التأشيرة وما تلاها من إخطار الشرطة بتأجيل موعد الإزالة كانت سبباً في إعاقة تنفيذ قرار الإزالة.
وحيث إن التأشيرة الصادرة من المتهم المذكور والتي لم ينم دليل من الأوراق على تزويرها قد عطلت تنفيذ قرار الإزالة، وبذلك يكون الاتهام ثابتاً في حقه على النحو الذي استظهره الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كانت المحكمة التأديبية قد قضت في حكمها المذكور بمجازاة الطاعن عن المخالفة الثابتة في حقه بعقوبة الوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر، وكان جزاء الوقف عن العمل من الجزاءات شديدة الوطأة على الموظف في حاضره ومستقبله وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كانت للسلطات التأديبية - ومن بينها المحاكم التأديبية - سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة، شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوبها غلو، ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي تغياه القانون من التأديب وحيث إن التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية ليس بها ما يدل على اتصال المتهم بالمواطن الذي تقدم له بالشكوى التي جاء بها لأنه لن يجد مأوى له أو أسرته إذا تمت الإزالة أو التواطؤ معه على أي وجه فضلاً عن أنه منتدب لأعمال رئيس المنطقة في المدة من 30/ 1/ 1983 حتى 3/ 2/ 1983 وفي ضوء تلك الظروف مجتمعة ترى المحكمة أن الجزاء الموقع على المتهم غير مناسب مع ما هو ثابت في حقه ومن ثم ترى الاكتفاء بمجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه:
أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة كل من الطاعنين (الأول)، و(الثاني) بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف المرتب والحكم ببراءتهما.
ثانياً: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن (الثالث) بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف المرتب ومجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه.